إبراهيم كامل: ضعف مساهمة الأجهزة الرسمية أعاق المستثمرين عماد السويدى اقتحم أدغال أفريقيا بالعدادات الذكية تؤكد معظم التقارير الاقتصادية أن أفريقيا ستصبح من أهم الأسواق الجاذبة للاستثمار فى الفترة القادمة، ولهذا فالقوى الكبرى تتصارع بضراوة على الفوز بجزء من الكعكة الأفريقية وعلى رأسها الصين التى نظمت مؤتمرا خصيصا للاستثمار فى أفريقيا منذ أيام، بالإضافة إلى الوجود الأمريكى والأوروبى. ورغم النتائج الايجابية التى حققتها مصر خلال الحقبة الناصرية فى العلاقات الاقتصادية مع أفريقيا والتواجد بالمنتجات المصرية كمنافس للمنتجات الغربية ومشارك رئيسى فى معظم الأسواق الأفريقية إلا أن الوضع يسير الآن على العكس فالشركات المصرية تقف بعيدا جدا عن السوق الأفريقية باستثناء بعض الشركات ورجال الأعمال المعدودين.. وهو ما أثار الكثير من التساؤلات عن أسباب عدم وجود شركات استثمار مصرية بالقدر الكافى فى أفريقيا؟ وما هى العوائق أمام ذلك؟ ولماذا يهرب المستثمرون المصريون من أفريقيا؟ وهل هناك دور للحكومة فى ذلك؟ وما هو المطلوب لكى تستطيع الشركات المصرية دخول أفريقيا بقوة؟ البعض أكد أن الشركات المصرية تواجه عدة عراقيل تحول دون التوسع فى المشروعات داخل أفريقيا من بينها نقص المعلومات والإدراك السلبى للاستثمار فى القارة الأفريقية، بالإضافة إلى تراجع البنوك عن تمويل المشروعات بها، مما جعل حجم التجارة المصرية داخل القارة الأفريقية بأكملها لا يتجاوز 3% من حجم التجارة المصرية مع مختلف دول العالم رغم أننا أمام أسواق مفتوحة تضم 700 مليون نسمة، ويصل حجم التجارة فيها إلى 300 مليار جنيه مصرى تقريبا. وتتمتع القارة الأفريقية بمجموعة من الفرص الاستثمارية البكر التى لم يفكر فيها الكثيرون بالإضافة الى طرح الأراضى بأسعار مناسبة ووجود مجموعة من التيسيرات من الحكومية، لهذا دخلت بعض شركات قطاع الأعمال السوق الأفريقية مثل شركة المقاولون العرب التى تمتلك 8 فروع فى أفريقيا، من بينها 5 فروع فى دول عربية وهى المغرب وليبيا وتونس والجزائر وموريتانيا والمغرب، بينما يوجد فى أفريقيا جنوب الصحراء 3 مكاتب فى تشاد وبنين وأوغندا، أما الشركات المشاركة للمقاولون العرب فى أفريقيا فتصل إلى 4 فى دول غانا ونيجيريا ورواندا وبتسوانا. لكن الأمر يختلف لدى رجال الأعمال فمنهم من اقتحم السوق الأفريقية أكثر من السوق المصرية نفسها، ومنهم رجل الأعمال عماد السويدى الذى اخترق السوق بسرعة الصاروخ فى نقلة ذكية رفعت من أسهم مجموعة السويدى فى المعارض والمؤتمرات لتمكنها من منافسة الغزو الصينى والأجنبى فى هذه السوق. عماد إتجه إلى تطوير نظام العدادات الكهربائية لتعمل بنظام الكارت الذكى والمدفوع مقدما فى خطوة سخر منها البعض فى البداية لأن العدادات التقليدية كانت حكرا لطرفين اثنين لا ثالث لهما ما بين شركة حلوان الحكومية وشركات الكهرباء الحكومية قبل أن تتم فى مناقصات مفتوحة، ولكن عماد قرر تطوير العدادات التقليدية وأدخل تكنولوجيا البطاقات الذكية على عداداته حتى أصبح منتجا متميزا اقتحم أدغال أفريقيا بإنشاء مصانع فى غانا وأثيوبيا وزامبيا بجانب تصديره للعديد من الدول الأفريقية مثل كينيا والسودان ونيجيريا وأوغندا، حيث تحل العدادات الذكية محل الإدارات التجارية فى شركات الكهرباء المختصة ويقوم العداد بتسجيل الاستهلاك من أول الشهر حتى آخره والعداد به نتيجة وساعة ميقاتية لترجمة الاستهلاك