أشار أحدث تقرير للبنك الدولى حول الاقتصاد الفلسطينى إلى أن الصراع الذى شهده قطاع غزة فى الآونة الأخيرة سيفضى إلى فرض المزيد من الضغوط على الاقتصاد الفلسطينى، الذى يعانى أساسا من ضغوطات وتراجع إضافة إلى تراجع دخل الفرد فى عام 2013 والذى من المتوقع أن يشهد مزيدا من التراجع بحلول نهاية عام 2014. وبين التقرير، الذى صدر اليوم أمس، الثلاثاء، التداعيات المترتبة على حالة عدم اليقين السياسى والقيود المفروضة على حرية الحركة وإمكانيات الوصول ويقدم التقرير أيضا التوصيات بشأن الإجراءات التصويبية التى ينبغى اتخاذها من كافة الأطراف. ومن جانبه، قال المدير الإقليمى للبنك الدولى فى الضفة الغربيةوغزة "ستين لاو يورجنسن" إنه "بالنسبة للقوى العاملة، هنالك شخص واحد من كل ستة فلسطينيين فى الضفة الغربية وتقريبا واحد من بين اثنين فى غزة عاطلون عن العمل، حتى قبل اندلاع الصراع الأخير فى القطاع، وهذا وضع غير مستدام". وأضاف أن "من دون اتخاذ الإجراءات الفورية من قبل السلطة الفلسطينية والجهات المانحة والحكومة الإسرائيلية لإعادة إنعاش الاقتصاد وتحسين مناخ الأعمال التجارية، فسيبقى مسار العودة إلى العنف على نحو ما شهدنا فى السنوات الأخيرة خطرا واضحا وقائما". ويتناول التقرير مراجعة حالة الاقتصاد الفلسطينى بالإضافة إلى تحليل التبعات المستقبلية فى حال تواصل الاتجاهات الراهنة، ويوصى بعدد من الإجراءات التصويبية التى يتعين اتخاذها من قبل السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية بالإضافة إلى الجهات المانحة الدولية. ويعمل البنك الدولى على إعداد هذا التقرير مرتين سنويا للاسترشاد به من قبل لجنة الارتباط الخاصة وهى منتدى مؤلف من الجهات المانحة لفلسطين والتى من المقرر أن تعقد اجتماعا لها فى مدينة نيويورك بتاريخ 22 سبتمبر الجاري. وأشار البنك الدولى إلى أن عام 2014 قد شهد استمرار تدهور الاقتصاد الفلسطينى وبصفة خاصة فى قطاع غزة الذى شهد وضعا مزريا حتى قبل اندلاع الصراع الأخير. وخلال الفترة الواقعة ما بين العامين 2007 و2011، تجاوز متوسط النمو الاقتصادى السنوى نسبة 8%، إلا أن هذه النسبة تراجعت خلال عام 2013 لتصل إلى 1.9%، كما وصلت إلى ناقص 1% فى الربع الأول من عام 2014. ويعانى ربع السكان الفلسطينيين من الفقر الذى تصل معدلاته فى غزة إلى ضعف معدلاتها فى الضفة الغربية نظرا لحالة الشلل التى شهدتها الأعمال التجارية الفلسطينية فى القطاع جراء القيود المفروضة على حرية حركة الأشخاص والبضائع. وأضاف التقرير أن الاقتصاد فى قطاع غزة شهد حالة من الركود حتى قبل اندلاع الصراع الأخير الذى كان من شأنه ترك أثر خطير على كافة القطاعات الاقتصادية، إضافة إلى الخسارة المأساوية التى شهدها القطاع على الصعيد الإنساني. ورغم الجهود الناجحة المبذولة من قبل السلطة الفلسطينية والرامية إلى تعزيز وضعها المالي، إلا أن السلطة ستواصل مواجهة فجوة تمويلية فى حدود ما يعادل 350 مليون دولار أمريكى بحلول نهاية عام 2014 حتى مع استثناء النفقات الإضافية الناشئة عن الصراع الأخير الذى شهده القطاع. وقال "يورجنسن" إنه "فى إطار هذا السياق الاجتماعى والسياسى الهش، تصبح إعادة إنعاش الاقتصاد الفلسطينى أمرا يحتل رأس قائمة الأولويات. وسيكون من شأن ذلك السماح بالحفاظ على استمرارية عملية تقديم الخدمات وبدء انطلاقة النشاط الاقتصادى فى مجتمع متضرر من جراء الصراع". وقال البنك الدولى إنه يتم من خلال هذا التقرير إدراج الإجراءات الواجب اتخاذها، بما فيها تعزيز ميزانية الدعم التى توفرها الجهات والتى تهدف إلى الحفاظ على الوضع المالى للسلطة الفلسطينية لتقديم الخدمات والحفاظ على استدامة الإصلاحات. كما يتعين على السلطات الإسرائيلية أيضا السماح بحركة أفضل وأسرع للأشخاص والبضائع من وإلى الأرض الفلسطينية. علاوة على ذلك، فإنه ينبغى على السلطة الفلسطينية العمل على توحيد وتعزيز الحاكمية فى الضفة وغزة.