طالبات "تمريض الأزهر" يصممن نموذج "طمأنينة" للكشف المبكر عن سرطان الثدي    البدوى وسرى يقدمان أوراق ترشحهما على رئاسة الوفد السبت    جامعة الأزهر تعلن جاهزيتها للامتحانات، وتعليمات عاجلة ل عمداء الكليات    هيئة الدواء: مصر تحقق توطين 91% من صناعة الدواء لأول مرة    «الاتصالات» تعزز استخدام تقنيات التشخيص عن بُعد لخدمة القرى والمناطق الحدودية    توزيع الأثاث المنزلي والأجهزة الكهربائية مجانًا على 260 أسرة بالشرقية    جهود وزارة التموين في ضبط الأسواق وصون حقوق المستهلك خلال 2025    سلطات الاحتلال تمنع 37 منظمة إغاثة دولية من العمل في الأراضي الفلسطينية    منسقة الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة بالسودان: الأوضاع الإنسانية الراهنة في البلاد صادمة للغاية    5 نجوم بالكونغو الديمقراطية يرعبون "محاربي الصحراء" قبل مواجهة أمم إفريقيا    محافظ قنا يوجه بتعديل موعد امتحان الصف الثاني الثانوي    تعزيزات أمنية وانتشار مكثف بمحيط الكنائس بالقليوبية احتفالًا برأس السنة    شكرًا سيادة الوزير محمد جبران    الصحة: فحص مليون و719 ألف طالب بأولى إعدادي للكشف عن فيروس سي    وزارة الصحة: صرف الألبان العلاجية للمصابين بأمراض التمثيل الغذائى بالمجان    «حافظ على نفسك»    هل يوم الخميس عطلة رسمية بمناسبة السنة الميلادية؟    اقتحام البلدات وهدم المنازل.. سياسة تنتهجها إسرائيل في الضفة الغربية    إسرائيل تصطاد في "الماء العكر".. هجوم رقمي يستهدف السعودية بعد أزمة الإمارات بين لجان "الانتقالي" و"تل أبيب"    كييف تعلن إسقاط 101 طائرة مسيرة روسية خلال الليل    الاحتلال يقتحم قرية المغير وبلدة الرام ويطلق قنابل الغاز والرصاص المطاطى    الري: متابعة معدلات العمل في كل مشروعات الحماية من أخطار السيول    الفراعنة يدخلون من «الباب الكبير».. منتخب مصر يبدأ الاستعداد للأدوار الإقصائية    أمم إفريقيا - مدرب بنين يرفع راية التحدي أمام مصر    عضو اتحاد الكرة: هاني أبوريدة أخرج أفضل نسخة من حسام حسن في أمم إفريقيا بالمغرب    تفاصيل فشل انتقال حامد حمدان لصفوف النادي الأهلى    بتروجت يواجه البنك الأهلي في صدام قوي بكأس عاصمة مصر    «عزومة» صلاح تبهج بعثة منتخب مصر في المغرب    لحمايةً مستقبل الطلاب.. الوزراء: خطوات صارمة للحد من الغش بالامتحانات    تراجع سعر الدولار مقابل الجنيه بمنتصف تعاملات اليوم الأربعاء    الأرصاد: طقس شديد البرودة صباحًا ومائل للدفء نهارًا    ضبط 98 ألفًا و700 مخالفة مرورية خلال حملات مكثفة فى 24 ساعة    رابط التقديم للطلاب في المدارس المصرية اليابانية للعام الدراسي 2026/2027.. يبدأ غدا    قتل بلا شفقة.. النيابة تروى لحظات النهاية المروعة لأطفال فيصل    ممثل النيابة في محاكمة قاتل أسرة اللبيني: المتهم ارتكب الجريمة بكامل قواه العقلية    إصابة 8 عاملات في حادث انقلاب ميكروباص بالطريق الصحراوي القاهرة–الإسكندرية بالبحيرة    الارتقاء بأوضاع ملايين المواطنين    نور النبوى ضيف برنامج فضفضت أوى مع معتز التونى على Watch it اليوم    برلمانى: قرار المتحدة للإعلام خطوة شجاعة تضع حدا لفوضى التريند    الإثنين.. مؤتمر صحفي للكشف عن تفاصيل مهرجان المسرح العربي    المركز القومي للمسرح يطلق مبادرة.. 2026 عام الاحتفال بالفنانين المعاصرين    إوعى تقول: مابصدقش الأبراج؟!    