سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
هل تواجه البورصات العالمية أزمة مالية جديدة؟.. وكيف تستفيد البورصة المصرية من تراجع الجنيه؟.. محللون: توجيه المؤسسات المحلية استثماراتها إلى سندات الخزانة زاد من اضطرابات السوق
شهدت الفترة الماضى تقلبات وتراجعات حادة طالت أغلب الأسواق المالية العالمية فى إعادة وتكرار لذكرى الأزمة المالية العالمية فى 2008، إلا أن الأمر هذه المرة جاء كمفاجأة للجميع، حيث شهدت بورصات الصين على الأخص تراجعات حادة ومتكررة، تبعتها فيها باقى بورصات آسيا، وعلى رأسها اليابان، فى وقت واجهت فيه بورصات أوروبا والعالم أزمة اليونان بصورة أهدأ، وسط سيناريوهات متعددة وكثيرة لبقاء اليونان أو انسحابها من الاتحاد الأوروبى، وفى ظل اتفاقية أبرمت ويرفضها أطرافها جميعًا. الوضع الاقتصادى العالمى يشير إلى أن هناك أزمة مالية جديدة تظهر فى الأفق بعد المسلسل اليونانى، وهذه المرة مركزها الصين، ثانى أكبر اقتصاد فى العالم، بعدما فقدت بورصة شنغهاى نحو ثلاثة تريليونات دولار، أكثر من الناتج الاقتصادى للبرازيل بالكامل، من قيمتها السوقية منذ بدء الاتجاه النزولى قبل أسابيع قليلة، وهو ما يثير قلق المستثمرين بدرجة أكبر حتى من أزمة ديون اليونان. محمود جبريل، المحلل المالى، قال إن المتابعين للشأن الاقتصادى وأسواق المال العالمية حصلوا على درس ثمين من الصين التى استخدمت أدوات غير مسبوقة لإنقاذ بورصتها من الانهيار ومن الاتجاه النزولى، حيث أكدت الحكومة أن انهيار سوق الأسهم قد يعرقل برنامج الإصلاح الاقتصادى لبكين، وجاءت كل خطواتها لتقول إننا سنبذل كل ما يتطلبه الأمر نظرًا لأن الاستقرار الاجتماعى على المحك والمخاطر المالية الشاملة واضحة. وأضاف أن الإجراءات جاءت خليطًا قويًا، بدءًا من تخفيض أسعار الفائدة، وتعهد من كبرى شركات السمسرة بالتوسع فى شراء الأسهم، فى حين قال تقرير إن الحكومة أنشأت صندوقًا لاستقرار السوق، كما أن الصين علقت 25 إصدارًا جديدًا للأسهم، سعيًا لتخفيف الضغط عن السوق الذى هوى %30 فى ثلاثة أسابيع، إلا أنه ورغم المحاولات المتكررة من الجهات الرقابية لإشاعة الاستقرار فى السوق بإجراءات مثل خفض أسعار الفائدة، وتقليص قواعد هامش الإقراض، وزيادة السيولة لدى البنوك، فإنها فشلت فى طمأنة المستثمرين، وهو ما حدا بالصين لاتخاذ إجراء غير مسبوق فى الأسواق العالمية. وأوضح جبريل أنه فى خطوة هى الأقوى حتى الآن لدعم السوق، حظرت هيئة السوق الصينية البيع على المساهمين من أصحاب الحصص الكبيرة فى الشركات المدرجة، وبشكل منفصل قال البنك المركزى إنه سيسمح للبنوك بتمديد القروض المدعومة بالأسهم، لتدفع بذلك الصين السوق للارتفاع بصورة نسبية، لكن من السابق لأوانه إعلان انتصار المنقذين لأن أكثر من نصف الشركات المدرجة غير متداول فى ظل مسارعة الشركات خلال أيام التراجع بالهروب من الاضطرابات عن طريق تعليق تداول أسهمها. أما إسلام عبدالعاطى، المحلل الفنى، فقال إن الأزمة الصينية أجابت عن تساؤلات طرحت فى مصر مؤخرًا أكثر من مرة، أن أسواق الأسهم الصينية تجاهلت الإشارات من القادة الصينيين، وواصلت طريقها نحو الانخفاض، وبدلاً من أن يكون يوم الاثنين 29 يونيو اليوم الميمون، تزامًنا مع إقامة حفل إنشاء البنك الآسيوى لاستثمارات البنية التحتية «AIIB»، وهو البنك الدولى الجديد بقيادة الصين، تجاهل المستثمرون تلك الإشارة القوية أيضًا، واستمرت عمليات البيع، فليس دومًا الأخبار القوية سياسيًا واقتصاديًا تكون دافعة لنمو البورصات. وأضاف أن الأغرب أن الأزمة ببورصة نيويورك جاءت مختلفة بصورة تثير التعجب، حيث أعلنت بورصة نيويورك أن الانقطاع وتعليق التداول لأكثر من ثلاث ساعات ونصف الساعة كان نتيجة لتحديث البرمجيات، وأوضحت أن هذا التوقف لم يكن نتيجة لأى أعمال قرصنة