ريهام العادلي تكتب: ذكرى تحرير سيناء .. وعظمة الانتصار المصري    البورصة المصرية تخسر 50 مليار جنيه في ختام تعاملات الأربعاء    بعد الموافقة عليه.. أهداف هامة لقانون "التأمين الموحد"    محافظ أسوان يوجه بتركيب ماكينة صراف آلي لأهالي قرية العباسية بكوم إمبو    رئيسة تايوان تشيد بإقرار الكونجرس الأمريكي لحزمة مساعدات لبلادها    سفير بكين بالقاهرة: الصين تساهم بنسبة 30% فى النمو الاقتصادي العالمي    وزير الدفاع الإسرائيلي: القضاء على نصف قادة حزب الله في جنوب لبنان    الإعلان عن جدول مباريات مباريات نصف نهائي كأس مصر للكرة الطائرة    فانتازي يلا كورة.. من حصد نقاط "Bonus" في الجولة 34؟    إصابة 3 أشخاص إثر حادث تصادم سيارتين في القاهرة الجديدة    تأجيل محاكمة المتهمين بقت.ل طبيب التجمع    ثقافة وسينما وموسيقى.. نشاط مكثف ل الأوبرا نهاية ابريل (تفاصيل)    أوبرا دمنهور تحتفل بعيد تحرير سيناء الأحد (تفاصيل)    مهرجان الإسكندرية السينمائي يكرم العراقي مهدي عباس    5 كلمات.. دار الإفتاء: أكثروا من هذا الدعاء اليوم تدخل الجنة    حقيقة حديث "الجنة تحت أقدام الأمهات" في الإسلام    مايا مرسي تشارك فى ندوة "الأعراف الاجتماعية المؤثرة على التمكين الاقتصادى للمرأة"    الخارجية الأمريكية تحذر باكستان من احتمال التعرض لعقوبات بسبب تعاملاتها مع إيران    «لوفيجارو»: مئات الآلاف من الأرجنتينيين يتظاهرون للدفاع عن التعليم الجامعي المجاني    قبطان سفينة عملاقة يبلغ عن إنفجار بالقرب من موقعه في جنوب جيبوتي    الصين تكشف عن مهام المركبة الفضائية «شنتشو-18»    رئيس جامعة الزقازيق يُهنئ السيسي بمناسبة الذكرى ال42 لأعياد تحرير سيناء    برلمانية: ذكرى تحرير سيناء الغالية تحمل أسمى معاني الوفاء والعزة والفخر    عاجل.. برشلونة يقاضي ريال مدريد بسبب هدف لامين يامال    أيمن الشريعى: لم أحدد مبلغ بيع "اوفا".. وفريق أنبى بطل دورى 2003    جِمال الوادي الجديد تحصد مراكز متقدمة بمهرجان سباق الهجن بشمال سيناء.. صور    يسري وحيد يدخل حسابات منتخب مصر في معسكر يونيو (خاص)    11 يومًا مدفوعة الأجر.. مفاجأة سارة للموظفين والطلاب بشأن الإجازات في مايو    مع بدء الاستعداد لتقديم تطبيق التوقيت الصيفي.. تعرف على أهميته وفقا للقانون    المديريات تمنع مرور معلم المادة على اللجان أثناء فترة امتحان صفوف النقل    العدل تبدأ الجلسة الرابعة ل"اختراعات الذكاء الاصطناعى وملكية الاختراع"    دماء على «فرشة خضار».. طعنة في القلب تطيح بعشرة السنين في شبين القناطر    بعد أن وزّع دعوات فرحه.. وفاة شاب قبل زفافه بأيام في قنا    برلماني: توجيهات الرئيس السيسي بتطوير منظومة النقل خطوة مهمة    الترويج للاستثمار في مجالات التحول الأخضر والربط الكهربائي لتحويل مصر لمركز إقليمي للطاقة    محافظ الغربية يتابع استعدادات المركز التكنولوجي بطنطا لتطبيق قانون التصالح    أفلام موسم عيد الفطر تحقق 19 مليون جنيه خلال أسبوعها الثاني في دور العرض    