كريم محمود عبد العزيز يبدأ تصوير مسلسل «المتر سمير» | رمضان 2026    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 31ديسمبر 2025 فى المنيا    تنمية زراعية متكاملة    الذهب يتراجع مع اتجاه المستثمرين لجني الأرباح عقب موجة ارتفاعات قياسية    محافظ أسيوط: عام 2025 شهد تقديم أكثر من 14 مليون خدمة طبية للمواطنين بالمحافظة    صحة بني سويف ترفع درجة الاستعداد القصوى بالمستشفيات خلال الاحتفالات رأس السنة وعيد الميلاد    108 دقة جرس كيف يحتفى العالم برأس السنة كل عام؟    "هتعمل إيه في رأس السنة"؟.. هادعي ربنا يجيب العواقب سليمة ويرضي كل انسان بمعيشته    محمد جمال وكيلاً لوزارة الصحة ومحمد زين مستشارا للمحافظ للشؤون الصحية    نتنياهو: عواقب إعادة إيران بناء قدراتها وخيمة    «مسار سلام» يجمع شباب المحافظات لنشر ثقافة السلام المجتمعي    توتر متصاعد في البحر الأسود بعد هجوم مسيّرات على ميناء توابسه    "25يناير."كابوس السيسي الذي لا ينتهي .. طروحات عن معادلة للتغيير و إعلان مبادئ "الثوري المصري" يستبق ذكرى الثورة    هل تبطل الصلاة بسبب خطأ فى تشكيل القرآن؟ الشيخ عويضة عثمان يجيب    خالد الجندى: القبر محطة من محطات ما بعد الحياة الدنيا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30-12-2025 في محافظة الأقصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ارث الأنبياء ومحور الارتكاز في الكون ..!!
نشر في المصريون يوم 24 - 12 - 2010

في تقرير نقل من اليونان سأل المذيع أحد الأشخاص : ماذا ستفعل إذا تفاقمت المشكلة؟! فأجاب نعتقد أن هناك اثني عشر إلهاً ، حينئذ سنذهب إلى Parthenon( مجمع الآلهة بأثينا ) ونلبس الملابس التقليدية ونمرح "
من ذا يصدق إننا نعيش في القرن الواحد والعشرين وهناك من يعتقد بأثنى عشر إلهاً"
وما ارتباط العبادة بالمرح ؟ إن العبادة تستلزم التقديس وليس هذا النوع من العبث ،من ينهض بالبشرية من انتكاستها في الصنمية ؟ مما لا شك فيه انه ليست اليونان فحسب بل أوربا وأمريكا يعيشون على الإرث اليوناني والروماني حتى اللحظة ، بل ان هناك في الشرق من يعيشون على ارث الفرعونية والفينيقية بالشام ، ولكن ماذا عن ارث الأنبياء .؟
****
الحياة مشروع ضخم إذا أخذناه مأخذ الأنبياء صلوات الله عليهم ،قال تعالى :(يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً) (مريم : 12 )كما لابد ان ندرك ، الحقيقة الرائعة والثابتة في الوجود ،أن الدعوة الى الله ونشر التوحيد من اشرف المهام كما أنها درب العظماء من الانبياء الذين ساروا على اديم ذلك الكون قال الله تعالى : (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (فصلت : 33 )
لا ينبغي أن تأخذنا المشاكل العرضية عن القضايا الكبرى في الكون، ألا وهي حمل ارث الأنبياء ومشروع الأنبياء الحضاري ، فحضارة الأنبياء ،منذ أن رفع إبراهيم القواعد من البيت ، حضارة مؤمنة ، مثار نقاشنا في هذا المقال قضية مركزية في هذا الكون ألا وهي التوحيد ، وإذا ترسخت على نوع صحيح أصبحت الفروع منسجمة مع الأصول ، وإذا ترسخت على نحو خاطئ ، فما بني على باطل فهو باطل ، وما نأى عن الحق فهو غير مستصاغ ويمجه العقل ، كما أن سبب عناء البشرية هو أنها حادت عن درب الأنبياء واستغرقت في التفاصيل بعيدا عن الأصول ،
فلقد قال هنري فورد :
Obstacles are those frightful things you see when you take your eyes off your goal"
العقبات دوما مخيفة عندما تغمض عينيك عن الهدف .
