حين تلقى الزعيم الوطنى محمد فريد خبر وفاة الشيخ على يوسف بداء القلب، كتب يقول: "انهدّ ركن النفاق والذبذبة"، وكتب كلاما عنيفا فى مذكراته ضد "يوسف" صاحب جريدة "المؤيد" وجليس الخديو "عباس حلمى الثانى"، ومما يقوله: "نشأ فقيرا حقيرا فى بلصفورة بصعيد مصر، وتعلم شيئا قليلا بالأزهر، وسار وطنيا خديويا، وكنا كلنا معه، ثم لما أثرى قليلا، وظهر اسمه أخذ يزاحم مصطفى كامل عند الخديو، ويعاكسه بعدم نشر مقالاته التى كان يرسلها من أوروبا على يدى، وأخيرا قررنا إنشاء جريدة وطنية خالصة (اللواء) لنخلص من معاكساته، وظهر العدد الأول فى مارس 1899، والمثير أن مذكرات "فريد" لا تخلو من العنف ضد الكثيرين، إلا أنها فيما يتعلق ب"على يوسف" تطرح السؤال: "لماذا"؟. فى قصة حياة "على يوسف" الذى توفى فى مثل هذا اليوم "25 اكتوبر 1913"، محطات عديدة، فهو من رواد الصحافة المصرية، حيث أسس مجلة الآداب، وكتب محمد فريد فيها بين عامى 1887 و1888 باسم مستعار، ويعترف فى مذكراته، بأنه كتب بتوقيع "م.ف" لأن والده كان ينهاه عن الكتابة فى الصحف والاشتغال فى السياسة، ثم شارك فى إصدار "المؤيد" قبل أن تتحول إلى ملكيته كجريدة وطنية تواجه جريدة "المقطم" لسان حال الاحتلال الإنجليزى، ودعا لإنشاء الجامعة المصرية والهلال الأحمر، وأسس حزب الإصلاح عام 1906، وفى حياته أيضا قصة زواجه الشهيرة من "صفية السادات" التى عقد عليها دون علم والدها، فرفع الوالد قضية أمام المحاكم الشرعية، وحكمت بالتفريق بينهما، لكنه و"صفية" لم يستسلما، وواصلت المحكمة نظرها حتى انتهت بحل يرضى الشيخ السادات بعقد قران جديد. يمكن القول إن علاقة الشيخ على يوسف بالخديو عباس هى التى عكست كل مواقف "الشيخ"، وهى التى أسست للنظرة السياسية له من الآخرين وقتئذ ومن ضمن هؤلاء "الحزب الوطنى" الذى أسسه مصطفى كامل وبعد وفاته "1908" قاده محمد فريد، والمعروف أن "عباس" بدأ حكمه بتبنى خط وطنى مقاوم للاحتلال، وحشد من حوله رجال على نفس خطه، وكان من بينهم مصطفى كامل ومحمد فريد وعلى يوسف وآخرين، غير أن الأحوال تغيرت، حين تغيرت سياسة الخديو إلى المهادنة مع الاحتلال، وفى دراسته "الشيخ على يوسف وجريدة المؤيد" للدكتور سليمان صالح الصادرة عن الهيئة المصرية العامة للكتاب "سلسلة تاريخ المصريين"، يتحدث عن أن "عباس حلمى الثانى" توقف تماما عن مقاومة الاحتلال، وأنه بعد زيارته إلى لندن فى يونيو 1990 ومع الحفاوة التى لقيها صرح بأنه أصبح يفهم الإنجليز أكثر مما مضى"، وأشار إلى احترامه لكرومر "المعتمد البريطانى " فى مصر والتفاهم معه. أحدث هذا الموقف انشقاقا فى الجبهة الملتفة حول الخديو، حيث ابتعد "مصطفى كامل" و"محمد فريد" عنه، لكن على يوسف استمر فى تأييده.