«المحاربين القدماء وضحايا الحرب» تُكرم عدداً من أسر الشهداء والمصابين    جدول امتحانات الصف السادس الابتدائى 2024 بالجيزة .. اعرف التفاصيل    10 توصيات في ختام المؤتمر الثالث لمبادرة اسمع واتكلم بمرصد الأزهر    وزير الصناعة: أهمية إدخال قطاعات جديدة في العلاقات التجارية بين مصر والأردن    «البترول» تواصل تسجيل قراءة عداد الغاز للمنازل لشهر مايو 2024    سرايا القدس تعلن استشهاد 3 من عناصرها في غارة إسرائيلية جنوب لبنان    بوتين: 90% من المدفوعات في الاتحاد الاقتصادي الأوراسي تتم بالعملات الوطنية    أحمد موسى : مصر لا تتحمل أي مسؤولية أمنية في غزة    كرة سلة.. الأهلي 5-6 الزمالك.. نصف نهائي دوري السوبر (فيديو)    توت عنخ آمون يتوج ب كأس مصر للسيدات    أمطار حتى الإثنين.. الأرصاد السعودية تحذر من بعض الظواهر الجوية    نقابة المهن التمثيلية تقدم العزاء فى وفاة والدة كريم عبد العزيز بعد صراع مع المرض    «الأخبار» تضىء الشمعة 79 للروائى الكبير جمال الغيطانى    أولادكم أمانة عرفوهم على ربنا.. خالد الجندى يوجه نصائحه للأباء والأمهات فى برنامج "لعلهم يفقهون"    بعد قرار "أسترازينيكا" سحب لقاح كورونا.. استشاري مناعة يوجه رسالة طمأنة للمصريين (فيديو)    «التجارية البرازيلية»: مصر تستحوذ على 63% من صادرات الأغذية العربية للبرازيل    أسعار الأضاحي في مصر 2024 بمنافذ وزارة الزراعة    وزير الرياضة يفتتح النسخة الثالثة من القمة العالمية للقيادات الشبابية الإعلامية    «اسمع واتكلم».. المحاضرون بمنتدى الأزهر يحذرون الشباب من الاستخدام العشوائي للذكاء الاصطناعي    السجن 5 سنوات لنائب رئيس جهاز مدينة القاهرة الجديدة بتهمة الرشوة    لفترة ثانية .. معلومات عن سحر السنباطي أمين المجلس القومي للطفولة والأمومة    محافظ أسوان: مشروع متكامل للصرف الصحي ب«عزبة الفرن» بتكلفة 30 مليون جنيه    حسن الرداد يكشف عن انجازات مسيرته الفنية    محلل سياسي: «الجنائية الدولية» تتعرض للتهديد لمنع إصدار مذكرة اعتقال لنتنياهو    أمين الفتوى يوضح حكم وضع المرأة "مكياج" عند خروجها من المنزل    «فلسطين» تثني على اعتراف جزر البهاما بها كدولة    وكيل وزارة الصحة بالشرقية يتفقد مستشفى الصدر والحميات بالزقازيق    رئيسة المنظمة الدولية للهجرة: اللاجئون الروهينجا في بنجلاديش بحاجة إلى ملاجئ آمنة    تقديم رياض أطفال الأزهر 2024 - 2025.. الموعد والشروط    "عليا الوفد" تلغي قرار تجميد عضوية أحمد ونيس    مناقشة تحديات المرأة العاملة في محاضرة لقصور الثقافة بالغربية    دعاء للميت بالاسم.. احرص عليه عند الوقوف أمام قبره    «تويوتا» تخفض توقعات أرباحها خلال العام المالي الحالي    كريستيانو رونالدو يأمر بضم نجم مانشستر يونايتد لصفوف النصر.. والهلال يترقب    «الجيزة التجارية» تخطر منتسبيها بتخفيض الحد الأدنى لقيمة الفاتورة الإلكترونية    «القاهرة الإخبارية» تعرض تقريرا عن غزة: «الاحتلال الإسرائيلي» يسد شريان الحياة    أحدثهم هاني شاكر وريم البارودي.. تفاصيل 4 قضايا تطارد نجوم الفن    11 جثة بسبب ماكينة ري.. قرار قضائي جديد بشأن المتهمين في "مجزرة أبوحزام" بقنا    يوسف زيدان عن «تكوين»: لسنا في عداء مع الأزهر.. ولا تعارض بين التنوير والدين (حوار)    «8 أفعال عليك تجنبها».. «الإفتاء» توضح محظورات الإحرام لحجاج بيت الله    فرقة الحرملك تحيي حفلًا على خشبة المسرح المكشوف بالأوبرا الجمعة    تعرف على التحويلات المرورية لشارع ذاكر حسين بمدينة