حسب الشرائح الكهربائية المتبعة إلى أموال، ويبدأ العداد يأخذ من رصيد الكارت الذكى إلى أن يوشك الرصيد على الانتهاء فيبدأ الكارت فى توجيه إنذار للمستهلك بأن رصيده سيكفيه يوما أو يومين على سبيل المثال وهكذا تدور العملية بهذا المشروع دخل عماد السويدى دائرة الضوء فى أفريقيا من خلال استثمارات ضخمة وصلت إلى حدود 20 مليون دولار وبعد نجاح الفكرة والمشروع فى مصر وتطبيقها فى مناطق سياحية وراقية بالقاهرة. قصة نجاح السويدى فى السوق الأفريقية كان بجانبها قصص آخرى لمشروعات لم تكتمل ولم تنته، فأصبحت مثل اللوحات الجميلة الناقصة مثل ما حدث مع رجل الأعمال الدكتور إبراهيم كامل والذى دخل السوق الإفريقية كشريك فى بنك كايرو إنترنشونال (بنك القاهرة الدولى) بأوغندا منذ 15 عاما مع بنك القاهرة وبنك مصر بحصة 36% ثم زادت الآن وصلت إلى 50% والذى ظل يحقق الخسائر طوال هذه الفترة التى بدأت بخسائر كبيرة ثم بدأت تقل تدريجيا، لكنه مع ذلك لم يفكر فى الخروج من السوق الإفريقية لأنه يرى أنها خسائر مقبولة فى البداية. ويؤكد الدكتور إبراهيم أن تجربته الناقصة فى أفريقيا جلبت له العديد من الخسائر والتى نتج عنها عدم وجود أى أرباح من البنك فهو على حد تعبيره لم يربح مليما من البنك خلال هذه الفترة بسبب عدم وجود كوادر تملك الدراية بالعمل فى البنوك، بالإضافة إلى نقص المعلومات التفصيلية عن المنطقة، وهى من الأزمات الكبرى التى تواجه أى شركة مصرية بل عربية تستثمر فى أفريقيا، فإعداد أى دراسة جدوى للاستثمار فى دولة أفريقية يستلزم معلومات عن خطط الدولة الاقتصادية والمشروعات التى تنوى عملها وقوانين الاستثمار والشركات المنافسة وأسعار المواد الخام والمخاطر السياسية... إلخ. وأشار كامل إلى أن ما تقدمه الأجهزة الرسمية مثل وزارة الخارجية أو التمثيل التجارى المنوط بتوفير هذه المعلومات يتسم بالعمومية، ولا يساعد أى مستثمر على اتخاذ قرار بدخول سوق دولة أفريقية معينة، فأغلب المعلومات تتعلق بحجم الصادرات والواردات وغيرها من المعلومات العامة التى يستطيع أى شخص أن يجدها فى الإنترنت. وطالب كامل الحكومة المصرية بالتدخل لمساندة القطاع الخاص فى اقتحام السوق الأفريقية وخاصة مع وجود منافسة من العديد من الشركات الفرنسية والأمريكية التى وجدت من السوق الأفريقية سوقا جديدة ذات مزايا كثيرة. هذه ليست نهاية التجارب ولا آخرها فهناك من حاول اقتحام السوق الأفريقية بمشروعات زراعية ولم يساعده الحظ فى ذلك باعتبار أن دول حوض النيل من أفضل الأماكن لإقامة مشروعات زراعية. أما الدكتور إمام الجسمى أحد الباحثين الزراعيين الذى قام بعدة دراسات لإقامة مشروعات زراعية بدول حوض النيل، فيؤكد أن وجود مصر فى دول أفريقيا ضرورة أمنية لكن العائق الرئيسى فى ذلك هو التخوف الأمنى وعدم اكتمال البنية الأساسية. لمعلوماتك... 1.7 بليون يورو حصلت عليها أفريقيا ودول الكاريبى والمحيط الهادى كقروض من بنك الاستثمار الأوروبى لتمويل المشروعات فى هذه الدول، بالإضافة 7.8 بليون دولار حجم الاستثمارات الصينية فى أفريقيا نهاية عام 2008 50% قيمة دعم الشحن الذى تقدمه الحكومة المصرية لمنتجات الشركات المصدرة لأفريقيا 500 مليون دولار هى قيمة رأس مال صندوق تمويل حركة التجارة والاستثمار مع الدول الأفريقية، الذى وافق البنك المركزى المصرى على إنشائه بمشاركة 3 بنوك حكومية هى «الأهلى» و«مصر» و«المصرى لتنمية الصادرات»