توقعات علم الفلك اليوم الأربعاء 24 أبريل 2024    تعرف علي موعد عرض مسلسل نقطة سوداء    نقيب «أسنان القاهرة» : تقديم خدمات نوعية لأعضاء النقابة تيسيرا لهم    في ذكرى تحرير سيناء.. المؤتمر: أرض الفيروز بقعة مقدسة لمصر    الكشف على1017 مواطنا في 10 عيادات تخصصية بالإسماعيلية    فوز الدكتور محمد حساني بعضوية مجلس إدارة وكالة الدواء الأفريقية    قد تكون قاتلة- نصائح للوقاية من ضربة الشمس في الموجة الحارة    للوقاية من الإصابة ب "تشمع الكبد"- اتبع هذه النصائح    القبض على 5 عصابات سرقة في القاهرة    ضبط 4 أشخاص بسوهاج لقيامهم بالتنقيب غير المشروع عن الآثار    للقضاء على كثافة الفصول.. طلب برلماني بزيادة مخصصات "الأبنية التعليمية" في الموازنة الجديدة    إبادة جماعية.. جنوب إفريقيا تدعو إلى تحقيق عاجل في المقابر الجماعية بغزة    "التجديد بشرطين".. مهيب عبد الهادي يكشف مصير علي معلول مع الأهلي    اسكواش - فرج: اسألوا كريم درويش عن سر التأهل ل 10 نهائيات.. ومواجهة الشوربجي كابوس    « إيرماس » تنفذ خطة لتطوير ورشة صيانة الجرارات بتكلفة 300 مليون جنيه    الحج في الإسلام: شروطه وحكمه ومقاصده    «خيال الظل» يواجه تغيرات «الهوية»    رئيس هيئة الرعاية الصحية: خطة للارتقاء بمهارات الكوادر من العناصر البشرية    دعاء العواصف والرياح.. الأزهر الشريف ينشر الكلمات المستحبة    ما حكم تحميل كتاب له حقوق ملكية من الانترنت بدون مقابل؟ الأزهر يجيب    أجمل مسجات تهنئة شم النسيم 2024 للاصدقاء والعائلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الذين يعبدون الله على حرف.. والإيمان المصرى
نشر في اليوم السابع يوم 07 - 05 - 2014

نحن أحوج ما نكون إلى تعميق علاقتنا بربنا مباشرة من خلال كدح السعى إليه، بكل العبادات والوسائل من التسبيح إلى الإبداع إلى العمل وبالعكس، حتى لا ننساق وراء قشور من لا يعرفون طريق الحق، فيستعملون شوقنا الفطرى إلى الله سعيا إلى وجهه، لخدمة مطامعهم فى السلطة والمال والبنون. مصر فيها دين طبيعى بسيط، يعرفه كل مؤمن جميل بسيط، مما يأتى الله بقلب سليم.
الذين يعبدون الله على حرف يتمحكون فى معلومة من هنا، أو رأى عابر جاء فى حوار فى رواية أو مسرحية هناك، فيهتفون متشنجين أن الله موجود كما جاء فى قول فلان (يا حبذا لو كان خواجة، فى رواية كذا)، والذين يعبدون الله على حرف أيضا، يلتقطون معلومة علمية جزئية محدودة، فيها شبهة تماس مع بعض ألفاظ نص مقدس، وهات يا تفسير الدين بالعلم، والعلم بالدين، بما يشوه كلا من الدين والعلم معا.
المعرفة الأصل، والفطرة السليمة تتجاوز هذا التلفيق والتشويه، لتظل حركية الإيمان/الإبداع/التعمير/نفع الناس: هى الوجود البشرى فى أنقى صوره.
الإيمان موقف وجودى حياتى حيوى، يمتد بالوعى البشرى إلى الوعى الكونى كدحا إلى ربنا لنلاقيه، هو عملية فردية/جماعية بقائية/تطورية/متجددة/ مستمرة، لا يمكن اختزالها إلى أى شعار، أو تهميشها بأى قرار أو تنظيم، كما لا يمكن حبسها بأية وصاية أو تقزيم.