فالاستغراق في الفروع لا يحل شيئا طالما نأينا عن الأصول ، وهناك مثل غربي الشيطان يكمن في التفاصيل ،به شيء من الحقيقة ، فعندما تستغرق في العرضيات لن يجدي نفعا ، من هنا لابد ان نعود إلى التوحيد النقي كمنطلق ولابد من إخلاص الدين لله ، (قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ الدِّينَ) (الزمر : 11 ) ومن هنا يعتمد الأطباء على التشخيص السليم للحالة ، لانه بالتشخيص الدقيق تكون قد قطعت تسعة وتسعين في المائة من المسافة او العلاج ، وسيكون الوقاية من أزمة القلب حبة من الأسبرين .إذا جاز لنا التعبير .
ينبغي لنا ان نبحث عن ارث الأنبياء ، فكثير من الأمم تبحث عن الإصلاح ، بما سرق مؤخرا من ارثها القومي هذا ما قاله الشيوعيون
The name of "reform" simply covers what is latently a process of the theft of the national heritage.Aleksandr Solzhenitsyn
فإرث الأنبياء يختلف لأنه وحي من السماء ، وما نقصده نحن بإرث الأنبياء ، هو ارث محمد صلى الله عليه واله وسلم ،- ذلك لأنه صاحب البصمة النهائية من السماء لتعديل الواقع الكوني ، وبه صلى الله عليه وسلم ختمت قافلة الركب الكرام من الأنبياء وعليه لابد ان يحمل المثقفون الإرث ،في وقت تقاعس فيه العلماء .لابد ان يحملوا نور التوحيد الى الاماكن المعتمة في العالم .فأروع شيء في الوجود ان تنقذ البشر من النار ،ان الدعوة الى الله رحمة بالبشر والعباد والجماد .عذرا للاستطراد ، - عند الغرب لم يختلف في التصور . كنا قال احدهم : يسير لك أن تحقق المجد فقط أن تتذكر ما كان يردده المؤسسون الأوائل . تبا للمؤسسين الأوائل من الغرب ، ومما لا شك فيه أن حضارة الإسلام ابتدأت بوحي من السماء وهذا مصدر تفردها وتميزها وبهذا تختلف عن حضارة القرصنة واللصوصية وسفك الدماء ومن ثم تأتي "أوبرا وينفري" في برنامجها اليوم 21/12/ الجاري بجندي أمريكي كان في أفغانستان يتباكي على كلب كان يرافقه في افغانستان، ويشاركه الجمهور البكاء ، ولم يتباكي هذا ولا أولئك الجمهور على شعب من الآدميين حولوه إلى جثث وشعب من المعوقين والأرامل والأيتام .. ان الغرب بالفعل غير سوي نفسيا او عقليا ، وليس بعد الكفر ذنب ،
انها نفس العبارة التي رددها سولجنستن
You can only have power over people so long as you don't take everything away from them. But when you've robbed a man of everything he's no longer in your power-he's free again.