نصر    رئيس قطاع التكافل ببنك ناصر: حصة الاقتصاد الأخضر السوقية الربحية 6 تريليونات دولار حاليا    تعمد الكذب.. الإفتاء: اليمين الغموس ليس له كفارة إلا التوبة والندم والاستغفار    الزمالك يكشف مفاجآت في قضية خالد بوطيب وإيقاف القيد    ذكرى وفاة فارس السينما.. محطات فنية في حياة أحمد مظهر    صحة المنيا تقدم الخدمات العلاجية ل10 آلاف مواطن فى 8 قوافل طبية    محافظ كفر الشيخ: نقل جميع المرافق المتعارضة مع مسار إنشاء كوبري سخا العلوي    مصرع سيدة صدمها قطار خلال محاولة عبورها السكة الحديد بأبو النمرس    صالح جمعة معلقا على عقوبة إيقافه بالدوري العراقي: «تعرضت لظلم كبير»    لمواليد 8 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    ضبط قضايا اتجار في العملة ب12 مليون جنيه    الصحة: فحص 13 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة    إخماد حريق في شقة وسط الإسكندرية دون إصابات| صور    سيد معوض: الأهلي حقق مكاسب كثيرة من مباراة الاتحاد.. والعشري فاجئ كولر    إعلام فلسطيني: شهيدتان جراء قصف إسرائيلي على خان يونس    «النقل»: تصنيع وتوريد 55 قطارا للخط الأول للمترو بالتعاون مع شركة فرنسية    رئيس إنبي: نحن الأحق بالمشاركة في الكونفدرالية من المصري البورسعيدي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بهاء طاهر: سأظل أعارض التوريث بكل ما أوتيت من قوة لأنى لا أستطيع كتمان مرارة هذه المهزلة فى فمى
نشر في اليوم السابع يوم 18 - 12 - 2009

لا يحتاج لقاء الروائى الكبير بهاء طاهر إلى مواعيد صارمة ومحددة مسبقا، رغم كثرة مريديه وأحبائه، وتكفى جلسة واحدة معه، حتى تتأكد من ولوجك مباشرة إلى قلبه، وصعوبة أن ينساك، ورغم قلة حواراته الصحفية، فإنه حاضر دوما فى ندوات يحرص فيها على لقاء قرائه، ولا يغيب أبدا عن أى فعاليات تتم دعوته إليها، «اليوم السابع» التقته فى حوار امتد ليشمل قضايا متنوعة حول السياسة والرواية وتحويل أعماله الروائية إلى سينما وقصة ترشيحه لجائزة نوبل فى الآداب
تعرضت للتفتيش على بوابة معرض الكتاب، وصرحت بأن أصغر مسئول أمنى أهم من نجيب محفوظ، فما رأيك فى إدارة العسكر للمؤسسات الثقافية فى مصر؟
- طبعا لن أنسى هذه الواقعة طول عمرى، وبرغم أن هذه الجملة قيلت فى أثناء انفعالى، لكنى أراها صحيحة إلى الآن، لكن إحقاقا للحق، العسكريون يختلفون بين شخص وآخر، فهناك عسكريون خدموا الثقافة فى مصر أعظم خدمة و أفضل من المثقفين، مثل الدكتور ثروت عكاشة، وإذا ذكرت وزراء الثقافة الذين خدموا الثقافة فى مصر فلن تجد غيره.
فى رأيك لماذا يتعرض المثقف فى مصر لهذه الأفعال المهينة؟
- أنا أرى أن عملية تهميش المثقف وإهانته، كانت عملية منظمة ومدروسة ولم تتم بين عشية وضحاها، لأن الدولة رأت أن إبعادهم عن المجتمع أمر ضرورى للانفراد بالحكم «من غير صداع»، وهذه العملية فى رأيى كانت متعمدة، لأن المثقف بطبيعته متمرد وراغب فى التغيير، وأى سلطة فى الدنيا ترفض التغيير إلا السلطة الذكية، التى تشجع المثقف على طرح التغيير والمطالبة به، وفى هذا السياق، لدينا ديجول الذى عين أندريه مالرو مستشاره الأول ووزير الثقافة، رغم أن مالرو بدأ حياته خصما سياسيا لديجول، وقصة أخرى عندما طلب الأمن الفرنسى القبض على سارتر لمناهضته حرب فرنسا فى الجزائر، فمنعهم ديجول بقوله: فرنسا لا تقبض على فولتير، وظلت له صحيفته، وظل ينشر فى ظل حماية هذه المقولة التى تجسد الديموقراطية والحرية فى فرنسا، لكن مصر تقبض على فولتير وأبو فولتير.
