موظفو الضرائب العقارية يعقدون اتفاقاً مع "ديسمبر" البارد.. يجتمعون بعد أيام لعقد جمعيتهم العمومية الأولى فى ذكرى تأسيس نقابتهم المستقلة.. واحتجاجهم أمام مجلس الوزراء

كعادتهم كل عام بدأ موظفو الضرائب العقارية، خلال هذه الأيام، التحضير لأول مؤتمر تعقده نقابتهم المستقلة بعد مرور عام على تأسيسها، وكأنهم عقدوا اتفاقاً فيما بينهم ألاَّ يجتمعوا للمطالبة بحقوقهم ومناقشة أوضاعهم إلا فى شهر ديسمبر ذروة فصل الشتاء، دون أن يمنعهم صقيعه من التوافد من شتى المحافظات إلى القاهرة للإعلان عن خطواتهم المقبلة.
الوجوه نفسها التى التقت فى الموعد نفسه قبل عامين للدخول فى أكبر وقفة احتجاجية عمالية ثم فى ديسمبر 2008 أعلنوا تأسيس نقابتهم المستقلة بعيداً عن اتحاد العمال الرسمى، يقومون بحملات حشد مكثفة حالياً لإنجاح أول جمعية عمومية لهم وافتتاح أول مقر لنقابتهم المستقلة، وكانت أطول هذه الجولات تلك التى بدأت فى بنى سويف وانتهت فى أسوان.
تلك التحركات تعود بموظفى الضرائب العقارية إلى ذكريات "ديسمبر"، فعلى الأسفلت البارد وأمام مبنى رئاسة الوزراء احتشد عشرة آلاف موظف وموظفة فى إضرابهم الشهير للمطالبة بعودتهم لوزارة المالية بدلا من تبعيتهم للمحليات، كان ذلك فى الثالث من ديسمبر 2007 ولمدة عشرة أيام عقد المضربون كرنفال مصريا اصطفت عقالات سيناء وعمامات الصعيد وجلاليب بحرى، ولم ينفض الإضراب إلا بعد حقق المضربون مطالبهم.
وفى ديسمبر من العام التالى كانت الوجوه نفسها على موعد فى شارع عبد الخالق ثروت حيث احتشدت الآلاف نفسها فى مقر نقابة الصحفيين، وتحت رعاية لجنة الحريات بنقابة الصحفيين لتعلن تأسيس أول نقابة مستقلة عن اتحاد العمال، بعد مرور نصف قرن على غياب النقابات المستقلة.
وفى ديسمبر الجارى يعقد موظفو الضرائب العقارية مؤتمرهم الأول بعد التأسيس، وكأن الضرائب العقارية أصبحت على موعد دائم مع شتاء ديسمبر الذى لا يمنعهم برده من التجمع من شتى المحافظات وتنفيذ ما عقدوا عليه العزم سواء أكان إضرابا أو تأسيس نقابة أو مؤتمرا.
عبد الناصر منصور من قيادات الضرائب العقارية ببنى سويف يقول "فى ديسمبر 2007 أحضرت زوجتى وأبنائى لشارع حسين حجازى، وأقمت خيمة وأقسمنا ألا ننصرف حتى تنفذ مطالبنا، وفى ديسمبر 2008 جاء معى زملائى من الضرائب العقارية ببنى سويف لينضموا للنقابة المستقلة، وفى ديسمبر 2009 تجولنا فى مدن الصعيد من أسوان لبنى سويف لحشد المؤتمر".
هكذا عقد عبد الناصر موعده مع ديسمبر عاما بعد عام، أما جمال عويضة القيادى بالضرائب العقارية بالدقهلية يقول "كان ديسمبر فأل حسن علينا، ففى ديسمبر 2006 أضرب عمال غزل المحلة، وحققوا مطالبهم، وفتحوا الطريق لكل عمال مصر ليطالبوا بحقوقهم، ونحن رغم أننا بدأنا حركتنا قبل ديسمبر بشهور إلا أن حقوقنا عادت فى ديسمبر 2007، وعندما أردنا عقد المؤتمر التأسيسى للنقابة المستقلة لم نجد أفضل من ذكرى إضرابنا، وعندما أردنا افتتاح مقرنا النقابى لم نجد أفضل من الذكرى نفسها التى وحدتنا".
كريمة جمعة التى كانت مسئولة عن توفير الطعام والبطاطين مع باقى الموظفات طوال فترة الإضراب التى كان يطيعها الكبير والصغير، تتذكر تلك الأيام وتقول "أنا ربة أسرة وفى شارع حسين حجازى أحسست أننى ربة أسرة كبيرة بها عشرة آلاف وقمت بعملى كربة أسرة مع زميلاتى عزيزة وفاطمة وغيرهن ممن تحملن المسئولية طوال فترة الإضراب".
وتحولت كل مرة تجمع فيها موظفو الضرائب العقارية فى ديسمبر من السنوات الثلاثة إلى ذكرى فى حد ذاتها، ففى ديسمبر 2007 كان أكبر احتجاج للموظفين فى مصر حقق أكبر مكاسب يحصل عليها عاملون بالإضراب، حيث حصلوا ساعتها على زيادة تعادل 300% من أجرهم، وفى ديسمبر 2008 إعلان أول نقابة مستقلة فى مصر على خلفية إضراب ناجح شارك فيه عشرة آلاف لمدة عشرة أيام أمام كبرى مؤسسات الدولة، وهذا الشهر يتم افتتاح أول مقر نقابى غير تابع للاتحاد الرسمى للعمال وعقد أول جمعية عمومية لنقابة مستقلة.
محمد سالم، أحد قيادات الضرائب العقارية بالعريش يقول، "رغم المسافة البعيدة إلا أننا أصبحنا نشعر أننا عائلة كبيرة وننتظر لقاءنا فى القاهرة أو فى أى محافظة على أحر من الجمر ليلتئم شمل العائلة التى أصبحت تضم أكثر من 40 ألف فى أنحاء مصر".
ُسَّنة وضعها عمال المحلة فى ديسمبر 2006 عندما ناموا على أسفلت طلعت حرب ولم يخلفها موظفو الضرائب العقارية بعد ذلك، وأصبحوا على موعد دائم مع هذا الشهر.