اليوم.. تشريعية الشيوخ تستكمل مناقشة تطبيق القانون المدني على عقود الإيجار    أسعار الأعلاف في بورصة الدواجن اليوم الأحد 12-5-2024    مؤسسة التمويل الدولية توقع اتفاقية مع بنك القاهرة بقيمة 100 مليون دولار    موعد صرف معاشات شهر يونيو 2024 بالزيادة المقررة 15%    مواعيد تسليم وحدات سكن مصر في مدينة القاهرة الجديدة    أسعار السلع التموينية اليوم الأحد 12-5-2024 في محافظة قنا    مروحيات الاحتلال تشن غارات مكثفة على مناطق واسعة شمال قطاع غزة    الدفاعات الأوكرانية تدمر خمس طائرات استطلاع روسية في خيرسون وميكوليف    أمين الأمم المتحدة يجدد دعوته إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة لأسباب إنسانية    مسئول ليبي يكشف تفاصيل انضمام بلاده إلى دعوى جنوب إفريقيا لدى العدل الدولية    معلومات عن «حكم الراية» في مباراة الأهلي والبلدية.. تنفس الصعداء بسبب كهربا    مدحت عبد الهادي ينصح مدرب الزمالك بهذا التشكيل أمام نهضة بركان    حارس باريس سان جيرمان يعلن الرحيل رسميًا    وزير التعليم يشارك في مناقشة رسالة دكتوراه بجامعة القاهرة عن المدارس التكنولوجية    جدول مواعيد القطار الأسرع في مصر والقطارات المكيفة على خط «القاهرة - أسوان»    وفاة الشاب "يوسف" أصغر مربي نعام في مصر بحادث بطريق شبرا – بنها الحر    مصرع سيدة وابنتها في حادث انقلاب موتوسيكل بترعة في أطفيح    الرئيس السيسي: مصر لديها خطة كبيرة لتطوير مساجد آل البيت والصحابة    حظك اليوم وتوقعات الأبراج 12 مايو 2024: مشاكل ل«الثور» ومكاسب مالية ل«الحوت»    فيلم السرب يواصل تصدر شباك التذاكر.. إيراداته تتجاوز 23 مليون جنيه    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 12-5-2024    «الصحة»: نعمل على تحديث طرق اكتشاف الربو الأكثر انتشارا بين الأطفال    «صحة مطروح» تنظم قافلة طبية مجانية في زاوية العوامة بالضبعة    توقيع بروتوكول تعاون بين محافظة القليوبية وجامعة بنها    «أراد الله أن تظل حصة مصر في حمايته».. عباس شراقي يزف بشرى سارة عن سد النهضة (فيديو)    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد 12 مايو 2024.. عز ب 42 ألف جنيه    اليوم .. وزارة الداخلية تُعلن شروط قبول الدفعة العاشرة من معاوني الأمن (تفاصيل)    بطريرك الأقباط الكاثوليك يلتقي كهنة الإيبارشية البطريركية    اليوم.. «تضامن النواب» تناقش موازنة المركز القومي للبحوث الجنائية    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأحد 12 مايو    رئيس جامعة حلوان يفتتح معرض "الإبداع في التصميم التنفيذي للمنشآت الخشبية الخفيفة"    إسلام بحيري يرد على سبب تسميه مركز "تكوين الفكر العربي" ومطالب إغلاقه    كلمة الرئيس السيسي خلال افتتاح أعمال تطوير مسجد السيدة زينب (فيديو)    ترتيب هدافي الدوري الإنجليزي قبل مباراة مانشستر يونايتد وآرسنال اليوم    الرئيس السيسى من مسجد السيدة زينب: ربنا أكرم مصر بأن تكون الأمان لآل بيت النبى    موعد عيد الأضحى المبارك 1445ه: تفاصيل الإجازة وموعد وقفة عرفات 2024    تحسين مظهر تطبيق واتسآب للأجهزة المحمولة    انطلاق فعاليات الملتقى التوظيفي الأول بجامعة طيبة التكنولوجية.. اليوم    عاجل.. حدث ليلا.. قمع واعتقالات بمظاهرات تل أبيب وغضب في لبنان بسبب عصابة التيكتوكرز    أسعار السمك اليوم الأحد 12-5-2024 في الأسواق المحلية.. كم سعر السمك البلطي اليوم    ما حكم الحج عن المتوفى إذا كان مال تركته لا يكفي؟.. دار الإفتاء تجيب    وزير الرياضة يفتتح أعمال تطوير المدينة الشبابية الدولية بالأقصر    مواعيد مباريات اليوم الأحد 12- 5- 2024 في الدوري الإسباني والقنوات الناقلة    الهدنة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية قد تبدأ خلال ساعات بشرط وحيد    بطولة العالم للإسكواش 2024| تأهل 4 لاعبين مصريين للجولة الثالثة    «آمنة»: خطة لرفع قدرات الصف الثانى من الموظفين الشباب    ما التحديات والخطورة من زيادة الوزن والسمنة؟    