نهر النيل هو مصدر الحياة بالنسبة لمصر، فهو الذى يجرى من أعالى الحبشة ليشق أرض الكنانة ثم يصب ما بقى منه فى البحر عبر آلاف السنين لم يصنع ذلك من تلقاء نفسه ولا تكفل أحد ما ولا دولة ما ' إثيوبيا ' بهذا الصنيع المعجز، فالذى أنزل الأمطار الغزيرة على جبال الحبشة ' إثيوبيا ' عبر آلاف السنين الماضية بكل هذه الغزارة والتى يستحيل معها الاحتفاظ بها وإلا غرقت البلاد هو الله لأنه هو الذى يُسيِّر السحب كيف يشاء، هو سبحانه الذى جعل المياه الغزيرة تشق لها طريقاً داخل الحبشة نفسها ثم تندفع لتكمل الطريق عبر السودان المجاورة ثم تستمر لتشق لها طريقاً عبر مصر ثم إلى فرعين داخل أرض الكنانة.مصر التى اختصها الله عز وجل بعنايته وذكرها فى كتابه الكريم فى أكثر من موقع ووصفها نبى الله يوسف لأهله بالأمان كما كانت دائماً بلد الخير والزروع والثمار، وحين طلب بنو إسرائيل من موسى 'ما تنبت به الأرض' قال لهم 'اهبطوا مصر فإن لكم ما سألتم' فمصر فى أمن الله وفى عنايته ولن تكون أبداً عرضة للهلاك.فمنذ القدم تحدى أجدادنا الجفاف والإبادة والزوال فهبطوا بدافع الجرأة أو اليأس إلى مستنقعات قاع الوادى، واخضعوا طيش الطبيعة لإرادتهم، وحولوا المستنقعات إلى حقول تجرى فيها القنوات والجسور، وهنا بدأت الحضارة الفرعونية، وبدأ المجتمع المصرى قصة مغامراته الخالدة لتستقيم له أمور دنياه وأمور أخراه كما كانوا يعتقدون. وفى العصر الحديث أنشئ السد العالى فى عهد الزعيم جمال عبد الناصر للتحكم فى تدفق مياه النيل والتخوف من آثار فيضانه وتوليد الكهرباء فى مصر. ولا ننسى دور السادات معلقا على تصريحات الزعيم الماركسى 'منجستو' الذى أراد بناء إحدى السدود على نهر النيل، قائلا: 'الرجل بتاع إثيوبيا بيقول إنه سيقيم سدًا على منبع نهر النيل، بما يعنى إعلان حرب ، وأنا أقول له لن يقام سد على النيل ، ومن يرشنا بالدم نرشه بالنار' ثم لم يكن بوسع أديس أبابا إلا أن ترضخ. واليوم تسعى أثيوبيا إلى بناء سدها الضخم المسمى بسد النهضة بحجة حقها فى استغلال هذه الثروة الطبيعية الضخمة مثل باقى الشعوب التى تستغل ثرواتها الطبيعية كالبترول ومشتقاته حتى صارت من الدول المتسارعة اقتصادياً ويعيش شعبها فى رغد من العيش متناسياً الضرر الشديد الواقع على جيرانها عبر التاريخ. فتريد قتل مصدر الحياة لمصر. فالحين نراقب جميعا عن كثب موقف القادة المصريين فى المواجهة الحتمية لتلك الجريمة البشعة. ولا ننسى جميعا أن من يقتل مصدر الحياة كأنما قتل الحياة !