مجلس الوزراء يوافق على تعديل بعض أحكام قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية    بدء فعاليات معرض العلاقات المصرية الروسية بدار الإفتاء المصرية    تراجع قوي لمؤشرات البورصة بمنتصف التعاملات والمؤشر الرئيسي ينخفض ب 5.11%    تعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية لقانون التمويل العقاري    توريد 560 طن قمح لشون وصوامع الحيرة    جامعة سوهاج تفعل «الكروت الذكية» لتداول الوقود لتعزيز التحول الرقمي    علاء عابد: القمة المصرية البحرينية تأكيد على جهود مصر لوقف الحرب على غزة    برلين تستدعي سفير موسكو بعد توقيف جاسوسين روسيين    جوارديولا ضحية أنشيلوتى المفضلة فى الأدوار الإقصائية بدورى أبطال أوروبا    غضب في سموحة بعد الخسارة من الجونة وتراجع الترتيب.. والاستعداد للبلدية بدون راحة    تفاصيل جلسة رئيس بعثة الأهلي مع خالد بيبو    وكيل تعليم البحيرة يشهد ختام فاعليات القوافل المجانية لطلاب الثانوية العامة بالمحمودية.. صور    إصابة 14 شخصا في حادث تصادم سيارتين بأسوان    بعد 12 واقعة.. سقوط أخطر تشكيل عصابى تخصص فى سرقة العقارات بالقطامية    توقعات برج الحوت في النصف الثاني من أبريل 2024: فرصة لبدء مشروع جديد    متحف الإسكندرية القومي ينظم احتفالية عن الحرف التراثية بالمحافظات    وزارتا التخطيط والصحة تطلقان خدمة رسائل نصية لتوعية الأسر بمواعيد التطعيمات للمواليد الجدد    ريال مدريد يقترب من فقدان نجمه أمام برشلونة في الكلاسيكو    25 أبريل.. انطلاق دورة إعداد المدربين TOT في جامعة بنها    النواب في العاصمة الإدارية.. هل يتم إجراء التعديل الوزاري الأحد المقبل؟    وثائق دبلوماسية مسربة.. البيت الأبيض يعارض الأمم المتحدة في الاعتراف بدولة فلسطينية    ضبط وإعدام أغذية فاسدة في حملة على المحلات التجارية بالوادي الجديد    الأب ضبط ابنته مع خطيبها.. ليلة مأساوية في شقة الوراق    إصابة 3 أشخاص في حريق مخبز بقنا    ضربات أمنية مستمرة لضبط مرتكبي جرائم الاتجار في النقد الأجنبي    وزارة النقل توقع مذكرة تفاهم مع «الغانم» الكويتية لتطوير ميناء برنيس    تفاصيل خطة جامعة حلوان لربط كيانات الجامعة وتعزيز التصنيف الدولي    خصم 30% على إصدارات «دار الكتب» بمناسبة اليوم العالمي للتراث    الفنان محمد رجب يخطف الأضواء في أحدث ظهور    أحمد عبد العزيز يعتذر عن انفعاله فى عزاء شيرين سيف النصر    طارق الشناوي: هشام ماجد أكمل انتصاره الرمضاني بفيلم "فاصل من اللحظات اللذيذة"    بعد نجاح تجربتها مع عمرو دياب.. هل تتجه منة عدلي القيعي للغناء؟    ما حكم الصوم نيابة عمَّن مات وعليه صيام؟.. تعرف على رد الإفتاء    مهدد بالسجن| سر غياب حسين الشحات عن المحكمة في قضية الشيبي.. وماذا طلب المحامي ؟    الأحد.. كشف مجانى بالعيادات الخارجية بطب أسنان جامعة المنوفية    هل يواجه التأمين الصحي الشامل قصورًا تشريعيا؟ برلمانية توضح    صحة المنيا توقع الكشف الطبي على 1632 حالة بالمجان    طفن إعادة التدوير.. ورشة لقصور الثقافة بمركز رعاية ذوي الهمم بالزيتون    تأجيل محاكمة مرتضى منصور بتهمة سب ممدوح عباس    "سنواصل العمل معًا".. روما يعلن تجديد عقد دي روسي    ردد الآن.. دعاء الشفاء لنفسي    دعاء العواصف.. ردده وخذ الأجر والثواب    البورصة المصرية، EGX يخترق 30 ألف نقطة وعودة العمليات التصحيحية بقوة ببداية جلسة اليوم    "كل همه يبروز ابنه".. أحمد سليمان يثير الجدل برسالة نارية    وزير الإسكان يتابع موقف تنفيذ وتسليم الوحدات السكنية بمبادرة «سكن لكل المصريين»    "كنترول إس"، مشروع تخرج لطلاب إعلام حلوان يستهدف الحفاظ على الممتلكات العامة    عالم هولندي يثير الرعب مجددا، تحذير من زلزال مدمر خلال أيام    بلدية النصيرات: غزة تحوّلت إلى منطقة منكوبة جراء حرب الإبادة الإسرائيلية    هولندا تعرض على الاتحاد الأوروبي شراء "باتريوت" لمنحها إلى أوكرانيا    التموين تزف بشرى سارة عن أسعار السندويتشات في المحلات بسبب الرغيف السياحي    «الرقابة الصحية»: وضع ضوابط ومعايير وطنية لتدعيم أخلاقيات البحوث الطبية    علي جمعة: الرحمة حقيقة الدين ووصف الله بها سيدنا محمد    مهيب عبد الهادي يكشف مفاجأة صادمة عن كولر    «تعليم البحر الأحمر» تجري تعديل على موعد امتحانات الصف الثاني الثانوي بسبب احتفالات عيد السعف    ما حكم نسيان إخراج زكاة الفطر؟.. دار الإفتاء توضح    لقد تشاجرت معه.. ميدو يحذر النادي الأهلي من رئيس مازيمبي    فلسطين.. جيش الاحتلال الإسرائيلي يقتحم بلدة صوريف شمال الخليل    الجامعة البريطانية في مصر تعقد المؤتمر السابع للإعلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحجاب فرض أم اختيار؟ .. تفسيرات "الهلالى" تشعل المعركة المستمرة منذ 15 قرناً.. أكد أن القرآن لم يحدد مواصفاته وقدم تفسيرات تبيح الملابس القصيرة .. للحائرات.. تعرفى على ردود الشعراوى والأزهر والإفتاء
نشر في اليوم السابع يوم 07 - 11 - 2016