أو ما شابه، بل كان لخلل فنى، وهو أمر غير مسبوق على الإطلاق، وتسبب ذلك فى ارتباك بالأسواق، كما تسبب فى قلق لدى البيت الأبيض، ومتابعة عن كثب من جانب الرئيس أوباما، خشية تعرضها لقرصنة إلكترونية. وأضاف عبدالعاطى أن مضاعفات تصحيح السوق لم تظهر بعد، حيث يتوقع تباطؤ النمو، وتدهور أرباح الشركات، وتنامى احتمالات حدوث أزمة مالية، إذا لم تعالج المشكلات بشكل سريع. محسن عادل، نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار، قال إن البورصة المصرية الآن وهى فى خضم الأزمة تواجه مشكلات داخلية، بدءًا من ضغوط نقص السيولة، وتطورات أسعار الصرف، وتداعيات الطرح الأخير لسهم إعمار مصر، وهو ما يستدعى سريعًا اتخاذ خطوات فعالة للخروج من عنق هذه الأزمة. وأوضح أن تأخر صدور التعديلات على قانون الضرائب على الأرباح الرأسمالية، وقانون الضرائب على التوزيعات رغم صدور القرار الخاص به منذ 17 مايو 2015 أثار الكثير من المخاوف، وإن كانت ليست سببًا مباشرًا فى التراجعات الأخيرة للبورصة، لكن سرعة إتمام هذه الخطوة سيحد من المخاوف لدى المتعاملين، بالإضافة إلى أن نقص السيولة الحاد فى البورصة خلال الفترة الحالية، والاعتماد على تداولات الأفراد بصورة كبيرة نتيجة اتجاه المؤسسات المالية المحلية على وجه الخصوص لزيادة مساحة استثماراتها فى طرح أذون وسندات الخزانة، مع تأخر الحكومة فى اتخاذ خطوة تطوير سوق السندات بالبورصة أدى إلى زيادة مساحة التذبذبات فى البورصة. وأضاف أن الأهم خلال الفترة الحالية هو توجيه رسائل إيجابية من جانب القائمين على سوق المال، مثل كون الانخفاض جعل أسعار الأسهم عند مستويات مغرية استثماريًا، وكون الأغلب الأعم للشركات المقيدة رابحة، وتسجل نموًا فى الأرباح وفى التوزيعات. وأكد عادل أنه على مستوى الأسواق العالمية فإن التقلبات قد تكون دورة جديدة تنتهى كما انتهى غيرها دون تأثيرات طويلة، وتتوقف تأثيراتها عند فترة حدوثها فقط، لكن الأمور فى هذه الأزمة ستلعب بها السياسة دور البطولة فى العديد من المشكلات، وهو أمر واضح الآن، مشيرًا إلى أن خلاصة ما يمكن التوصل إليه من بوادر تلك الأزمة الآن أنه على ما يبدو أصبح تقلب أسواق الأسهم قضية سياسية، ولكن حتى الآن لم تشهد الأسواق العالمية باستثناء الصين تدخلًا سياسيًا فعالًا، لذلك فمن المرجح أن القادة العالميين سوف يجدون وسائل لتعزيز الثقة فى أسواق الأسهم بعد أن رهنت الحكومات الأوروبية والأمريكية والصينية الكثير من مصداقيتها على سوق الأسهم. أما أحمد فؤاد، الخبير المالى، فأوضح أنه يجب أيضًا النظر إلى أن الاتحاد الأوروبى يعد الشريك التجارى الأول لمصر، وتستورد مصر منه أكبر حصة من وارداتها، وبالتالى فإن التأثر المصرى بالأزمة اليونانية وتداعياتها المتوقعة يستلزم الكثير من الإجراءات الاحتياطية والتحوطية من البنك المركزى المصرى بخفض قيمة العملة المحلية، بعد أن سبقتنا دول فى ذلك، مثل البرازيل وروسيا، وقبلهما الصين، وهو الإجراء الذى يساعد على تنافسية الصادرات المصرية، والعمل على جذب المزيد من تدفقات رؤوس الأموال والسياحة، وتحويلات المصريين العاملين بالخارج والتى تعد المصادر الرئيسية للعملة الصعبة. وأضاف أن المخاوف من الموجة التضخمية القادمة نتيجة تخفيض الجنيه المصرى أمام الدولار الأمريكى بنحو %13.5 خلال عام، آخرها %2.5، تستلزم إجراءات حكومية تحوطية عاجلة، أهمها الرقابة الفعالة على الأسواق للسيطرة على جشع بعض التجار فى مصر برفعهم أسعار بعض السلع، خاصة أن أسعار السلع والبترول فى العالم فى انخفاض حقيقى، وثانى الإجراءات يستلزم تدابير حكومية، وقرارات لترشيد استيراد السلع غير الضرورية، والتى يعد بعضها ذات مستويات رفاهية عالية، ولا تناسب اقتصادًا يعانى وتنتظره أزمة عالمية جديدة تلوح فى الأفق منبعها منطقة اليورو.