سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
حكم تاريخى للقضاء الإدارى.. استبعاد مرشحين من الانتخابات بالبحيرة لتعديهما على المال العام.. الحيثيات: الدستور رفع مجلس النواب "مكانًا عليًا".. وسوء السمعة لا يقوم على مظنة الإدانة بل غلبة اليقين
سطرت محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية دائرة البحيرة، برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية المستشارين محمد حراز وخالد شحاتة ووائل المغاورى نواب رئيس مجلس الدولة، حكمًا تاريخيًا بأحرف من نور سيظل ساطعًا عن ضرورة اشتراط شرط حسن السمعة إلى المرشح لمجلس النواب لعام 2015. وقضت المحكمة فى حكمها الأول، بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه الصادر من لجنة انتخابات مجلس النواب عن عام 2015، بإدراج اسم المطعون عليه السادس "صبرى محمد إسماعيل" وشهرته صابر بلال دائرة إدكو فردى ومقرها مركز إدكو بمحافظة البحيرة، وما يترتب على ذلك من آثار أخصها إلزام تلك اللجنة بحذف اسم المرشح المذكور من كشوف أسماء المرشحين بتلك الانتخابات، لفقدانه أحد الشروط الجوهرية المكملة دستوريًا وقانونيًا فى وجوب اشتراط حسن السمعة للمرشحين لمجلس النواب، وذلك كله على النحو المبين بالأسباب، وأمرت بتنفيذ الحكم بموجب مسودته وبغير إعلان. كما قضت المحكمة فى حكمها الثانى بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه الصادر من لجنة انتخابات مجلس النواب عن عام 2015، بإدراج اسم المطعون عليه الرابع "إبراهيم عبد الفتاح إبراهيم عجلان" عن الدائرة (6) فردى، ومقرها مركز رشيد بمحافظة البحيرة، وما يترتب على ذلك من آثار أخصها إلزام تلك اللجنة بحذف اسم المرشح المذكور من كشوف أسماء المرشحين بتلك الانتخابات، لفقدانه أحد الشروط الجوهرية المكملة دستوريًا وقانونيًا فى وجوب اشتراط حسن السمعة للمرشحين لمجلس النواب، وألزمت الجهة الإدارية مصروفات الشق العاجل، وأمرت بتنفيذ الحكم بموجب مسودته وبغير إعلان. وقالت المحكمة، إن نصوص القانون رقم 46 لسنة 2014 بإصدار قانون مجلس النواب، لم تشترط حسن السمعة ضمن الشروط اللازمة للترشيح إلا أن هذا الشرط بات من الأصول العامة فى التوظف وتقلد المناصب النيابية أو التنفيذية، الذى لا يحتاج إلى نص خاص يقرره، وهذا الشرط يتعلق بالسلوك الشخصى للمرشح، ويقصد به ألا يكون المرشح قد اشتهرت عنه السمعة السوء أو التردى فيما يشين ضمنًا بكرامة السلطة التشريعية وهيبتها. وأضافت المحكمة: "يكفى للدلالة واليقين على التأكيد من أن عدم إدراج المشرع المصرى لشرط حسن السمعة، فى إطار الشروط الواجب توافرها فيمن يترشح لمجلس النواب لا يعنى أن حسن السمعة لا يعتبر شرطًا من الشروط التى يتعين توافرها فى المترشح، ودليل ذلك أن المشرع الدستورى ذاته فى الدستور المعدل لعام 2014 نص فى المادة 110 المشار إليها على أنه " لا يجوز إسقاط عضوية أحد الأعضاء إلا إذا فقد الثقة والاعتبار"، وهو ما رددته المادة الثامنة فى بندها