قد يتبادر إلى الأذهان من خلال العنوان بعض الأفكار أو قد يرى هذا الكلام غير مطابق وغير سليم أو غير ذلك من الأفكار، ولكن يجب على كل شخص أن يقرأ ويعطى لنفسه فرصة للتفكير والتأمل قبل الحكم المسبق فنحتاج ألا نحكم على الأشياء من خلال المناظر أو العناوين بل من خلال الجوهر والمحتوى . يعتقد الكثير ممن يعتنق بعض الأفكار أن سبب المشاكل والانهيار الذى حدث ويحدث كل يوم فى الوطن العربى هو عدم وجود خلافة إسلامية، ويجب أن يجتمع المسلمون تحت لواء خليفة إسلامى واحد ..
ولكن وفقا للتاريخ وبالأدلة يتضح لنا أن الخلافة ليست هى الحل بل هى أساس تفكك الدولة الإسلامية وهى السبب فى الانقسامات وظهور الدم بين أفراد المجتمع الواحد، كما أنها كانت سبب واضح وصريح فى ظهور الفتن بين المسلمين وكانت السبب فى مقتل عثمان وعلى والحسن والحسين وغيرهم من أئمة المسلمين فالخلافة التى يدعون اليها هى خلافة زائفة تؤدى إلى القتل والخراب والدمار.
فإذا كنا نريد أن يكون هناك خلافة فيجب أن يكون هناك إجماع على الخليفة فلك عزيزى القارئ أن تتخيل معى هذا، فهل تجد أن هناك إجماع على رجل واحد يحكم المسلمين فى كافة البلدان، فهذا لن يحدث لأن السعودية لن تريد أن تخرج الخلافة عنها وترى نفسها الأحق وكذلك الحال فى مصر فسوف يقولون نحن أحق بأن تكون الخلافة فى مصر، وكذلك إيران وغيرهم من تلك الدول، فلن يحدث إتفاق بين الدول مما يؤدى إلى ظهور الانقسامات والانشقاقات والصراعات بين الدول .
يوجد الكثير من الجماعات الإسلامية فى الوطن العربى، ولكن لا يوجد بينهم اتفاق ولك أن ترى بعيونك الصراع بين الجماعات الاسلامية بعضها البعض فهم يكفرون البعض فكيف لهذا الدين أن ينهض من خلال هؤلاء الذين يدعون إلى القتل والدمار والجميع يسعى نحو الهيمنة والسيطرة على الآخرين.
إن الاسلام لن يزهو وينتشر إلا من خلال السلام والمحبة والدعوة إلى الله بالكلمة الحسنة ولن ينتشر من خلال العبوات الناسفة والتفجيرات فهم يغالطون أنفسهم فمن يتتبع سنة نبينا صلى الله عليه وسلم يجد إنه تعرض للأذى وتشققت قدماه وبعث الله له ملك ليطبق عليهم الأخشبين ولكن رسولنا دعا لهم الله أن يهديهم .
لقد كان لنا فى رسولنا الكريم أسوة حسنه فقد قال لعلى بن ابى طالب رضى الله عنه ( لان يهدى الله بك رجلا واحدا ً خيرا لك من حمر النعم ) .. فلنرى كيف كان رسولنا وقدوتنا رحيما بالآخرين الذين يحملون له الايذاء والغدر، فكيف لكم تطلقون على أنفسكم حماة الأسلام أن تقتلوا الابرياء من خلال العبوات الناسفة والتفجيرات فأى دين هذا يدعوا إلى القتل وإلى قتل الأبرياء .
يا أيها الساكنون فى أعلى الجبال وفى الجحور وتعتقدون إنكم المسلمون ونحن كفار ومشركون وتدعون ضعاف النفوس والشباب الجاهل بالتفجيرات وزرع العبوات الناسفة وتقنعوهم بالشهادة، لأنكم تدعون إلى الخلافة وإلى إقامة الدولة الإسلامية فأنتم تدعون إلى الباطل وإلى المغالطات وإلى القتل والدمار .
فلكم أن ترجعوا إلى دينكم والى أخلاق نبيكم فقد لقى المسلمين الكثير والكثير من العذاب على يد المشركين ولكم فى قصة ( صبرا ال ياسر ) عبرة وموعظة حسنه، فقد ضرب ابو جهل سمية بالمحراب وقتلها وكانت أول شهيدة فى الإسلام، ومع ذلك لم يكن هناك اغتيال وقتل من جانب المسلمين لان رسولنا الكريم يعلم أن الأمة الاسلامية لن تنهض من خلال التفجير والقتل ولكن من خلال الايمان بالله والثقة بأن الله ينصر المؤمن الحق.
لن تنهض البلاد العربية بالخيانة والنفاق والغدر والقتل بل بالسلام والمحبة والعمل الجاد والإخلاص فى العمل والخوف من الله فى السر والجهر ومراعاة الضمير فى كافة الأفعال، والبعد عن النفاق والكسب غير المشروع فيجب أن نربى أجيالنا ونعلمهم الأخلاق والقيم والمبادئ فنحن فى حاجة إلى الرجوع إلى أخلاق السلف الصالح .
الوطن العربى فى حاجة إلى تطبيق الاسلام فعلاً وليس اسماً فلن تنهض الأمم باللحى الطويلة والجلباب القصير، ولكن تنهض بالكفاح والأخلاق والمعاملة الحسنه بين الجميع وأن يعطف الغنى على الفقير ويساعد القوى الضعيف، ولكن ما نراه هو العكس فالغنى يمتص دماء الفقير والقوى يدوس على الضعيف ..
وسوف أترك الحكم لكم.. فهل ترون أن الخلافة هى الحل أم العمل الجاد والضمير والأخلاق ومراعاة الله فى افعالنا وفى كافة أمور حياتنا والبعد عن النفاق والسرقة والغش والربح غير الحلال وأن نراعى ضمائرنا وأن نعبد الله حقاً هو الحل ...