"فقط تسيطر على البشر إلى المدى الذي لم تأخذ منهم كل شيء ، ولكن عندما تسرق من الإنسان كل شيء ، لن يكون تحت سيطرتك ،بل سيكون حراً مرة أخرى ." الا ان الدكتور محمد عمارة قد ساقها يوما للغرب في عبارة حزينة وموجعة للغرب "قد استحوذتم على كل شيء فاتركوا لهذه الشعوب الاسلام". فهل تراه يتركه لنا ،ام لا يستبقيه فينقلب بعدها السحر على الساحر فنكون أحرارا ، عندما نظن انه احيط بنا ولا ملجأ ولا منجى الا اليه سبحانه ، فيكون التغير المفاجيء ان يأتي الله بالفتح او أمر من عنده ،(فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ) (المائدة : 52 )
( لا اله إلا الله) محور ارتكاز :
قال الله تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) (الأنبياء : 25 )
فالقضية الأساسية هي التوحيد ، اجل ان قضية التوحيد هي القضية الأساسية في الكون وبها يستقيم الكون فكان درب الأنبياء هو تقرير تلك القضية الضخمة في الكون أن (لا اله إلا الله) وكلما انقلبت البشرية على الأعقاب وتغلبت عليها الأهواء وتاهت في مضلات الفتن ومعضلات الأهواء جاء نبي كريم ليعيد البشرية إلى جادة الصواب ويذكرهم بالعهد. ومن بعد الأنبياء لابد للعلماء والمثقفين ان يحملوا راية محمد صلى الله عليه وسلم للبشرية، ومفهوم التوحيد يتناقض مع الشرك فلقد قال لقمان لابنه ان الشرك لظلم عظيم (وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) (لقمان : 13 ) فكان العدل هو التوحيد . لان العدل هو الوضع الشيء في موضعه، جاء في الحديث القدسي عن رب العزة : إني والإنس والجن في نبأ عظيم،اخلق ويعبد غيري،ارزق ويشكر سواي.خيري الى العباد نازل، وشرهم إلي صاعد أتحبب إليهم بنعمي ،وأنا الغني عنهم ...) . فمناط التوحيد هو رد العبادة لمن يستحقها والشكر لمن يستحقه هو المولى- سما مقامه -
كما ان الشرك محبط للعمل: (إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً) (النساء : 48 ) وقال الله تعالى (ومَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (المائدة : 5 )
ووضع الانسان الطبيعي هو ان يسلم لله .. يقول روبرت ويب حينما أعلن إسلامه :
What's natural to human beings is to submit to the will of the Creator. The reason I say I reverted to Islam is because I believe I've reverted back to that natural human state.”~ Robert Webb
"ماهو طبيعي للجنس البشري ان( ُيذعِن) ُيسلم لإرادة الخالق ولهذا السبب تحولت إلى الإسلام لأعود لتلك الحالة من الطبيعة الإنسانية "
..ربما يسوقها احدهم بعفوية : "إن نهوض الإسلام ربما يقدم أعظم الأمثلة الانطباعية في تاريخ العالم لقوة الكلمات في تغيير السلوك الإنساني بطرق مفاجئة ومدهشة "
“The rise of Islam offers perhaps the most impressive example in world history of the power of words to alter human behavior in sudden, surprising ways.”~ William H. McNei
ربما يعتبرها وليام ه ماكناي إنها قوة الكلمات ، وأنا اعتبرها قوة كلام السماء ، انه كلام الله ،
قال تعالى : (لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (الحشر : 21 )
محور الارتكاز الذي تقوم عليه مقومات الحياة في الكون ،ألا وهو العدل
(إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (النحل : 90 )
اجل توحيدا والذي ينبثق عنه منظومة من عموميات العدل في الواقع الكوني فتستريح البشرية إلى بر الأمان بدون ظلم أو مجازر أو حروب او فضائح ويكليكسية ، فمن ضاق عليه العدل فالجور عليه أضيق ،كما قال الامام علي ،حيث انه بالعدل يستقيم الواقع الكوني ، وبالظلم يتحول الكون إلى غابة والبشر إلى كائنات مفترسة ، بعدما استبدلوا شريعة الله بشريعة الغاب ، فما اظلم الإنسان لنفسه ولبني جنسه كما قال الكواكبي .،و لا يفوتنا عدالة التشريع في (شريعة الله) ،قال الله تعالى: (أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ) (التين : 8 ) ان الله تعالى يأمر بالعدل والعدل قانون الله في الكون . كما ان الظلم مزيل للأمم ولا يمكن ان يستبقي قانون السماء على امة ظالمة ، كما انه يمكن للدولة الكافرة العادلة ولا يمكن للدولة الظالمة وان كانت مسلمة ، وما أن تتخلى أي امة أو أي دولة أو نظام عن العدل فلا بقاء لها. وكبر عليها أربع تكبيرات ، وكما قال مصطفى السباعي : من أول صرخة للمظلومين تسقط عروش الطغاة "
قال الله تعالى : (وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِن قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُواْ وَجَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ) (يونس : 13 ) ، وان كان ثمة بقاء ، فهو بقاء في حكم المعدوم ، او استدراجقبل الاخذ.
