لا أدعى الثقافة الكروية العريضة رغم أننى لعبت كرة القدم فى صغرى، وتوليت حراسة مرمى ناشئى نادى غزل المحلة، لكن على الأقل أفهم بعض أبجديات الكرة، وهى بالمناسبة ليست عويصة ولا صعبة ولا هى معادلة كميائية محيرة، وفى ضوء ذلك لست مع عواجز الفرح من المعلقين والمحللين الرياضيين الذين ظلوا يرددون على مسامعنا أن فريقنا الوطنى لعب مع الكاميرون أسوأ مبارياته. وقد عدت لمشاهدة المباراة مرة أخرى حينما أعادتها الجزيرة مساء أمس، ولم أجدها سيئة ولا يحزنون، بل كانت مباراة قوية ومثيرة، وفعل فيها فريقنا الوطنى ما أراد، صحيح أن الكرة كانت فى نصف ملعبنا معظم الشوط الثانى، واحتسبت للفريق الكاميرونى حوالى عشرين ركنية فى 120 دقيقة، لكن ربما يتفق معى من شاهدو المبارة بهدوء فى عدم وصول كرة خطيرة لعصام الحضرى باستثناء تسديدة واحدة أو اثنتين! وحين شاهدت المباراة فى الإعادة وجدت فريقنا منتشرا فى نصف ملعبه بشكل جيد، صحيح أنه فقد الكرة كثيرا فى الالتحامات مع لاعبى الكاميرون، لكن فريقنا أضاع على الأقل خمسة فرص واضحة للتسجيل وركلة جزاء لم يحتسبها الحكم لعماد متعب.. وإن كان الحكم منحنا هدفا، فى حين أن الكرة لم تتجاوز خط المرمى! وفى مثل الحالة العصبية والبدنية التى كان عليها لاعبو الكاميرون أمس، لا أعتقد أنه كان فى الإمكان أفضل مما كان، وشخصيا أعتبر هذه المباراة هى الأصعب فى البطولة بأكملها، والأجمل خططيا من ناحية مصر، وهى تصلح لأن تكون مباراة نهائية وليست فى دور الثمانية، ولو لعب حسن شحاتة بالخطة نفسها فى مباراة أمريكا فى كأس القارات بتضييق المساحات، ولعب الكرة المرتدة السريعة ما هزمتنا أمريكا بثلاثة أهداف. بصراحة شديدة كانت مباراة مصر والكاميرون منازلة بين فريقين أحدهما يلعب بعقله، والآخر يلعب ببدنه، وفى النهاية تفوق العقل كالعادة وانتصر، وأثبت فريقنا أنه قوى ومتماسك، ومميز ويلعب كرة جماعية ويستطيع الفوز.. ويعرف كيف يستغل أخطاء المنافسين وهذا مهم جدا فى كرة القدم. مبروك لفريقنا الوطنى التأهل لقبل نهائى كأس الأمم الأفريقية، ونتمنى أن يكمل طريقه ويعود باللقب الثالث على التوالى ليحقق إنجازا جديدا للكرة المصرية، وليس عليه فى مباراة الخميس سوى لعب مباراة كرة قدم دون التفات للمتعصبين والمهيجيين الذين يتعاملون مع مباراة الجزائر باعتبارها معركة حربية، للانتقام والثأر للكرامة الوطنية.. رغم أنها ليست أكثر من مباراة فى كرة القدم.. من حقنا الحلم والسعى للفوز بها، ومن حق الجزائريين كذلك.. وهى مباراة تنتهى مع صافرة الحكم.. ويفترض ألا يكون لها أية تبعات لا سياسية ولا شعبية.. لعل الصحافة والإعلام فى البلدين يدرك ذلك.