سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ننشر إحصائية دعاوى "إثبات النسب" خلال ديسمبر 2013 والتى وصلت ل"314".. أطباء علم نفس: تزايد الزواج العرفى راجع لارتفاع البطالة وانخفاض التعليم.. قانونيون: على المتضررة إثبات زواجها ثم نسب أطفالها
حصل "اليوم السابع" على إحصائية بعدد دعاوى "إثبات النسب" المتواجدة بمحاكم الأسر على مستوى محافظات الجمهورية المختلفة خلال شهر ديسمبر 2013، والتى وصلت إلى "314" دعوى. بالرغم من تعنت المجتمع الشرقى وتخلى القانون فى الاعتراف بالزواج العرفى، إلا أن الظاهرة قد انتشرت بشكل ملحوظ وذلك راجع لظروف اجتماعية واقتصادية بيئية ومجتمعية تؤثر على الجيل، فعندما ينكر الوالد نسب أبنائه، ماذا ينتظر مستقبل هؤلاء الأطفال الأبرياء؟ الذين لا ذنب لهم فى شىء إلا سوى أنهم جاءوا إلى الحياة عن طريق أب جاحد متجرد من كافة مشاعر الإنسانية والرحمة التى أنعم الله بها على البشر، وأم فرطت فى شرفها لمجرد رغبة فى ملذات الدنيا لمدة معينة، فالذى يدفع الثمن هم الأولاد الذين يعانون طوال فترة حياتهم من العار والفضيحة التى ارتكبها والديهما. فى السنوات الأخيرة، زادت قضية إثبات النسب، خاصة لمشاهير السينما فى ظل مجتمع يردد أن هذا الأمر مقتصر فقط على الوسط الفنى، وأبرزها قضية الفنان "أحمد الفيشاوى" ومصممة الديكور "هند الحناوى" التى استمرت لسنوات عدة فى محاولة إثبات نسب ابنتها من الزواج العرفى. ورفض "الفيشاوى" الاعتراف بأبويته للطفلة وإنكاره الزواج من "هند" وإقراره بعلاقة غير شرعية معها، ورفضه إجراء تحليل الحامض النووى للبصمة الوراثية وعدم امتلاك "الحناوى" وثيقة تثبت صحة ادعاءاتها، إلا أن الفيشاوى فى النهاية اعترف بالحقيقة بإقامة علاقة مع هند، لكنه أكد أنها كانت غير شرعية. وأخيرا ضمن تلك الدعاوى الشهيرة هى دعوى إثبات نسب أمام محكمة الأسرة بمدينة نصر للفنانة زينة، ضد الفنان أحمد عز، الذى رفض بشكل قاطع عمل تحليل "DNA" الذى طلبته منه النيابة، لكى تستطيع المحكمة التحقق من صحة إثبات أنه والد طفلى زينة التوأم عز الدين وزين الدين واللذين رزقت بهما فى أمريكا. واتفقت أراء أطباء علم النفس بشأن تلك القضايا التى كثرت فى الفترات الأخيرة بين مختلف طبقات وأعمار الشباب والفتيات فى المجتمع. وأكدت دكتورة منال زكريا أستاذة بطب علم النفس بجامعة القاهرة، أن الظروف التى تساعد الطرفين على ارتكاب مثل هذه الوقائع ترجع بشكل عام إلى ارتفاع معدلات الطلاق خاصة فى السنة الأولى من الزواج ويعتبر ذلك مؤشرا خطيرا ينتج عنه جيلا من المراهقات الصغار، بالإضافة إلى انعدام الحوار داخل الأسر والصمت الزواجى وانخفاض مستويات التعليم وزيادة إحصائيات البطالة، وفبالتالى من الطبيعى انحراف فى سلوكيات الشباب، فتتوافر الأرض خصبة لإنشاء العلاقات الجنسية غير المشروعة. وأضافت منال ل"اليوم السابع" أن الحالة النفسية التى يتعرض لها الأطفال الذين لم تستطع أمهاتهم إثبات نسبهم ويصبح لقب "ابن حرام" يطاردهم فى كل مكان، يؤثر على سلوكياتهم ويدخلون فى دور اكتئاب شديد يودى إلى محاولات الانتحار والانحراف الأخلاقى والإدمان والاضطرابات المستمرة عقب فقدانهم الأمل فى الحياة، وإنهم لم يعرفوا آباءهم الحقيقيين، حيث إن الخلل فى منظومة القيم التى توجد لدى الكافة منذ البداية والجميع مسئول عن افتعال مثل هذه الجرائم البشعة، مشيرة إلى ضرورة توعية الأولاد فى أوائل المرحلة الإعدادية التى يبدأ فى التغيرات الفيسيولوجية عندهم. وطالبت منال القائمين على الأمر بمحاكم الأسر أن ينظروا بروح القانون وليس بالقانون لتلك