صادق مجلس النواب الأمريكى يوم الثلاثاء 1 أبريل 2008 على مشروع قرار يطالب الرئيس الأمريكى جورج بوش باعتراف أمريكى بأن اليهود الذين تركوا الدول العربية يعتبرون لاجئين، وأنه يتحتم على الإدارة الأمريكية أن تضع ذلك فى كل قرار دولى يتحدث عن حل قضية اللاجئين الفلسطينيين، ويعتمد هذا المشروع على قرار سابق للمجلس يحمل رقم (185)، يشمل اعترافاً بأن مئات الآلاف من اليهود الذين طرودا أو أجبروا على ترك بيوتهم من الدول العربية بسبب الصراع العربى الإسرائيلى يعتبرون لاجئين. ويشير القرار إلى أن عدد اليهود الذين تركوا البلاد العربية بسبب الصراع وصل فى حينه إلى 850 ألف يهودى، كما يشير إلى مذكرة التفاهم التى وقع عليها الرئيس الأمريكى السابق جيمى كارتر وموشيه ديان وزير خارجية إسرائيل آنذاك ( أكتوبر 1977) والتى جاء فيها " حل قضية اللاجئين العرب واللاجئين اليهود يناقش فى إطار القوانين التى اتفق عليها". وقد جاء هذا القرار، بعد أن صرح الرئيس الأمريكى جورج بوش بأن التعويضات هى السبيل لحل مشكلة حق العودة، وأن الأممالمتحدة فشلت فى شأن هذه المشكلة وغيرها من المشاكل كما أنه قد صرح بيهودية "دولة إسرائيل". لذلك يبدو أن هناك اتجاهاً ما لتصفية القضية الفلسطينية من جذورها لدى المحافظين الجدد فى الولاياتالمتحدة ولدى الدولة الصهيونية، وبالذات بعد أن تم تجريد المنطقة من أدوات قوة رئيسية فيها عبر عزل مصر عبر اتفاقية كامب ديفيد، والأردن باتفاقية وادى عربة وأسلو والقيود التى فرضتها على السلطة الفلسطينية. وقد جاء فى صحيفة هاآرتس الإسرائيلية الصادرة يوم 2 أبريل الأربعاء: أنه وبحسب نص مشروع القرار الصادر من مجلس النواب الأمريكى، فإن المسئولين الأمريكيين المشاركين فى المفاوضات الجارية فى المنطقة والتى تشير إلى موضوع اللاجئين اليهود من البلدان العربية المختلفة والذين أتو إلى إسرائيل بعد قيامها، وقد أشارت الصحيفة لقول النائب جوزيف كراولى عن ولاية نيويورك وأحد صانعى هذا المشروع بقرار :"على العالم أن يفهم أن الفلسطينيين ليسوا وحدهم الذين سلبت ممتلكاتهم وبيوتهم ، كما أنهم ليسوا الضحايا الوحيدين لأعمال إرهابية فى منطقة الشرق الأوسط بل اليهود أيضاً تعرضوا لذلك". والحقيقة هناك تزييف فاضح فى محاولة المساواة بين حق العودة الفلسطينى وبين الحديث عن لجوء اليهود من الدول العربية إلى فلسطينالمحتلة، حيث إن الوجود الصهيونى فى فلسطين حالة استعمار استيطانى إحلالى عنصرى بدأ منذ 1905 وازدادت وتيرته بعد الحرب العالمية الأولى والثانية، وقد جاء هذا الاستعمار مواكباً لمخطط استعمارى يريد تثبيت مصالحه فى منطقة الشرق الأوسط الزاخرة بالطاقة وبالمراكز الاستراتيجية التى بدون التواجد فيها وأحياناً الاستحواذ عليها تتهدد مصالح الاستثمار العالمى ودوله الكبرى. كما أن البحث الموضوعى والجاد فى تاريخ وجود اليهود داخل الأراضى العربية، سواء كان ذلك فى فترة الحكم الإسلامى أو الحكم العثمانى، بل من قبل ذلك فى مصر والمغرب وجزيرة العرب وليبيا والجزائر، ليؤكد أن هناك مساواة، ولم يحدث تمييز عرقى أو دينى فى تلك الدول عبر تاريخها الطويل والممتد، وتمت مقارنة ذلك التاريخ العمرانى العربى بتاريخ أوروبا فى العصور الوسطى سوف يكشف لنا الحجم الهائل من العنصرية والتمييز فى التاريخ الأوروبى، وهو الذى أدى إلى تغلغل نزعة البحث عن كيان (بيت) بالنسبة لليهود والمقيمين فى أوروبا، ولعل المحرقة النازية خير دليل على ما نقول. كما أن خروج اليهود العرب من البلدان العربية لم يكن وليد إكراه ، إنما جاء رغبة فى الالتحاق بإقامة دولة على أنقاض شعب وأرض فلسطين العربية وجاء محمياً بالتواجد الاستعمارى البريطانى فى فلسطين بل وبعض الدول العربية التى كانت واقعة تحت الإحتلال آنذاك. كما أن خروج اليهود جاء بعد محاولات عديدة من قبل بعض من عناصر لعمل تخريب وتدمير للأوطان التى أقاموا فيها مثل ما حدث فى مصر والجزائر والعراق وسوريا وفلسطين ذاتها. أما الحديث عن أملاك اليهود الذين تركوها فى البلاد العربية، فلا بد أن تقوم حركات فى المجتمع المدنى العربى تعمل على المطالبة بحق التعويض فترة الاستعمار وحق التعويض عن استعمار سيناء واستنزاف ثرواتها وحق التعويض عن استنزاف المياه، سواء من فلسطين ولبنان وسوريا، وحق التعويض عن (احتلال الجولان)، وحق التعويض عن أملاك الفلسطينيين الموثقة بشهادات من المؤرخين الجدد فى إسرائيل وبقرار الأممالمتحدة (94) الخاص بحق العودة. وأخيراً.. إذا كان 750 ألف يهودى خرجوا من البلدان العربية مكرهين كما تدعى العناصر الصهيونية، سواء داخل الكيان أو داخل الولاياتالمتحدة وأوروبا، فعلينا أن نسأل عن مليون يهودى سوفيتى خرج من الاتحاد السوفيتى السابق إلى فلسطينالمحتلة وعن يهود أوروبا الشرقيين وعن يهود الفلاشا وكل اليهود الذين جاءوا من بقاع الأرض. هل سوف يطالبون الصهاينة بتعويضهم؟ وحتى نوئد هذه الدعوة الخبيثة من جذورها، فعلى العرب أن يرضوا بعودة اليهود العرب إلى أوطانهم الأصلية، طالما متمسكين بهويتهم العربية.