بين وصفة ب"رمز الاعتدال"، واتهامه بمحاولة إضفاء شرعية دينية على الحكم.. انقسمت الصحافة العالمية فى معالجتها لنبأ وفاة شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوى، الذى رحل أمس عن عمر يناهز 82 عاماً.. وفيما وصفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية قرارات طنطاوى ب"الاستبداد"، اعتبرت صحيفة "الجارديان" البريطانية أن طنطاوى من أكثر الشخصيات الدينية محل الجدل، ملقية الضوء على معاركه فى أزمة النقاب والجدار الفولاذى وغيرها. وقالت نيويورك تايمز، فى تقرير كتبه مراسلها بالقاهرة مايكل سليكمان، إن قرارات طنطاوى الموالية للحكومة، وأساليبه التى تتصف إلى حد ما بالاستبداد واستعداده للتعامل مع الإسرائيليين، جعلت منه شخصية مثيرة منذ أن عينه الرئيس مبارك شيخاً للأزهر عام 1996. ونقلت الصحيفة عن صلاح عيسى رئيس تحرير جريدة القاهرة، قوله إن طنطاوى استطاع "أن يحافظ على طبيعة الأزهر المعتدلة على الرغم من تنامى مد التيار المتشدد بداخله، ورغم قراراته التى طالما اتسمت بالاعتدال فى وقت انتعاش الأصولية، تعرض لانتقاد لاذع من قبل الليبراليين والمحافظين فى مصر، حيث ظهر كما لو أنه يريد إضفاء الشرعية الدينية على الحكومة. وأشارت الصحيفة إلى إدانة الأصوليين لطنطاوى بعد منع طالبات الجامعات من ارتداء النقاب، وتبريره الدينى لقرار بناء جدار عازل على الحدود مع غزة لمنع التهريب عبر الأنفاق، وقال على مبروك، أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة القاهرة، "تستطيع الجزم بأنه كان معتدلاً، ولكن مشكلته كانت تكمن فى كونه مُسيساً وحكومياً للغاية، وأصبح الأزهر تحت قيادته مسيساً". ذكرت نيويورك تايمز، أن الغرب اعتبر طنطاوى رمزاً للاعتدال، خاصة لإدانته أحداث 11 سبتمبر الإرهابية، وانتقاده لختان الإناث المنتشر بصورة كبيرة فى مصر، ومع ذلك اتهم مجدداً بعدم الدفاع كما ينبغى عن المسلمين حول العالم، مثلما امتنع عن انتقاد القرار الفرنسى بمنع النساء من ارتداء غطاء الرأس أو الحجاب فى المدارس، كما نقلت الصحيفة عن سعاد صالح أستاذ قانون الفقه المقارن فى جامعة الأزهر، قولها "كنت أتمنى أن يكون لديه صوت أعلى عندما يتعلق الأمر بالمشاكل التى تواجه المسلمين حول العالم، خاصة الفقراء منهم". من جهتها، اعتبرت صحيفة الجارديان فترة ولاية طنطاوى لمشيخة الأزهر بمثابة محاولة لنشر الاعتدال الإسلامى فى مختلف أنحاء العالم، مشيرة إلى معاركه المتتالية مع المتشددين بسبب انتقاده للنقاب، واعتباره أن حظر فرنسا للحجاب فى مدارسها شأناً يخص الدولة نفسها. وأشارت الجارديان إلى وصفه لأحداث 11 سبتمبر بأنها أعمال إرهابية استهدفت أناساً أبرياء، ورؤيته التى قال فيها إن الدول التى ترعى الإرهابيين يجب أن تعاقب، وتصريحاته فى مؤتمر كوالالمبور عام 2003 التى قال فيها، إن التطرف هو عدو الإسلام، وأدان التفجيرات الانتحارية وصرح للصحفيين، قائلاً إذا كانت هذه التفجيرات ضد النساء والأطفال والعجائز، فإنها ليس مقاومة بل كفر. كما أبرزت الصحيفة الجدل الذى أثاره داخل مصر بمصافحته للرئيس الإسرائيلى شيمون بيريز فى مؤتمر حوار بين الأديان عقد برعاية الأممالمتحدة فى نوفمبر 2008، وقالت إن طنطاوى أثار الدهشة بشكل أكبر عندما قال إنه لم يكن يدرك أن الشخص الذى أقبل عليه لمصافحته هو بيريز، ووصف من قاموا بنشر الصور بأنهم مجموعة من المجانين، ثم زاد طنطاوى الجدل اشتعالاً حين قال: إذا كان هناك مسئولون إسرائيليون يرغبون فى زيارة الأزهر، فإنه سيرحب بهم. وقد تسبب ذلك فى عاصفة من الانتقادات ضده، فقال عنه النائب الإخوانى حمدى حسن، إنه يتصرف كأنه موظف حكومة، يريد أن يرضى النظام، لكنه لا يمثل نفسه بل يمثل الأزهر والمسلمين جميعاً، فحاول طنطاوى بعدها تهدئة العاصفة دون جدوى عندما طالب إسرائيل بوقف ممارساتها الطغيانية بحق الفلسطينيين. وفى عام 2002، تسبب طنطاوى فى حالة من الجدل الشديد عندما جلس بجوار حاخام يهودى فى مؤتمر عقد بالإسكندرية، خاصة أنه عام 1997 التقى مع كبير حاخامات إسرائيل فى الأزهر عام 1997. وألقت الصحيفة الضوء على علاقة طنطاوى ببريطانيا، وأشارت إلى أنه شارك أمير ويلز المنصة فى عام 2008 عندما ألقى خطاباً فى مركز الدراسات الإسلامية بجامعة أكسفورد تحدث خلاله عن قيمة الحوار بين الحضارات.