سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
فاروق جويدة ل"الشرق الأوسط": الجيش أنقذ مصر.. مسئولية السيسى أخطر من"عبد الناصر" فى التصدى لتجربة الإخوان الفاشلة.. العراق يحترق وسوريا فى حرب أهلية.. ويؤكد: "المثقفون كتير بس العدد فى الليمون"
قال الشاعر الكبير، فاروق جويدة، إن ما يحدث فى العالم العربى من صراعات وتفكك وحروب أهلية غيرت الصورة تماما ووصلت بالناس إلى حالة من الإحباط بعد الثورات العربية، مضيفا: "ما يحدث فى العراق منذ سنوات والحادث فى سوريا وليبيا واليمن وكذلك ما يحدث فى سيناء المصرية، كلها أشياء تدعو للأسى لكنى أعتقد أن الجيش المصرى استطاع فعلا أن يقف مع الشعب وأن ينقذ مصر من كل هذه الكوارث". وتابع: "لذلك فإنه على الرغم مما يبدو فى الأفق من غيوم وسحب إلا أننى أرى أن هذا الواقع يدعو للتفاؤل، فمصر بعمقها الحضارى والثقافى كان لابد وأن يكون لها موقف مما يجرى حولها والحمد لله أنها نجحت فى تجاوز المحنة ورغم كل الأمراض التى أصابت الجسد الثقافى المصرى إلى أننى أعتقد أنه لا يزال متماسكا. وقد تكون نقطة البداية التى تجعلنا ننطلق إلى آفاق أوسع وأفضل هى قضية التعليم". وأضاف "جويدة" خلال لقائه مع "الشرق الأوسط" نشر فى عددها الصادر اليوم السبت، أنه خلال حضوره لقاء الرئيس عبد الفتاح السيسى احتفالا بالمعلم شعر بالتفاؤل لأن التعليم قضية أساسية، حيث إنها هى حجر الأساس بالنسبة للثقافة وتليها قضية الإعلام، وهى أيضا مؤثرة جدا خاصة وأن الإعلام تحول إلى جهاز خطير جدا يسبق مؤسسات كثيرة وكلها مؤثرات مهمة فى الثقافة كى تعود لدورها الأول فى توجيه المواطن المصرى وتثقيفه وتنويره. وأوضح "جويدة" أن عدد المثقفين كثير وللأسف الشديد «عدد فى الليمون» بحسب المثل الشعبى، معللا بأن النخب الثقافية فى العالم العربى تجنى ثمار سلبيتها ومعاركها غير الحقيقية فنحن اليوم نعانى واقعا ثقافيا رديئا لأن مثقفينا تخلوا عن دورهم الأساسى فتحول بعضهم لمناصرة نظم استبدادية وحكام فاسدين، بينما انسحب جزء آخر انسحابا تاما وترك الساحة كاملة ومن ثم لا أحد منهم أدى دوره على الإطلاق، وكانت النتيجة ظهور ثقافة التطبيل والمهرجانات والزمر التى ابتعدت تماما عن تشكيل الواقع العربى. ولو تأملنا الحال فى مصر مثلا نجد المسرح التجارى سيطر على الساحة كما سيطرت أفلام المقاولات على السينما الجادة ذات التاريخ العريق. وأكد الشاعر الكبير على أن دور مصر الثقافى مستهدف بلا شك وأن هناك أطرافا داخلية وخارجية وراء ذلك. وأشار"جويدة" قائلا: "لا شك أن تلك النخب فى عالمنا العربى نخب من ورق وما حدث بعد الثورات العربية يؤكد ذلك، حيث إنهم فشلوا فى الإمساك بزمام الأمور لأن تشكيلهم ورقى ضعيف؛ ولذلك رأينا كيف سحقت النخب بعد الثورات بتيارات وأفكار وأيديولوجيات متطرفة جدا! فلم يكن أحد يتوقع أن يعصف «الإخوان» بالنخبة المصرية ولكنه حدث! لأنها نخبة هشة وغير مؤمنة بدورها". وأوضح: "لا بد أن يكون المثقف على مسافة من السلطة لأن مؤثرات السلطة قد تصيبه بضرر كبير جدا خاصة لو كانت السلطة فاسدة وبالتالى فدور المثقف أن يضئ الطريق لا أن يتحول إلى بوق للسلطة لأن أبواق السلطة أجهزة فاسدة". واستطرد: "طرحت قضايا كثيرة خاصة بفساد السلطة السابقة وبالفعل تعرضت لأزمات كثيرة ووصل بى الأمر أننى أصبت بأزمة قلبية بسبب مقال كتبته فى جريدة «الأهرام» القاهرية عام 2005 وانتقدت فيه توريث القضاء فاتهمونى بأننى أقصد توريث الحكم أيام مبارك فهاجمتنى أزمة قلبية، وأنا فى مكتب النائب العام دخلت على إثرها المستشفى ونجوت والحمد لله". وأشار الشاعر فاروق جويدة إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسى ليس الراحل جمال عبد الناصر ولا ينبغى أن يكون عبد الناصر! فالأول إنسان مصرى موجود فى حقبة زمنية مختلفة وأوضاع دولية مختلفة، كما أن عليه مسئولية أخطر كثيرا للتصدى لتجربة حكم فاشلة من الإخوان، معتقدا أن السيسى يجب أن يترك لفكره وإذا ما ظهر فى المسيرة أى نشاذ هنا أو هناك فعلينا أن نخبر، وعبد الناصر غير قابل للتكرار، كما أن ظروفه كانت أفضل بكثير من الظروف التى تولى فى ظلها الرئيس السيسى من الناحية الاقتصادية والإنسانية. فحينما تولى ناصر كان لديه نخبة عظيمة جدا من الحقب السابقة لها تشكيل ثقافى وفكرى محترم، إنما السيسى تولى اليوم والطلاب يضربون أساتذتهم فى الجامعات! ولذلك أفضل أن يظل السيسى هو عبد الفتاح السيسى. وأكد أنه لم ينس الشعر، قائلا: "سأبقى على إخلاصى له؛ لكنى أعترف أنى «كرفته» بعد أن أصبح البيت كله محاصرا بالنيران فكيف أكتب شعرا فى ظل هذا المناخ الصعب المناخ العام فرض نفسه على بسبب أحداث كثيرة شهدتها السنوات الأخيرة فى المنطقة من مظاهرات وتجربتى حكم وعالم عربى يتمزق فالعالم كله تغير وفى ظل هذه الظروف لا أنكر أننى قد أكون حزينا على شعرى خاصة الشعر العاطفى لكنى فى نفس الوقت أكثر حزنا على وطنى. قائلا: "لا يمكن أن أتفاءل وأنا أرى العراق يحترق وسوريا فى حرب أهلية ولبنان فيه ما فيه فلا شك أن الصورة قاتمة وحقيقة الأمر أن الواقع السياسى العربى دمر الواقع الثقافى، لأن مراكز الثقافة فى عالمنا العربى تم استهدافها وتكسيرها سواء فى بغداد أو بيروت أو دمشق فكلها تأثرت بما فيها من أحداث ساخنة فحرمنا من الشعر العراقى والدراما السورية والكتب المطبوعة فى بيروت. موضوعات متعلقة فاروق جويدة ل"معكم":"سقوط قرطبة" كُتب عنها 120 مقالا بالصحف الأجنبية