كلها تبدأ بنقطة وتنتهى بأول السطر.. نعم تلك النقطة هى بداية الطريق الذى نسلكه فى حياتنا وذلك السطر الذى نحاول بقدر الإمكان إن نبتعد عنه. هو نهاية الهدف سواء بالفشل أو النجاح وبداية حياة مع هدف جديد. ولعل الأمثلة كثيرة جدا، وأعتقد أنك لو جلست مع نفسك ستجد نقاطًا قليلة وسطورًا أكثر ربما أجبرت على كتابتها أو ربما دخلتها بمحض إرادتك كى تتخلص مما فات. أو كى تسرد صفحة ناصعة البياض، تشكلها وتلونها أنت كما تريد وليس كما يريد غيرك، ولعلى لو تطرقت قليلا إلى أمثلة حياتية، بدأت بنقطة وانتهت بأول السطر. سنجد أن ثورة الخامس والعشرين من يناير بدأت بنقطة كفاح من شباب عظيم ضحى بحياته من أجل أن تشرق شمس الحرية على هذا الوطن بعدما كنا فى حالة غروب دائم لا نرى النور إلا قليلا، ولكنها بدأت من أول السطر من جديد ربما بعض المنتفعين وربما بعض المنافقين.. ضلوا بيننا الطريق إلى حيث لا ندرى.. ولكن هذا الشعب الأبى العظيم بدأ من أول السطر وعلى استعداد أن يبدأ سطور أخرى. تعالوا بنا نتنحى جانبا عن المشاكل الحياتية العامة وندخل فى نفق المشاكل الحياتية الخاصة وسنجد أن الكثيرين منا بدأوا حياتهم من أول السطر حينما واجهتهم عقبات الحياة المريرة حينما وجدوا أنفسهم فى معترك الساحات الرومانية التى لا تعترف إلا بالدماء تعالوا ننظر إلى شباب مصر والذى ترنح بين الواقع والخيال بين اليقين والشك. أقولها وبكل صدق إن الشباب لم يجدوا من يرشدهم إلى طريق الصواب ولعل الكثيرين منهم ضلوا طريقهم ولعل البعض الآخر أوشك أن ينتهى لديه رصيد التحمل والقوة، والسؤال هنا أطرحه وبكل ثقة... لماذا تصرون على أن يبدأ الشاب طريقه من أول السطر وتدمرون أى نقطة يحاول الثبات عليها؟ ربما الغيرة ربما الخوف من فقدان المنصب ربما نظرية "الأنا" ولكننى لن أدخل بكم فى نفق اليأس وأقولها لكم وبكل صدق سنبدأ من أول السطر وسنقف عند النقطة التى تنهض بكل شاب مصرى تحطمت أحلامه، ولعل البدء من بداية السطر ليس بالوضع السىء وإنما فى أحيان كثيرة جدا هو بداية لصفحة جديدة مع بعض الأشخاص ومع الحياة بصفة عامة كتحقيق هدف جديد أو السعى نحو تكوين علاقات أفضل مما كان عليه الوضع سابقا. نعم ليست كل بداية سيدى القارئ تكون بداية تعيسة ولكن التعاسة تأتى من الوقوف على النقطة فقط دون تطوير للأهداف والطموحات. ولذلك عندما أجد شخصا ما كان فى علاقة حب، فربما كانت تلك العلاقة بالنسبة له هى النقطة إلى سيعلو بها إلى آفاق عديدة وفجأة تختفى تلك النقطة. هل معنى ذلك انتهاء الحياة. على العكس هى بداية حياة جديدة تعلمت فيها من أخطاء الماضى وتستعد لدخولها وأنت فى قمة تركيزك ومعنوياتك كى تثبت لنفسك وربما للآخرين أنك بهم أو من غيرهم تستطيع النهوض والتفوق واستكمال الحياة، ولكننى هنا بصدد ركيزة هامة جدا أرجو سيدى القارئ أن تعيها جيدا.. وهى الحالة المعنوية للشخص عندما يفقد نقطة الوصول وينتهى به المطاف إلى نقطة البداية من جديد. تلك الحالة هى التى تفقد الكثيرين منا بعضا من آمالهم وطموحاتهم فى الحياة لأننا كأشخاص سواء أكنا فى بادئ العمر أو نهايته نحزن لذلك وربما الفاجعة أن فقدان تلك النقطة قد تأتى من المقربين أو على الأقل من أصحاب الثقة لديك. كى لا أجد قارئا ما يظن أننى مرتبط ارتباطا كليا بالعاطفة والحب والعشق ويقول لى.. أليست بالحياة نقاط وسطور غير الحب ومعاملة الناس؟... أرد عليكم وأنا فى غاية الشجاعة والإصرار وبعد تجربة ما أعطتنى ولو جزءا من الخبرة.. البعض منا يواجه صعوبات شديدة فى تحقيق آماله فى عمله وفجأة ربما يصعد لعنان السماء ويتحسس النجوم ولكنه قد يهوى إلى باطن الأرض فجأة ربما لإهماله أو تعرضه للمؤامرة من أصحاب النفوس الخبيثة التى لا تريد الخير للناس وهنا يظهر السطر من جديد لتسرد صفحة جديدة، وربما نجد شخصا جبارا مستكبرا سعى فى الأرض فسادا وتخريبا وظلم جيلا بأكمله وقضى على طموحات أمة انتهت به النقطة بالهلاك وبدأ سطرا جديدا ربما يعود إلى الصواب وربما يسرد صفحة شديدة السواد من جديد وتلك حكمة إلهية ممثلة فى الواقع البشرى. يقول الله تعالى: "إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ ۚ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ...". تعالى معى سيدى القارئ نمتطى جواد الحياة ونجرى به بعيدا عن اليأس، نجرى به بعيدا عن أصحاب النفوس السيئة، نجرى بعيدا ونستنشق الهواء الطلق النظيف الخالى من الخداع والكراهية والنميمة، فما أجمل أن يدفعك الهواء البارد وأن تمتطى الجواد، كى نصل إلى مكان ما، نجلس فيه سويا بعيدا عن المصالح الشخصية والمجاملات والعواطف الخادعة والضحكات الصفراء نتدبر معا أمور حياتنا وننظر إليها من جديد بنظرة صافية مستقيمة.. ولكن لا تثق كثيرا فربما أخذنا بالفعل راحة المحاربين ولكننا سنعود مرة أخرى لمواجهة هؤلاء الأشخاص من جديد ولكن الآن اختلفت الموازين وتبدلت العقول.