ظلت سرايا النيابات التي يسكنها وكلاء النائب العام في أنحاء البلاد أمام الناس عند موقعها في الدستور والقانون.. سلطة التحقيق.. وسلطة الاتهام.. وبينهما الضبط والإحضار.. القبض والحبس.. وظلت صورة وكلاء النائب العام.. الحرس واقفين ينتظرون قدوم وكيل النيابة.. وما أن يصل فالانتباه.. وفتح الأبواب.. وحمل الحقيبة وإفساح الطريق.. واستمرار الحراسة حتي المكتب بسراي النيابة.. وتخصيص المصعد منفرداً.. ويظل المواطنون واقفين في حالة من الخوف.. والترقب.. بعدها.. تبدأ التحقيقات.. المتهمون قادمون بالكلابشات.. والأجراس تدوي.. وسلطات التحقيق.. والاتهام تنطلق.. هذه الصورة في أذهان الجميع منذ وجود النائب العمومي.. ووكلائه في أنحاء البلاد. وتظل النيابة دوماً أمام الناس هي الأمينة علي المجتمع.. حتي ازدادت شأنا وضمانة بالسلطات والمسئوليات وضمان عدم العزل باعتبارها شعبة من شعب القضاء.. ويظل الأمر مسجلاً في التاريخ علي مدي تاريخ القضاء الشامخ علي طول عهده.. حتي أن النيابة العامة تعلن دوماً في مرافعاتها أنها تمثل المجتمع ومصلحة المتهم أحياناً. ولم يقف النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود عند فتح أبوابه لتلقي شكاوي المواطنين فيما يدخل في اختصاص النيابة العامة بوصفها أميناً علي المجتمع أو سماع شكاوي الناس ضد الفساد أو التسلط والتربح والرشوة وغيرها سواء كانت الشكاوي ضد السلطات مهما علت أو بين المواطنين وبعضهم البعض شاكين ومتظلمين أو حتي شكواهم ضد وكلاء النيابة أنفسهم كما لم يقف عند حد زياراته المكوكية للنيابات في كل أرجاء مصر.. ليذهب صيفاً إلي صعيد مصر.. وشتاء إلي الوجه البحري لا يميز بين الصيف والشتاء. كما لم يقف عند حد قبول التظاهر أمام دار القضاء العالي والتسامح فيه واعتبار ذلك صورة من صور التعبير والرأي وتكدس الكاميرات والفضائيات بصحبة الشاكين أثناء تقديم الشكاوي والطلبات يلتقون بالمحامين العموم ورؤساء النيابات بمكتبه حيث يلتقون بالمواطنين لقاء حميماً ودياً فيه احترام الناس لكل الناس وبين الناس جميعاً معاملة طيبة وواحدة. لكن الجديد.. أن النائب العام اقتحم دائرة الجهل بالقانون.. رافعاً شعار نشر الثقافة والمعرفة ومحاربة الجهل بالقانون حتي يخفف من غلواء قاعدة عدم جواز الاحتجاج به وافتراض العلم به في حق الجميع وهي قاعدة رغم لزومها ضماناً للأمان الذي ينتظره المجتمع ويستوجب المساواة بين الناس وهو ما يعبر عنه العامة بأن القانون لا يحمي المغفلين حتي ولو كان يصلح عذراً للمسئولية ويذكرنا بما كتبه العالم الجليل متعه الله بالصحة والعافية المستشار الدكتور وجدي عبدالصمد رئيس محكمة النقض الأسبق منذ نحو أربعين عاماً.. وقدم له رجال عظام أمثال المستشار عبدالسلام بلبع. ماذا فعل النائب العام في محاكمة أو مواجهة الجهل بالقانون.. لم يقف عند حد إصدار كتب دورية لوكلائه في بر مصر للتعريف بالمبادئ الإنسانية في معاملة الناس حسب قرينة الأصل في الإنسان البراءة وحسن النية وإنما أصدر كتباً دورية بتفسيرات وأصول فنية وما يجب أن يتم في شأن تطبيق مواد التحقيق والاتهام والإحالة وإتاحة الفرصة لنفي الاتهام ومناقشة الدليل والتحريات. لم يقف النائب العام عند هذا الحد لكنه حرص علي محاربة الجهل.. ومحاكمته أو محاصرته بإصدار كتب بسيطة ونشرات مبسطة من أجل توعية المواطنين بأهم ما يجب أن يعرفه المواطن عن النيابة العامة وكيفية تلقي البلاغات والتصرف فيها ومتابعة الشكوي والتظلم من قرارات النيابة ودور النيابة أمام المحاكم الجنائية ومنازعات الحيازة ومنازعات الأسرة ومسئوليتها بعد صدور الحكم في الدعوي وفي كتاب آخر حق الاستعانة بمحام وحتمية الاستعانة بمحام حتي ولو لم يكن المتهم قادراً وواجبات المحامي تجاه المواطن وحقوق المحامي أمام النيابة العامة. وكتاب آخر عن طلب الاستدعاء وشكل الورقة وإلي من تسلم وحق الادعاء المدني أمام النيابة العامة وممن وضد من وكيفية الادعاء وتصرف النيابة العامة في الادعاء المدني والطعن فيه وأثر التنازل عن الادعاء المدني وأثر قرار النيابة بحفظ القضية. إنها مسئولية جديدة تحملها النائب العام في محاربة الجهل بالقانون ومحاكمته والتخفيف من قاعدة افتراض العلم به حتي ولو تحقق العلم وحتي يعلم الناس حقيقة وفعلا حقوقهم أمام النيابة العامة ومسئولياتهم أراد بها أن يواجه الجهل متهماً قبل أن يساءل المواطن!! تحية واحتراماً و رسالة من الرأي العام في مصر إلي النائب العمومي ووكلائه في أنحاء بر مصر. حقاً الدنيا قد تغيرت والإنسان سيظل دوماً هو قائد التغيير وأن القدوة دائماً تضيء حولها ويكتب التاريخ لها أو عليها والتقدم كما يكون إلي الأمام قد يكون بكل أسف إلي الخلف وكما نكتب نقداً وقدحاً فإن علينا أن نكتب بعيداً عن المدح فنسجل ما يجري وسيظل الحكم الأول هو الرأي العام عما يجري حسناً وتقديراً.