عبد اللطيف: إجراء وضع المدارس تحت الإشراف المالي أقوى من سحب تراخيصها    بدء مؤتمر «الوطنية للانتخابات» لاطلاع الرأي العام على تصويت الخارج    وزير التعليم عن الاعتداء على الصغار في المدارس: حوادث فردية وبشوف حفيدي مع كل واقعة    وكيل أوقاف بني سويف يوجه الواعظات بالتفاعل الإيجابي مع قضايا المواطنين    جامعة مصر للمعلوماتية: تخريج أول دفعة فى مجالات تحليل البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعى    وزير السياحة يبحث مع سفير هولندا تعزيز التعاون الثنائي    الدبيبة: تلقينا نبأ وفاة محمد الحداد ورئيس أركان القوات البرية    إدانة متهمين بالتخطيط لهجوم يستهدف مئات اليهود في بريطانيا    مسار يهزم وادي دجلة بسداسية في دوري الكرة النسائية    عبد اللطيف: البكالوريا متوافق مع الأنظمة الدولية وتمنح الطلاب فرصة التحسين    لا كوتة للمصريين أو الأجانب.. تفاصيل أول اجتماع لمجلس إدارة المتحف المصري الكبير    أحمد رفعت: الصدفة قادت عصام عمر وأحمد آمين للبطولة المطلقة    الكشف على 1044 مواطناً بالقافلة الطبية في قرية العقادة بالإسماعيلية    مقتل 5 من رجال الشرطة في هجوم شمال غرب باكستان    «طلقنى» للجمهور من اليوم !    30 ألف وثيقة تكشف تفاصيل جديدة عن علاقة ترامب بإبستين: كان راكبا في 8 رحلات جوية على الأقل    رسميًا .. بلجيكا تنضم لدعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية    رئيس الجمارك يوضح آلية التسجيل المسبق للشحنات الجوية «ACI» ويؤكد استمرارية دور المستخلص إلكترونيًا    «كوانتم إنفستمنت بي في» تزيد حصتها في شركة إيديتا للصناعات الغذائية في صفقة تبلغ قيمتها 1.26 مليار جنيه    هل يجوز قضاء الصلوات الفائتة بأكثر من يوم باليوم الواحد؟.. أمين الفتوى يجيب    الأرصاد الجوية ترصد تفاصيل الظواهر الجوية المتوقعة غدا الأربعاء .. اعرف التفاصيل    هل أكل لحم الإبل ينقض الوضوء؟.. أمين الفتوى يجيب    حسام عبدالغفار: التأمين الصحي الشامل يحظى باهتمام كبير من الدولة    أبو الغيط يدعو إلى التفاعل الإيجابي مع مبادرة السلام السودانية المقدمة لمجلس الأمن    غرفة العمليات الحكومية الفلسطينية تحذّر من خطورة الوضع الإنساني بقطاع غزة    المصرية للاتصالات تختار "نايس دير" لإدارة خدمات الرعاية الصحية لموظفيها    محافظ المنيا يتابع الجاهزية الطبية ويشيد بجودة الخدمات المقدمة    تعرض محمد منير لوعكة صحية ونقله للمستشفى.. اعرف التفاصيل    إحالة للمفتي.. الحكم علي عاطل قام بخطف طفله وهتك عرضها في البحيرة    مؤتمر أدباء مصر يُكرم الدكتور أحمد إبراهيم الشريف تقديرا لمسيرته الإبداعية    كواليس كليب المطربة لطيفة تسلملى.. فيديو وصور    رئيس "سلامة الغذاء" يستقبل نقيب الزراعيين لتعزيز التعاون المشترك    استعدادا لعرضه رمضان 2026| انطلاق تصوير مسلسل «توابع» ل ريهام حجاج    ما هو مقام المراقبة؟.. خالد الجندي يشرح طريق السالكين إلى الله    جامعة كفر الشيخ تكرم طلاب «الذكاء الاصطناعي» الفائزين في مسابقة للمطورين    البحوث الفلكية تكشف موعد ميلاد شهر شعبان وأول أيامه فلكيا    وكيل وزارة الشباب والرياضة بالفيوم يستقبل لجنة «المنشآت الشبابية والرياضية» لمتابعة أعمال مراكز الشباب بالمحافظة    حكام مباراة الثلاثاء ضمن منافسات الدوري الممتاز للكرة النسائية    مليار مشاهدة.. برنامج دولة التلاوة فى كاريكاتير اليوم السابع    مودى ناصر يوقع على رغبة الانتقال للزمالك وإنبى يحدد 15 