غاضبون نحن، يعتصرنا الألم، يخيم علينا الحزن الشديد، لما وصل إليه حال البحث العلمى فى مصر، متسائلون: كيف تردت أوضاع البحث العلمى فى بلادنا إلى هذا الحد؟ ونتعجب أشد العجب ونستنكر أن أى من جامعاتنا لم تكن ضمن أفضل خمسمائة جامعة على مستوى العالم، ونحن الذين كنا فى وقت من الأوقات منارة العلم وحملة مشاعل التنوير فى العالم العربى بل والشرق الأوسط؟ كيف لجامعات وليدة، قد سبقتها بعض جامعاتنا بعقود طويلة أن تشملها قائمة افضل جامعات العالم بينما تخلو القائمة من أية جامعة مصرية، وسوف أسرد لكم واقعتين حدثتا فى جامعة حلوان، لكى يزول عنا بعض من العجب والاستنكار. الأولى: إن وضعت هذا ضمن شروطها التعجيزية المعتادة للتقدم لمنح الماجستير والدكتوراه التى تقدمها الجامعة لطلبة الدراسات العليا، شرطا غريبا ألا وهو أنها اشترطت أن يكون المتقدم لنيل منحة الدكتوراه قد حصل على تقدير جيد جدا فى مرحلة البكالوريوس، وقد يبدو هذا الشرط مستساغا وقبولا لو أنهم وضعوه للمتقدمين لنيل منحة الماجستير باعتبارها المرحلة التى تسبق الماجستير، إما أن يفرض هذا الشرط على طلبة الدكتوراه فهذا لهو العجب العجاب، وقد يتساءل البعض وما العجب فى ذلك؟ فمن الجيد أن يشترط التفوق للحصول على المنحة، فأجيبهم، حسنا، فلنفترض أن طالب الدكتوراه المتقدم للمنحة حاصل على درجة الماجستير بتقدير امتياز، ولكنه حاصل على تقدير جيد فى مرحلة البكالوريوس، فإنه طبقا لهذا الشرط التعجيزى لن يستطيع التقدم للحصول على المنحة، بينما طالب دكتوراه آخر حاصل على درجة الماجستير بتقدير مقبول، وتقدير جيد جدا فى مرحلة البكالوريوس يمكنه الحصول على المنحة، فأى منطق مغلوط هذا؟ وأى شروط هذه التى تستعصى على الفهم؟ اليس من المنطق ان تقدير درجة الماجستير تجب ما قبلها؟ والواقعة الثانية: إنهم اختصروا الفترة الزمنية المتاحة لنيل درجة الماجستير من خمس سنوات إلى ثلاثة لا تقبل الزيادة بأى شكل من الأشكال ولأى سبب من الأسباب، تشمل السنة التمهيدية أى أن العد التنازلى لطالب الماجستير يبدأ من التاريخ الذى يقوم فيه بفتح ملف القبول بالدراسات العليا، فتعالوا معى نقوم بعملية حسابية بسيطة، سنة تمهيدى، ثم سنة أخرى يقضيها فى البحث عن موضوع يصلح كأطروحة للماجستير و"اللف كعب داير" على الجامعات المصرية ليتأكد أن موضوعة لم يسبق تناوله بالبحث والدراسة من قبل، فضلا عن إجراءات التسجيل، والمجالس العلمية التى يدخلها موضوعه ويخرج منها، حتى يسجل باسمه فى النهاية، فهاكم سنتان قد ضاعا من عمر الرسالة، والمطلوب من أن ينتهى من مناقشة، "وضع ألف خط" تحت مناقشة، لأن مراجعة المشرف للرسالة العلمية بعد أن ينتهى الطالب من كتابتها وكذلك تحيد اللجنة التى سوف تناقش الرسالة وقراءة أعضاء اللجنة للرسالة قبل المناقشة، سوف تستغرق فى أحسن الأحوال سنة كاملة، وما ينطبق على الماجستير ينطبق على الدكتوراه التى تم اختصاره مدتها أيضا من خمس سنوات إلى أربعة، فبالله عليكم أعطونى عقولكم وعقول جهابذة العالم منذ أن خلق الله الأرض ومن عليها حتى الآن لكى أحل هذه الفزورة، كيف ومتى سوف يحصل الطالب على درجته العلمية فى ثلاث سنوات أخذتها منه الإجراءات قبل أن يبدأ؟، يعنى المدة انتهت قبل أن يبدأ، عارفين ياخدها امتى!! فى المشمش" ويبقى يقابلنى أى باحث فيك يا مصر يحصل على رسالة علمية بعد كدا" وهو المطلوب إثباته. وها هى قد سنحت الفرصة للكاتب الصحفى "حلمى النمنم" لكى يطالب بتطبيق نظريته التى تطالب بمعاقبة هؤلاء الباحثين المتخاذلين الذين لايستحقون المال الذى تقتطعه من أجلهم الحكومة من لحمها الحى، ويطالبهم برد ما صرف عليهم، أو أنهم يعملون زبالين وكناسين فى الجامعات ليكونوا عبرة لأمثالهم من المشتغلين بالبحث العلمى.