ليس رصاصة ولا جماعة تستخدم عصيها للأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ولا أولئك المشعوذون الذين يطلون علينا عبر الفضائيات بوجوه مكفهرة ولحى مشعثة يكفرون كل ذى عقل.. ويحرمون ويحللون ويفتون كما يروق لهم.. الإرهاب قتل للأفكار التى تولد داخل العقول.. وقمع للعقول حتى لا تدور تروسها فتطير تلك الأفكار فى فضاء البشرية. وبتطور البشرية وعت – ضمن ما وعت – أمرا مهما تبلور عبر الأزمان.. ورسخته العقائد والأديان على اختلافها.. أنه ليس هناك على – وجه البسيطة – معصوم من الخطأ.. ولا معصوم من النقد.. وعندما ختم الإسلام الديانات.. كسر تابوه تقديس البشر.. وفتح باب الأسئلة لأفكار الجميع حتى أولئك الذين يعتبرهم البعض فوق الأسئلة.. ومنذ مائتين عام أو أكثر بدأت عجلة التطور الفكرى للبشر تدور للوراء، محدثة حالة الفوضى الفكرية التى نلمسها جميعا الآن كلما ولدت فكرة تصدى لها أولئك الحريصون على دوران العجلة للخلف فتوأد أفكار فى التو.. وتنجو أخرى إلى حين! الشيخ يوسف القرضاوى واحد من أولئك الذين تقوم الدنيا ولا تقعد عند ذكر اسمه بالنقد أو التساؤل أو حتى الاستفهام وهو شىء – فيما يبدو – يطيب للشيخ الكبير فهو يصمت عندما يحدث هذا.. كما يصمت عندما يكون لزاما عليه – بحسب الموقف – أن يتكلم أو يشرح أو يوضح هو أضعف الإيمان.. ففى بعض الأحيان لا يكون الصمت فضيلة.. لا أتطرق – ولا يشغلنى – السلوك الشخصى للشيخ، ولا هواه وميله لدولة بعينها أو مسئول بعينه.. أمير أو أميرة أو محافظ، بينما يشغلنى كثيرا ألا يكترث الرجل بسلوك دولة يعيش على أرضها منذ سنوات طوال سلوك بدأ بالكثير من الريبة تجاه الوطن الأم للشيخ – مصر – ومر بلعب الكثير من الأدوار المريبة أيضا تجاه قضايا عربية مهمة فى فلسطين، والصومال، والسودان، وحتى دول الخليج وانتهى مؤخرا بالمزيد من الشكوك والريبة تجاه الشيخ نفسه.. بعد أزمة الصحفيين المصريين بموقع إسلام أون لاين. مازال مطلوبا من الشيخ يوسف القرضاوى تفسيرا لكل شىء، ليس فقط صمته الأخير تجاه إقالته من جمعية البلاغ الثقافية المسئولة عن الموقع ومسئوليته الأدبية المباشرة عن أزمة 340 صحفيا وفنيا مصريا بالموقع وليكف كل من يحاولون إرهاب أفكارى الطائرة المحرضة على التفكير وليتركوا الأسئلة تصل للشيخ ويتجاهلها.. أو تصل لغيره.. فمحاولات الإرهاب عبر تشتيت ذهن من يفكر واستدراجه لنفق الاتهام بمهاجمة قيمة دينية أو الاتهام بالجهل فقط لأنه لا يلتزم بظاهر الدين اللحية والجلباب والحجاب أو الهجوم على كل ذى عقل فقط للهجوم والبعد كل البعد عن مناقشة ما طرحه من أفكار هى محاولات قصيرة النفس هشة قد تبدو عالية الصوت كثيرة العدد، لكننى أدرك جيدا أنها ليست كذلك فهى، محاولات تعتمد على نظرية "صدى الصوت" فى أماكن الفراغ وليس أفضل من تلك الحقبة كفراغ لكل أصداء الأصوات الضعيفة.. لم تدركها ميزة الصبر على تعلم القرار والجواب فى الموسيقى الشرقية! تلك حيلة قديمة لضحلى العقول ضحلى القدرة على التواصل بالفكر يحل السباب فى قاموسهم محل إعمال العقل وهؤلاء لا يستدرجوننى للخوف أو الصمت، على الإطلاق بل العكس إلى التشبث بالتفكير وإعادة الطرح مرة ومرات فطول النفس هو أهم صفات عاشقى التفكير، ومازال لدى بعض الأمل فى أن يدرك الشيخ قرضاوى، أن تلك لحظة فاصلة لا يكال فيها الكلام بالفضة ولا يوزن فيها الصمت بالذهب، تلك لحظة تقاس فيها المواقف بالماس! كاتبة صحفية بالأهرام