سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
«اليوم السابع» داخل وحدة الترامادول بالعباسية.. والخاضعون للعلاج: نحصل على الأنواع المغشوشة من الصيدليات والأوكار.. دراسة للطب الشرعى: 3 أنواع من الترامادول منتشرة فى الأسواق تحتوى على مواد خطرة
نقلا عن العدد اليومى : لافتة مدون عليها «يوجد فياجرا ولوازم أخرى»، على باب إحدى الصيدليات بمحافظة السويس، كانت إشارة كافية ليفهم الزبون، ما هى طبيعة تلك اللوازم، على الأقل لن يجد مشكلة فى التعامل مع الصيدلى، حتى وإن كان طلب الزبون مدرجا فى جدول المواد المخدرة، ويتراوح سعر شريط الترامادول من 20 ل50 جنيهاً ويخضع لقانون «العرض والطلب» أو «اللى ممعاهوش ما يلزموش». مجموعة من الرجال يجلسون فى حلقة صغيرة بمستشفى العباسية للأمراض النفسية والعصبية يستعدون للاحتفال بتخرج أحد زملائهم واجتيازه برنامج علاج إدمان الترامادول بجدارة. المشهدان السابقان يعبران باختصار عن المسافة ما بين البداية والنهاية فى رحلة إدمان الترامادول، التى تبدأ غالباً من مرحلة التجربة، وصولاً إلى مرحلة الندم والبحث عن العلاج أو رقم واسم مسجلين فى شهادة وفاة. خطورة انتشار الترامادول، ليست مقصورة فقط على ارتفاع نسبة تعاطيه، وإنما ارتفاع نسبة المغشوش منه، سواء كان مهرباً من خارج البلاد أو مصنعا داخلياً، فيما يطلق عليها مصانع «بير السلم». فى رحلة البحث التى قامت بها «اليوم السابع» لرصد هذا الخطر الداهم، كشفت دراسة تحليلية، أجرتها مصلحة الطب الشرعى على ثلاثة أنواع من الترامادول الوارد من خارج مصر «الصينى»، وضمت تلك الأنواع: «ترامادول إكس 225»، و«تامول إكس بيضاء»، و«تى دول 225». ووفقاً لأحدث الدراسات التى أعدها صندوق مكافحة الإدمان، عن نسب تعاطى المواد المخدرة، جاء التعاطى المتعدد «الذين يتعاطون أكثر من نوع» فى المرتبة الأولى بنسبة 68. 41%، فيما حل الترامادول فى المرتبة الثانية من التعاطى بنسبة «34.15%»، وأرجع الصندوق ذلك إلى تعدد مصادر الحصول عليه، ورخص ثمنه وارتباطه بالعديد من المفاهيم الخاطئة خاصة لدى فئات الحرفيين والسائقين، ثم جاء مخدر الهيروين بنسبة «13.71%» على الرغم من خطورته الجسيمة والمدمرة، وجاء مخدر الحشيش بنسبة «7.07%» إلى هنا انتهت نتائج الدارسة، التى أوضحت نسبة تعاطى الترامادول، لنأتى إلى الجزء المهم، ما هى استخدامات الترامادول بأنواعه المختلفة؟ البعض يتعاطى الترامادول، لكونه «مُنبها» يساعد على إنجاز الأعمال الشاقة أو التى يضطر أصحابها للسهر لفترات طويلة، وبالبعض الآخر يستخدمه كمشط جنسى رخيص الثمن، دون الاهتمام بخطورة التناول العشوائى له، وهو ما دفع مجلس علماء مصر للإعلان عن تبنيه مبادرة لوقف انتشار الترامادول، والذى يسبب إصابة بأمراض الصرع، كما أن قسم الإدمان بمستشفى العباسية خصص وحدة جديدة لعلاج مدمنى الترامادول بسبب انتشاره الكبير بين الشباب. وبعيداً عن الأسباب العامة للتعاطى والإدمان، هناك أسباب خاصة رصدتها «اليوم السابع»، من داخل وحدة علاج مدمنى الترامادول، بقسم العلاج من الإدمان بمستشفى العباسية. «م. أ» أدمنته لثلاث سنوات وتسبب فى