نقلا عن اليومى..
رغم مرور ما يقرب من 15 قرنا على ظهور الإسلام لاتزال قضية زى المرأة وحجابها تثير الجدل والاختلاف من حين لآخر، تدور حوله أسئلة الفتيات والنساء، تشتعل بسببه معارك داخل المجتمع الإسلامى وخارجه ما بين محاولات إجبار الفتيات والنساء على ارتدائه أو خلعه، تشهد بعض الأوقات إقبالا شديدا على ارتدائه، بينما تشهد أوقات أخرى تخلى الكثيرات عنه، وكثيرًا ما تتصارع المشاعر فى نفوس ملايين الفتيات بين دعوات التحرر منه والالتزام به.
ورغم ما يؤكده أغلب علماء الدين من إجماع واتفاق على أن الحجاب فريضة يؤكدها القرآن والسنة وإجماع الفقهاء، وأنه لا يجوز أن يظهر من المرأة إذا بلغت المحيض سوى الوجه والكفين، فإنه بين حين وآخر تعلو بعض الأصوات معلنة عدم فرضية الحجاب وتسوق بعض التفسيرات وتشكك فى بعض الأحاديث لإثبات وجهة نظرها التى قد تجد فيها الكثيرات سندًا للتخلى عن الحجاب أو عدم ارتدائه من الأساس.

