الصورة المفبركة التى نشرتها جريدة الأهرام، والتى يظهر فيها الرئيس مبارك متقدماً على جميع الرؤساء الذين حضروا المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين بواشنطن، ما هى إلا استخفاف بعقول قراء تلك الجريدة وتنازل واضح وصريح عن مصداقيتها لدى القراء. ولكن الغريب والعجيب فى الأمر هو تصريحات أسامة سرايا رئيس تحرير الجريدة لبرنامج صباح دريم، فهو لم ينكر واقعة التزوير، ولكنه أرجعها لوجهة نظر الجريدة والتى ترى أن مكانة الرئيس مبارك توجب على الجريدة أن تضع الرئيس فى مقدمة صفوف الرؤساء وليس فى مؤخرتهم، وأطلق على عملية المونتاج التى تمت للصورة لفظ ( صورة تعبيرية) وأنه سيكافئ ذلك الصحفى الذى نشر الخبر أو المقال وعليه الصورة. هذا كان نص ما قاله أسامة سرايا، رئيس تحرير الأهرام، فى مكالمة لبرنامج صباح دريم مع المذيعة دينا عبد الرحمن، فهذه هى وجهة نظره ( يجب أن يكافئ من زوّر). فلا يكفى سيادته أن الصحف القومية أصبحت صحفا تتكلم بلسان الحكومة والحزب الحاكم، وتخلت عن مبادئ الصحافة النزيهة فى نقل الأخبار والصور كما هى دون تجميل أو تزييف. فالخبر الصحفى هو نقل لحدث ما كما هو، لا يجب أن نزيد عليه أو ننقص منه، والصور المصاحبة للخبر هى أرشيف تلك اللحظة ومكمّلة للموضوع. أما لو أردنا أن نقول وجهة نظرنا فى هذا الخبر، فعلينا أن نكتب مقالاً منفصلاً عن الخبر نوضح فيه ما نريد حتى لا يختلط الأمر على القارئ فلا يخلط الخبر بالتحليل الصحفى المصاحب له. وهذه قاعدة صحفية من المفروض على كل الصحفيين معرفتها، ولا يجب على شخص كالأستاذ أسامة سرايا بخبرته الطويلة أن يقع فى هذا الفخ من أجل الدفاع عن أمر بيّن أصبحنا بسببهِ أضحوكة من كافة الجرائد والمجلات العالمية، وقدمنا للعالم بالدليل القاطع كيف تدار بلدنا. فمن المعروف للجميع أن مصر تراجع دورها فى القضية الفلسطينية وكذلك جميع القضايا العربية والإقليمية وليست هذه الصورة التى تعيد إلينا دورنا من جديد. فمن فكّر فى هذه الفكرة العبقرية فهو ساذج وأراد أن يضلل الناس عن عمد، ومن المفروض أن لا نبرر فعلته ونصفها بالإبداع، وأن نصف ماحدث من ضجة حولها هى نجاح للجريدة وسبق لها، هكذا قال أسامه سرايا فى حديثه للبرنامج. وهنا يجب أن أقول كلمتى مباشرةً للأستاذ أسامه سرايا: إن كل من يحمل قلما يحمل أمانة بين يديه، ومسئولية نحو قارئيه، لا يجب أن يلوثها بمنصب يجبره على التخلى عن المسئولية التى ألقيت على عاتقه، وصحة الأخبار التى يتداولها وينشرها فى جريدته. فالواقع الذى نعيشه جميعاً كمصريين وعرب لن تجمّله صورة مفبركة، ولا تتقدم الأمم بتقدم رئيس لها فى الخطوات عن الآخر، فنحن متأخرون بعصور عن هؤلاء الذين نسبقهم فى الصور.