السادس من القانون رقم 46 لسنة 2014 بإصدار قانون مجلس النواب، ولا ريب أن فقد الثقة والاعتبار لا تتأتى إلا أذا حدث أمر يشين سمعة العضو، ويسيئ إلى سلوكه أثناء مدة نيابته فى المجلس، وذلك مفاده أن هذا العضو كان متمتعًا بحسن السمعة قبل ترشحه وفوزه فى الانتخابات التى أسفرت عن عضويته، فإذا ما ساءت سمعته فقد الثقة والاعتبار، فشرط حسن السمعة على هذا النحو ليس شرط ابتداء فحسب بل شرط بقاء كذلك، ومن ناحية أخرى فإن شرط حسن السمعة اشترطه المشرع لأعضاء السلطتين القضائية والتنفيذية، ومن ثم فلا يعقل أو يقبل إهمال هذا الشرط بالنسبة للسلطة التشريعية ومن ينتمى إليها ابتداء، وهى السلطة الأولى والأواجب فى مراعاة شرط حسن السمعة لمن ينتمى إليها، فهى التى تصدر التشريعات التى تنفذها السلطة التنفيذية وتطبقها السلطة القضائية، ومن ثمَّ فإن هاتين السلطتين الأخيرتين يقوم عملهما تنفيذًا وتطبيقًا على ما تقوم به الأولى من سن التشريعات، فوجب أن يتحقق بمن سوف يلتحق بها ويصبح عضوًا شرط حسن السمعة. وذكرت المحكمة أن المشرع الدستورى قد رفع مجلس النواب – فى ظل الدستور المعدل لعام 2014 - مكانًا عليًا وأناط به مهام خطيرة ومسئوليات عظيمة، فهو يمثل السلطة التشريعية فى البلاد ويقوم على أمر التشريع، وكذلك فقد عهد إليه الدستور بإقرار السياسة العامة للدولة والخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والموازنة العامة للدولة والرقابة على أعمال السلطة التنفيذية، وسحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء أو أحد نوابه أو أحد الوزراء أو نوابهم، بل أناط الدستور بناءً على طلب موقع من أغلبية أعضاء مجلس النواب على الأقل اتهام رئيس الجمهورية ذاته، بانتهاك أحكام الدستور أو بالخيانة العظمى أو أية جناية أخرى، ويصدر قرار الاتهام بأغلبية ثلثى أعضاء المجلس، وبعد تحقيق يجريه معه النائب العام وبمجرد صدور هذا القرار يوقف رئيس الجمهورية عن عمله. وأوضحت أن ذلك يعتبر ذلك مانعًا مؤقتًا يحول دون مباشرته لاختصاصاته حتى صدور الحكم فى الدعوى، ونظرًا لعظم هذه المهام وشدة تأثير مجلس النواب فى الحياة العامة لما يجريه من سن التشريعات ومباشرة الرقابة السياسية على النحو المتقدم، ومن ثمَّ وجب أن يتمتع عضو مجلس النواب بحسن السمعة حتى يكون أهلاً للمشاركة فى أعمال المجلس من اقتراح ومناقشة التشريعات ومعالجة المشاكل التى تعرض على المجلس ومباشرة أعمال الرقابة السياسية على أعمال الحكومة، فضلاً عن المشاركة فى مناقشة وإقرار المعاهدات والاتفاقيات الدولية التى يختص المجلس بالنظر فيها، والحد الأدنى لهذه المناقشة أن يكون حسن السمعة ابتداء وبقاء، فإن كان المرشح لا يتمتع بها افتقد هذا الشرط ويكون فاقدًا لأحد الشروط الواجبة بالضرورة فى المرشح لعضوية مجلس النواب. وفجرت المحكمة مفاجأة من العيار الثقيل عن دور المحاكم الدستورية، فى البلاد العربية عن شرط حسن السمعة فى المجالس النيابية، بقولها إن المحاكم الدستورية العليا فى البلاد