تعتبر المستشفيات الحكومية أوكما يُطلق عليها "مستشفيات الغلابة "إحدى أهم المشاكل التى يعانى منها الشعب المصرى وخاصة الفقراء منهم، وكالعادة يصرخون ولا أحد يستمع إلى صراخهم أو يشعر بآلامهم. فقد تحولت أغلب المستشفيات الحكومية إلى مصائد للموت تحصد أرواح المرضى، ومن يفلت منها يصاب بعاهة مستديمة أو يدخل فى غيبوبة تنتهى بالوفاة، وذلك بسبب سوء الخدمة والإدارة . شاء بى القدر أن أدخل مستشفى بنها الجامعى برفقة أحد الأقارب، للوقوف على حقيقة تلك الأقاويل، التى يرددها البعض عن المستشفيات الحكومية، وبالفعل اتضح لى أن المستشفيات الحكومية مرفوعة مؤقتًا من الخدمة، إما لعدم وجود أطباء أو عدم توافر أدوات العلاج . المريض الذى يذهب إلى مستشفى بنها الجامعى، قد يدخل فى رحلة عذاب إذا لم يكن لديه أى معارف داخل المستشفى، رحلة العذاب عن طريق انتظار الطبيب المعالج أو لعدم وجود المستلزمات الطبيبة والذى يضطر الرجوع مرة أخرى لشرائها، أو لوجود عطل فنى. فمستشفى بنها الجامعى أكبر دليل على الإهمال الذى يسود المستشفيات الحكومية، حيث رأيت هناك مرضى يبكون من طول انتظار الأطباء وآخرون يفترشون الأرض لعدم وجود سرير وممرضين يدخنون السجائر بداخل قسم جراحة القلب والصدر ولا يراعون القوانين الغائبة، حقيقة التى تحكم المكان الذى يعملون فيه، ومصاعد عاطلة والسليمة منها مخصصة للأطباء وطقم التمريض فقط . وأثناء جلوسى بجوار أحد المرضى الذى افترش أرض المستشفى وانهار باكياً من شدة التعب وطول انتظار الطبيب، سألته عن سبب بكاءه فرد " أنا تعبان يا ابنى ومش قادر أستحمل انتظار الأطباء معدومى الضمير ونفسى حد يحس بينا أو الحكومة تنظر إلينا بعين الشفقة والرحمة وإلى المستشفيات". الحالة التى رافقتها للمستشفى مريضة بالفشل الكلوى، ذهبت لإجراء عملية جراحية بعد تحديد موعد لها، ولكن فؤجئت عندما ذهبت للمستشفى بأحد الأطباء يخبرنا بعدم وجود المستلزمات الكافية لإجراء تلك العملية، وهو ما دفعنا للذهاب إلى مدير المستشفى لاخباره بالأمر، الذى سارع بالاتصال برئيس قسم جراحة القلب والصدر للاستعلام عن ذلك، وطلب منا العودة مرة أخرى للقسم. وبعد العودة للقسم مرة أخرى، صاح أحد الأطباء فى وجهنا قائلا: "أنتوا نازلين تشتكونا لمدير المستشفى، أبقوا خلوه ينفعكوا ماحدش له سلطة علينا ولا يقدر يعملنا حاجة ولو مش عاجبكوا اعملوا العملية فى أى مستشفى بره"، فيما حاول أحدهم تهدئة الموقف وشرح بعض العوائق التى جعلتهم يؤجلون إجراء العملية وألقى باللوم على الحكومة وسوء الإدارة وضعف الإمكانات . فيما يبدو أن الطبيب أصبح يخشى وسائل الإعلام والصحافة قبل أن يراعى ضميره فى تأدية واجبه ورسالته المكلف بها لتخفيف الآلام عن المرضى، ويتجلى ذلك عندما خصص مدير المستشفى طبيبًا للحالة التى رافقتها فور علمه بمهنتى كصحفى وبعد اتصال عدد من المسئولين به للنظر فى هذه الحالة . لم تكن تلك المشاهد قاصرة على مستشفى جامعة بنها فقط بل سائدة بأغلبية المستشفيات الحكومية على مستوى الجمهورية التى تعانى من نقص الرعاية الصحية والتى تتطلب من الحكومة النظر اليها من أجل تطويرها وإمدادها بالمستلزمات الطبية اللازمة، فالإهمال الذى يسود المستشفيات سيكون من أهم التحديات التى ستواجه الرئيس القادم أيا كان اسمه. أخيًرا .. مستشفيات الغلابة فى حاجه إلى نظرة منك يا حكومة فلا تخذليهم وانظرى إليهم بعين الرحمة.