"ابتعاده عن الملاعب" ليست عبارة دقيقة .. فالرجل منذ اعتزاله كرة القدم وهو منتشر في كافة ملاعب الكرة الألمانية ، والأوروبية أيضا ، بحكم عمله في التعليق والنقد الرياضي ، وبحكم آرائه القوية التي لا تقل شراسة وصراحة عن آراء كبار الكتاب الرياضيين في العالم ، وهو ما جعله يحتفظ بنجوميته كما هي. والدليل على ذلك أنه عندما فتح الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" عبر موقعه الرسمي على الإنترنت باب توجيه الأسئلة إلى أوليفر كان حارس مرمى بايرن ميونيخ ومنتخب ألمانيا وأحد أفضل حراس المرمى في العالم خلال العقدين الماضيين لم يتوقع أحد أن يتلقى الموقع هذا الكم من الأسئلة من القراء الذين أرادوا استطلاع آرائه بالنسبة للعديد من القضايا الكروية المثارة حاليا ، فضلا عن الأسئلة التقليدية التي توجه إلى لاعب معتزل وهي "أين أنت الآن"؟ وخاصة من الجمهور من خارج ألمانيا. وكانت هذه بعض الأسئلة وإجابات أوليفر كان عليها : - هل تشعر بالحنين إلى أيام الاحتراف؟ كان : لا على الإطلاق! .. فبعد 20 عاما من العمل المتفاني ، تصل إلى مرحلة تحتاج فيها للتخطيط لحياتك الخاصة بعيدا عن الالتزامات ، وترغب في تجربة أمور جديدة ، ولكن في الوقت نفسه ، فإنني أفتقد إلى بعض الأشياء مثل روح الفريق والطاقة والحماس ، وفوق كل هذا فرحة النجاح. - كيف ترى حياتك الآن بدون لعب؟ كان : أنا حاليا معلق رياضي في إحدى محطات التليفزيون لمباريات المنتخب الألماني ، وإلى جانب ذلك ، أشارك في بعض الأعمال الخيرية من بينها مشروع "يمكنني فعل ذلك" ، وهو برنامج تابع لمؤسسة حماية الطفولة معني بتنمية قدرات الأطفال والشباب ، ومن خلال هذا البرنامج أزور المدارس وأتحدث مع الطلبة حول أهدافهم وكيفية تحقيقها. ومن بين مشاريعي أيضا ، برنامج تليفزيوني اسمه "مبدأ كان : لا للاستسلام" ومن المقرر بثه قريبا على شاشات التليفزيون الصيني ، وهو برنامج يبحث عن المواهب الصغيرة في مجال حراسة المرمى. - لماذا اخترت أن تكون حارسا للمرمى؟ كان : هذه القصة لا أمل من الحديث عنها أبدا ، فعندما بدأت لعب كرة القدم في السادسة من عمري اشترى لي جدي ملابس وأدوات حراسة المرمى ، ولم أشأ أن أخذله ، فارتديت ملابسي الجديدة واتجهت إلى مكاني أمام المرمى ، استمتعت كثيرا بهذا الموقع ، ولم أغيره أبدا! - ما سر نجاحك؟ كان : الالتزام كان دائما الشرط العامل الأول ، كنت أحرص على أن أبذل قصارى جهدي في التمرين ، ولا أتوقف حتى أصل إلى هدفي ، والأهم من ذلك كان شغفي بكرة القدم ، وإذا توفرت لديك تلك العوامل من الالتزام والحافز والاستمتاع بما تفعل ، فكل شيء ممكن بعد ذلك. - كيف تمكنت من المحافظة على دوافع النجاح لديك خلال مشوارك؟ كان : في البداية عليك أن تكون شغوفا بما تفعل وألا تفقد حافزك ، وأحيانا كثيرة يكون ذلك شديد الصعوبة ، ففي أوقات كثيرة سيطرت علي الرغبة في التخلي عن كل ذلك ، لكن سريعا ما كنت أضع أهدافا جديدة كان من شأنها تجديد الحافز لدي. من ناحية أخرى ، يوجد مذاق خاص للنجاح ، خاصة بعد المجهود والتعب الشديدين ، لكن هذا أيضا من شأنه أن يجعلك ترغب في المزيد. - كيف تصف نفسك في كلمات قليلة؟ كان : أنا رجل الحماس والعاطفة. - ما هي اللحظة التي لن تنساها أبدا في مشوارك؟ كان : بالطبع لحظة خسرنا نهائي دوري أبطال أوروبا عام 1999 كانت لحظة صعبة ، لكننا تخطيناها بفوز عام 2001 ، كذلك لحظة الفوز بالدوري الألماني عام 2001 عندما أحرز باتريك أندرسون هدف الفوز في الدقيقة الأخيرة ، كذلك ، نهائي كأس العالم عام 2002 أمام البرازيل (فازت البرازيل بالكأس) ، وكأس العالم عام 2006 على أرضنا (خسرتها ألمانيا) .. كل هذه ذكريات لا تنسى. - هل تذكر صدة معينة لاتنساها؟! كان : قمت بصدة في إحدى مباريات دوري أبطال أوروبا في دوري المجموعات عام 1999 أمام فريق رينجرز الأسكتلندي عندما سدد أحد مهاجمي الفريق المنافس كرة قوية جدا من على بعد 10 ياردات ، لكنني تمكنت من إخراج الكرة بأطراف أصابعي في الوقت المناسب ، وبلا شك كانت تلك أفضل صدة خلال مشواري. - هل كنت تخشى مهاجمين معينين؟ كان : لم أخش أي لاعب أبدا ، لكن هناك البعض ممن كنت أحترمهم جدا ، مثل فيليبو إينزاجي ، وأيضا روي ماكاي الذي انضم إلى فريقنا في وقت لاحق ، هذان اللاعبان ليسا الأفضل في العالم على الإطلاق ، لكنهما كانا يتمكنان من إحراز الأهداف في شباكي دائما ، وكان هذا الشعور شديد القسوة حينما تعرف أنك ستواجه أشخاصا قادرين على النيل منك! - طوال مشوارك لعبت لناديين فقط هما كارلسروه وبايرن ميونيخ ، هل رغبت في اللعب لفرق أخرى أو حتى دول أخرى؟ كان : خلال موسم 2003-2004 مرت علي فترة كنت على وشك الانتقال لناد آخر ، وتلقيت بعض العروض أيضا أبرزهم من مانشستر يونايتد وبرشلونة ، لكنها كلها لم تتطور لأن البايرن قدم لي كل ما أحتاج ، كما أتاح لي الفوز بالألقاب على المستويين المحلي والأوروبي. من ناحية أخرى ، فأنا أفضل أن أترك علامة في مكاني ، فليس من طبيعي التنقل بين 20 ناد مختلف لا تذكر أي منهم بعد ذلك ، وفي حالتي ، أعتقد أن الجميع يتفق أنني جزء من بايرن ميونيخ ، وأنا فخور بذلك جدا. - فيما فكرت بعد نهائي كأس العالم 2002 الذي خسرته ألمانيا بسبب خطأ ارتكبته في المباراة أمام البرازيل؟ رأينا مستواك يتراجع ، ماذا كان يدور بخلدك؟ كان : في البداية كنت أفكر كيف أخطأت خطأ مكلفا كهذا ، أديت ستة مباريات أقل ما توصف به أنها كانت رائعة وبدون خطأ واحد ، لكن في النهاية كان الأمر مخيبا جدا ويعكس مدى صعوبة أن تكون حارس مرمى ، فلا يجب أن تفقد تركيزك ولو لمجرد جزء من الثانية وأنت حارس مرمى ، لأنه لو حدث ذلك فستعاقب بشكل قاس جدا ، لا أحد يتعاطف معنا ، تعلمت ذلك في النهاية ، لكنني تعلمت أيضا ألا أسمح للمشاكل بالتأثير علي أو بالتقليل من ثقتي في نفسي. - بماذا شعرت حين تم اختيارك كأفضل لاعب في كأس العالم 2002 رغم ما حدث ، فليس من المعتاد أن يتم اختيار حارس مرمى لهذا اللقب. كان : كنت فخورا جدا ، خاصة وأنه اختيار نادر الحدوث كما قلت ، وفي الوقت نفسه كنت أشعر بثقة شديدة آنذاك بعد الفوز بدوري أبطال أوروبا وبكأس العالم في الموسم السابق ، كانت فترة رائعة وكنت في قمة آدائي ، كنت محظوظا ولكني آسف جدا لما حدث في مباراة النهائي. - بماذا تنصح حراس المرمى الذين يشقون طريقهم الآن ويسعون للاحتراف؟ كان : يجب أولا أن يؤهلوا أنفسهم على المستويين الجسدي والعقلي ، فكلاهما شديد الأهمية ، فما جدوى القوة العضلية والجسدية بدون القدرة على التصرف السليم في الوقت المناسب؟