عمرو أديب ل إسلام بحيري: الناس تثق في كلام إبراهيم عيسى أم محمد حسان؟    الصحة تعلق على قرار أسترازينيكا بسحب لقاحاتها من مصر    "الأوقاف" تكشف أسباب قرار منع تصوير الجنازات    ملف رياضة مصراوي.. مذكرة احتجاج الأهلي.. تصريحات مدرب الزمالك.. وفوز الأحمر المثير    يا مرحب بالعيد.. كم يوم باقي على عيد الاضحى 2024    أستاذ لغات وترجمة: إسرائيل تستخدم أفكارا مثلية خلال الرسوم المتحركة للأطفال    حبس سائق السيارة النقل المتسبب في حادث الطريق الدائري 4 أيام على ذمة التحقيقات    إصابة 7 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص بمدينة 6 أكتوبر    تفاصيل أكبر عاصفة جيومغناطيسية تضرب الأرض منذ 20 عامًا    علي الدين هلال: الحرب من أصعب القرارات وهي فكرة متأخرة نلجأ لها حال التهديد المباشر للأمن المصري    وزارة الأوقاف تقرر منع تصوير الجنازات داخل وخارج المساجد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شادية.. معبودة الجماهير
السماء استكملت صياغة أسطورتها حينما حرمتها من نعمة الأمومة
نشر في اليوم السابع يوم 22 - 10 - 2009

لم يسلم أحد فى مصر ولا فى الوطن العربى من ملامح هذه السيدة، فمن لم يسقط هائما فى رموشها، سقط مغشيا عليه حينما سمع صوتها، ومن لم تأسره نظرات عينيها، تسجنه ابتسامتها، ومن لم يذب فى جمال خطوتها، يموت فى التراب اللى بتمشى عليه، ومن لا يسعده الحظ ولا تزوره فى أحلامه، يستدعيها ليلا من صور الصحف، ومن الملامح القابعة فى خلايا ذاكرته، أما من بحث كثيرا عن امرأة ينحنى لجلال جمالها، وعظمة أخلاقها، وقوة مبدئها، وصلابة موقفها ولم يجد، فليس أمامه سوى «شادية» لأنها المرأة الوحيدة التى جمعت بين سابق الأشياء دون ضجيج، أو رياء أو إعلانات متلفزة، هى الوحيدة التى غنت بصدق فخرج صوتها ساحرا يزرع الإيمان فى قلوب الناس بما تغنيه، هى الوحيدة التى آمنت بما قدمت، فوضعها الناس على قمة تلال قلوبهم، ثم خلفت وراءها عالما كبيرا من الشهرة وزرعت فى قلبها سكينة لم تهتز أمام كل إغراءات المال والعودة.
دعك من فكرة أن شادية كانت واحدة من القلائل الذين أعادوا عصر الشمولية بما قدمته من روائع للسينما والمسرح والتليفزيون والغناء، لأن شادية لم تكن مجرد ممثلة بارعة، أو مطربة رائعة، بل هى أسطورة بكل ما تحمله الكلمة من معان، أسطورة شاركت السماء فى صياغة تفاصيلها حينما حرمتها من نعمة الأمومة، فجعلت حنانها الذى يفيض من ملامحها وصوتها هبة للناس جميعا، واستكملت صناعتها حينما ثبتت قلبها على قرار العزلة والاعتزال، ضاربة فى ذلك مثلا رائعا فى الزهد، ونموذجا أروع لمفهوم التوبة، فحينما تنظر إلى السيدات الفنانات المحجبات الآن، وتشاهد تنطيطهن من فضائية إلى أخرى تدرك قيمة الفنانة شادية، وتدرك عظمتها، حينما تشاهد حجاب الفنانة المعتزلة شهيرة وقصة الشعر التى تطل من أسفل حجابها ومحاولة تقديم نفسها كداعية هبطت من السماء سترفع يدك وتدعو لشادية بطول العمر وثبات القلب، وحينما تتابع مسيرة هؤلاء اللاتى أغوتهن كاميرات الشهرة على العودة، فستعرف أن شادية كانت إنسانة قبل أن تكون أى شىء آخر.