القضايا الحرجة التى تدمر مستقبل أبنائنا، وأن يقوموا بتعديل قانون الأسرة بإجبار الأب بعمل تحليل "DNA" مع تخفيض نفقته المالية. وفى ذات السياق، أوضح دكتور محمد خليل أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس، أن الأسباب فى كثرة مشاكل إثبات النسب نتيجة أن الزواج أصبح عملية صعبة بل مستحيلة فى بعض الحالات ترجع للأزمة الاقتصادية فى البلد وأيضا فى مبالغة متطلبات الاحتياجات المعيشية للزواج نفسه، بجانب قلة معرفة أصول الدين والعادات والتقاليد، وعدم تحكم الشباب فى السيطرة على شهواتهم ورغبات حياتهم. وأشار خليل إلى أن المشكلة مركبة فلابد من تكاتف كافة أطراف المجتمع لتوعية الشباب بتحمل "المسئولية"، وبمعنى "بناء أسرة"، ومن الضرورى أن تقيم الدولة مؤسسات تابعة لمحاكم الأسر بغرض توجيه وإرشاد الأمهات والأبناء الذين يتعرضون لحالة نفسية صعبة قبل وبعد فترة إثبات نسب أطفالهم حتى يصبحوا أسوياء مع باقى المواطنين. ومن جانبه، قال الدكتور محمد الحديدى أستاذ طب علم النفس بجامعة المنصورة، إن العلاقات غير السليمة بين طلبة المدارس والجامعات انتشرت بسبب عدة عوامل اجتماعية منها تأخر سن الزواج، كما أن الضغوط المجتمعية تحد من قدرة الوالدين على عملية الزواج، وارتفاع نسبة العنوسة عند البنات، بجانب الانفتاح الإعلامى ودخول عصر الإنترنت فى ظل الغياب الأسرى، ومشاهدة الأفلام الأجنبية التى تسمح فيها بالعلاقات الجنسية وتغير الثقافة الشرقية. وأوضح أن الأطفال الذين ينشأون فى أسرة بلا أب يشعرون دائما بالعار ويتحملون ذنبا لم يرتكبوه ويكون بداخلهم نوع من العنف والعدوان والكراهية للآخرين، فلابد من مواجهة المشكلة عبر حوارات وندوات فى كافة وسائل الإعلام بطريقة مباشرة وغير مباشرة. أما بالنسبة لوجهات النظر القانونية المختلفة، فأوضح الدكتور سمير صبرى المحامى، أن النيابة العامة فى حالة تقديم بلاغ من سيدة تدعى أن مولودها من فراش شرعى إلا أن الزوج يتنصل من هذا النسب، ويدعى عدم معرفته بهذه العلاقة بل يتمادى إلى التشكك فيها، فيجب على النيابة إجبار المبلغ ضده بعمل التحاليل اللازمة لإثبات النسب من عدمه وفى حالة رفضه أو تخلفه لهذا فيعتبر قرينة على أنه هو الأب الفعلى للولد. وأضاف: "إذا أقامت السيدة دعوى ثبوت النسب أمام المحكمة المختصة لنسب الطفل إلى والده، فتأمر المحكمة حين ذلك المدعى عليه بالتوجه إلى الطب الشرعى لعمل الاختبار اللازم لإثبات نسب الولد إليه من عدمه، وهذا ثابت من تعليمات النائب العام للنيابات المختصة، وكذلك طبقا لقانون الأحوال الشخصية. كما قال المحامى أسعد هيكل عضو لجنة الحريات بنقابة المحامين، إن التعديل الأخير فى قانون الأحوال الشخصية كان لا يعترف بالزواج العرفى، ولا تستمع عند الإنكار دعوى الزوجة إلا إذا كانت وثيقة رسمية، ولكن هناك استثناءان تسمع عند الطلاق فى الزواج العرفى، ودعوى إثبات النسب، دون الاستماع لدعاوى النفقة والمؤخر وخلافه، متسائلا هل يجوز للزوجة أن تثبت الزواج إذا لم يكن بورقة عرفية؟، ففى هذه الحالة تصبح الدعوى إثبات علاقة زوجية وليست إثبات نسب. وأشار "هيكل" إلى أن المادة 17 من قانون الأحوال الشخصية رقم 1 لسنة 2001 تنص على "لا تقبل عند الإنكار الدعاوى النشأة عن عقد الزواج ما لم يكن الزواج ثابت بوثيقة رسمية، ومع ذلك تقبل دعوتا الطلاق وإثبات النسب إذا كان الزواج ثابت بأى كتابة"، أما بالنسبة لقانون الطفل الذى ينظم مسألة إثبات النسب الذى حمل رقم 126 لسنة 2008، مادة 4، أن للطفل الحق فى نسبه إلى والديه الشرعيين وبكافة طرق الإثبات بما فيها من وسائل علمية.