إصابتى بالصرع «م. أ» شاب عشرينى بدأ تعاطى الترامادول منذ ثلاث سنوات تقريباً، وكان سبب إقباله عليه هو الضغط الذى واجهه فى العمل، والذى تطلب وجوده به ساعات طويلة، هذا الشاب كما يروى أنه كان يعمل فى إحدى القرى السياحية بمحافظة السويس كمساعد شيف، وكان يتطلب العمل وجوده لساعات طويلة، إضافة إلى ما كان يعانيه من ضغط عصبى وحالة من الاكتئاب، مشيراً إلى أن البداية لم تكن الترامادول وإنما جرب أنواعا مختلفة، واستقر فيما بعد «التراما جاك» وكان يباع الشريط بعشرة جنيهات والواحدة بحوالى جنيه ونصف. بحسب رواية «م. أ» أنه لم يجد صعوبة فى الحصول على الترامادول الذى كان يشتريه من الأوكار المعروفة فى السويس، ثم انتقل بعد ذلك لشرائه من الصيدليات، مؤكداً أنه فى إحدى المرات شاهد لافتة على إحدى صيدليات السويس مكتوبا عليها يوجد «فياجرا ولوزام أخرى»، لذلك عندما دخل الصيدلية لم يجد مشكلة فى أن يطلب الحصول على الترامادول بشكل مباشر، واستمر «م. أ» على هذا المنوال حتى أصيب بمرض «الصرع والكهرباء الزائدة»، ما استدعى دخوله مستشفى العباسية للعلاج من الإدمان، التى قضى به حوالى 3 أشهر تردد خلالها على أقسام الانسحاب والتأهيل النفسى السابق للعلاج. تابع «م. أ» قائلاً: تعلمت فى وحدة التأهيل النفسى، كيفية الاستفادة من مميزاتى التى لم أكن أعلم عنها شيئا والالتزام بالأولويات التى تعلمتها مثل الانتظام فى الصلاة، واتباع الأساليب الجيدة فى التعامل والرجوع إلى الشخص الذى كنت عليه قبل إدمان الترامادول. «أ. ع» تعاطى الترامادول عشر سنوات متواصلة «أنا خايف أخرج وأرجع لإخواتى يخلونى آخد الترامادول تانى، أنا خايف من الشارع».. بهذه الكلمات لخص «أ. ع» قصته مع إدمان الترامادول التى بدأت منذ وجوده فى المدرسة الثانوية، وانتهت بحجزه داخل مستشفى العباسية للعلاج بعدما طلب من أخته الكبرى إنقاذه. عشر سنوات متواصلة لم ينقطع فيها «أ. ع» عن تعاطى الترامادول، خسر خلالها عمله وزواجه وأسرته، ودخل السجن بسبب تعاطيه المخدرات أثناء فترة تجنيده، مما أصاب والدته بصدمة توفيت على أثرها، على حد قوله. يقول: بدأت إصابتى بالإدمان منذ عشر سنوات تقريباً، أدمنت فيها تعاطى الترامادول من خلال زملائى بالمدرسة، وكنت أشترى الترامادول من إحدى الصيدليات المجاورة بالمنطقة التى أسكن بها. ويضيف: «تغير شكل الترامادول، عما كنت أتناوله من عشر سنوات، ولكن سعره لم يختلف كثيراً»، مؤكداً أنه حاول أكثر من مرة الابتعاد عن الترامادول والإدمان ولكن أشقاءه حرضوه على تعاطيه، مما تسبب فى رجوعه إليه مرة أخرى، على حد قوله. ويؤكد «أ. ع»، بصوت اختلط بالبكاء، إنه يتمنى لو ابتعد عن إدمان الترامادول، الذى تسبب له فى خسائر كبيرة، مشيراً إلى أنه حاول من قبل ودخل المستشفى، ولكنه خرج قبل أن يكمل العلاج، ولكنه عاد مرة أخرى أملاً فى العلاج من الإدمان. منشط جنسى الأمر لا يقتصر على مدمنى الترامادول ممن اختاورا بإرادتهم التخلص من الإدمان، وقرروا بدء برنامج العلاج فى الوحدة الخاصة بمستشفى العباسية، فخارج هذا النطاق تجد عددا كبيرا من الأشخاص يقبلون على تناول الترامادول كمنشط