لا أدرى بالضبط سر زيادة حالة الشكاوى والبحث عن الحقوق الضائعة منذ أن تولى المستشار عبدالمجيد محمود مسئولية منصب النائب العام، ولكن كل ما أستطيع أن ألاحظه أن المصريين دوما يملكون فطرة سليمة وقرون استشعار طبيعية تجعلهم دوما يعرفون الصدق من الكذب والحق من الباطل، ويشمون دائما روائح الذين لا يلوون الحقائق ولا يعرفون طرق الالتواء والمناورات والمجاملات، وأقول ذلك بعد جلسة طويلة جمعتنى بأسرة مسيحية أو قل جيران أحباء، منذ سنوات طويلة يجمعنا طوال هذه السنوات كل أطياف وألوان الحياة فى سخونة وغليان إلى حد البرودة التى تصل إلى التجميد.. فنحن الذين تجمعنا حواديت وشكاوى الأزمات الحياتية وقسوة تعليم الأبناء سواء على مستوى مصاريف المدارس أو الدروس الخصوصية ولكن هذه المرة كنت فى زيارة خاصة جدا بعد أن تم شفاء الابن الأكبر لعم سمعان وولد البكر إسحاق من لطشات أنفلونزا الخنازير. وبمجرد أن جلسنا قلت يا عم سمعان إوعى تقول لى إن الحكومة وراء إصابة ابنك إسحاق بأنفلونزا الخنازير، وهناك أياد خفية ومحرضون يصدرون أنفلونزا الخنازير لابنك وباقى مسيحيى مصر وكعادته أطلق ضحكة مملوءة بالمحبة التى تغمر قلبه طول الوقت وقال.. تصدق فكرة، ممكن وسط تلك الأجواء الملبدة بالغيوم نقول إن هناك أيادى خبيثة وراء إصابة المسيحيين بأنفلونزا الخنازير وهذا المرض لا يصيب المسلمين.. فقلت له سريعا أريد أن أعرف رأيك فيما يحدث الآن فى نجع حمادى وتداعيات البلطجى الكمونى الذى أصاب وقتل إخواننا المسيحيين يوم عيد 7 يناير ولم أكمل سؤالى إلا وقاطعنى عم سمعان قائلا... لا أنكر أنه حادث أليم هز كل المسيحيين وبث فى نفوسهم الخوف والرعب وسمعت أحد أقاربى يفكر فى الرحيل وترك مصر والهجرة إلى إحدى الدول الأوروبية ولكن لا أنكر أن وصول النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود إلى نجع حمادى بنفسه لمعاينة الحادث الغامض الأليم قد أعاد سريعا الطمأنينة والأمان لنفوس أقاربى المسيحيين. ربما جاءت سرعة إحالة المتهمين إلى المحاكمة لتعيد إلينا الثقة مرة أخرى أن النائب العام جاد فى إغلاق هذا الحادث الأليم ولكن هذه المرة بشكل يعطى للمسيحيين حقوقهم لأن البعض مازال يحمل فى داخله ضغائن وشعورا بالظلم عندما حدث تباطؤ غير مبرر فى أزمة الكشح واستشهاد عشرين مسيحيا دون توجيه أى اتهام لأحد. وواصل عم سمعان رؤيته وتحليلاته عن الحادث فقال.. أنا ضد الذين يحاولون أن يؤكدوا وجود محرضين لتلك الهجمة الشرسة من البلطجى الكمونى والذين معه ولكن كنت أتعشم أن يذهب أيضا وزير الداخلية السيد حبيب العادلى إلى نجع حمادى ليعرف ويتأكد ما إذا كان هناك تقصير أمنى أم لا.. وربما وصوله وحضوره مسرح الجريمة سيجعل رجال الأمن هناك يستعيدون لياقتهم وعافيتهم ويكونون أكثر حرصا فى تأمين الكنائس وبالذات أوقات الأعياد والاحتفالات والتجمعات فقلت يا عم سمعان هناك لفيف من رجال الداخلية ذهبوا إلى نجع حمادى وهناك متابعات مستمرة من وزير الداخلية للحادث لحظة بلحظة والدليل على ذلك القبض على الجناة فى زمن قياسى غير مسبوق وهذه هى المهمة الأساسية بالنسبة لرجال الأمن فرد عم سمعان مقاطعا : أليس دور الأمن منع الجريمة قبل وقوعها.. وأليست الحماية دور رئيسى لرجال الأمن ؟ قلت ولكنك معجب وكل المسيحيين بالنائب العام وسمعت صديقى ميلاد يقول إن لقب محامى الشعب الذى أطلقه البعض للنائب العام بات وصار اللقب الذى اتفق عليه المسلمون والمسيحيون معا وقال ميلاد.. نريد أن نتفق مسلمين ومسيحيين على شخصيات نتساوى فى محبتهم ومشروعات تجمعنا ونريد أن نعيد صياغة الخطاب مرة أخرى.. نريد خطابا جديدا لا علاقة للدين به.. الدين لله والوطن للجميع.. أزمتنا الحقيقية أنا جميعا مسلمين ومسيحيين بلا هدف.. بلا رؤية موحدة بلا مشروع قومى يجمعنا.. نحن نسير جميعا إلى الهاوية ولا نعرف إلى أين نتجه.. أزمتنا أن الحساسية المرضية أصابت الجميع وعششت نظرية المؤامرة ولفت الأجساد كلها سواء مسلمة أو مسيحية.. البطالة وزيادة الأسعار والأمراض وكثرة الأعباء جعلت الشعب المصرى يهرب إلى تحقيق أى انتصار بعد حالة الإحباط العامة.. وظن الجميع أن قتل مسيحى أو خطف بنت مسلمة هو الانتصار الحقيقى سواء للإسلام أو المسيحية.. أزمتنا أننا نعيش كالعرائس التى تحركها أصابع من خلف الستار. هناك أياد خفية ترفع شعارات المزايدة بالإسلام والمسيحية.. الشعب دوما هو المضحوك عليه والذين يتلاعبون بمشاعر المسلمين والمسيحيين يتربحون ويكسبون ويعيشون فى الصفوف السياسية الأولى وباتوا فى زمرة الأثرياء وإذا كشفنا الذين يشعلون نار الفتنة فى مصر وإذا بحثنا ودققنا فى موارد أرزاقهم الحقيقية سنتأكد أنهم بلا عمل حقيقى يتكسبون منه سوى إشعال فتيل الفتنة بين أبناء الأمة الواحدة ولذا فهذا الحادث الأليم هو موسم سعادة وربح وظهور إعلامى لهؤلاء الأرزقية. وعدت لأقول لعم سمعان هل أنت مع رؤية الصديق التى حكيتها لك فقال بلا أدنى شك كلنا مأزومون سواء مسلمين أو مسيحيين.. والمعاناة واحدة وأنفلونزا الخنازير واحدة والدروس الخصوصية واحدة وغلاء الأسعار علينا جميعا والفيروسات الكبدية والأزمات تنال من الجميع.. فقلت له دعنا قليلا نترك حادث نجع حمادى إلى رجال النيابة والقضاء الذين أعرف أن الإخوة المسيحيين أكدوا ثقتهم بهم وأقول لك ما رأيك وما تحليلك للعبء الكبير الذى يتحمله المستشار عبدالمجيد محمود فقال.. أرى أن تقاعس الحكومة الحالية وعدم قدرتها على حل أزمات الشعب المصرى وثقة الناس فى النائب العام جعلت الجميع يثق فى أن مظالمهم لها حل مع هذا الرجل.. وأرى أن رجال السياسة يجب أن يقوموا بدورهم الحقيقى فى الشارع المصرى.. وأرى أيضا أن الحزب الوطنى الذى يملك الأغلبية لم يؤكد وجوده حتى الآن فى الشارع المصرى سوى على أوراق الصحف القومية فقط، ولا يملك مشروعا حتى الآن.. بل تجده دوما سارقا للفرح فإذا استشعر أننا على مشارف فوز أو انتصار نجده مسرعا ربما يلوذ باللقطة الأخيرة وتأكيدا على كلماتى سفر أحمد عز أمين التنظيم فى الحزب الوطنى إلى السودان لمؤازرة المنتخب المصرى أمام الجزائر ولكن خابت ظنونهم وربما جاءت خسارتنا بسبب حالة الترقب التى سادت أرجاء الحزب لخطف وسرقة أفراح المنتخب ولذا لا أتمنى أن يسافر عز ورجاله إلى أنجولا ويتركوا المنتخب يسعى لانتصاراته دون ضجيج حوله فقلت وما رأيك فى الرياضة المصرية وبالتحديد كرة القدم التى فجأة تحولت أزماتها ومشاكلها وحالة العراك بين الرياضيين إلى النائب العام.. فقال عم سمعان قاطعا يبدو أننا أصبحنا نحتاج إلى مائة نائب عام من كثرة الشكاوى والمظالم ولكن الذى يجب أن نفكر فيه جيدا أن نخفف الأحمال والشكاوى عن هذا الرجل ليستطيع أن يعيد الثقة فى نفوس المسلمين والمسيحيين ويحل الرياضيون مشاكلهم بعيدا عن النائب العام ليظل هذا الرجل محامى الشعب.