هل من ضمن أدوات المؤسسة لتهميش المثقفين وإبعادهم، منحهم الجوائز؟
- إذا كانت الجوائز من الأدوات، فسيتوقف الأمر على المثقف نفسه الذى إذا كان قابلا للشراء، فالمؤسسة ستشتريه بتعريفة، وليس بجائزة، وإذا كان غير قابل للشراء فلن تشتريه بجوائز الدنيا.
هل يعنى ذلك أن حصولك على جوائز الدولة التى كان آخرها جائزة مبارك، لن يغير من مواقفك؟
- حصولى على جائزة مبارك لا يعنى أنهم اشترونى، بدليل أننى ثانى يوم حصولى على هذه الجائزة، قلت إننى مازلت كاتبا معارضا أنتمى إلى المعارضة، مع سعادتى بالجائزة وشكرى لتقديرهم.
ما رأيك فى طريقة «رفض الجوائز» كتعبير عن المعارضة؟
- أنا أؤيد هذا الأسلوب، وأنت تشير إلى موقف صنع الله إبراهيم، حينما رفض جائزة الرواية، ولو تتذكر أنا أيدته وقتها وساندت موقفه، فرفض الجوائز موقف جدير بالاحترام، وصنع الله رأى أن هذه هى الطريقة التى يستطيع أن يعبر بها عن رأيه وعن موقفه، وهو موقف محترم جدا فى رأيى.
لك العديد من المواقف التى تعبر عنها خارج كتبك وإبداعك، هل يجب أن يعبر الأديب عن مواقفه السياسية، أم يحصرها داخل كتبه مثل نجيب محفوظ؟
- الموقفان مطلوبان، بشرط أن الذى يعبر عن رأيه بطريقة غير مباشرة، يجب أن يكون فى عبقرية نجيب محفوظ، لأنه كان صاحب كلمة مسموعة طول عمره، منذ صدور رواياته الثلاثية التى كتبها من نصف قرن، وأن يكون قادرا مثله على التورية، بحيث تكون آراؤه غير مباشرة وواضحة تصل إلى القارئ، أما الآخر الذى يعبر عن رأيه صراحة ويدفع ثمنه، فأنا أمثله بيوسف إدريس الذى أحبه حبا جما، وكان يدفع ثمن التعبير عن رأيه بدخوله السجن ومنعه من الكتابة، فكل الطرق متاحة للتعبير عن الرأى، وأنا لا أدين أحدا ولا أبرر موقفى، وكل ميسر لما خلق له.
تعرضت للمنع من النشر من عام 1975 حتى 1983، وبعد ذلك تم نشر أعمالك الأدبية وشهدت انتشارا واسعا، فلماذا بقيت على موقفك المتشدد من النظام الحالى؟
- أنا شخصيا لا أعرف إن كانت هذه المسائل تتم بقرارات عمدية أم لا، فأنا لا أستطيع أن أكتم رأيى، ويجب أن أعبر عنه مهما كان الثمن الذى سأدفعه، وعارضت التوريث وسأظل أعارضه بكل ما أوتيت من قوة، لأننى لا أستطيع كتمان مرارة هذه المهزلة فى فمى، لذلك فضلت أن أعبر عن رأيى مهما كان الثمن الذى سأدفعه، والرزق على الله.
من يعرف بهاء طاهر يرى أنه يحب البعد عن الأضواء وإنكار الذات، ما يجعلنى أطرح عليك هذا السؤال: لماذا أردت أن يحمل قصر الثقافة الجديد اسمك؟
- لم أطلب هذا الطلب، وهم الذين أصروا على أن يحمل القصر الجديد اسمى، لكنى طبعا لم ألزمهم بهذا، ولم يخطر على بالى هذا الأمر، فقط أردت أن تخصص الأرض لإنشاء قصر ثقافة جديد.
ولماذا حددت أن يكون المشروع قصر ثقافة رغم وجود قصر آخر تحت الإنشاء بلغت تكلفته 60 مليون جنيه؟
- لا أعرف هذه المعلومة، وعموما زيادة الخير خيرين، وبالتأكيد موقع القصر الثانى يختلف عن موقع القصر الجديد الذى خصصنا له قطعة أرض كما تعلم فى طريق المطار.