العربية انتهت كذلك إلى ضرورة وجوب أن يكون المترشح لمجلس الأمة شرط حسن السمعة، وهو شرط لا يحتاج إلى نص خاص يقرره ذلك أن الحق فى الترشيح يقوم على أصل التقيد بحسبانه ينظم شئون ولاية عامة، هذه الولاية بما تنطوى عليه من تكليف تتطلب فيمن يقوم عليها صفات يتعين التحقق من توافرها طالما لم تتصادم مع المبادئ العامة والأصول الحاكمة، وهو شرط يتعلق بالسلوك الشخصى للمرشح ويقصد به ألا يكون قد اشتهرت عنه السمعة السوء أو التردى فيما يشين، صونًا لكرامة السلطة التشريعية وحفظًا لهيبتها وضمانا لتمثيل الامة فى مجلسها النيابى بتخير من ينوب عنها ويمثلها أحسن تمثيل، إذ يجب أن يكون هذا الشخص، حتى يكون أهلاً لتمثيل الأمة، محاطًا بسياج من السمعة الحسنة وبعيدًا عن مواطن السوء والشبهات وجُبل على احترام القانون والزود عنه، وأن هذا الشرط مستقل بذاته عن الشرط الوارد بقانون الانتخاب، فلا يلزم لسوء السمعة صدور أحكام فى جرائم مخلة بالشرف أو بالأمانة ضد المرشح. واستطردت المحكمة فى حكمها الهام، أنه إذا كان هذا الاستقرار قائمًا لدى المحاكم الدستورية العليا فى كثير من البلاد العربية فى اشتراط حسن السمعة للمجالس النيابية، فالأولى به الاتباع فى مصر دون أن تتسلب أو تنزوى، وهى الدولة التى صدرت علم القانون لتلك البلاد عن طريق خيرة خبرة مستشاريها وقضاتها الوطنيين الذين عملوا بتلك البلاد، وصدرت من قبل قيم العدالة والحق لفجر الإنسانية منذ آلاف السنين، حينما كانت الدنيا تحبو فى مجال العلم القانونى وكانت مصر السماء التى تستظل بها الشعوب القديمة عدلا وقيما وضميرا. واختتمت المحكمة حكمها الأول، قائلة: "إن المطعون عليه السادس صبرى محمد أسماعيل وشهرته صابر بلال، تقدم بطلب ترشيح نفسه فى انتخابات مجلس النواب لعام 2015 عن دائرة ادكو فردى بمحافظة البحيرة، ثم صدر القرار المطعون فيه من لجنة الانتخابات بمحافظة البحيرة، متضمنًا إدراج اسمه فى كشوف المرشحين فى انتخابات تلك الدائرة، وذلك على الرغم من أن البادى من ظاهر الأوراق أنه قد أدين فى الجنحة رقم 3012 لسنة 2014 جنح ادكو بجلسة 14 / 6 / 2014 غيابيا بالحبس سنة مع الشغل وكفالة ألف جنيه والمصاريف عن تهمة تبديد منقولات محجوز عليها إداريا لصالح الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية، استيفاء لدين عليه لصالح تلك الهيئة مقداره خمسمائة وستين ألف جنيه". وتابعت: "كما أدين فى الجنحة رقم 2046 لسنة 2013 بجلسة 8/6/2013 عن تهمة تبديد منقولات محجوز عليها إداريا تحت يده لصالح الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية استيفاء لدين مقداره خمسمائة وتسعة وثلاثين ألف جنيه، وقضى فيها غيابيًا بحبسه ثلاث سنوات مع الشغل وكفالة خمسين ألف جنيه، فضلاً عن صدور الحكم ضده بجلسة 1/12/2014 فى القضية رقم 5284 لسنة 2014 جنح مستأنف رشيد المقيدة برقم 8225 لسنة 2010 جنح ادكو بعد قبول الاستئناف فى الحكم الصادر ضده بحبسه ستة أشهر مع الشغل، وكفالة 200 جنيه، فضلاً عن الحكم الصادر