في نفس هذا ا ليوم.. رحل الشيخ علي يوسف، رئيس تحرير جريدة المؤيد، ومؤسس حزب الإصلاح علي المبادئ الدستورية والرجل الذي يقترن اسمه في التاريخ الاجتماعي المصري بقصة الزواج الذي أثار اللغط والضجيج، فالزوجة هي صفية ابنه الشيخ السادات، وهي زيجة مثيرة ذات أبعاد متعددة، نحتاج في أيامنا هذه، بعد أكثر من مائة عام علي وقوعها، أن نتأملها ونفكر في الملابسات المحيطة بها. كان الشيخ علي يوسف من رجال الخديو المقربين، ولم تكن الجريدة والحزب إلا أداتان لتأييد سلطة عباس حلمي الثاني، ونفوذه المهدد بتصاعد الوعي الوطني من ناحية وغطرسة الإنجليز وتحكمهم غير المحدود من ناحية أخري، كان الحزب هامشياً هشًا بلا أنصار، ولم تكن الجريدة ذات تأثير شعبي فعال، وبرحيل الشيخ تبخرت المؤسستان علي الفور، ولكن قصة زواجه من صفية لم تبرح الأذهان. تكمن مأساة الشيخ علي يوسف في انتمائه إلي أسرة شعبية فقيرة، وقد دفعته العلاقة مع الخديو إلي مكانة جديدة، علي صعيدي الثراء والنفوذ، لكن هذا الصعود لم يشفع له عند الشيخ السادات، فأبي أن يكون الجورنالجي زوجا لابنته، والمنطق الذي يحكمه أن العمل في الصحافة ليس محترما أو لائقاً، وقد أيده في ذلك التوجه حكم قضائي يقضي بالتفريق بين الزوجين! انشغل الرأي العام المصري بالقضية وانقسم حولها، وكتب شاعر النيل حافظ إبراهيم قصيدة شهيرة يؤرخ بها للواقعة، وكان مثيراً للدهشة بحق أن ينحاز الخديو عباس إلي الصحفي ذي الأصول الشعبية، بينما يتحفظ الزعيم الوطني مصطفي كامل علي الزواج ويرفضه! ما الذي يحدث بعد أكثر من مائة عام؟! تغير الكثير بطبيعة الحال، وتبدلت القيم والمفاهيم، لكن السلوك الذي تنتهجه بعض الصحف يبدو مسيئا مشيناً، ويلحق بمهنة الصحافة أفدح الأضرار باسم الحرية، الكلمة الجميلة التي ترتكب الجرائم باسمها، نجد من يثيرون القضايا المبتذلة، كأنهم يدافعون عن وجهة نظر الشيخ السادات عن الجورنالجية.