وكان آخر هذه الأطروحات ما ساقه مؤخرا الدكتور سعد الهلالى، أستاذ الفقه المقارن، الذى أثار جدلا شديدا بسبب ما ساقه من أدلة تنتهى إلى أن الإسلام لم يحد زيا للمرأة، وأن الحجاب ليس فرضًا، متهمًا من قالوا بفرضية الحجاب بأنهم يريدون أن يجعلوا من أنفسهم أوصياء على الدين والناس ويريدون فرض ثقافتهم القروية على نساء العالم.

وقدم الهلالى طرحا مرتبا شكك خلاله فى بعض الأحاديث النبوية وقدم تفسيرات مختلفة لبعض آيات القرآن قد تجد فيه الكثيرات ممن يرغبن فى خلع الحجاب أو عدم ارتدائه من الأساس سندًا شرعيًّا، خاصة فى هذا الوقت الذى يشهد خلع الكثيرات للحجاب وتعالى الصيحات بأنه ليس فرضا، كما قد تزيد هذه التفسيرات من حيرة وتساؤلات الكثيرات عن الحجاب، وهو ما نجد معه أن مناقشة الأمر بهدوء وعرض أسانيد وحجج الهلالى التى استند إليها لإثبات عدم فرضية الحجاب، مقابل الأدلة التى يسوقها جمهور العلماء لتأكيد أنه فرض وواجب على المرأة تأثم إن تركته، أمرًا مهمًّا يساعد فى منح الحائرات فرصة للاختيار.

أدلة الهلالى على عدم فرضية الحجاب
وعلى الرغم من أن الهلالى أكد خلال حواره مع الإعلامى عمرو أديب فى برنامجه كل يوم المذاع على قناة «ON E» الفضائية، أنه لا يقدم رأيه الخاص، وإنما يعرض الآراء الفقهية المختلفة عن الحجاب، إلا أنه اعتمد على تقديم ما يثبت أن الحجاب ليس فرضًا سواء فى السنة النبوية أو من خلال ما قدمه من تفسيرات لآيات القرآن التى يستند إليها جمهور العلماء فى تأكيد أن الحجاب فرض.

الأحاديث النبوية التى ساقها الهلالى للتشكيك
اعتمد الهلالى فى حديثه على تضعيف الأحاديث النبوية التى يستند إليها جمهور الفقهاء، وتقديم تفسيرات لأحاديث أخرى تؤكد أن رسول، صلى الله عليه وسلم، لم يفرض الحجاب على نساء المسلمين.

وأهم هذه الأحاديث التى شكك فيها الهلالى حديث رواه أبو داود عن خالد بن دريك عن عائشة أن الرسول رأى أسماء وعليها ثياب رقاق فقال لها يا أسماء إذا بلغت المرأة المحيض لا يظهر منها سوى هذا وذاك، وأشار إلى وجهه وكفه.

وأكد الهلالى أن أبو داود مات سنة 275 هجرية، أى بعد وفاة الرسول بما يقرب من 264 سنة، وأنه أكد حين روى هذا الحديث أن خالد بن دريك لم ير السيدة عائشة، وأن هذا يعيب الحديث ويضعفه.

أما الحديث الثانى الذى ساقه الهلالى فهو حديث البخارى ومسلم، عن سعد بن أبى وقاص أن عمر بن الخطاب جاء يستأذن على رسول الله وعنده نسوة يسألن ويستفسرن عالية أصواتهن، فلما سمعن صوت عمر قمن يبتدرن الحجاب، وأن رسول الله ضحك حين رأى عمر وعندما سأله بن الخطاب أخبره بأمر النسوة، فنظر إليهن عمر وقال: «ياعدوات أنفسهن أتهبننى ولا تهبن رسول الله؟»، قلن: «نعم لأنك أغلظ».

وأشار الهلالى إلى أن هذا الحديث نفهم منه أن النساء لم يكن يرتدين الحجاب أمام رسول الله، وأنهن كن يخشين عمر لأنهن يعلمن أنه شديد وهو سبب إنسانى وليس إسلاميا.

ويشير معنى الحديث، وفقًا لشرح الهلالى، إلى أن النسوة كن يجلسن أمام رسول الله كاشفات رؤوسهن، ودون أن يشير الهلالى إلى أن الحجاب هنا قد يعنى أنهن اتخذن حاجزا أو حجابا يختبئن وراءه من عمر بن الخطاب.

