الأغنياء يعيشون فوق قمة جبل.. فهل يسمعون صراخ سكان القاع؟

انتشرت القنوات الفضائية وكثرت البرامج التى تعكس مشاكل المجتمع المصرى وما آل إليه.. ويعتبر برنامج «واحد من الناس» و«العاشرة مساءً» و«90 دقيقة» من أهم هذه البرامج.. ومن الواضح أن الإعلامى القدير عمرو الليثى يقوم بجهود مضنية لتجسيد حالة غير القادرين، والتعبير عن آلامهم ومطالبهم واحتياجاتهم.. فلقد أصبح يمثل جمعية خيرية تجمع التبرعات وتوزعها على الحالات التى تمر بضائقة العوز والحاجة.. وهو يشكر بصدق هذه المجهودات.. هو وفريق عمله.
ولكن.. هل أصبحنا فى حاجة دائمة إلى كاميرات وميكروفونات الفضائيات حتى نشعر باحتياجات الطبقات الفقيرة؛ بآلام الأب العاجز عن دفع مصاريف علاج ابنه.. بآهات المرأة المسنة التى لا تجد من يرعاها ويقوم بتلبية احتياجاتها.. بمعاناة الشخص المعاق الذى يجاهد ويقاتل من أجل نيل أبسط الحقوق فى الحياة.
لقد أصبحنا بكل تأكيد نعتمد على ما يقدمه الإعلام وخاصة الفضائيات لرسم وعينا وإدراكنا بالعالم الخارجى.. أصبحنا نعرف أحوال من يبعد عنا بآلاف الأميال.. ولكن لا نعلم عن جارنا المجاور لنا شيئاً.. لا نهتم حتى بالسؤال عن أقرب الأقرباء لنا إذا كان فى حاجة أو لديه مشكلة ما.. هل هو بخير.. أم توفاه الله.. لا نعلم.
لابد من عرض آلامنا وأوجاعنا أمام الفضائيات حتى نحرك المشاعر ويحس بنا المسئولون والناس.. ربما ساعتها تنفتح علينا طاقة القدر من حيث لا نعلم.. دهب، ياقوت، مرجان.. أحمدك يا رب.
وتلح علىّ الآن صورة فى ذهنى.. وهى صورة أناس ممكن هم أصحاب النفوذ والمال والجاه.. واقفين فوق جبل عال وينظرون بتعجب واستغراب إلى من هم فى القاع.. هم أسفل الجبل.. ويتساءلون.. هل نمد لهم حبال العون أم نتركهم على حالهم؟ هل ننتشلهم من معاناتهم وآلامهم ونرحم عرقهم وكفاحهم ونضالهم من أجل كسب لقمة العيش والحصول على أبسط حقوق الحياة؟
يبدو لى أننا أصبحنا فى حاجة إلى العدسات المكبرة حتى نرى من هم أسفل الجبل.. حيث النمل يصرخ.. يتعذب.. يئن.. ساعتها قد نهتم.. ولكن ليس فقط للعمل على إسكات صراخ النمل بحل بعض مشاكله.. ولكن للعمل أيضاً على إسكات المنظمات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان وللحفاظ على صورتنا أمام العالم.
د. نهلة أحمد درويش