انتشرت فى الآونة الأخيرة مواد غذائية مغشوشة فى أسواق العاصمة السورية دمشق، حيث دفع رخص ثمنها العديد من السوريين إلى الإقبال عليها، بعيدا عن جودتها أو خطورتها صحيا، نظرا لارتفاع تكاليف المعيشة بشكل كبير على خلفية الأحداث التى تشهدها البلاد. وشملت قائمة المواد المغشوشة العديد من الأصناف، فى مقدمتها اللبنة والطحينة والزيوت واللحوم ورب البندورة والسمنة، حيث انتشرت هذه المواد على العديد من البسطات بالأسواق والشوارع الرئيسية بدمشق. وتقول سلام متزوجة ولديها طفلان إن كيلو الجبنة البلدية تباع على البسطات بقرابة 400 ليرة، (الدولار فى السوق الحرة يساوى 155 ليرة)، فى حين يبلغ سعره فى المحال 700 ليرة، كما يصل سعر كيلو اللبنة إلى نحو 300 ليرة، بينما يباع فى المحال ب550 ليرة، وغير ذلك الكثير. وأوضحت سلام الحسن أن ارتفاع الأسعار أجبر محدودى الدخل والذين تقلصت القدرة الشرائية لديهم إلى شراء هذه المواد، رغم درايتهم بأن احتمال الغش فيها كبير جدا، لكن سعرها مقبول لديهم، لاسيما مع ارتفاع تكاليف المعيشة. وأكد ممدوح المحميد أن أغلب المواد الغذائية التى تباع على البسطات مغشوشة لكن الفرق فيما بينها هو بنسبة الغش، فمنها ما قد يكون مقبولا إلى درجة ما وأخرى غير مقبولة بتاتا، بل قد تؤدى إلى التأثير صحيا على المستهلك، وبالتالى يجب عدم شرائها رغم سعرها الزهيد. ويشترى ممدوح من معظم هذه المواد، لكنه لا يفضل نهائيا شراء اللحوم لما قد يشكل الغش فيها من أضرار صحية. فى حين يدافع أبو عبده، صاحب إحدى البسطات، عن نوعية المواد التى يبيعها إزاء شبهة الغش، ويحاول تبرير أسعارها المنخفضة نسبيا عن مثيلاتها فى المحلات بأنه يقوم بإعدادها منزليا لذلك تقل التكلفة لديه بشكل كبير. ونقلت وسائل إعلام مقربة من الحكومة السورية عن رئيس "اتحاد الحرفيين فى دمشق"، مروان دباس، قوله مؤخرا إن "عمليات الغش فى الأسواق وصلت إلى درجة لا يقبلها العقل"، لكنه شدد على أن الاتحاد منظمة شعبية "لا يملك صلاحيات لاتخاذ أى إجراء حيال أى مخالفة". ولفت إلى أن هناك العديد من العبوات الغذائية المزورة التى طرحت فى الأسواق دون تاريخ صلاحية ودون لصاقات أو حماية ملكية، موضحا أن انتشار الغش وارتفاع أسعار المواد الغذائية، يعود إلى غياب الرقابة التموينية والصحية عن أسواق دمشق. من جهتها، تقر مصادر رسمية تابعة للسلطات بانتشار ظاهرة الغش وخاصة "فى اللبنة والطحينة والزيوت واللحوم ورب البندورة"، مشيرة إلى أنها نظمت العديد من العمليات لضبط مثل هذه الحالات، وإحالة المخالفين إلى القضاء، دون لمس نتائج لذلك على أرض الواقع. ومع تقصير الجهات الرقابية المختصة بالقيام بدورها للحد من هذه الظاهرة المتنامية، فإن السوريين يرون فى هذه المواد رغم نسب الغش فيها، والتى قد تكون كبيرة بعض الأحيان، ما يتماشى مع قدرتهم الشرائية، وبالتالى سيبقون يشترون منها مضطرين غير مقتنعين.