ماذا يحدث فى مصر؟.. أصبحت لا أطيق العيش فى هذه البلاد.. أصبحت أرى الفساد يومياً... رشوة.. سرقة.. استغلال سلطة.. روتين أرى كل هذه الأشياء يومياً ولا استطيع فعل شىء سوى أن اكتفى بقلبى لتغييرها، حيث اضعف الإيمان. كانت هذه صدمتى الكبرى بعد أن انتهيت من دراستى الجامعية، حيث كنت أتطلع لمستقبل أفضل مستقبل مشرق فى بلاد أصبح أهلها لا يعرفون إلا الحرام ويستحلونه (إلا من رحم ربى)، تعرفت على مصطلح جديد يسمى (الشاى) ليس الشاى الذى نشربه ونستمتع بمذاقه، سواء كان كينى أو سيلانى أنه مبلغ من المال يأخذه الموظف الحكومى من المواطن الذى يحتاج لإنجاز عمل معين أى رشوة علنية استبدلوها بكلمة الشاى والشاى منهم برئ طبعاً. كما سبق أن ذكرت أنفا أنى كنت أحلم بعمل أستطيع أن أنهض عن طريقه بمستواى العملى والاجتماعى وأيضا المادى أصبحت الآن العن ذلك اليوم الذى أنهيت فيه تعليمى لأرى تلك الغابة البعيدة كل البعد عن الدين والأخلاق. فى كثير من الأوقات تهاتفنى أذنى بجزء من البيان الأول لانقلاب يوليو الذى تلاه السادات رحمه الله عندما قال فيه(لقد اجتازت مصر فترة عصيبة من الرشوة والفساد).. كلما أتذكر هذه الجملة أتعجب لدرجة الضحك على ما كان قبل هذا الانقلاب وما صار بعده بأكثر من نيف وخمسين عاما، كل شىء كما هو لم يتغير أى شىء، بل زادت وتفحلت وتغيرت المصطلحات فقط من رشوة إلى (شاى) كما ذكرت سابقاً. حتى هذه اللحظة لم أستطع أن أفيق من هذه الصدمة أو بالأحرى هذه الصدمات المتتالية التى أصبحت بموجبها أرى هؤلاء المفسدون فى الأرض عبارة عن كائنات متوحشة تريد أن تلتهمنى وأن تمص دمائى حتى آخر قطرة لمجرد أنى أعمل لصالح الشركة الخاصة التى تنفذ المنشأ التى تملكه حكومتنا الموقرة. أتذكر نصيحة قدمت للفنان أحمد حلمى فى فيلمه الأخير (ألف مبروك)من صديقه عندما قال له (غير الواقع) كلما أتذكر هذه النصيحة أقف عندها كثيراً، حيث أنها مجرد كلمتين بها الكثير من الدلالات والمعانى، لأن تغيير الواقع بالنسبة لى شىء مستحيل لأننى لا اتكلم عن صدمة أمر بها وحدى ولكن يمر بها الكثير والكثير من الشباب الطامح لمستقبل أفضل فى جو نظيف لا يشوبه رائحة الشاى والقهوة ولا حتى الكابوتشينو. تغيير هذا الواقع الأليم يتطلب مجهودا عظيما من الملايين من هذا الشعب علينا أن نراجع حساباتنا علينا ان نعود إلى أخلاقنا وديننا لكى نحاول التشبث بركب الحضارة الإنسانية التى خرجنا منها بأفعالنا المشينة. إننى أزعم أن الدعوة إلى (تغيير الواقع) أو بصورة أبسط تغيير أنفسنا هى الأهم حالياً، بل وأهم كثيراً من دعوة الدكتور البرادعى لتعديل الدستور المصرى، عندما نصلح من سلوكياتنا وأفكارنا سوف تكون النتيجة مجتمع واعٍ مدرك يستطيع أن يحصل على حقوقه، سواء كانت سياسية أو اجتماعية . ولماذا نذهب بعيداً وهى واضحة وصريحة منذ أكثر من أربعة عشر قرنا متمثلة فى هذه الكلمات الربانية، حيث قال الله تعالى (إن الله لا يغير بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) صدق الله العظيم.