لماذا قلت إن مقولة زمن الرواية نذير سوء على فن الرواية نفسها؟
- أنا ضد الموضات الأدبية، التى تحدث بين الحين والآخر، وكانت موضة الستينيات هى اللامعقول ووقع فيها أكبر الكتاب وأصغرهم، ومن أشهر من كتب فى هذه الموضة أحمد رجب الذى كتب ما يشبه المسرحية التى حوت حوارات عبثية ليس بينها رابط منطقى، وعرضها على مجموعة من النقاد باعتبارها من إنتاج الأدب الجديد، وسقط بعض الكتاب فى هذا الفخ، حتى قال الناقد محمد مندور إن هذا كلام عبثى لا معنى له، ومقولة زمن الرواية تنتمى إلى الموضة الأدبية التى تقول أيضا بموت الشعر، فهل تنكر أن أدونيس ودرويش والأبنودى يتصدرون الأسماء الشعرية التى تملأ الساحة الآن، وكيف يموت الشعر بهذا الوجود لهذه الأسماء، فالشعر الآن بفرعيه العامية والفصحى أكثر ازدهارا، فهل من الممكن أن ننكر هذا الوجود الأدبى لهؤلاء الشعراء، وازدهار الرواية يرجع لازدهار الشعر، والفن الوحيد الذى أعتبره مظلوما فعلا هو المسرح، وهذا ليس لعيب فى المبدعين، وإنما لعيب فى المؤسسات، لأنه الفن الوحيد الذى يجب أن ترعاه المؤسسات، وإذا تحققت مقولة زمن الرواية فسيكون ذلك نذير سوء على كل الفنون بما فيها الرواية ذاتها، لأنى كما قلت الفنون تزدهر معا، وتنحسر معا، ولحسن الحظ أنه لدينا مبدعون رائعون فى القصة القصيرة، وأرى أن مصر فى الوقت الحاضر هى جنة القصة القصيرة.
هل تظن أن أزمة القصة القصيرة ترجع لعدم نشرها فى الصحف؟
- القصة القصيرة ليست فى أزمة، بل هى فى أروع حالات الازدهار، لكنها تعانى فى العالم كله، من أشياء عديدة وليس من الإبداع، فمنابر النشر ليست مفتوحة أمام القصة القصيرة كما كانت، وجيلنا محظوظ جدا لأننا عشنا عصر يوسف إدريس، الذى كان يرفع أرقام التوزيع لأى جريدة أو مجلة بمجرد أن تنشر له قصة، فعشنا هذا المجد، وكنا نكتفى بكتابة قصة قصيرة لنحقق الانتشار، لكن ضاقت الآن منابر نشرها، وأهم منبر فيها هى الصحافة التى لم تعد ترحب بنشرها إلا فى أضيق الظروف، وتخلى الناشرون عن مسئوليتهم تجاهها، حينما تخلوا عن نشرها فى مقابل نشر الرواية، ولكن لحسن الحظ أن هناك جهات نشر رسمية لم تزل تنشر القصة القصيرة، والتى أعنى بها دور النشر الحكومية مثل دار الهلال، أو دار أخبار اليوم التى لا تفضل عنصر الربح، على الثقافة، وهناك مشكلة ثالثة هى قارئ القصة القصيرة الذى لا يستطيع أن يجد مجموعة قصصية مشرفة، وأعنى بذلك جودة الطباعة وجودة التوزيع، ورغم كل هذه الصعوبات، مازالت القصة القصيرة مزدهرة إبداعا فى مصر، ولم يزل الأمل كبيرا فى القضاء على السلبيات التى تعوقها.
ما رأيك فى القصص القصيرة التى يكتبها الكتاب الشبان؟
- أخاف أن أذكر أسماء وأنسى أسماء، لكن لدينا كتيبة مبدعة ممن يكتبون القصة القصيرة فى مصر، وهم فى رأيى مدهشون وقادرون على الابتكار والتجديد، ومنهم مثلا محمد فتحى، محمد علاء الدين، محمد صلاح العزب، أحمد أبو خنيجر، محمد عبدالنبى، هذا بالطبع بالإضافة إلى الأدباء الكبار أمثال محمد المخزنجى، ومحمد مستجاب، ومحمد البساطى، وخيرى شلبى.
