لا يوم يمر على فى هذا البلد يزداد يقينى بأننا بلد سكانه غير آدميين، مسئولون لا يحترمون مسئوليتهم إلا عند شعورهم بفقدان مناصبهم. ولا يوقظون ضمااائرهم إلا عند اهتزاااز أرجل كراسيهم، ولا يعرفون قيمة شعب مسكين لا صوت له ولا صفير إلا عندما يخوضون انتخابات سلطوية خوفا على مصالحهم! نعيش هذه الأيام فى حروب مصيرية ونارية وسااااخنة لا أعلم من السبب فيها هل نحن أم الإعلام أم الحكام أم أناس لا نعرفهم موجودين فى مجتمعاتنا ويلبسون طقية الإخفاء بتاعة عبد المنعم إبراهيم! - فى جامعة الزقازيق ومن مقر كلية التجارة التى أدرس بها إدارة الإعمال وأنا ذاهب إلى كليتى كعادتى كل يوم مبتسما رغما عن أنفى، وسعيدا حتى لو الدنيا كلها زعلانة. ومتفائلا بالرغم من حالة الإحباط التى تملأ قلوبا كثيرة، ومصحوبا بكمية من النشاط والحب لمجالى لا أستطيع أن أصفها يجب أن أتصف بها فى هذا الزمان! فوجئت فى صباح اليوم وقبل دخولى بوابة الجامعة بعدد كبير جدا جدا من طلاب الكلية يقفون أمام بوابات الكلية، وطبعا كما تعرفون كلية التجارة فى أى مكان يطلق عليها كلية الشعب فوجدت الشعب يقف أمام الكلية كأننا فى مصنع الغزل والنسيج بالمحلة وبنطالب بحقوقنا، بسأل الطلبة فيه إيه يا جماعة؟ هو انتو واقفين كده ليه؟ هو فيه قبض النهارده ولا حاجة؟. أحسن إدارة الكلية غالقين البوابات بتاعة الكلية منعا لدخول الطلاب، ....... انا قلت يا سلام ليه يعنى هيقفلوها ليه وهيمنعو الطلاب ليه ؟ يقولو ليا عشان بيغسلو الكلية جوه يعنى مسيح بقى ارضية ومسح بنشات وحوائط الكلية ..... انا قلت كويس والله بس كده ميعاد المحاضرة الأولى هينتهى هما من امتى بيغسلو وبينضفو على الصبح كدة ! قام واحد قال ليا مانت متعرفش اللى فيها، قلت له وإيه اللى فيها بقى؟ قال ليا أحسن الوزير جاى الكلية، قلت يا سلام الوزير بذات نفسه وزير التعليم العالى. قالى إيوه يا سيدى هانى هلال بذات نفسه. قمت جريت على بوابة الكلية ودخلت على البوابة الرئيسية وقعدت أنادى (يا دكتور إبراهيم يا دكتور ميعاد المحاضرة ابتدى يا دكتور). بالمناسبة دكتور إبراهيم ده عميد الكلية قام الواحد اللى واقف على البوابة قالى الدكتور إبراهيم هو اللى أمرنا إننا نقفل البوابة، قلت له أنت بتتكلم بجد؟ عميد الكلية هو اللى قال ليييييك متسمحش بدخول الطلبة الكلية عشان ميوسخوووش الأرضية اللى إحنا مسحناها للوزير وطظ فى المحاااضرات وطظ فى الطلبة! عميد الكلية اللى لما عرف إن الوزير جاى الجامعة مش الكلية انتفض وأمر بنظافة الكلية بالكامل عشان خاطر رضاء عيون وزير التعليم العالى؟! المهم إن الوزير يلاقى الكلية نظيفة عشان العميد يبقى عميد والوكيل يبقى وكيلا والدكتور يبقى دكتور والحارس حارس البوابة يبقى حاارس! والطالب للأسف فى ستين داهية! يتعلم ميتعلمش ميهمهومش، المشكلة الأسوأ بقى إن النظافة مشوفنهاش إلا ما الوزير قال إنه هييجى! يعنى الطالب لا يساوى شيئا عند العميد، أنا من شدة نحرى وضيقى واستفزازى ناديت بأعلى الصوت يا دكتور إبراهيم أنا عايز أدخل عشان المحاضرة بتاعتى يا دكتور. مينفعش المنظر ده أبقى أنا الطالب اللى بوابات الكلية تكون مفتوحة ليا، وأراضى الكلية تكون ممسوحة ليا، وحوائط وأسقف الكلية تكون متزينة ليا، آجى الجامعة وأقف ذليلا ومنعا من دخول الكلية عشان الوزير جاى. يا دكتور ويا أستاذ يحيى الكلام ده مينفعش ده ما يرضييييش الوزييييييييير لو شاف المنظر ده طبعا! أنا قلت الكلام ده من هنا ولقيت العميد رايح قايل للحارس افتح البوابة يا محمد عشان الطلبة تدخل، بالرغم من أن آثار مسيح الأرضية من المياه موجودة بالفعل، والعمال لا زالوا يعملون وبسرعة شديدة من أجل نظافة الكلية. لأنه ليس من عادة كليتنا أن تمسح أرضيتها، أو أن تتزين حوائطها إلا ببيانات شباب من الأسر الطلابية إخوان وشيوعين وووطنيين ووفديين وكل الأسر اللى بتشوفهم! المهم أمر العميد أن يدخل الطلاب لكن بحذر من أجل نظافة الكلية، كان يتوجب عليا أن أذهب إلى العميد لا لكى أشكره، لكن لكى أسأله لماذا كل هذا الآن يا سيادة العميد ؟ أتخاف من أن يغضب عليك الوزير وتجد نفسك غدا مفصولا ومتحولا على المعاش؟ أم خوفا من أن يصاب الوزير بأنفلونزا الخنازير؟! هل صحة الوزير غالية عليك أكثر من صحة الطلاب ؟ لماذا لم تقم بنظافة الكلية من قبل ؟ أم أن الوزير يريد أن يراها متلمعة؟ أنا أعذر العميد فيما فعل لأنى أؤمن أنه إذا كان رب البيت بالدف ضارب ٌ فشيمة أهل البيت الرقص! مسئولينا الكبار أيضا يفعلون مثلما فعل العميد مع طلابه، تتذكرون زيارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما إلى القاهرة، وتتذكرون كم كانت القاهرة مليئة بأكوام الزبالة والشوارع المنتنة ! وتتذكرون ماذا فعلت الحكومة يومها عندما أنفقت بما يعادل 100 مليون جنيه، بل وأكثر من أجل نظافة العاصمة لاستقبال الرئيس الأمريكى! متى سيستفيق هؤلاء اذن ؟ الا انه عندما يشعرون بزيارة مفااااجئة ، او كبسة من مسئول كبير ، حينها يعلمون ان مناااصبهم فى خطر ، وكراسيهم ومناااصبهم ايضا فى خطر ، ولا يعطون اهتماما ولا قدر من الاهتمام والعناية ببشر ، الا يعلم هؤلاء انهم معينون اصلا من اجلنا ، الا يعلمون انهم معينون من اجل اشباع رغباتنا ، وتحقيق آمالنا ، الا يعلمون انهم فى مناااصبهم مرغمون ومسخرون لخدمتنا نحن ! ام انهم طينة واحدة ، كلهم يخدم الا مصلحته فقط ، ومصلحته وكرسه فوق الجميع ننتخبهم ليكون رؤساء ومن ثم يعينون لنا وزراء يعملون على خدمتهم ، ومثم يعينون وكلاء يخضعون لارادتهم ، ومن الوكلاء والمستشارين الى مسئولين تحت التدريب يعاملوننا كعبيد ، بغير آدمية وكان الوزير او المسئول الكبير الزائر بنى آدمى ونحن من الحيوانات التى تدير الساقية ! انا لا اعرف العيب مين من؟ لكنى عن نفسى اعيبها اذا ما تكلمت اليوم وصاحت باعلى صوتها طلبا لحقها وكرامتها ، ولو اننى ااخاف ان يقال عليا مخرب للبيوت او قاطع للارزاق لكنت فعلت ، لكنى اخاف من ذالك وايضا لا اثق ان يتخذ قرار صارم بالاهمال ، واخاف ايضا ان ينقلب الكل عليا انا لانى تكلمت ! ولكننى اريد ان اتعلم واعامل معاملة محترمة وكريمة واعامل معاملة طالب علم وليس طالب منصب او وجاهة فى وجه وزير ! ما الذى يمنع عميد الكلية أن يؤدى هذا العمل الذى يعيش حياة رفاهية منه أنه يؤديه بإخلاص وكفاءة ؟ أينتظر زيارة مسئول لكى نشتم رائحة جميلة فى كليتنا، ولكى نستنشق هواء نقيا وصافيا، ولا نجد ورقة أو منديلا هنا وهناك؟ ماذا يفعلون إذن هؤلاء المسئولون المتكاااسلون فى مناصبهم التى أعطتها لهم الدولة، أيفرحون بالكراسى المتحركة، والمكاتب الفخمة تحت أحدث التكييفات العصرية. أنا أحزن كثيرا عندما أسمع وأرى بعينى تزيين قرية عفن عليها زمن، وإغلاق طريق عام يمر من عليه كل البشر، من أجل زيارة مسئول كبير! هؤلاء هم من أسباب الفساد التى يعيشها مجتمع ودولة بكاااملها، يخفون فشلهم الحقيقى فى إدارة أعمالهم خوفا من ترحيلهم، يخفونه بالتزين والاستقبال الحار بالحرير من أجل رضاء عيون المسئولين! نعطى الوظائف لأناس لا يستحقونها، وهناك من يريد أن يضحى بنفسه من أجل هذا البلد وشعبه، لكن لا يستطيع أن يصل لأن الباب مغلق، حيث إنه على كل باب وكرسى حارسٌ أمين!