تفجيرات هنا وهناك، ودماء أبرياء تتساقط فى كل مكان، مدنية كانت أو عسكرية، لا فرق فى سفكها بين مواطن ومحارب، فهى لا تنتقى الأفراد ولا تفرق بين الأبرياء، فطفل وامرأة وشيخ مسن يتساوي دمه مع رجل جندى محارب. ولا تعرف حرمة للمكان، ولا الزمان والإنسان ! فتضرب فى سوق يكتظ بالمواطنين الأبرياء، فتري أجسادهم الضعيفة ممزقة علي الطرقات، وأشلائهم مبعثرة فى المكان، ودمائهم تسيل علي الجدران. ويضرب فى المساجد والناس ركعاً سجداً لرب العالمين، فيتجرأون علي بيوت الله، فلا حرمة له عندهم ولا تقدير، بل كان أهون البيوت فى نظرهم وفكرهم، فاستحلوا دماء المصليين وهم بين ذاكر وحامد وشاكر. فبعدوا عن الإسلام وتعاليمه، وشوهوا رسالته وسماحته، ونفروا الملايين منه بوحشيتهم، والإسلام برىء منهم كبراءة الذئب من دم يوسف عليه وعلي نبينا السلام. فإذا كان من دخل فى بيت أبا سفيان من الكفار حين فتح مكة قد أمن علي نفسه وماله وعصم دمه- وكان المسلمون فى قمة مجدهم وقوتهم وبينهم رسول الله- فما بالكم بمن دخل فى بيت من بيوت الله ليسجد ويتعبد، ثم تأتى هذه الفئات الضالة والتى ترفع راية الإسلام لتستحل دمه وتقتله!! إنها الفتنة التى يريدون إشعالها فى بلاد العرب، والهدف الوحيد منها إثارة الاضطرابات فى المجتمعات، وتعريض حياة المواطنين الآمنين للخطر. فغدا الإسلام سلعة تباع وتشتري لتحقيق الآمال والأهداف، ورفعوا راية الإسلام وهم أبعد ما يكون عن سماحته وتعاليمه. فكل من رفع راية الإسلام لتحقيق غاياته وأهدافه القذرة من حركات ومنظمات وجماعات كالإخوان المسلمين وداعش وحماس والحوثيين وحزب الله والقاعدة وغيرهم الكثيرين هو آثم ضال يهدم الإسلام وبلاد المسلمين باسم الإسلام. ولابد للمواطن العربى أن يكون علي درجة عالية من الوعى، وأن يدرك ما يدور حوله من أحداث، وينظر للأمور من زاوية المصلحة العامة، التى تستوجب تكاتف أفراد المجتمع فى مواجهة الأفكار المسمومة التى يبثها مثل هؤلاء، عبر وسائل التواصل الاجتماعى المختلفة، والتى تصب فى عقول الشباب الذين تأخذهم الحماسة والحمية، فينساقون وراء شعارات خداعة، ونداءات كذابة، تدفعهم العاطفة الجياشة، وهم للأسف أبعد عن الحقيقة وطريق الصواب. فالمواطن المثالى لا يسمح لمثل هذه الأفكار المسمومة والأهداف الهدامة أن تجد مرتعاً خصباً فى مجتمعه، لتضع بذرتها فيه، بل يقضى علي الحشرات الضارة ويجتث الحشائش الخبيثة فى طورها الأول، قبل أن يستفحل خطرها، ويصعب مواجهتها إلا بخسائر فادحة فى الأموال والأنفس. فعلينا أن نكون علي تمام الجهوزية والاستعداد لفتن كقطع الليل المظلم، بالحنكة واليقظة والتكاتف والالتفاف خلف قياداتنا، وعدم الانجرار خلف كل سراب نحسبه ماء، حتي إن وصلناه وجدناه سراباً لا قيمة له ولا وزن.