يحيى الطاهر عبد الله، عملاق القصة القصيرة، والمولود فى 30 من إبريل، عام 1938م، وتمر اليوم ذكرى ميلاده السادس والسبعون، يأخذك أثناء قراءة أعماله إلى عوالم لم تعدها من قبل، يعطيك من غزارة تجاربه ما يجعلك تعى أننا فى بلد ليست على ثقافة واحدة بل متعددة الأعراق، والثقافات؛ الفائدة من كتابته ليست مجرد الاستمتاع بالنص الأدبى، ولكنك تقرأ قصصه القصيرة فتنظر إلى الحياة من زاوية أخرى، ولا تشعر معه بالملل أبدًا، فهو سارق بارع للوقت، وللروح أيضًا. قدمه الأديب يوسف إدريس فى مجلة "الكاتب" ونشر له مجموعة "محبوب الشمس" بعد أن قابله فى مقهى ريش، وقدمه أيضا الأديب عبد الفتاح الجمل فى الملحق الأدبى بجريدة المساء، فساعده ذلك على ظهور نجمه كواحدٍ من أبرز كُتاب القصة القصيرة. جمعت بين الطاهر عبد الله، والشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودى، والشاعر أمل دُنقل، صداقة عميقة، ويقول الأبنودى فى مقالة له بعنوان "لم أكن أخشى شيئًا سوى الطاهر عبد الله"، والمنشور فى عام 2001 بجريدة أخبار الأدب، "أنه ذات صباح شتائى منذ حوالى أربعين عامًا أو أكثر دلف إلى مكتبى بمحكمة قنا الشرعية شاب نحيل الجسم جدا ضعيف البنية، قلق النظرات كأن به مسا وقال فى عظمة: هل أنت عبد الرحمن الأبنودى، أنا يحيى الطاهر عبد الله من كرنك الأقصر، جئت للتعرف عليكما أنت وأمل دنقل". ومن هذه البداية، توطدت بين الثلاثة "الطاهر والأبنودى ودنقل" علاقة صداقة حميمية، فيقول الأبنودى فى المقال نفسه " مازلت أعود إلى قصص يحيى الطاهر عبد الله، كلما أردت الاتصال به، فقد كانت علاقتنا أكثر من حميمة، وكان بالنسبة لى أكثر من شقيق. فكان الأصدقاء الثلاثة من أهم كُتاب الصعيد، وأصبح الطاهر من أهم مطورى القصة القصيرة، بعد أن أدخل الشاعرية والتكثيف للقصة، مما أضاف، وفتّح طرق كثيرة لتطوير هذا الفن الجميل، فاستحق بذلك لقب "شاعر القصة القصيرة". كتب يحيى الطاهر خلال حياته القصيرة، عددًا من الأعمال الإبداعية المتميزة، منها " ثلاث شجيرات كبيرة تثمر برتقالاً، الدف والصندوق، تصاوير من التراب والماس والشمس، والطوق والأسورة، الذى تحول لفيلم سينمائى حمل نفس الاسم، ومن بطولة الفنانة شريهان"، كما نشرت له أعماله الكاملة فى عام 1983 عن دار المستقبل العربى، وضمت مجموعة قصصية كان يحيى قد أعدها للنشر ولكنه توفى قبل أن يبدأ فى ذلك وهى "الرقصة المباحة، وقد ترجمت أعماله إلى العديد من اللغات منها "الإيطالية والألمانية، والبولندية، والإنجليزية". وفى يوم الخميس 9 من إبريل عام 1981م، رحل يحيى الطاهر عبد الله فى هدوء على آثر حادث سيارة على طريق الواحات، فكان من ضمن هؤلاء الذين يرحلون، ويغيبون حد الحضور.