أما الحديث الثالث الذى استند إليه الهلالى فى عدم فرضية الحجاب فهو حديث عن عقبة بن عامر، وكان له أخت تحج مع رسول الله فى حجة الوداع، فرأى الرسول امرأة تسير حافية ناشرة شعرها فقال: «مروها أن تختمر وتركب وتنتعل»، وفسر الهلالى هذا الحديث بأن الأمر فى الثلاثة أفعال «الاختمار والركوب وارتداء النعل فى الحج»، إما أنه وجوبى للثلاثة أو اختيارى على سبيل النصيحة، وإذا كان ارتداء النعل اختياريا بالتالى يكون ارتداء الخمار اختياريا وليس فرضا.

تفسيرات الهلالى لآيات القرآن
وقدم الهلالى تفسيرات لآيات الحجاب فى القرآن بما يدعم وجهة النظر التى تدعى عدم فرضية الحجاب.
وعرض آراء الفقهاء عن عورة المرأة، مشيرًا إلى أنها تراوحت بين من رأى بوجوب تغطية سائر جسد المرأة بما فيها الوجه والكفين وهم الحنابلة وبعض المالكية والشافعية، وبين من رأى أنه يجوز لها إظهار الوجه والكفين وهم جمهور الفقهاء، ومن أضاف إلى ذلك القدمين، فيما أشار إلى رأى رابع لأبى يوسف يجيز فيه أن تظهر المرأة ذراعيها حتى المرفقين، وطبقا لهذا الرأى يمكن للمرأة ارتداء ملابس «نصف كم»!!

الهلالى

وأشار الهلالى إلى أن كل هذه الآراء بشرية ويمكن مخالفتها لينطلق إلى تفسير الآيات القرآنية طبقا لوجهة نظره، وبما يخالف التفسيرات التى يسوقها العلماء لتأكيد فرضية الحجاب.

وركز الهلالى على تفسير الآيات فى سورتين من القرآن، الأولى آيات سورة النور والثانية فى سورة الأحزاب، وذلك فى قوله تعالى من سورة النور: «وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا»، حيث أشار الهلالى إلى أن هذه الآية لم تحدد شكل الزى الذى يجب أن ترتديه المرأة، مشيرا إلى أنه يتحدى من وصفهم بأوصياء الدين من تحديد المقصود بعبارة «ما ظهر منها»، مؤكدا أنها مجهولة وتحتاج إضافة كلمة بشرية حتى نستطيع تفسير المعنى فى هذه الآية التى وصفها ب«المبهمة».

وأضاف أن ابن عباس، وهو من وصفه الرسول بأنه حبر الأمة، له 3 روايات، الأولى إظهار عين واحدة من المرأة، والثانية، إظهار العينين، والثالثة إظهار الوجه والكفين.

وقال الهلالى إن ابن عباس حين استند فى روايته الأولى بإظهار عين واحدة أضاف على عبارة «ماظهر منها» القرآنية، كلمة «ضرورة» وهى الضرورة اللازمة للمرأة لكى ترى، وأن الرواية الثانية بإظهار العينين أضافت للعبارة القرآنية كلمة «حاجة»، وحين قال إظهار الوجه والكفين فذلك لزيادة الحاجة وتمييز المرأة والتعرف عليها، مؤكدا أن المرأة هى التى تقدر حاجتها والضرورة اللازمة لحياتها.

وأضاف الهلالى كلمة ثالثة لتفسير الآية القرآنية وهى كلمة «عرفا» زيادة فى التوسعة لما تحتاجه المرأة فى حياتها، وتماشيًا مع العرف السائد، وبما لا يحدد مواصفات محددة لزى المرأة.