ومثلما هى الآن نموذج فى اعتزالها كانت نموذجا أروع وقت تصدرها أفيشات أغلب الأفلام، لم تكتف بكونها سنيدة الأبطال بل طغت بحضورها على العديد من النجوم الرجال وسرقت الأضواء لحسابها، فعلت ذلك مع كمال الشناوى وصلاح ذو الفقار وعماد حمدى وغيرهم من الكبار، وتميزت عن بنات جيلها بالتنوع والتلقائية، كان واضحا على ملامحها أنها تؤمن وتحب ما تفعله.
لم تكن أغانى شادية بتنوعها مجرد أغنيات للرقص وهز الوسط، فلقد تحولت أغانيها إلى قواعد ثابتة فى حياة المصريين، فلا غربة ولا سفر دون أغنية «خلاص مسافر» التى أصبحت شعار المصريين الرسمى للغربة وأوجاعها.
فتوش أو فاطمة كمال شاكر بدأت حياتها الفنية بدور صغير فى فيلم «أزهار وأشواك» الذى قامت ببطولته الفنانة مديحة يسرى مع يحيى شاهين. ومن بعدها اتخذت حياتها الفنية محطات بدأت بفيلم «العقل فى أجازة» مع الفنان محمد فوزى عام 1947 لتنطلق بعدها شادية فى عالم التمثيل، وتشتهر بأدوار الفتاة الدلوعة وهى المرحلة التى جننت شادية فيها رجال وشباب مصر دون أن تدرى، وخلقت فى أذهان الجميع صورة جديدة للمرأة وفتاة الأحلام، ففى تلك الفترة امتلكت شادية كل شىء على عكس الأخريات، كان لديها شقاوة سعاد حسنى وهدوء فاتن حمامة، ورومانسية مريم فخر الدين، ودلع لبنى عبدالعزيز وسهوكة ماجدة، وإغراء هند رستم، ولكنها فاقت الجميع بملامح بريئة وناضجة وصوت ساحر، وعقل أنثوى يجبر كل الرجال على التوقف واختلاس النظر واستدعاء ملامحها فى الأحلام.
ومع حلول فترة الستينيات، بدأت شادية فترة فنية جديدة وعلى عكس غيرها من الممثلات اتخذت منحنى فنيا جديدا وقدمت مع المخرج صلاح أبو سيف فيلم «لوعة الحب» عام 1960، والذى أدت فيه دور زوجة بسيطة يعاملها زوجها بقسوة، وتتبعه بفيلم اللص والكلاب فى 1962 ودور نور فتاة الليل التى خلدت ذكرى شادية فى ملامح الرجال، ثم اختتمت الأمر برائعتها فؤادة فى فيلم شىء من الخوف، لتكتب اسمها فى قلوب المصريين كافة وتؤكد أن الممثلة ليست مجرد عين مرسومة وشفايف ملتهبة وخطوة راقصة.
ومثل كل شىء أصيل فى مصر انزوت شادية وتركت الساحة لفترة السبعينيات بابتذالها وهيافتها، فلم يكن من الممكن أن يبقى الفنانون اللى بجد على تلك الساحة، لم يكن من الممكن أن تبقى شادية بفنها وإخلاصها على نفس الساحة التى ظهرت عليها ميرفت أمين وناهد الشريف بما يوهاتهما وأدوار السرير، اختفت شادية ثم عادت للظهور فى منتصف الثمانينيات، لتقدم فيلم «لا تسألنى من أنا»، ثم بعد الفيلم بعامين وتحديدا فى 1986 تغرد تغريدة البجعة وتقدم رائعتها «ريا وسكينة» وتقف على خشبة المسرح للمرة الأولى فى مواجهة عمالقة هذا الفن عبدالمنعم مدبولى وسهير البابلى وتفاجئ الجميع بحضور طاغ وأداء غير عادى تختمه بأغنية «جه حبيبى وخد بإيدى» فى احتفالات المولد النبوى وتبكى على المسرح وتتخلى عن كل شىء، ودون لف أو دوران تخبر الجميع أنها ستكتفى بما قدمته حتى تبقى صورتها الجميلة فى أذهان الجميع كما هى رائعة الجمال والكمال، ولكن كان واضحا أن اكتفاء شادية كان خلفه أشياء أخرى أعمق وأقوى من مجرد الصورة الجميلة لأن من هم مثل شادية تبقى ملامحهم محفورة فى الوجدان.. وجدان الناس.. ووجدان التاريخ، لأن التاريخ لا ينسى أبدا المؤمنين.. ولا يجرؤ بالتالى على أن ينسى شادية.. معبودة الجماهير!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.