عندما خلق الله الأرض ومن عليها.. خلق الإنسان وكرمه.. وجعل العقيدة قاعدة فكرية يبنى عليها الإنسان أفكاره، ويميّز بها الصواب من الخطأ، وأدب الإنسان بخلق قويم يصعب على المفكرين والأدباء والمهتمين تحليله تحليلا رفيعا نظرا لما يحمله من آداب روحانية سماوية من رب العالمين .. فسلوك الإنسان سلوك فطرى منذ ولادته وحتى مماته، صراع دائم بين الخير والشر، بين النجاح والإخفاق، بين الصواب والخطأ، سلوك يستجيب به الكائن الحى لدافع داخلى، غريزة واستجابة معينة واضحة للعيان. ولعل الاختلاف الهادف عن مفهوم السلوك الإنسانى من باحث لآخر تزامنا مع التطورات التى يشهدها العالم فى مختلف المجالات وتزامنا مع صراع الحضارات وتقارب الثقافات، يزيد من الأهمية البحثية فى مقاومة الغرائز بشكل مفهوم ومدروس، بأسلوب يجعل الإنسان ينظر للحياة بمنظور إيجابى، يجعله يتخلى عن الصور السوداوية ذات الملامح الغليظة التى يرى بها الدنيا، ومن ثم يبدأ رحلة الإبداع والتطوير بكل حماس وتحمل للمسئولية حتى يرى الحياة فى أجمل صورها. وعندما نتحدث عن مواجهة تلك الغرائز التى قد تضر بالإنسان متى استخدمت بشكل سلبى غير موجه، كان من الأمانة العلمية أن نبحث عن الحلول البديلة، وعن نظام للسلوك يُقوًم الفرد، وإيمانا بالنظرية العلمية التى تشير إلى أن الإنسان يستطيع أن يستفيد أكبر قدر من العلم إذا راقب نفسه، فكانت الحاجة فى البحث عن سلوك يمكن أن يجد فيه الإنسان لذة فى مراقبة نفسه، فبرزت أهمية السلوك الرياضى، ذلك السلوك الذى أعتبره طوق نجاة لكثير من البشر فى مختلف الأعمار، فالرياضة مجهود جسدى عظيم ومهارة تمارس بهدف الترفيه والمنافسة والمتعة والتميز وتطوير المهارات، ولعل هذه الميزات الكثيرة تجعل من الرياضة درعا واقيا لكثير من الشباب الذين يبحثون عن كثير من الحلول لمواجهة الاكتئاب والضيق والغضب والفراغ والعدوانية، تلك المميزات الرياضية تجعل منها وساما على صدورنا، لما تحمله من ثقافة إبداعية حقيقية لمواجهة السلبيات المعاصرة، والتى يظن البعض أنها أصبحت واقعا لا يمكن أن يتغير.. فالرياضة هى الحل الذى ننظر إليه دائما فى تفكيرنا بشكل سطحى على الرغم من نظر العظماء له أنه الحل الأقوم، فالرياضة تساعد الإنسان على الإقلاع عن كثير من العادات السلبية التى تسيطر على فكره وعقله، كظاهرة التدخين الذى يقتل أبناءنا فى كل دقيقة أمام أعيننا دون حل ..... فهل ليس من المخجل حقا التعثر مرتين فى الحجر نفسه!! ؟ لقد حان الوقت أن نثق بأن الرياضة هى رائدة العقل والفكر، وصاحبة نظرية السعادة والفرح لدى الجميع دون استثناء، وإذا دعاك عقلك وفكرك للاختلاف معى فيما أطرح، فما سر السعادة التى تنتاب الشعوب عند تفوقها رياضيا!؟، فإذا كان للانتماء دور فى هذا، فالرياضة هى صانعة الانتماء، ولذلك فعندما نهتم بغرز الثقافة الرياضية فى حياتنا، وفى مدارسنا مع أبنائنا سوف تكون لها الأثر المميز على المدى البعيد... فمن الحقائق العلمية التى اكتشفها الباحثون وأيدها العلماء أن الرياضة يمكنها أن تساعد الناس جسديا واجتماعيا وبيولوجيا"، ولابد أن ندرك أن الإنسان كالشمس إذا غربت من جهة تظهر فى جهة أخرى. وعندما نتلمس بفكرنا وقراءتنا عن تاريخ الرياضة، نجد أن هناك بعض الآثار تدل على أن العديد من الرياضات قد تم ممارستها منذ أقدم العصور، مثل الملعب الأولمبى باليونان، (عصور ما قبل التاريخ) وهذا يؤكد أن الرياضة وجدت مع وجود الإنسان، فالرياضة موجودة منذ العصور الأولى وكان لها فضل كبير على البشرية. فحق علينا الآن أن نُثمِن دور الرياضة، وأن نُعطِيَها حقها المأمول من حيث الثقافة والممارسة، وأن نتحمل الكثير والكثير من أجل أن ننهض بجيل جديد يعرف قيمة ومكانة الرياضة.. تلك القيمة التى ستشبع رغباته الإبداعية فى مختلف المجالات بعيدا عن الأمراض والأوهام، دعونا نجعل من الرياضة طائر يقف على كل غصن يُجمِلهُ، ويجعل منه صورة طبيعية نرسم بها ملامح السعادة لوطن يسعى بكامل طاقاته البشرية إلى التعزيز الإيجابى للأفراد ليكون مؤثرا داخليا يبعث فى النفس البشرية الارتياح، ويُسهم فى تحفيز طاقة الإنسان وجهده نحو الهدف بكل رغبة واقتناع.. فهل هناك عقل ناضج لا يريد طوق النجاة؟ !! .