إذن بعد مرافعة وزير الداخلية الأسبق اللواء حبيب العادلى أمام قاضى محاكمة القرن يتضح أن العادلى «التقى الورع» الذى كان يصلى الفجر ثم يمضى فى الشوارع متفقداً أحوال الرعية، هو بطل ثورة 25 يناير وأن الشعب الذى خرج للثورة عليه وعلى نظام رئيسه ومطالبا بالعيش والحرية والكرامة الإنسانية، ما هو إلا عبارة عن مجموعة من «المتآمرين والخونة» الذين دربتهم أمريكا والإخوان فى قطر. العادلى فى المرافعة الأخيرة حاول أن يمارس فضيلة «التطهر» والتنصل من الماضى والنظام الذى كان خادما له، فهو لم يأمر بإطلاق الرصاص على المتظاهرين، وأبدى اعتراضه على نتائج انتخابات 2010 بل وأبلغ ذلك للرئيس مبارك واعتبرها السبب فى خروج المظاهرات. حاول وزير الداخلية الأسبق تبرئة نفسه من قتل المتظاهرين وحمل الإخوان المسؤولية رغم أنه فى المحاكمة الأولى فى زمن الجماعة ورئيسها لم يوجه أى اتهام لهم ولم ترد كلمة «الإخوان» على لسانه أو حتى فى المذكرة التى تقدم بها للمحكمة أنما خوفاً أو طمعاً فى الكرم الإخوانى. ففى المرة الأولى اتهم حماس باقتحام السجون بالتعاون مع بدو سيناء، أما فى المرة الثانية التى بدا فيها واثقاً فى نفسه وممتشقا فى وقفته وأصبحت لديه الجرأة الكافية لاتهام الإخوان بالتنسيق مع حماس. المؤامرة التى تحدث عنها العادلى فى مرافعته الأخيرة هى ذاتها التى وصفها بالثورة فى المرافعة الأولى التى ظهر فيها وكأن معاول الزمن قد فعلت فعلتها فى جسده وملامح وجهه، وقدم أثناءها العزاء لشهداء الثورة وأسرهم واعتبر شباب 25 يناير هم «قادة مصر ومستقبلها». بين عام وآخر ومرافعة أولى وثانية اكتسى العادلى باللونين، لون الانكسار والخوف والاصفرار، ثم لون الجسارة والشجاعة والبطولة والاحمرار. وعلينا أن نبحث فى أسباب ذلك، فقد تبدلت الأيام وتغيرت الأحوال، وزالت حالة الغضب والاحتقان مع غباء الإخوان السياسى وافتضاح أمرهم وتآمرهم. العادلى أدان نفسه رغم محاولة إثبات براءته. ويجب محاكمته بتهمة الفشل الأمنى فى غياب المعلومات عن مجموعات حماس وأعدادها التى اخترقت الحدود المصرية وصولاً إلى الدلتا واقتحام السجون، وعدم توقع أحداث 25 و28 يناير –إذا كان يتهم الإخوان بتدبيرها -وعدم توقعه لأعداد المتظاهرين والتعامل معهم بعنف والكل شهود على ذلك. ومحاكمته على «شهر العسل» الذى عاشه الإخوان فى عهده وصفقات نظامه معهم بمعرفته، وغياب معلوماته عن تدبيرهم ومؤامراتهم.