كثيرا ما ترددت على مسامعنا كلمة أخونة الدولة حتى أصبحت الكلمة سيئة السمعة لما كانت تهدف إلية من رغبة الإخوان فى إحكام قبضتهم السياسية على كل أركان الدولة، وربما كان هذا سببًا رئيسيًا فى زيادة التوتر السياسى وزيادة الغضب الشعبى ضد الإخوان لتنافى فكرة الأخونة مع أهداف ثورة يناير، التى قامت ضد الحاكم الفرد اعلم أن عنوان المقال قد يكون صادم للبعض فيدفعة ذلك إلى التطاول. كالعادة حينما نناقش فكرة قد تحتمل الصواب والخطأ وحتى نضع النقاط الصحيحة على الحروف فيظهر المعنى الحقيقى لفكرة المقال ولا يساء الفهم منها خاصة أن البعض ممن يتعمدون الإساءة دائمًا قد يعتقدون أن الهدف من هذا المقال هو التشكيك فى وطنية الإخوان ولهذا أؤكد بداية على أن حديثى ليس موجهًا إلى من يناصرون قضية الإخوان فى الدفاع عن الشرعية أو الذين يدافعون عن الإسلام ظنا منهم أن الدولة تحارب العقيدة الإسلامية وإنما حديثو موجة إلى من ينتمون لمنهج الإخوان السياسى والعقائدى وأخص منهم تحديدًا من ينتمون إلى التنظيم الدولى للإخوان المسلمين الذى يجد فروعًا له فى أكثر من 70 دولة على مستوى العالم. ومن هنا جاءت فكرة المقال لنناقش بهدوء المنهج السياسى والعقائدى لهؤلاء ربما يجد البعض ضآلته. فما يغفلة الكثيرون عن المنهج السياسى لدى الفكر الإخوانى (قيادات مكتب الإرشاد) أنه يدور فى فلك التنظيم الدولى الذى لا يعترف بفكرة الدولة بعناصرها المتعارف عليها (الشعب – الإقليم – السلطة) وإنما يعترف بفكرة الخلافة التى تقوم على نفس العناصر ولكن بعد تفكيك الدول لتصبح دولة واحدة وما يؤكد ذلك المقولة الشهيرة لمرشد الإخوان السابق مهدى عاكف (طظ فى مصر) وربما هذا هو السبب الرئيسى فى الصراع ما بين المؤسسة العسكرية والتنظيم الدولى قديمًا وحديثًا فالجيش لدية عقيدة أنه يحمى السيادة ويحفظ حدود الدولة ويصون أمنها أما عقيدة التنظيم الدولى أنه يريد هدم كيان الدول تمهيدًا للوصول إلى حكم الخلافة وهنا مكمن الصراع فإختلاف العقيدة لدى الجانبين سبب المشكلة التى لابد لها من حل، فإذا كان المشروع السياسى لدى فكر التنظيم الدولى للإخوان قائم على هدف التوحد بين الشعوب الإسلامية، لنصبح قوى عظمى فى مواجهة الغرب فهذا هدف نبيل ولكن الوسيلة التى تتم بة تنافى ونبل الهدف وتحتاج إلى سنوات طويلة من النضال الثقافى وليس النضال المسلح لتقارب وجهات النظر للوصول إلى صيغة مشتركة تجمع ما بين العقيديتن دون استخدام الدين كوسيلة لتحقيق أهداف سياسة فما حققة الغرب بالتوحد لم يأت على حساب السيادة والاستقلال أو التفريط فى الحدود الوطنية للدول وإنما تحقق بالتبادل التجارى والثقافى والعسكرى فى إطار اتفاقيات حاكمة لتصرفات الدول وفقًا لما يحقق مصالحها أولا ويحقق مصالح الدول الأخرى. أما المنهج العقائدى للإخوان فهو قائم على فكرة أن العقيدة الإسلامية بمفهومها الإخوانى الضيق هى العقيدة الصحيحة وما دون ذلك فهو باطل أو على الأقل يخالف المنهج الإسلامى الذى تربوا علية وهذا سبب الصراع الدينى ما بين مؤسسة الأزهر وبعض الأحزاب الإسلامية مثل حزب النور والأحزاب المدنية، وكثير من علماء الإسلام فى جانب والإخوان فى جانب آخر، وجميعهم فى نظر الإخوان فاسد ومنافق ولا يريد تطبيق الشريعة برغم أن الاجتهاد هو أحد مصادر التشريع والاجتهاد قائم على الاختلاف فى التفسير، وهذا يخدم الدين ولا يضر به وما يؤكد ما أقوله حول هذا المنهج العقائدى للإخوان ما سمعتة بأذنى من القيادى الإخوانى الشهير صبحى صالح، حينما تعرض لواقعة الاعتداء عليه، يقول وهو على فراش الموت اللهم توفنى على دين الإخوان وأيضًا فكرة زواج الشاب الإخوانى بالأخت الإخوانية تؤكد فكر هذا المنهج الضيق فهم بصدد دفاعهم عن تلك الفكرة، يرون أن هذا الزواج سوف يحقق هدفهم السياسى من خلال تكوين أسرة إخوانية ثم عائلة إخوانية لنصل فى نهاية الأمر إلى مجتمع إخوانى وهنا لابد أن يتحدث العقل سائلا الجميع هل يستطيع هذا المجتمع الذى تربى على فكرة التبعية والولاء أن يحقق نهضة عالمية كالتى حقهها المجتمع الغربى الذى يربى شعوبة على الإبداع وحب الثقافة؟ قولا واحد الإجابة,لا, ولن يحقق هذا المجتمع سوى الفشل. إذن الحل من وجهة نظرى يبدأ بتغير أفكار الإخوان ولن يتحقق ذلك سوى بالتخلى عن الأفكار القديمة التى نشأت مع الجماعة وتهذيبها، فالإنسان دائمًا يحتاج إلى تغير بعض من قناعاتة الفكرية إذا وجد أنها لا تتناسب مع تطورات العصر الحديث دون أن يتخلى عن مبادئة وخاصة أن فكرة التوحد التى يسعى إليها الإخوان ليست صعبة ولكنها تحتاج إلى تغيير فى السلوك السياسى يناسب الوضع الراهن فهم بحاجة إلى ثقافة جديدة للتعامل السياسى ثقافة أساسها الفكر والإبداع، وليس الجمود والتعصب دون أن تقترن بنزعة دينية غليظة تسئ للإسلام وتجعل منه دينيا إرهابيًا لدى دول الغرب والدين الإسلامى برىء من الغلظة والعنف والترهيب كما يجب على الدولة إحتواء المصريين الذين لا ينتمون للأخوان كمنهج سياسى وعقائدى ولكنهم يناصرون قضيتهم لأعتقادهم المبالغ فيه، أن دفاعهم هو دفاع عن الشريعة المنتهكة حقوقها، وذلك بسبب غياب الثقافة التى جعلتهم يتبعون فكر المنظمة الإخوانية العالمية عن جهل وهنا على الدولة محاربة تلك الأفكار الضآلة بالثقافة والتنوير وليس بالاعتقال الغير مبرر، بعدما أصبيت عقولنا جمعيا بالصدأ من كثرة التحجر الحزبى بأفكارة الضيقة، التى ثبت يقينا أنها تسعى لمصالح خاصة ولا تضع فى برامجها أى اعتبار لمصلحة الوطن.