هل تمثل مجموعتك الأخيرة عودة لكتابة القصة القصيرة؟
- أنا لا أسميها عودة، ولكن تصادف أن توفرت لدى عدد من القصص القصيرة، صالحة لوضعها فى مجموعة، لأنى لا أكتب بناء على قرارات مسبقة، فالقصة القصيرة من أصعب فنون السرد، رغم اضطهاد الناشرين لها، وأنا أرى صلة وثيقة بينى وبين الشعر، لأن لحظة القصة القصيرة تشبه لحظة الإلهام التى يشعر بها الشاعر قبل كتابته للقصيدة.
هل ترهقك كتابة الرواية الآن مما جعلك تبتعد عنها وتفضل نشر مجموعة قصصية؟
- لا ترهقنى كتابة الرواية، لأنها ليست مرتبطة بالسن، ويعطينى الأمل فى أن أنجز مشاريع روائية أخرى كاتب مثل ساراماجو الذى يقترب من التسعين ويبدع أجمل الروايات.
وهل تعمل الآن على مشروع روائى جديد، أم مجموعة قصصية أخرى؟
- أنا أكتب رواية حاليا، من قبل وبعد صدور المجموعة، لكنى كاتب دقيق جدا، ومن الصعب أن أرضى عما أكتب، ورغم أنى أوشكت على الانتهاء منها، فإنى لا أعرف متى سأنشرها، لأنى لا بد أن أرضى فى النهاية عنها، وما أكثر ما كتبت من أعمال، ولم أنشرها.
لماذا تتردد دائما أنباء عن تحويل أعمالك إلى مشاريع سينمائية ثم لا تكتمل هذه المشاريع؟
- هذا موضوع غريب فعلا خصوصا أن شركات الإنتاج تعاقدت معى بالفعل، ودفعوا لى نظير شراء الروايات ثم لا تكتمل هذه المشروعات، ويمكنك أن تسألهم عن أسباب ذلك.
عندما تنظر إلى مسيرتك وما قدمت فيها من أعمال روائية وقصصية، ما الذى تفكر فيه؟
- أفكر أنها أقل بكثير مما كان ينبغى أن تكون، فأنا لست راضيا، وكنت أتمنى أن تكون أكثر من ذلك وأكبر.
هل تعنى أكثر بالكم أم بالكيف؟
- أنا لا أعتبر أن العدد معيار، ودائما أضرب المثل بالمتنبى الذى شغل الدنيا والناس، ومقارنة ديوان المتنبى بدواوين البحترى أو أبوتمام أو غيرهم من الشعراء المعاصرين له، أو التالين عليه، تقول إن العبرة بالكيف وليس بالكم، فأنا كنت أتمنى أن أكتب أكثر وأفضل مما كتبت، وأتمنى أن يتسع لى الوقت لكتابة أعمال أخرى، وكنت أتمنى الكتابة خلال الفترة التى قضيتها ممنوعا من النشر.
كنت ممنوعا من النشر ولكنك لم تكن ممنوعا من الكتابة؟
- بعض ما كتبته فى هذه الفترة نشرته بعد ذلك، لكن «النفس بتتسد» حيث قضيت عامين لا أكتب شيئا خلال هذه الفترة.
هل يعنى عدم رضائك على ما قدمته، أنك لا تشعر باكتمال منجزك الأدبى؟
- شوف هقولك حاجة يا ابنى، أى كاتب يقول لك إنه راضٍ عن إنتاجه أعرف إنه ما يساويش حاجة، فأى كاتب يقول هذا عن نفسه لا يعتبر كاتبا، لأن الإنسان دائما ما يطمع إلى ما هو أفضل، وأنا من أكثر الناس الذين يحاسبون أنفسهم حسابا عسيرا، ولولا سليمان فياض لم أكن سأنشر أى شىء، والذى أخذ منى قصة وأرسلها إلى مجلة الآداب، وكنت أدفع بما أكتبه لأصدقائى لأعرف آراءهم، وفوجئت بها منشورة.
هل يوجد رقيب داخلى عند بهاء طاهر؟
- كل كاتب فى الدنيا لديه رقيب داخلى، وهو أن تتحكم فى ما تنشره وإذا شعرت أن ما كتبته لا يضيف جديدا لك، فيجب ألا تنشره، هذا هو رقيبى الوحيد.
