بغير التدريب لا تحقق القوانين أو اللوائح الغرض الذى أعدت من أجله، ومن خلال مشاركتى فى المؤتمرات الدولية تحت رعاية منظمة اليونسكو اقترحت بعض برامج التدريب لتفعيل القوانين، لأن قوتها فى تفعيلها لا فى إصدارها مهما بلغت جسامة عقوباتها ويختلف تدريب كل فئة عن الأخرى فالبرامج المقترحة لتدريب القضاة تركز على تفسير النص القانونى بحماية المقتنيات الثقافية والحالات المماثلة التى صدرت بشانها أحكام أو قرارات مع تطبيق عملى على حالات سابقة بغرض تلافى جوانبها السلبية، فضلاً عن ضرورة أخذ مقترحاتهم بشأن مدى فاعلية النصوص ومرونتها التى تسمح للقاضى بتطبيقها بدرجات متفاوتة طبقاً لجسامة الجريمة، فالنصوص الجامدة تؤدى إلى عزوف بعض القضاة عن تطبيق عقوبات أو إدانة أفعال محددة لعدم اقتناعهم الكامل. وعلى نفس النهج يأتى تدريب الشرطة بصورة مغايرة باعتبار أن دورهم هو الوقاية أولاً من خلال توفير أقصى درجات الأمان لحماية المقتنيات الثقافية وثانياً أعمال التحرى والفحص لمعرفة مرتكب جرائم التعدى على المقتنيات الثقافية، ومن ثم فان برامج التدريب تكون متخصصة نوعاً ما فى التركيز على سبل الوقاية، سواء من حيث التدريب على حماية وتأمين المواقع الأثرية، خاصة النائية وتلك التى تكون مفتوحة بلا حدود ظاهرة، فضلاً عن نظم التأمين الداخلى بالمتاحف وكيفية التعامل مع الزوار والمترددين دون تعميق الإحساس بوجود أمنى يفسد الزيارة مع التركيز على كيفية جمع المعلومات وأعمال التحرى وتتبع الخيوط التى تساهم فى إعادة المقتنيات الثقافية التى تتعرض لنقل غير مشروع أو تعدٍ أيا إن كان نوعه، وأخيراً التدريب على كيفية التعامل مع المقتنيات الثقافية، خاصة أنها ذات طبيعة خاصة تحتاج إلى تقنيات معينة فى كيفية ضبطها وتحريزها والتحفظ عليها حتى لا تتعرض للتلف أثناء تلك المراحل. ويأتى أخيراً دور رجال الجمارك والذين تتشابه برامجمهم التدريبية إلى حد كبير مع تلك التى يتعين وجودها بالنسبة لمفتشى الآثار، حيث أنهم يحتاجون دوما لبرامج تعينهم على الوقوف على كنه المقتنى الثقافى وتمييزه وتحديده عن غيره من المقلدات أو المقتنيات الشخصية، وهو ما نفتقده حالياً وحتى يتم تفعيل لوائح كيفية فحص المقتنيات الثقافية من لوحات فنية أو طوابع نادرة أو أشياء قديمة غير أثرية قد يشكل خروجها إفقاراً ملموساً للتراث الثقافى، فإنه يتعين تزويدهم بقوائم تتضمن أوصافاً وأرقاماً للمقتنيات الثقافية ويمكن استخدام برامج تقنية تحوى صوراً ومعلومات أو بصمة فنية تسهل لهم بالرجوع اليها تحديد عما إذا كانت الأشياء المشكوك فيها تعد من المقتنيات الثقافية أم لا، كما يتعين تزويد الدوائر الجمركية بأحد الخبراء فى مجال المقتيات الثقافية ليساهم معهم فى تحديدها وينقل إليهم خبراته فى هذا المجال، وبغير ذلك كله ستصبح القوانين واللوائح مجرد حبراً على ورق.