واللافت للنظر أن الهلالى شرح عبارة «ماظهر منها» وكأنها تعود على المرأة، وليس على الزينة «ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها».
كما فسر الهلالى قوله تعالى: «وليضربن بخمرهن على جيوبهن»، بأن الجيب هو الصدر، وأن الضرب له أكثر من تفسير، قائلا: «أشيل الحجاب وأضعه على الصدر، لأن الصدر أولى بالتغطية من الرأس»، مؤكدا أن هذا تفسير محتمل، وأن التفسير الثانى هو أن يطول الخمار من الرأس حتى ينزل على الصدر، وأن على المرأة أن تعرف التفسير وتختار ما يناسبها.

وفسر الهلالى آيات سورة الأحزاب التى تحدثت عن الحجاب فى قوله تعالى: «يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا»، قائلا إن الجلباب ليس له مواصفات، ويمكن أن يكون قصيرًا حتى الركبتين أو منتصف الساق أو طويلا إلى القدمين أو بكم قصير، وإن الله الذى حدد فى آيات القرآن التى تحدثت عن الوضوء أن المسلم يغسل يديه إلى المرفقين، لم يحدد فى هذه الآية التى تتحدث عن زى المرأة مواصفات محددة لجلبابها، ولم يحدد كلمة «يدنين» إلى أين!

وطبقا لتفسيرات الهلالى يكون جائزا للمرأة ارتداء الملابس القصيرة التى تظهر الساقين أو الذراعين.

تفسيرات الشعراوى لآيات الحجاب
وتختلف التفسيرات التى طرحها إمام الدعاة الشيخ الشعراوى لآيات الحجاب فى سورتى النور والأحزاب تماما عما قدمه الهلالى.
وأشار الشعراوى فى تفسيره لقول الله تعالى: «وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِن» إلى معنى كلمة الزينة، مشيرا إلى أنها الأمر الزائد على الخلقة، وأنها أمر مكتسب مثل وضع المرأة للكحل، وأن الشرع لم يمنع المرأة من إظهار الزينة الطارئة، مثل كحل العين أو القلادة والسوار والخاتم، على ألا تبالغ.

الشعراوى


وأضاف إمام الدعاة أنه إذا كان الشرع أمر المرأة ألا تبالغ فى إظهار الزينة، فكيف يكون لها أن تظهر العضو الذى تغطيه هذه الزينة، مؤكدا أن تغطية أعضاء الجسم أولى.

ومن هنا يظهر الفارق بين ما استند إليه الهلالى وتفسير الشيخ الشعراوى، وهو أن الهلالى فسر فقط عبارة «إلا ما ظهر منها» وكأنه يتحدث عن المرأة وليس عن الزينة التى ترتديها المرأة، وهناك فارق كبير فى المعنيين.

وعن قوله تعالى: «وليضربن بخمرهن على جيوبهن» أشار الشيخ الشعراوى إلى أن معنى الخمار هو غطاء الرأس، وأن على النساء أن يغطين رؤوسهن ويضربن بالخمار على جيوبهن ليغطى منطقة الصدر، مفسرا كلمة يضربن بأنها تعنى الوضع بشدة وبإحكام حتى تغطى منطقة الصدر، مشير إلى أن السيدة عائشة قالت: «رحم الله المهاجرين»، لأنه عندما نزلت هذه الآية لم يكن لديهن خمار طويل فشققن المروق حتى يغطين الجيوب.

وفسر الشعراوى آيات سورة الأحزاب التى تحدثت عن زى المرأة فى قوله تعالى: «يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا»، مشيرا إلى أن كلمة يدنين تأتى من الإدناء، وهو تقريب شىء من شىء، وقالوا يدنيها من الأرض، أى يقربن الجلابيب من الأرض، مدللا على ذلك بقوله فى تعالى «قطوفها دانية» أى قريبة من الأرض.
وأضاف أن كلمة «عليهن» تشمل الكل «أى على «كل» جسد المرأة، وعن تفسير كلمة جلباب أشار إمام الدعاة إلى أن الجلباب هو ما يلبس فوق الملبس الداخلى، وأن الخمار هو ما يغطى الرأس.