خذ مثلا ما شاع بفرحة ساذجة عن كيف أن ديستويفسكى فى "الإخوة كارامازوف" قد أنهى أو كاد ينهى الرواية بإعلان ما معناه "إذا لم يكن الله موجودا فكل شىء مباح"، أذكر أن الرواية حين تمصرت فيلما "الإخوة الأعداء" وقيلت هذه الجملة بلهجة خطابية فى الفيلم، صفق الناس فى الصالة، وهللوا، هؤلاء الناس الطيبون يصفقون لعبارة حوارية عابرة مستوردة، تؤكد لهم "نفع" وجود الله، فيعلنون بذلك هشاشة إيمانهم، وضعف يقيينهم، وكأن مثل هذه العبارة هى إثبات جديد أن "الدين كويس جدا"، أو"أن وجود الله مفيد أيضا"!! وبالتالى علينا أن نتمسك به، وننتخب بالمرّة كل من يلوّح لنا أنه قادر على نشره وصيانته!
هيا نقرأ – كمثال- ما أسعد الناس فصفقوا له، يقول: إيفان كارامازوف ما وصل إلى المشاهدين أنه: "...إذا لم يكن الله موجودا فكل شىء مباح"، أو بالنص: "...إذا فقدت الإنسانية هذا الاعتقاد بالخلود فسرعان ما ستغيض جميع ينابيع الحب، بل سرعان ما سيفقد البشر كل قدرة على مواصلة حياتهم فى هذا العالم، أكثر من ذلك أنه لن يبقى شىء يعد منافيا للأخلاق، وسيكون كل شىء مباحا حتى أكل لحوم البشر"، فيصفق الناس وينسون أن إيفان يقول فى نفس الرواية: "... لا يعلم أحد ماذا كان يمكن أن أصنع به ذلك الذى اخترع الله أول من اخترعه، إن الشنق قليل عليه..".
علاقة الإنسان بربه أقوى وأقدم من هذا وذاك، هذا ما يعرفه الأطفال، والعجائز، وكل من أتى الله بقلب سليم.
كتبت – ناقدا – من وحى هذه الرواية "إنه لم يظهر فرد فى الرواية صغيرا أو كبيرا لم تمثل عنده قضية الإيمان ووجود الله (وليس فقط الدين) محورا خطيرا وأرضية متفجرة، لا إيليوشا ابن الكابتن سينجريف ولا أبوه ولا إخوته، ولا أمه"، أوصلنى نقدى للرواية إلى فرض يقول باستحالة الإلحاد بيولوجيا، بمعنى أنه وصلنى كيف أن تنظيم الخلية البشرية فى ذاته، يتوجه بطبيعة فطرته نحو استعادة هارمونيته مع تنظيم الكون على اتساعه، وأن الوعى بهذا النزوع يوجهنا بشرا لنبدع أنفسنا بتجدد متصل نحو استعادة التوازن مع الكون، فنؤمن بالله، وأن أية مخالفة لهذا القانون البيولوجى الحافز إلى التناسق الإيمانى، ليس إلا من ألعاب العقل المبرمج حديثا من خارجه، أما الخلية فتظل مبرمجة تطوريا بما يوجهها إلى إطلاق فطرتها، وإلا ضمرت وفنيت، الأمر الذى لا مجال لتفصيله هنا والآن. المهم أن قضايا الإيمان والتدين تتفجر بكل إشراقها من أصالة حركية الإبداع، إقرارا وإنكارا، وأن هذه الحركية هى الآلية الأساسية اللازمة لتحريك جدل الإيمان، وأنها ما زالت قائمة وفاعلة فى عمق وجود شعبنا الأصيل.
محفوظ قدّم لنا الطريق إلى الإيمان فى معظم أعماله، إن لم يكن كلها، وفى رأيى – وقد صارحته بذلك – أن "أولاد حارتنا" كانت من أقلها نجاحا فى القيام بهذه المهمة، مقارنة برحلة ابن فطومة، والأصداء، وملحمة الحرافيش وغيرها، وغيرها، ولنا فى ذلك عودة.
الإيمان المصرى العريق يتجلى فى كل لحظة فى كل بيت، وفى كل شارع، وفى كل وجه يعيشه أى مؤمن مصرى أشعث أغبر، خلط الإيمان بلحمه ودمه، ليس للنار فيه نصيب، وهو لا يحتاج أن يتكلم صاحبه بلغة خاصة، ولا أن يستشهد بنصوص بذاتها، فهو محورٌ وجودىٌّ فى حياة كل ناس هذا الشعب، ممن لم يتشوهوا بتسليم لسلفية تاريخية، أو سلفية حديثة. هذا الإيمان لا يكون كذلك، إلا إذا وقر فى القلب وصدّقه العمل
هيّا معا
والله المعين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.