ما الذى تهتم به فى اللغة وتركز عليه أثناء الكتابة؟
- لو ترى مدى العناء الذى أواجهه أثناء الكتابة لعرفت الإجابة على سؤالك، لأنى أعيد كتابة الجملة الواحدة فى أى فقرة أكثر من مرة، وبلا مبالغة أعدت كتابة الجملة الأولى فى أول فقرة برواية الحب فى المنفى مائة مرة، وأنا أهتم باللغة التى وصفها ابن المقفع بقوله « إذا قرأها الجاهل ظن أنه يكتب مثلها»، وهى اللغة البسيطة بساطة مطلقة، لكنها فنيا تنتمى إلى السهل الممتنع، وليس بها شوائب من الكلمات غير المفهومة، فهى لغة سلسة، وفيها جمال، ولا يتعذر على أى قارئ أن يشعر بمضمونها، هذه هى مواصفات اللغة التى أسعى إليها.
ما رأيك فى اللغة التى يكتب بها الأدباء الشبان؟
- لى عليهم مآخذ كثيرة، بعضهم طبعا وليس كلهم، أولها عدم اعتنائهم بقواعد اللغة، ولا يعرفونها، وحجتهم المصحح، وهذا طبعا غير معقول، فاللغة جزء من الكاتب، وليس عيبا أن نذاكر عربى، فماذا سيفعل المصحح، وكيف تصيغ لغة سلسة وطيعة بين يديك إذا لم تكن سليمة، والسلامة اللغوية ليست هى البلاغة، وإنما هى جزء أساسى من مكونات البلاغة.
بخصوص ترشيحك لجائزة نوبل، هل هناك مشروع عربى معين يجب أن يحصل على هذه الجائزة بعد محفوظ؟
- طبعا أشكر من رشحونى وأنا مدين لهم بهذا الفضل وأعتبره أكبر من الجائزة، لكن هناك إشكالية خاصة بهذه الجوائز لأنها تعمل فى نطاق من الكتمان والسرية، بمعنى أنه لديهم جهاتهم التى تتولى الترشيح ذاتيا، وهذه الترشيحات تتعرض للعديد من التصفيات الكثيرة، فلا يجب أن نعول على الترشيح للجائزة، وهناك كتاب مازالوا على القائمة منذ 25 عاما مثل الكاتب الألبانى المعروف إسماعيل قدارى.
ولماذا لم يكتب النقاد عن عمل لروائى كبير مثل بهاء طاهر؟
- أين هم النقاد، نحن نعيش، ومع احترامى الشديد للأسماء الموجودة فى الساحة، لكنى ألتمس لهم العذر، لأنه ليست لديهم منابر ليكتبوا ويعبروا عما لديهم، والمساحات الممنوحة لهم فى الصحف تلزمهم بعدد معين من الكلمات سواء 700 كلمة أو 800 كلمة، وتمنعهم من التعبير عما لديهم بصورة مكتملة، مما جعل المحصلة النهائية أنه لم يعد لدينا نقاد، والساحة النقدية خلت من أسماء كبيرة مثل محمد مندور، عز الدين إسماعيل، رشاد رشدى، رجاء النقاش، أنور المعداوى، على الراعى، والذين شكلوا تيارات نقدية قوية وكانوا معا كوكبة كبيرة والتى كان يكفى رأى نقدى لأحدهم لنشر العمل وانتشاره، لدينا الآن نقاد مجيدون ومبدعون لكن أين ينشرون، فلدينا فاروق عبدالقادر، وصبرى عبدالحافظ لكن ليست لديهم صفحات ثابتة، حتى الدكتور جابر عصفور وصلاح فضل، فهم مقيدون بمساحات فى الصحف، وليست ثابتة.
لمعلوماتك..
ولد الكاتب الكبير بهاء طاهر عام 1935.
حصل على جائزة مبارك فى الآداب عام 2009.
الجائزة العالمية للرواية العربية «البوكر العربية» فى أولى دوراتها عن روايته «واحة الغروب» 2007.
جائزة الدولة التقديرية فى الآداب عام 1998.
صدرت له حتى الآن ست روايات، من أهمها: «خالتى صفية والدير» 1991، و«الحب فى المنفى» 1995، وأربع مجموعات قصصية، بالإضافة إلى الدراسات الأدبية والنقدية والترجمات.
استبعده وزير الثقافة يوسف السباعى من العمل بالإذاعة حيث كان يشغل منصب نائب مدير البرنامج الثانى بناء على شكوى أطلقت على البرنامج اسم البرنامج الأحمر.
حصل بهاء طاهر على ليسانس الآداب فى التاريخ من جامعة القاهرة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.