وصفت شبكة "بلومبرج"، الإخبارية الأمريكية، المشهد خلال الانتخابات البرلمانية فى مصر، بأنه علامة على شتاء عربى وليس ربيعا مثلما وُصِفَت الثورات العربية عند اندلاعها فى 2011. وانتقدت الشبكة فى مقال افتتاحى كتبه نوح فيلدمان، الأستاذ بجامعة هارفارد، الثلاثاء، غياب الإخوان المسلمين عن الانتخابات، متغاضية عن الحكم القضائى الذى يقضى بأنها جماعة إرهابية نظرا لما قامت به من عنف وأعمال إرهابية فى أعقاب الإطاحة بهم من السلطة. وتشير الصحيفة إلى ضعف المجتمع المدنى والطبقة المتوسطة فى البلدان العربية، لكن يرى فيلدمان أن هناك سببا آخر يتعلق بفشل تجربة، ما وصفه الكاتب الأمريكى ب"الإسلام السياسى ذو التوجه الديمقراطى". ويوضح أن الديمقراطية الإسلامية وعدت بتمكين الطبقة الوسطى وطرح شكلا محليا مميزا وشرعيا من الديمقراطية الدستورية، لافتة إلى فشل تجربة الإخوان فى مصر على نقيض تونس، حيث استطاع تيار الإسلام السياسى الاندماج مع غيره فى الحياة الديمقراطية. وفيما ستظل مصر مثالا حاسما للبلدان المتحدثة بالعربية طيلة الجيل المقبل على الأقل، فإن الاستثناء فى تونس يعد تذكيرا على أنه فى ظل ظروف مشابهة يمكن الحصول على نتائج مختلفة. وتحدث الكاتب عن الدور البارز الذى لعبته منظمات المجتمع المدنى فى تونس وهو ما دفع لجنة جائزة نوبل لمنحهم نوبل للسلام، لافتاً إلى أنه بالنسبة لمصر فإنه على الرغم من وجود تراث تفخر به من الجماعات السياسية والمدنية فى أوائل القرن العشرين، عملت على استقلال البلاد، لكن هذه الجماعات تآكلت، لافتاً إلى أن غياب طبقة متوسطة كبيرة وواثقة يمثل سببا رئيسيا آخر فى فشل تجربة الديمقراطية فى مصر، فتلك الطبقة المتوسطة المتعلمة لم تكن واثقة فى دورها المجتمعى، بشكل كاف، لتأخذ بزمام القيادة فى أعقاب سقوط حسنى مبارك. وفيما رأت الإخوان نفسها كحركة حقيقة من الطبقة الوسطى، فإن تلك الطبقة الوسطى الأكثر نخبوية وتعليما من المصريين لم تتوحد مع الإخوان ورفضت الفكر الإسلامى المتشدد بإعتباره تهديد وتخلف مجتمعى.ومن ثم فإنه عندما جاء وقت الحسم، فإن هذه الطبقة رحبت بسقوط الإخوان. ويضيف أن احتمالات الديمقراطية كانت تعتمد بشكل كامل على عما إذا كان أولئك الإسلاميين سيحكمون بطريقة ديمقراطية. فالديمقراطية تنجح فقط عندما توافق النخبة السياسية على تداول وتشارك السلطة مع احترام كل منهم للآخر عندما يكون خارج السلطة وهو ما حدث فى تونس، لكن فى مصر، يضيف فيلدمان، فإن الإخوان فشلوا فى تشكيل تحالف مع النخب السياسية الأخرى وفشلوا فى الفوز بقبول تلك النخب المنافسة بجدواهم السياسية. ويخلص بالقول إن المشهد الآن يخلوا من المجتمع المدنى والطبقة المتوسطة المُمَكنة ولا آمال فى معارضة إسلامية، وهو ما يبدو عليه الشتاء العربى.