لا نختلف، ونتفق جميعا على قيمته كفقيه قانونى وعالم جليل، وسياسى كبير وصاحب تجربة ثرية وفريدة، وبرلمانى قدير صاحب فكرة وبصيرة. ونتفق، أيضا على دماثة خلقه، وغزارة علمه، وتفرده، وعبقريته. ظهرت ملامح شخصيته مبكرا، فكان التفوق الدراسى حليفه، فنبغ وتفوق على أقرانه، متوشحا بثالوث المعرفة والإصرار والمثابرة، وامتلك ناصية الخطابة والإلقاء، واهتم بالأدب والقصص والروايات، فأضحى أديبا مفوها يمتلك موهبة الخطابة، وإجادة التعبير، ومنطقية المعالجة، والتحليل الرصين. لعب الدكتور سرور أدواراً مميزة خلال مشوار حياته منذ الصغر، ومارس أطيافا من الهوايات، وتعرض للكثير من الصعاب والتحديات، استطاع خلالها أن يثبت قدرته على المواجهة والتحدى، واستطاع بكفاءة صقل قدراته ودعم مواهبه ليصبح من أكثر رجالات هذا العصر علما وشهرة واحتراما. واكتملت شخصيته لتشمل رجال القانون المفوه، والأستاذ الجامعى الجليل، والسياسى الكبير، والبرلمانى الفذ القدير. فعلى الصعيد القانونى، اختار مجال العدالة والحكم طريقا، ففضل الالتحاق بكلية العظماء، كلية الحقوق، مقتديا بالزعماء مصطفى كامل وسعد زغلول، وامتلك مواهب التميز والتفوق فى دراسة القانون، فظل على القمة حتى تخرج عام 1953، فعين معاونا للنيابة العامة فى نوفمبر من العام نفسه، وحصل على درجة الماجستير فى القانون المقارن من جامعة ميتشجن بالولايات المتحدة. وفى عام 1956، اختير وكيلا للنيابة العامة بمحكمة النقض، فتكمن من خلال مكتبتها الضخمة من إنجاز رسالة الدكتوراه- فى زمن قياسى- حول نظرية البطلان فى قانون الإجراءات الجنائية عام 1959. ثم تحول العمل القضائى إلى التعليم الجامعى مدفوعا بتشجيع أستاذه الجليل الدكتور محمود مصطفى عميد كلية الحقوق الذى طلب منه الانضمام لأعضاء هيئة التدريس، وأقنعه بأن الأستاذ الجامعى هو الذى يصنع المواقع الهامة والرائعة، بل هو الذى يصنع الوزراء، فأصبح مدرساً بقسم القانون الجنائى بكلية الحقوق بجامعة القاهرة عام 1959، وتدرج فى السلك الجامعى حتى أصبح رئيساً للقسم ذاته فى الفترة 1978 - 1983، وبلغ أوجه تألقه، بتوليه عمادة كلية الحقوق فى الفترة من 1983 - 1985، ونيابة رئيس جامعة القاهرة لشئون التعليم فى الفترة من 1985 - 1986. وعلى الصعيد الدبلوماسى والسياسى، فقد بدأ عمله كملحق ثقافى فى سويسرا فى أبريل عام 1964، بعد أن عمل مدرسا بالجامعة. وساهمت نشاطاته المتنوعة وإنجازاته العديدة خلال عمله بالمكتب الثقافى بسويسرا فى انتدابه مستشارا ثقافيا بباريس فى الفترة من 1965 - 1967. ولأنه يرفض الانكسار، ويصر- دوما- على الانتصار، فقد عاد من فرنسا وكله إصرار على إثبات ذاته سياسيا، فخاض انتخابات كلية الحقوق للاتحاد الاشتراكى، وأصبح أمينا لوحدة الاتحاد الاشتراكى عام 1967، فى بداية رحلة الصعود السياسى، ومندوبا دائما لجامعة الدول العربية لدى اليونسكو فى الفترة من 1972 - 1978، ثم أصبح وزيراً للتعليم وأميناً للمجلس الأعلى للجامعة فى الفترة من 1986 - 1990، بفضل إنجازاته وسيرته وكفاءته، الأمر الذى جعله يتعامل مع الرئيس مبارك الذى اكتشف موهبته ونبوغه بعد أربع سنوات من تقلده الوزارة، ليقرر ترشيحه رئيسا لمجلس الشعب منذ 1990 وحتى الآن، بعد أن كان عضوا فيه بداية من عام 1983. وعلى الصعيد البرلمانى، فقد أجمع خبراء البرلمان وكبار المحللين السياسيين على أنه أقدر من أدار مجلس الشعب استنادا لأسس ومبررات موضوعية يأتى على رأسها هدوءه واتزانه، وحكمته، وقدرته على إدارة الجلسات وإنهائها بأسلوب قانونى فريد، فهو متقن للائحة المجلس، مجيدا لاستخدامها، وتوظيفها بما يخدم إدارته للجلسة، ناجحا- كعادته- فى إحداث التوازن العاقل بين أغلبية جامحة ومعارضة تصل أحيانا إلى درجة الغليان، نتيجة امتلاكه استراتيجية ذكية ومرنة يطورها حسب الأحوال تحتوى الخلافات وتدير الأمور بشكل يصل بها دائما إلى بر الأمان بأقل خسائر ممكنة، وكلها صفات يندر أن تجتمع فى شخص واحد، لكنها اجتمعت فى شخص الدكتور سرور، فجعلته الشخصية الأبرز فى تاريخ البرلمان المصرى. انحاز للفقراء والبسطاء وانشغل بهموم الوطن وقضاياه، فحاز ثقة الشعب، واكتسب محبة واحترام المصريين على مدى تاريخه السياسى والبرلمانى والدولى. ودوليا، قاد الدكتور سرور مسيرة الدبلوماسية الشعبية على مدى عشرين عاماً منذ انتخابه، لأول مرة، رئيسا للمجلس عام 1990، فنجحت هذه الدبلوماسية فى توضيح الموقف المصرى الشعبى فى كثير من القضايا، والحصول على تأييد دولى كبير للقرار المصرى فى هذه القضايا. وقادته خبراته المتراكمة وكفاءته النادرة فى قيادة العمل النيابى تحت القبة ودعم مفهوم الدبلوماسية البرلمانية- التى ابتدعها- فى المحافل الدولية خلال رئاسته لمجلس الشعب إلى أن تبوأ رئاسة كل المحافل البرلمانية التى تنضوى تحت لوائها مصر، وأبرزها رئاسة الاتحاد البرلمانى الدولى فى الفترة من 1994 - 1997، التى أرسى خلالها العديد من المبادرات، وحقق فيها العديد من النجاحات. حقا، يظل الأستاذ الدكتور سرور نموذجاً للعطاء ورمزاً للوفاء ورافداً للعلم على مدار تاريخه، لقد علم فعمل، وآمن فأخلص، وزرع فحصد، ووعد فأوفى.