قد تظلم علينا الدنيا، وقد تضيق بقدر ما اتسعت، وقد تموت السعادة فى أحضان خبر مؤلم، هذا الخبر المؤلم والذى قرأته قبل أيام هو : (هاجمت البحرية الإسرائيلية أسطول الحرية المتجه نحو قطاع غزة فى المياه الدولية، فى وقت أفاد التلفزيون الإسرائيلى أن 16 شخصا على الأقل قتلوا فى هذا الهجوم وهناك العديد من الجرحى) . تلك العملية العسكرية التى قامت بها قوات الدولة العنصرية الصهيونية فى مواجهة مجموعة من النشطاء العزل فى عرض البحر تدل على مدى جبن الصهاينة، واستخفافهم بحياة البشر ، غير مبالين بقيمة حياة الإنسان طالما أنه ليس يهودياً إسرائيلياً ، وطالما قد خالف من وجهة نظرهم مبادئ وسياسات الدولة العبرية. الآن هناك المئات من الأتراك معتصمين ومتظاهرين أمام القنصلية الإسرائيلية فى اسطنبول، مرددين التنديدات والشعارات ضد الدولة الإسرائيلية ، مطالبين الخارجية والدولة التركية باتخاذ اجراءات صارمة ضد اسرائيل، حاولت جاهدا أن أرى مشهداً مشابهاً فى أى دولة عربية ، لكن للأسف قد باءت كل محاولاتى بالفشل ، فالشعوب العربية ما زالت نائمة، ربما قد تأخروا فى مشاهد الأفلام أو الحفلات الغنائية ليلاً ، فلم يتثن لهم الاستيقاظ باكراً لمعرفة خبر كهذا ، حتى وإن استيقظوا ، ماذا سيفيد معرفتهم بهذا الخبر أو لا ؟! إن قتل جنود البحرية الإسرائيلية لبعض النشطاء فى قافلة الحرية المتجهة إلى غزة هو بمثابة اغتيال للحرية ذاتها ، نسف للقيم الإنسانية، وتأكيد على أن النازية الجديدة هى سلوك الدولة العبرية، القائمة على أسس عنصرية تمجد النفس ، وتحتقر الآخر لدرجة إمكانية قتله إذا تتطلب الأمر ذلك . ما زلت أشعر بالألم اتجاه أشخاص بعضهم بل معظمهم كانوا يعيشون فى أوروبا وبمستويات اجتماعية لائقة ، منعمين بحياة هادئة وهانئة بعيداً عن هذا الزخم الهائل من المشاكل والمصائب والنزاعات الموجودة فى منطقتنا ، أشعر بالألم اتجاههم لأنهم قتلوا دون ذنب يذكر ، سوى أنهم أرادوا أن يعبروا عن تضامنهم مع أبناء غزة المحاصرين، أن يعبروا بشكل رمزى وبسيط عن احترامهم للإنسان والإنسانية، بغض النظر عن الدين واللون والجنس .. ولنبقى نحن العرب - نغط فى سبات عميق، ونحلم بالسلام الشامل مع إسرائيل.