رأى الأزهر وتفنيده
فيما أشار د. محمد زكى، الأمين العام للدعوة بالأزهر وأمين عام مجمع البحوث الإسلامية، إلى آيات أخرى فى سورة النور تؤكد فرضية الحجاب.

وقال أمين عام الدعوة بالأزهر ل«اليوم السابع»، إن الآيات التى تحدثت عن القواعد من النساء فى سورة النور تؤكد فرضية الحجاب، وذلك فى قوله تعالى: «والقواعد من النساء اللاتى لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة، وأن يستعففن خير لهن»، مؤكدا أنه إذا كان هذا التوجيه للنساء العجائز اللاتى لا يطمع أحد فى الزواج منهن لكبر سنهن، فما بالنا بالفتيات والنساء الأصغر سنا.

وأشار إلى أن هذه الآيات تخفف عن النساء العجائز بأنهن يمكن أن ينزعن ثيابهن الظاهرة التى لا يؤدى التخفف منها إلى كشف العورة أو إظهار الزينة التى أمر الله بسترها.

وأضاف أن قوله تعالى «وأن يستعففن خير لهن» يعنى أن الإبقاء على الملابس الظاهرة خير من خلعها وأطهر لقلوبهن ووقارهن، متسائلا: «فماذا نقول للفتيات والنساء الأصغر، وهن الأولى بالستر والاحتشام؟».

وأكد أمين عام مجمع البحوث الإسلامية السابق أن الإسلام يأمر المرأة بالاحتشام فى جميع مراحل حياتها.
ونفى الشيخ محمد زكى ما أشار إليه الهلالى من قول أبى يوسف بجواز إظهار المرأة لذراعها حتى المرفقين، مؤكدا أنه لم يقل بهذا أحد، لأنه يتعارض مع النص القرآنى.

وتعجب الشيخ زكى مما ساقه الهلالى من تفسيرات لحديث سعد بن أبى وقاص، متسائلا: كيف ينهى الرسول أصحابه عن النظر للمرأة الأجنبية ويجلس هو مع نساء سافرات؟! مؤكدا أن هذا لا يصح عن النبى الذى كان أشد حياء من البكر فى خدرها، ووصفه رب العزة بأنه على خلق عظيم.

وأكد أمين الدعوة بالأزهر أن ما ساقه الهلالى يخرج عن إجماع الأمة ويسن سنة سيئة، وأنه يصادر على آراء باقى العلماء بوصفه لمن يقول بفرضية الحجاب وصيًّا على الدين.

تفنيد دار الافتاء للأحاديث التى استشهد بها الهلالى
وفندت دار الإفتاء المصرية الأحاديث التى استند إليها سعد الهلالى، مؤكدة أنه أخطأ فى عرضه أدلة الحجاب والتعليق عليها أخطاء لا يمكن السكوت عليها.

ومنها زعمه بأن حديث أسماء، رضى الله عنها، حديث ضعيف، مؤكدة أن الزعم بأنه الحديث الوحيد الذى يدل على تحديد ما يستر من جسد المرأة وما يظهر منها، غير صحيح، وأنه أخطأ حين زعم أن هذا الحديث ورد فى سنن أبى داود فقط، مشيرة إلى أنه ورد فى الطبرانى فى «مسند الشاميين»، وابن عدى فى «الكامل»، والبيهقى فى «السنن الكبرى» و«الآداب» و«شُعَب الإيمان».

أما عما طرحه الهلالى بأن خالد بن دُرَيْك لم يدرك أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها، فردت عليه دار الإفتاء بأنه حديث مقبول، لأنه يؤكده ما ورد عن الصحابة، فصار القول به قويا، كما أنه ورد فى أكثر من طريق ورواية، وتقرر عند أهل الحديث أن المرسل إذا تعددت مخارجُه فهو فى محل القبول.