ضده بجلسة 1/12/2014 فى القضية رقم 5287 لسنة 2014 جنح مستأنف رشيد، والمقيدة برقم 3491 لسنة 2009 جنح ادكو بسقوط الحق فى الاستئناف فى الحكم الصادر ضده بحبسه سنتين مع الشغل وكفالة ألف جنيه، ولا ريب أن جملة تلك الأحكام تؤدى فى يقين إلى افتقاده شرط حسن السمعة، وتشكل إخلالاً بحسن سيرته، لا سيما وأن معظمها يتعلق بجرائم الاعتداء على المال العام، وهو ما يجب أن تبرأ منه ساحة من يترشح لعضوية مجلس النواب الموقر، مما يستدل من مجملها ومضمونها أنها تخل بالثقة فيه وتفقده الهيبة والاحترام وتجعله غير أهل لتمثيل الأمة فى مجلس النواب، ويكون القرار المطعون فيه الصادر من لجنة انتخابات مجلس النواب بمحافظة البحيرة بإدراج اسمه فى كشوف أسماء المرشحين لمجلس النواب فردى عن دائرة ادكو، ومقرها مركز ادكو بمحافظة البحيرة – وبحسب الظاهر من الأوراق – مخالفًا لحكم الدستور والقانون مخالفة جسيمة". فيما اختتمت المحكمة حكمها الثانى: "المطعون عليه الرابع إبراهيم عبد الفتاح إبراهيم عجلان، تقدم بطلب ترشيح نفسه فى انتخابات مجلس النواب لعام 2015 عن الدائرة (6) فردى مركز رشيد بمحافظة البحيرة، ثم صدر القرار المطعون فيه من لجنة الانتخابات بمحافظة البحيرة متضمنًا إدراج اسمه فى كشوف المرشحين فى انتخابات تلك الدائرة، وذلك على الرغم من أن البادى من ظاهر الأوراق أنه قد أدين وآخرون فى الجناية رقم 390 لسنة 1997 جنايات الأزبكية المقيدة برقم 1 لسنة 1997 كلى شمال القاهرة بالأشغال الشاقة لمدة اثنى عشر عامًا عن تهمة الإضرار بالمال العام والتربح والاستيلاء على ملبغ 457 مليون وثلاثمائة وواحد وسبعين ألف جنيه - والمعروفة بقضية نواب القروض - إلا أنه نظرًا لقيام المدعى بسداد المبالغ التى حصل عليها من بنك الدقهلية التجارى، ورده تلك المبالغ قضت محكمة النقض بوقف تنفيذ العقوبة نهائيًا إعمالاً لحكم المادة 133 من قانون البنك المركزى رقم 88 لسنة 2003 المعدل بالقانون رقم 162 لسنة 2004، والتى أوجبت انقضاء الدعوى الجنائية على الواقعة محال التصالح ووقف تنفيذ العقوبات المحكوم بها. وأوضحت، أنه لا ريب أن ما قضى به الحكم الجنائى من وقف تنفيذ العقوبة لا ينفى الفعل الذى ارتكبه المدعى عن وصف الجريمة، وهى الإضرار بالمال العام والتربح ذلك أن التصالح ووقف تنفيذ العقوبة ليس سببا من أسباب الإباحة، مما يؤدى فى يقين إلى افتقاده شرط حسن السمعة وتشكل إخلالاً بحسن سيرته، سيما وأن ما ارتكبه المدعى حال كونه نائبا بالبرلمان يتعلق بجرائم الاعتداء على المال العام، وهو ما يجب أن تبرأ منه ساحة من يترشح لعضوية مجلس النواب الموقر، مما يخل بالثقة فيه ويفقده الهيبة والاحترام ويجعله غير أهل لتمثيل الأمة فى مجلس النواب، ويكون القرار المطعون فيه الصادر من لجنة انتخابات مجلس النواب بمحافظة البحيرة بإدراج اسمه فى كشوف أسماء المرشحين لمجلس النواب فردى عن الدائرة (6) مركز رشيد بمحافظة البحيرة – وبحسب الظاهر من الأوراق – مخالفًا لحكم الدستور والقانون مخالفة جسيمة".