كانت الساعة الثانية والدقيقة الواحدة والعشرين بعد الظهر (حسب التوقيت الفرنسى) فى مثل هذا اليوم "7 مايو 1945"، حين تم توقيع صك استسلام ألمانيا فى الحرب العالمية الثانية، أما المكان الذى شهد هذه اللحظة، فكان فى دار مدرسة صغيرة حمراء هى مركز قيادة الجنرال "أيزنهاور"، قائد القوات المشتركة لدول الحلفاء فى هذه الحرب. كان هذا الاستسلام بمثابة انتهاء الحرب بعد 5 سنوات وثمانية أشهر وستة أيام، سقط خلالها مابين 62 مليونًا و78 مليون قتيل، كما جاء بعد خمس سنوات وسبعة شهور وثمانية عشرة يوما من قول الزعيم النازى الألمانى هتلر: "عدد الأسرى البولنديين يزداد دقيقة بعد أخرى، فيرتفع من 50 ألف أسير فى الدقيقة، إلى 70 ألف ف"مائة ألف"، ويهددنا الإنجليز بأن الحرب ستطول إلى ثلاث سنوات، ولكن مهما دامت، فإن كلمة التسليم لن تخرج من فم ألمانى، حتى لو استمرت الحرب أربع أو خمس، أو ست، أو سبع سنوات. قال هتلر كلماته بفخر وخيلاء، وكأنه يمسك النصر بيديه، وأنه لن يغادره أبدًا، لكنه وبعد حصار الجيش الروسى "الأحمر" لمدينة برلين وغزوها، لم يجد مفرًا من الاستسلام، والذى وقع بعد أن أقدم على الانتحار يوم 30 إبريل 1945. فى تفاصيل توقيع صك "الاستسلام" كان كل شىء معدا لإذلال ألمانيا بجدارة، وحسب تغطية صحيفة "الأهرام" للحدث فى يوم "8 مايو 1945": لم يحضر "أيزنهاور" قائد الانتصار لحظة التوقيع، لكنه استقبل القائدين الألمانيين الذين وقعا عليه، وهما الجنرال "بودل"، والجنرال "هانس فرديد بيرج"، وسئل الاثنين قبل توقيعهما عدة مرات، عما إذا كانا يدركان بدورهما أهمية شروط الاستسلام المفروضة على ألمانيا، وإذا كان فى استطاعتهما تنفيذهما، فردا: "نعم، نعم"، وبعد التوقيع طلب الجنرال "بودل" أن يتكلم فلما سمح له بهذا قال بألم وحسرة: "بتوقيعى هذا أضع مصير الشعب الألمانى والقوات المسلحة الألمانية فى أيدى الظافرين". كان الصك الأول للاستسلام يتألف من 15 صفحة كبيرة، ويعنى بكل ما يحتمل أن يخرج عن اتفاق السلاح، ويضمن صك الاستسلام الثانى، تعيين المكان الذى يتم فيه تسليم البحرية الألمانية بما فى ذلك الغواصات الكبيرة بصفة رسمية إلى الحلفاء، ويشير بإسهاب وتفصيل إلى أماكن وجود القوات المسلحة الألمانية، ويجرد القوات الألمانية من الأسلحة القتالية. كانت شروط الاستسلام تعنى إدخال ألمانيا لسنوات قادمة من المعاناة والصعوبات الكبيرة، وهذا بالضبط ما أشار إليه وزير الخارجية الألمانى "شفيرين فون كروسيك" فى بيانه للشعب الألمانى والذى قال فيه: "يجب أن لا يغامر أحد منا شىء من الغرور أو الوهم بشأن صرامة الشروط، التى سيفرضها أعداؤنا على الشعب الألمانى، فمن واجبنا الآن أن نواجه مصيرنا مواجهة صريحة، ولا يمكن أن يشك أحد فى أن المستقبل سيكون شاقا لكل واحد منا". فى مصر، كان الملك فاروق يقضى عطلة شم النسيم فى مزرعته ب"انشاص"، وفيها تلقى الخبر.