ارفعوا أيديكم

إلى ما تعرف بالقوى الوطنية، السياسيين، أصحاب الأقلام الملتهبة، والبيانات النارية، والخطب الطنانة.. ارفعوا أيديكم عن مصر. وكفوا عن الطنطنة، فجميع الخطوط مقطوعة وخطابكم خارج نطاق التاريخ والواقع، ونشاطويتكم المفتعلة خارج نطاق الخدمة.
ارفعوا أيديكم عن مصر لأن بها شعباً يعرف ما يريد على وجه الدقة، وهو يتحرك أينما يريد وكيفما يشاء. ارفعوا أيديكم لأنكم لا تمثلون إضافة تذكر، لا على مستوى الوعى ولا التنظيم ولا أنتم قيادة يمكن الاعتراف بها.
ارفعوا أيديكم أحزاباً وجماعات شرعية وغير شرعية، محظورة وغير محظورة، فأنتم باختصار لا فائدة منكم. ارفعوا أيديكم لأن هبة شعبية واحدة من المطحونين الحقيقيين قد سرقت منكم الكاميرات التى تعشقون التمطع خلفها بجملكم الممطوطة وتلك المسحة من البطولة الزائفة على وجوهكم التى كدها السهر والثرثرة وغيوم الدخان.
ارفعوا أيديكم لأنكم بينما تتغرغرون بشعارات مدفوعة الأجر تمجد الرغيف على الفضائيات، يستنشق المطحونون فى المحلة قنابل الغاز ودخان الحرائق. ولأنه عندما قررتم فض مولد سيدى الإضراب العام الذى دغدغ أحلامكم المحبطة وهدهد ذواتكم المتضخمة كان أطفال المحلة لا يزالون ينازلون متاريس ومصفحات الأمن المركزى ورصاصه، معلنين أنهم لا يتحركون وفقاً لتنظيراتكم المنمقة. ارفعوها لأنكم كالعادة مازلتم تملأون الدنيا صخباً باحثين عن الشعب الذى تصفونه بالسلبى والنائم وغير الواعى، بينما إذا تحرك هذا الشعب باغتكم وطير النوم من عيونكم من أثر الدهشة. ارفعوها لأنهم ليسوا بحاجة إليكم، ليسوا بحاجة لمن يعلمهم معنى الجوع والفقر الذى لا تعرفونه إلا على سبيل الرفاهية، وليسوا بحاجة لمن يشير لهم إلى أعدائهم الذين يعرفونهم جيداً، بينما يختلط الأمر عليكم أحياناً فتعجزون عن التمييز، وليسوا بحاجة لمن يرسم لهم جنان فى الخيال لأنهم يعيشون على الأرض التى لا تمسها أقدامكم الطاهرة.
إنما أنتم من يحتاج إليهم لتصبح لحياتكم معنى، ويصبح لجعجعتكم ثمن. ارفعوها وواصلوا الصراخ خلف الجدران المغلقة وفى الميادين العامة حتى يبقى لكم وجود. ارفعوها وواصلوا العيش فى كذبتكم البيضاء التى لا تضر أحداً كما لا تفيد. ارفعوها وواصلوا لعب دوركم ببراعة كجزء من المشهد العلوى، وواصلوا ارتداء أقنعتكم الثورية وتمسكوا بسيوفكم الخشبية ليستمر مسلسل (سلطة – معارضة) فى البث. ارفعوا أيديكم أولا ترفعوها فستبقى دائماً بيضاء من غير سوء.