مليون جنيه لبيعه    ميناء دمياط يضخ 73 ألف طن واردات في يوم حيوي    جيش الاحتلال: لن ننسحب من قطاع غزة ولن نتحرك مليمترا واحدا من سوريا    أمم إفريقيا - مؤتمر محرز: لا أعذار.. نريد كتابة تاريخ جديد لمنتخب الجزائر    أمم إفريقيا – مؤتمر مدرب السودان: أحيانا أسمع وفاة أحد أفراد أسرة لاعب في الفريق    محافظ شمال سيناء يفتتح عددا من الوحدات الصحية بمدينة بئر العبد    كيان تعليمى وهمى.. حيلة "مستريح مدينة نصر" لاستقطاب ضحاياه    البابا تواضروس الثاني يستقبل الأنبا باخوميوس بدير القديس الأنبا بيشوي بوادي النطرون    إدارة ترامب ترفع مكافأة الترحيل الطوعي للمهاجرين إلى ثلاثة آلاف دولار    وزير التعليم في جولة مفاجئة بمدارس إدارتي ببا وسمسطا بمحافظة بني سويف    ضبط شخصين بالمنيا لاتهامهما بالنصب على المواطنين    فريق طبي بسوهاج الجامعية ينجح في إجراء جراحة لاستئصال ورم سرطانى خبيث بالعين    الأهلي في اختبار صعب أمام المحلة بكأس الرابطة    وائل القباني: هجوم منتخب مصر الأقوى.. والتكتيك سيتغير أمام جنوب إفريقيا    جرى عزلهم 2016 بتهمة ممارسة السياسة : «قضاة من أجل مصر » يعودون إلى المواجهة مع مجلس القضاء الأعلى    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 23ديسمبر 2025 فى المنيا    وزارة التعليم: أحقية المعلمين المحالين للمعاش وباقون في الخدمة بحافز التدريس    نظر محاكمة 89 متهما بخلية هيكل الإخوان.. اليوم    أمم إفريقيا - ياسر إبراهيم: أحب اللعب بجانب عبد المجيد.. ونعرف جنوب إفريقيا جيدا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأزمة المالية العالمية صناعة أمريكية
نشر في اليوم السابع يوم 04 - 12 - 2009

أعرف أن رأيى هذا قد يكون غريبا لدى الكثيرين الذين قد ينظرون إليه على أنه نتاج اعتقاد سائد لدى أكثر شعوب العالم الثالث عموما والعالم الإسلامى خصوصا، فيما يعرف بنظرية المؤامرة التى تفسر كل تصرف لأمريكا ومن يدورون فى فلكها، على أنه مقصود به إلحاق الأذى والضرر بالشعوب الأخرى وأن كل أذى أو ضرر يحيق بشعوب هذه الدول هو نتاج مؤامرة من الدول الكبرى.
وعلى الرغم من عدم إيمانى بهذه النظرية وعلى وجه الخصوص شقها الأخير إلا أن تصرفات أمريكا وبعض الدول الأخرى تجاه دول العالم الثالث تقوى الإحساس بهذه النظرية وتعضدها، ومن الغريب أن أكثر أنصار هذه النظرية ومنشئوها لم يتهموا أمريكا حتى الآن بحياكة ما يدعى ب"الأزمة المالية العالمية"، رغم أن أكثر المتضررين منها هم دول العالم الإسلامى والعالم الثالث، وأعرف أن رأيى هذا قد يحتمل الصواب والخطأ، ولكنى سأوضح للقارئ الكريم ما بنيت عليه رأيى هذا ولينظر معى أن كان صوابا أم خطأ ولقد بنيت ما أدعيه على عدة أسس منها:
أولا: لا يوجد فقد للثروة
إذا كانت هناك أسرة مكونة من خمسة أفراد ويمتلك كل فرد من أفراد هذه الأسرة مبلغ مليون جنيه فإن رأس مال الأسرة يكون خمسة ملايين جنيه، فإذا انتقلت رؤوس المال داخل الأسرة فأفلس أربعة منهم وتملك الخامس الملايين الخمسة فإننا هنا نكون بصدد أزمة مالية فردية أصابت بعض أفراد الأسرة، أما الأسرة نفسها ككيان واحد فلم يصبها أى مكروه، لأن انتقال رأس المال من فرد إلى آخر لا يحدث أزمة عامة وهذا هو عين ما ينطبق على الدولة فكل يوم يحدث انتقال للثروة من أفراد إلى آخرين داخل الدولة الواحدة، دون أن يؤثر هذا الأمر على قوة الدولة الاقتصادية ولا تتأثر القوة الاقتصادية للدولة، إلا بفقدان الثروة نفسها، وكما يقال فإنه إذا