قد تظلم علينا الدنيا، وقد تضيق بقدر ما اتسعت، وقد تموت السعادة فى أحضان خبر مؤلم، هذا الخبر المؤلم؛ الذى قرأته صباح يوم الاثنين هو : «هاجمت البحرية الإسرائيلية أسطول الحرية المتجه نحو غزة فى المياه الدولية، فى وقت أفاد فيه التليفزيون الإسرائيلية بأن 16 شخصاً على الأقل قتلوا فى هذا الهجوم، وهناك العديد من الجرحى». أتذكر أننى دخلت إلى النوم فى مساء الأحد على خبر يشير إلى وجود أفراح فى شوارع غزة بانتظار تلك القافلة التى تعبر بشكل رمزى عن كسر الحصار، وأن أبناء القطاع كان لديهم أمل كبير فى نجاح القافلة فى الوصول إلى القطاع رغم التهديدات الإسرائيلية والتوعد باعتقال كل أفراد القافلة بمجرد وصولهم إلى المياه الإقليمية. تلك العملية العسكرية التى قامت بها قوات الدولة العنصرية الصهيونية فى مواجهة مجموعة من النشطاء العزل فى عرض البحر تدل على مدى جبن الصهاينة، واستخفافهم بحياة البشر، غير مبالين بقيم حياة الإنسان طالما أنه ليس يهودياً إسرائيلياً، وطالما قد خالف من وجهة نظرهم مبادئ وسياسات الدولة العبرية. الآن هناك مئات من الأتراك معتصمون ومتظاهرون أمام القنصلية الإسرائيلية فى اسطنبول، مرددين التنديدات والشعارات ضد الدولة الإسرائيلية، مطالبين الخارجية والدولة التركية باتخاذ إجراءات صارمة ضد إسرائيل، حاولت جاهداً أن أرى مشهداً مشابهاً فى أى دولة عربية، لكن للأسف باءت كل محاولات بالفشل، فالشعوب العربية مازالت نائمة. إن قتل جنود البحرية الإسرائيلية لبعض النشطاء فى قافلة الحرية المتجهة إلى غزة هو بمثابة اغتيال للحرية ذاتها، نسف للقيم الإنسانية، وتأكيد أن النازية الجديدة هى سلوك الدولة العبرية، القائمة على أسس عنصرية تمجد النفس، وتحتقر الآخر لدرجة إمكانية قتله إذا تتطلب الأمر. مازلت أشعر بالألم تجاه أشخاص بعضهم، بل معظمهم، كانوا يعيشون فى أوروبا وبمستويات اجتماعية لائقة، منعمين بحياة هادئة وهائنة، أشعر بألم تجاههم لأنهم قتلوا دون ذنب يذكر، سوى أنهم أرادوا أن يعبروا عن تضامنهم مع أبناء غزة المحاصرين، يعبروا بشكل رمزى وبسيط عن احترامهم للإنسان والإنسانية، بغض النظر عن الدين واللون والجنس.. ولنبق نحن العرب نغط فى سُبات عميق، ونحلم بالسلام الشامل مع إسرائيل. أحمد مصطفى الغر