بل كان من روعة التوحيد انه أيسر الطرق إلى التمكين والاستخلاف في الأرض ، ان ربط المولى التمكين في الأرض بشرط التوحيد ، قال الله تعالى :
(وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) (النور : 55 )
أجل هذا هو الشرط الذي لابد من استيفاءه (يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً)
******
ولنكن صرحاء أن (لا اله إلا الله) تواجه كثير من التحديات منذ بدايتها حتى اللحظة والى أن تقوم الساعة ، ذلك لان هناك نوعيات من البشر تريد أن تعيش في دور الآلهة ، ومن كان يتخيل إن يجترء إنسان ما ويقول أنا ربكم الأعلى ولكن فرعون جاء واجترأ وقالها علانية ، من هنا جاء الأنبياء ليردوا أحلام الطغيان إلى الواقعية ، ويمحون من مخيلتهم مشروع الاستبداد ألاجترائي قال تعالى لموسى (اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى) (طه : 24 )،فلقد سأل احد الأعراب المصطفى الكريم : إلى أي شيء تدعو الناس يا محمد ؟، قال ادعوهم إلى (لا اله الا الله )، فقال الأعرابي ، هذا لن تدعه لك قريش ولن تدعه لك العرب ، وذلك لارتباط مفهوم (لا اله الا الله) بالحرية ، وتفكيك الاستبداد ، فالعبادة معناها التذلل والخضوع ، وبالتالي صار معنى (لا اله الا الله) ، أي لا يستحق التذلل والخضوع إلا الله ، من هنا تصطدم بقوى الاستبداد ، بل حتى يرفضها المستبدون الصغار والكبار على السواء ، بل حتى الاباء المستبدون وأصحاب الهيئات والشركات يرفضونها، بل يعتبرونها شتماً لهم ،ولذلك،ما دخلت لا اله الا الله في بيئة الا حطمت الاستبداد ، بل قال الكواكبي ، إن الاستبداد يخاف من تمرير المعني الحقيقي لمفهوم (لا اله الا الله) الى الشعوب، بل يعتبرها ناراً وعروشهم بارود ،
لان (لا اله الا الله) ،تكسر كل القيود ،فينطلق الإنسان في الحياة بلا عوائق لا يثقله شيء الا النسيم حراً تحت سماء الله الرائعة ، حتى وان تجسد ذلك السجود في قبلة اليد ، التي تعتبرها العرب السجدة الصغري ، ولا يعطي صفقة السجود إلا للخالق الأعظم ، فان أعطى صفقة السجود لأصنام البشر والحجر ، اندرج تحت سطوة الشرك وانتفى عنه التوحيد ، بل ان فتية اهل الكهف استوعبوها (وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَهاً لَقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً) (الكهف : 14 )، ان روعة( لا اله الا الله )، انها تعتق البشر من سطوة الاستبداد والخوف ايماناً بالله وتوكلاً عليه -سما مقامه -، ويترتب عليها واقع حضاري رائع ، فلا يمكن ان تبنى حضارة في بيئة من الخوف ، روعة لا اله الا الله ،انها تمنحك جرعة هائلة من الحرية كيلا يفترسك الطغاة . قال المصطفى الكريم ، خير ما قلت و قال النبيون من قبلي (لا اله الا الله ).
لا تتجلى روعة (لا اله الا الله محمد رسول الله )في ديناميكية الإسلام على مر العصور فحسب كرسالة حية وناضجة، بل بها كانت الأمة عصية على الانكسار كانت دوماً اكبر من المحن، كالعنقاء تنتفض من تحت الرماد لآلاف المرات ، وشعارها الناري الصارخ في وجه الظلم والطغيان ووجه من تسكع من الاستعمار على يابستنا الاسلامية عبر الازمان (الله اكبر)، فتكون أوضاع الأمة مسكونة بالثورات ، دوما كالزلزال وكالبركان الذي ينفجر بلا سابق إنذار ، ودوما كانت في كل ازماتها وسود لياليها، كالرعد البارق الذي لا يمكن لانسان ان يحبسه او يصادره ، رائع هذا الدين ، ورائعة هذه الأمة ، بل روعتها في توحيد يجعلها تتنفس البشرية الصعداء ملء الرئتين ، تتيه افتخاراً وزهواً بدينها وربها ورسولها واسلامها ،فيا له من دين رائع عظيم ، وسبحانه من إله عظيم مجيد له المجد كله ، والى عرشه ومقامه الشامخ الرفيع كل المجد المطلق ينتهي ..!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.