احترق قميص ثمنه عشرة جنيهات وبداخله ألف جنيه فإن صاحب القميص يكون قد خسر ألفا وعشرة جنيهات، أما الدولة فتكون قد خسرت أحد عشر جنيها فقط لا غير، لأن الخسارة الحقيقية هى فى ثمن القميص، أما النقود فتستطيع الدولة أن تقوم بإصدار نقود مساوية لها لا تكلفها سوى جنيه واحد هو تكلفة الطباعة، وعلى هذا فتكون الخسارة الفادحة فى القميص"الثروة"، ولأن النقود فى ذاتها ليست ثروة، ولأنه فى حالتنا هذه لا يوجد فقدان للثروة وكل ما حدث هو انتقال لرؤوس الأموال من جهات وهيئات "بنوك شركات تأمين........" إلى الأفراد وعجز الأفراد عن الوفاء بالتزاماتهم، ولكن الثروة "العقارات وغيرها" ما زالت موجودة ولم تفقد وهذا الأمر لا يحدث أزمة مالية عالمية والأزمة المالية العالمية لا تحدث إلا بفقدان الثروات سواء أكانت عن طريق الكوارث الطبيعية أو بفعل البشر أنفسهم مثل الحروب والصراعات وغيرها فأين الثروة التى فقدت حتى تتسبب فى حدوث هذه الأزمة المالية العالمية المفتعلة.
ثانيا: استحالة حدوث الأزمة بصورة مفاجئة
تمتلك أمريكا جيشا جرارا من الخبراء والاستشاريين الاقتصاديين وكذلك بيوت الخبرة وغيرها من الهيئات والمؤسسات التابعة للحكومة الأمريكية وأمريكا، كما نعرف جميعا هى دولة مؤسسات وتهتم الحكومات الأمريكية المتعاقبة بالمستقبليات أكثر من الفوائت حتى التبوء بالمتغيرات الطبيعية فى المناخ والزلازل والبراكين وحركة الطبية والكواكب والمجرات، خلال مئات السنين القادمة فهل عجزت مثل هذه المؤسسات والخبراء من استشراف حدوث أزمة اقتصادية كبرى قبل وقوعها ووضع الحلول الأزمة والمناسبة لتفادى مثل هذه الأزمات.
ولو كان الأمر كذلك لسمعنا عن محاكمات للمسئولين هناك عن فشلهم فى أداء واجباتهم وقد سمعنا كثيرا عن محاكمات لمسئولين تسببوا فى وقوع أضرار اقتصادية بالدولة فى أمور أقل من هذه الأزمة بكثير.
ولا نستطيع أن نقول إن ما ذكره بعض الخبراء قبل وقوع الأزمة بعامين كان إنذارا وتحذيرا من وقوعها، ولكنه كان حبك التمثيلية ومحاولة إيهام الشعوب بحقيقة وقوعها والخسائر الفادحة التى أصابت الاقتصاد الأمريكى فى مقتل.
ثالث: تدهور الاقتصاد الأمريكى
يعانى الاقتصاد الأمريكى من تدهور سريع ومتزايد، وذلك نظرا لحجم النفقات الباهظة على الحروب والتدخلات الأمنية والدراسات التى تجرى على دول العالم الثالث من أجل أحكام السيطرة والانفراد بقيادة العالم وكذلك زيادة معد الاستهلاك عن معدل الإنتاج، وهو ما دعا رئيس بنك الاحتياط الفيدرالى الأمريكى الذى يقوم بوظيفة البنوك المركزية إلى التحذير من قرب وقوع انهيار حاد فى الاقتصاد الأمريكى، وقد انتقد الكثير من المسئولين الأمريكيين إصرار الرئيس الأمريكى السابق "بوش الابن" عدم الإعلان عن انهيار الاقتصاد الأمريكى بعد أن بلغت نسبة الانكماش فى الاقتصاد الأمريكى إلى 7% عام 2008، وهى نتيجة لم يكن يتوقعها أحد، كما أن الاقتصاد الأمريكى مدان بمبلغ أربعة تريليونات دولار، وهى بذلك تكون أكبر دولة مدينة فى التاريخ البشرية أجمع، ويقوم الاقتصاد الأمريكى على عنصريين هامين هما القوة الوهمية للدولار الأمريكى التى اكتسبها من الإقبال على اقتنائه، واتخاذ الكثير من الدول الغنية الدولار كغطاء لاقتصادها، والعنصر الثانى هو حجم الاستثمارات والإيداعات التى تتم على أراضيها، وقد وصل حجم إيداعات الدول العربية فى البنوك الأمريكية 1.5 ترليون دولار، بينما يبلغ حجم الإيداعات الشخصية والاستثمارات للعرب فى أمريكا 800 مليار دولار، هذا فضلا عن إيداعات الدول الأخرى.
