يشارك السودانيون ابتداءً من الأحد فى أول انتخابات تعددية منذ 1986 أعلن قسم كبير من المعارضة مقاطعتها فى بلد يرئسه عمر البشير الساعى إلى تأكيد شرعيته. وسيخوض البشير فى 11 و12 و13 أبريل أول اختبار انتخابى فى أكبر بلد أفريقى يقوده، بلا منازع، منذ انقلاب 30 يونيو 1989 بدعم الإسلاميين. وتعهد الرئيس السودانى الخميس بأن الانتخابات ستكون نزيهة وحرة. وقال البشير أثناء افتتاح المرحلة الأخيرة فى مشروع محطة كهربائية على سد مروى صممتها شركة صينية فى شمال السودان، "الانتخابات ستكون نظيفة وحرة ونزيهة ومثالية"، مؤكداً أن الانتخابات "عبادة لله". وفاز البشير فى الانتخابات الرئاسية التى نظمت فى 1996 و2000 لكن المعارضة، وكذلك المجتمع الدولى، اعتبراها صورية ولم يعترفا بها كانتخابات تعددية. وحشد الرئيس السودانى كل طاقته للفوز فى هذه الانتخابات من أجل الحصول على دعم شعبى فى مواجهة مذكرة التوقيف الدولية الصادرة بحقه عن المحكمة الجنائية الدولية التى تتهمه بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية فى إقليم دارفور المضطرب. وقال ياسر عرمان، الذى كان المنافس الأبرز للبشير، إن "هذه الانتخابات مناسبة للبشير لإثبات شرعيته فى مواجهة المحكمة الجنائية الدولية، أنه استعراض الرجل القوى". وسحب ياسر عرمان ترشيحه من الانتخابات الرئاسية، كما أعلنت الحركة الشعبية لتحرير السودان (حركة التمرد السابقة فى جنوب السودان) التى يمثلها عدم مشاركتها فى الانتخابات فى الولايات الشمالية. واتهم كل من المعارضة السودانية الشمالية والحركة الشعبية البشير بالعمل على تزوير الانتخابات. وفى بداية الحملة الانتخابية بدا أن الاقتراع سيشهد منافسة على أصوات الناخبين، حتى إن الرئيس الأمريكى السابق جيمى كارتر تحدث عن احتمال تنظيم دورة ثانية. ولكن الوضع تغير مع انسحاب ياسر عرمان، بالإضافة إلى تردد الصادق المهدى زعيم حزب الأمة التاريخى، الفائز فى آخر انتخابات تعددية فى 1986 قبل أن ينقلب البشير على حكومته. وقال المحلل السودانى حيدر إبراهيم، إن "انسحاب ياسر عرمان يضمن الفوز للبشير". ولكن حتى فى حال فوزه فى الانتخابات، فالمحتمل أن يحرم البشير من الاعتراف بشرعيته على المستوى الدولى، ويقول فؤاد حكمت المحلل لدى المجموعة الدولية للازمات (انترناشونال كرايزيس غروب) إن "الأساس القانونى لتنظيم انتخابات حرة ونزيهة غير قائم فى السودان، وعلى الأسرة الدولية أن تقر بأن أياً كان من سيفوز فى الانتخابات فهو لا يتمتع بالشرعية". وزج الرئيس البشير بكل طاقته فى الحملة الانتخابية، التى تمحورت حول التنمية الاقتصادية ومعارضة الغرب، وزار كل الولايات وذهب حتى إلى دارفور ليتحدث إلى الناخبين. وفى المقابل، كانت المعارضة غارقة فى الخلافات الداخلية، واستغرق حزب الأمة حتى مساء الأربعاء ليقرر مقاطعته للانتخابات بمجملها طالما لم يتم تأجيلها. ويقول رولاند مارشال المختص بالشئون السودانية، إن "ضعف المعارضة السودانية فى عدم قدرتها على الاتفاق فى ما بينها على اسم مرشح واحد فى مواجهة البشير، لو كان لديهم مرشح، أيا يكن، وقدموه بوصفه مرشح المعارضة من أجل إخراج البشير من الحكم، لكان هو (البشير) من ارتجف خوفاً". وبالإضافة إلى اختيار رئيسهم، سيختار السودانيون نواب المجلس الوطنى (البرلمان) والولاة ونواب مجالس الولايات. وفى الجنوب الذى يتمتع بحكم شبه ذاتى سيختار الناخبون كذلك رئيس حكومة جنوب السودان ونواب مجلس الجنوب. ويبقى أن هذه الانتخابات يمكن أن تشهد مفاجآت نظراً لتعقيدات المشهد السياسى السودانى وقوة الانتماءات العائلية والقبلية والدينية التى تختلف من منطقة إلى أخرى.