ظهرت المرأة المصرية على شاشة السينما الصامتة للمرة الأولى فى عام 1927، حين عرض فيلم (ليلى)، بعد أن عرف المصريون الطريق إلى صناعة الفيلم السينمائى قبل ذلك بثلاث سنوات عندما قدم فيلم «توت عنخ آمون» عام 1923، وأعقبه فيلم «برسوم يبحث عن وظيفة» الذى عرض فى سنة 1924 ولعب بطولته بشارة واكيم. عزيزة أمير هى أول مصرية تلعب دور البطولة فى فيلم سينمائى (ليلى)، بعدها تجرأت بهيجة حافظ ثم فاطمة رشدى، ومن لبنان هبطت آسيا داغر.. كل هؤلاء النساء امتلكن الجسارة للوقوف أمام الكاميرا، وقد استقبلت الجماهير المصرية إطلالة المرأة على الشاشة بترحاب كبير، نظرًا للتأثيرات المدهشة التى أحدثتها ثورة 1919 فى بنية الذهنية المصرية، حيث حطمت العقلية المتخلفة التى سادت طوال قرون الاحتلال العثمانى (1517/ 1914)، وكان من أبرز نتائج الثورة أن شاركت النساء الرجال فى التظاهر ضد الاحتلال الإنجليزى للمرة الأولى. لكن السؤال.. كيف لاحت الممثلة المصرية الأولى على الشاشة؟ وهل ابتكر المخرجون شكلا ما لظهور المرأة أم أنهم ساروا خلف منطق السينما الهوليودية التى بدأت فى الانتشار والرواج فى ذلك الوقت؟ الحق.. أن السينما المصرية منذ نشأتها وهى تتخذ من هوليود قبلة ومبتغى، حتى وصل الأمر إلى أن كثيرًا من صناع السينما عندنا نقلوا – بالمسطرة – أفلامًا أمريكية دون أدنى خجل. من هنا يمكن أن نفسر حال الإطلالة الأولى للمرأة المصرية على الشاشة، لقد تأثرت نجماتنا الأوائل بنجمة هوليود جريتا جاربو التى يمكن أن نعتبرها النموذج السينمائى الأول فى العالم كله. وهكذا دفعت جريتا جاربو كل نجمة إلى محاولة تقليدها فى الأداء والملابس وشكل تصفيف الشعر إلى آخره.. إلى آخره. ولدت جريتا جاربو فى 18 سبتمبر عام 1905 فى استوكهولم بالسويد، وهاجرت إلى أمريكا لتلتقطها هوليود وتسند إليها أدوار البطولة فى الأفلام الصامتة، ولما نطقت السينما استمع الجمهور إلى صوت جريتا جاربو فازداد تعلقا بها، حتى صارت أخبارها وصورها تتصدر المجلات الفنية والصحف السيارة. فى عام 1935 أنجزت جريتا دورها الأهم فى تاريخها الفنى من خلال فيلم «أنا كارنينا» المأخوذ عن قصة للأديب الروسى موفور الصيت ليو تولستوى، وقد حقق الفيلم نجاحاً مدهشاً، حيث رشحت لجائزة الأوسكار عن دورها فى هذا الفيلم. مع مطلع الأربعينيات من القرن الماضى هجرت جريتا جاربو الشاشة البيضاء وتوقفت عن التمثيل، وخاصمت الأضواء المبهرة وزهدت فى الشهرة تماماً طوال نصف قرن تقريباً حتى غابت عن دنيانا فى 15 إبريل من سنة 1990.