هذه الكارثة الاقتصادية لا يمكن علاجها بزيادة الإنتاج ولا بترشيد الاستهلاك، وإنما يلزمها نهب منظم واستيلاء واستلاب، وهو ما حدث بالفعل فى مسرحية محكمة التأليف والتمثيل والإخراج.
رابعا: أمريكا دولة ذات سوابق
يستبيح النظام الأمريكى دماء وأموال الشعوب من أجل تحقيق مصالح تافهة للشعب الأمريكى لا تتناسب مع حجم الانتهاكات التى تقوم بها، فالأمر بالنسبة لأمريكا يتصور وقوعه والسوابق الأمريكية فى هذا الشأن عديدة فالمعونات المشروطة التى تدفعها باليد اليمنى لدول لعالم الثالث الفقير تأخذ أضعافها باليد اليسرى، وتنتهك سيادتها وتملى سياستها وما أمر الثورة الإيرانية ببعيد عندما قامت أمريكا بتجميد ثروة إيران المودعة بالبنوك الأمريكية، لأن الشعب الإيرانى تجرأ وقام بثورة تخلص فيها من أعظم حليف لأمريكا بالمنطقة، كما سبق لأمريكا أن أجبرت دول حلف الأطلنطى بشراء عدة مليارات من الدولارات سنة 1978 من أجل إنقاذ انهيار الدولار والاقتصاد الأمريكى من الانهيار، كما قامت أمريكا مؤخرا بمصادرة عدة مليارات من الدولارات لأشخاص وهيئات، بدعوى تهمة دعم الإرهاب، أما بالنسبة لإيداعات الدول البترولية والخليجية ببنوك أمريكا فهى فى الحقيقة ليست إيداعات، وإنما هو استيلاء، ومعلوم أن المملكة العربية السعودية عندما أرادت سحب ثلاثين مليار دولار من أرصدتها فى البنوك الأمريكية التى كانت تبلغ 160 مليار دولار، وذلك إبان حرب الكويت رفضت البنوك الأمريكية بحجة أن هذه الأموال يصعب سدادها، ويجب على الحكومة السعودية إخطار البنوك الأمريكية قبل موعد سحبها بثلاث سنوات، وقد استلزم الأمر سفر العديد من كبار المسئولين السعوديين لمقابلة نظرائهم الأمريكيين والتى أسفرت عن الموافقة على منح المملكة العربية السعودية بمبلغ عشرة مليار دولار فقط لا غير.
وهناك عرف قانونى يذكر فى الكثير من أحكام القضاء يقول إن الجريمة يتصور وقوعها من حيث صفات الجانى والمجنى عليه، وطبيعة الجريمة وملابسات وقوعها، وهو ما يتطابق مع ادعاء وجود أزمة مالية عالمية.
أعتقد بعد كل هذه الأسانيد أن الموقف الأمريكى إن لم يكن مدان فهو فى موقع اتهام تحيط به الشبهات من كل مكان، وأن أدلة الإدانة أضعاف أضعاف أدلة البراءة ولا يكابر أحد أن أكثر الدول "وأكرر الدول" استفادة من الأزمة المالية العالمية هى أمريكا، وأن أكثر الدول تضررا وخسارة هى دول وشعوب العالم الثالث.
وأخيرا فإننى عندما شرعت فى كتابة مقالى هذا عنونته "هل الأزمة المالية العالمية صناعة أمريكية"، ولكن عندما انتهيت منه قمت بتغيير العنوان إلى ما قرأت.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.