جنسى، لأنهم على اقتناع تام بأنه يساعدهم فى علاقتهم الزوجية، معتبرين أن تناوله لن يؤثر فيهم بشكل سلبى إطلاقا. «ص. م» 45 عاماً، أكد أنه لجأ إلى الترامادول كمنشط جنسى بعد أن جرب معظم المنشطات، التى نصحه بها أصدقاؤه، كما يقول، فهو لا يعتمد فى تناولها على استشارة طبيب، أو أى مختص وإنما يجرب كل ما يتاح له لتحسين علاقته الزوجية، بدأ فى تناول المنشطات منذ حوالى خمس سنوات، والترامادول هو أحد الأنواع التى لجأ إلى تجربتها، واستمر فى تناولها. وبسؤاله، ما إذا كان يتخوف من إصابته بأى أمراض نتيجة التناول العشوائى لها، قال إنه يعتمد حالياً بشكل رئيسى على الترامادول، لأنه يساعده فى إطالة العملية الجنسية، لافتاً إلى أنه يتناوله فقط أيام إجازته، وبالتالى لن يكون له تأثير سلبى قوى عليه. وحالة أخرى فى قائمة متعاطين الترامادول كمنشط جنسى، بطلها «ح. ع» شاب لم يتجاوز 30 عاماً، أكد أنه يتناول المنشطات الجنسية منذ 3 سنوات، ظناً منه أنها تحسن أداءه فى العلاقة الزوجية، وعلى الرغم من قول «ح. ع» أنه من الممكن أن يتوقف عن تناول المنشطات الجنسية فى أى وقت، إلا أنه عاد وأشار إلى أن أداءه فى العلاقة الزوجية لن يكون بنفس الكفاءة، على حسب تعبيره. ترامادول «مضروب» مصلحة الطب الشرعى قامت بإجراء دراسة تحليلية على بعض عينات عشوائية لأقراص مطروحة فى الأسواق معنونة على أنها تحتوى على الترامادول، وأجريت الدراسة على عدة أنواع موجودة بالأسواق واردة من الإدارة العامة لمكافحة المخدرات وهى كالآتى: «ترامادول إكس 225، وتامول إكس بيضاء، وتى دول 225» الدراسة أوضحت، أن حوالى 69% من العينات، تحتوى على الترامادول هيدروكلوريد مع اختلاف التركيزات المدونة على العقار، إما بالزيادة أو النقصان، وأشارت الدراسة أيضاً إلى أن حوالى 31% من العينات تختلف محتوياتها عما هو مدون عليها، فمنها ما لا يحتوى على الترامادول، ومنها ما هو يحتوى على مواد أخرى، ومنها ما هو مخلوط من الترامادول والمواد الأخرى. المواد التى تم التعرف عليها أثناء الدراسة والموجودة داخل العقاقير محل البحث: والتى تستخدم كعلاج للحساسية Chorpheniramine كلورفيزامين، والتى تستخدم فى علاج البرد Paracetamol باراسيتامول، Caffeine كافيين، والتى تعد نوعا من أنواع المهدئات Diazepam والذى يستخدم كمنشط جنسى، ديازيبام Sildenafil سيلدينافيل، وهو أحد أنواع أدوية علاج المعدة. Metronidazole ميترو نيدازول. ولمزيد من الإيضاح التقت «اليوم السابع» بالدكتور محمد مصطفى، أحد العاملين بمصلحة الطب الشرعى، الذى قام بإجراء الدراسة السابقة، حيث أوضح أن مصر يدخلها كميات كبيرة من الترامادول مهرب من شركات الأدوية الصينية والهندية، وأضاف: من المعروف أن تناول الترامادول قد يدخل متعاطيه فى دائرة الإدمان، ولكن الخطورة فى الأنواع المغشوشة منه والمنتشرة حالياً فى الأسواق، فمن المعروف طبياً فى حال خلط نوعين من العقاقير من الممكن أن يثبط أحدهما الثانى أو العكس، ومن الوارد يتفاعل المركبان وتكون درجة الخطورة أكبر مما نتصور، وربما يكون ذلك السبب وراء ظهور حالات الصرع والوفاة نتيجة تعاطى الترامادول.