وأشارت دار الإفتاء إلى أن حديث أسماء ليس وحده الدال على حجاب المرأة كما زعم الهلالى، ولكن أيدته أحاديث أخرى، ومنها ما أخرجه الترمذى والنسائى فى «السنن» عَنْ ابْنِ عُمَرَ، رضى الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ لَمْ يَنْظُرِ اللهُ إِلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ»، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: فَكَيْفَ يَصْنَعْنَ النِّسَاءُ بِذُيُولِهِنَّ؟ قَالَ: «يُرْخِينَ شِبْرًا»، فَقَالَتْ: إِذًا تَنْكَشِف أَقْدَامُهُنَّ، قَالَ: «فَيُرْخِينَهُ ذِرَاعًا، لَا يَزِدْنَ عَلَيْهِ»، وهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

وذكرت الدار أن حديث أخت عُقْبَةَ بن عامر، رضى الله عنه، أَنَّ أُخْتَهُ نَذَرَتْ أَنْ تَمْشِيَ حَافِيَةً غَيْرَ مُخْتَمِرَةٍ، فَسَأَلَ النَّبِيَّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «إِنَّ اللهَ لَا يَصْنَعُ بِشَقَاءِ أُخْتِكَ شَيْئًا، مُرْهَا فَلْتَخْتَمِرْ، وَلْتَرْكَبْ، وَلْتَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ»، دليل يضاف إلى أدلة وجوب الحجاب.
وأوضحت أن استدلال الهلالى باقتران الأمور الثلاثة: الاختمار والركوب والصيام على أنها متساوية فى الحكم أمر عجيب لما تقرر عند الأصوليين أن دلالة الاقتران ضعيفة، والجمع بين الأمور الثلاثة لأنها من رفع المشقة والحرج عن المرأة وليس لأن حكمها واحد.

وأما استدلال الهلالى على عدم وجوب الحجاب بحديث سعد بن أبى وقاص، فوصفته دار الإفتاء بأنه استدلال عجيب على جواز خلع المرأة حجابها فى حضرة الرجال الأجانب؛ مؤكدة أن لفظ الحجاب مشترك يطلق على الثياب التى تغطى العورة، كما يطلق على الساتر ولو من غير الثياب كما فى قوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ، والمقصود بالحجاب هنا الساتر كما هو واضح من السياق.

وأكدت دار الإفتاء أن الآيات التى ساقها الهلالى تؤكد وجوب حجاب المرأة بشكل واضح ومنها ﴿وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ﴾، والخُمُر: جمع خِمَار، وخمار المرأة فى لغة العرب هو مَا يُغطِّى رَأْسها، والتعبير بضرب الخمار على الجيب: يقتضى ستر الشعر والعنق والنحر، وأن هذا مِن أبلغِ الكلام وأفصحِه، وأوضحِه.

دار الإفتاء


أما قوله تعالى فى سورة الأحزاب: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلاَبِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ﴾، فأشارت دار الإفتاء إلى أن المناسبة التى نزلت فيها هذه الآية هى أن النساء كن يُظهِرن شعورهن وأعناقهن وشيئًا من صدورهن فَنَهاهُنَّ الله عز وجل عن ذلك، وأمرهن بإدْناء الجلابيب على تلك المواضع التى يكشِفْنَها. وأشارت دار الإفتاء إلى أن مرجع تحديد العورة هو الاجتهاد فى الأدلة الشرعية بتنوعها، وليست الأعراف البشرية المتغيرة؛ كما ذكر الهلالى. وأضافت أن تجديد الدين ليس معناه الاعتداء على ثوابته ومقرراته التى هى محل حفظ هوية الأمة الإسلامية، وإنّما يكون بالنظر فى القضايا المتجددة والمسائل المستحدثة.

وأوضحت الدار أنه لا يجوز تخيير المستفتى بين الآراء المختلفة أو التمييز بين الأدلة بنفسه من غير رجوع لأهل التخصص، لأن ذلك مخالف للأعراف العلمية، والفتوى علم شأنه كشأن سائر العلوم.

وأكدت الدار أن إسناد الفتوى وإصدار الأحكام إلى العوام يخضعها للهوى، وهو ما يخالف الشرع، ولا يجوز للمفتى أن يقول للعامى «حكم هواك»، لأن فى ذلك جهلاً بالشريعة وغشًّا فى النصيحة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.