ب حملة توقيعات.. «الصحفيين»: 5 توصيات ل تعديل المادة 12 من «تنظيم الصحافة والإعلام» (تفاصيل)    «الأعلى للجامعات» يعتمد قواعد تنسيق القبول    مليون جنيه سعر أول سيارة كهربائية بشركة النصر للسيارات وهذا موعد الطرح    8.8 مليار جنيه قيمة الكميات الموردة من القمح بالبنك الزراعي المصري    استعدادًا لعيد الأضحى| تفتيش نقاط الذبيح ومحال الجزارة بالإسماعيلية    وزارة الزراعة تنفي ما تردد عن بيع المبنى القديم لمستثمر خليجي.. في بيان رسمى    محافظ الجيزة: حريصون على استمرار تجربة أسواق اليوم الواحد    السعودية وقطر تقدمان دعما ماليا للعاملين في القطاع العام بسوريا لمدة 3 أشهر    القاهرة الإخبارية: القوات الروسية تمكنت من تحقيق اختراقات في المواقع الدفاعية الأوكرانية    الأهلي يهنئ وادي دجلة وكهرباء الإسماعيلية بالتأهل للممتاز    عمرو السولية يودع الأهلي بعد 9 سنوات ونصف: فخور بالرحلة... وانتهت مغامرة الرقم 17    محافظ القاهرة يتفقد امتحانات نهاية العام للشهادة الإعدادية :ضبط ملاحظ وطالب لتصويرهما امتحان الجبر بالمنوفية والسويس    قواعد تنسيق العام الجديد.. اعرف تفاصيل اختبارات القدرات    "سيبتك" أولى مفاجآت ألبوم حسام حبيب لصيف 2025    وزير الحكم المحلي الفلسطيني: مصر تلعب دورا محوريا للتوصل إلى وقف إطلاق النار    وزير الثقافة وخالد جلال وحماده الموجي أول الحاضرين فى عزاء والد رئيس دار الأوبرا    تكريم محمد صبحي بجائزة إنجاز العمر في احتفالية القومي لحقوق الإنسان    حكم صيام يوم عرفة وعلى من يجوز    ما حكم بيع جزء من الأضحية؟    طبيب «جلدية» يحذر من الأمراض المنقولة بالميكروبات في عيد الأضحى    بعد تداول فيديو ضربها.. القومي للطفولة والأمومة يودع ضحية عنف والدها في المهندسين دار رعاية    محافظ أسيوط ووزير الموارد المائية والري يتفقدان قناطر أسيوط الجديدة ومحطتها الكهرومائية    «بقالي 20 سنة بغني ولسه بيداري».. موقف طريف بين روبي وجمهورها في الأردن (فيديو)    تكشف خطورتها.. «الصحة العالمية» تدعو الحكومات إلى حظر جميع نكهات منتجات التبغ    مصرع وإصابة 3 أشخاص بطلقات نارية إثر مشاجرة مسلحة في قنا    رئيس الطائفة الإنجيلية يشهد رسامة شيوخ وشمامسة جدد بكنيسة في المنيا    السعودية وروسيا ودول في "أوبك بلس" تعلن عن زيادة كبيرة في إنتاج النفط اعتبارًا من يوليو    وزير الخارجية يبحث مع عضو لجنة الخدمات العسكرية ب"الشيوخ الأمريكي" سبل دعم الشراكة الاستراتيجية    شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية: سياسة التجويع الإسرائيلية مستمرة منذ 20 عاما    محافظ كفر الشيخ يتابع أعمال رصف شارع الجيش بدسوق    حظك اليوم السبت 31 مايو 2025 وتوقعات الأبراج    مصادرة 37 مكبر صوت من التكاتك المخالفة بحملة بشوارع السنبلاوين في الدقهلية    إنتر ميلان يطارد النجمة الرابعة في نهائي دوري أبطال أوروبا 2025    تفاصيل ما حدث في أول أيام امتحانات الشهادة الإعدادية بالمنوفية    وزارة الصحة تعلن خطة التأمين الطبي لعيد الأضحى المبارك وموسم الاجازات الصيفية بجميع المحافظات    أيمن أبو عمر يوضح أعظم العبادات والطاعات في عشر ذي الحجة    "حياة كريمة" تبدأ تنفيذ المسح الميداني في المناطق المتضررة بالإسكندرية    وزير الخارجية ل"صوت الأمة": السياسة الخارجية المصرية تستند لمبدأ "الاتزان الاستراتيجي"    استخراج حجر بطارية ألعاب من مريء طفل ابتلعه أثناء اللعب.. صور    سقوط طالبة من سلم الدور الأول بكلية البنات عين شمس والجامعة تنقلها لمستشفي الطوارئ    محمد الريفي عن طليقته: ربنا يكرمها ويكرمني.. ومستحيل أتكلم عن الماضي    أفضل الأدعية المستجابة عند العواصف والرعد والأمطار    ماذا قالت وكالة الطاقة الذرية في تقريرها عن أنشطة إيران؟    مصدر كردي: وفد من الإدارة الذاتية الكردية يتجه لدمشق لبحث تطبيق اتفاق وقّعته الإدارة الذاتية مع الحكومة السورية قبل نحو 3 أشهر    "نفرح بأولادك"..إلهام شاهين توجه رسالة ل أمينة خليل بعد حفل زفافها (صور)    وزيرة التنمية المحلية تطمئن على جاهزية محافظة الإسكندرية لمواجهة الطقس السيئ    برأة راندا البحيري من تهمة سب وقذف طليقها    250 مليون نحلة طليقة في الهواء بعد انقلاب شاحنة.. ماذا حدث في واشنطن؟    قبل وقفة عرفة.. «اليوم السابع» يرصد تجهيزات مشعر عرفات "فيديو"    الزمالك وفاركو.. استعداد أمني مشدد لتأمين مباراة الجولة الأخيرة من بطولة الدوري    سحب 700 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكتروني خلال 24 ساعة    لمكافحة التلاعب بأسعار الخبز.. ضبط 4 طن دقيق مدعم بالمحافظات    رسوم ترامب والسباق الانتخابي الكوري الجنوبي: من يحسم المواجهة؟    القنوات الناقلة ل مباراة الأهلي والاتحاد مباشر في دوري سوبر السلة والموعد    الإفتاء تكشف كفارات الحج التي وضعها الشرع    «كنت سندي في مواقف كتير».. نجم الأهلي يودع معلول برسائل مؤثرة    سويلم: الأهلي تسلم الدرع في الملعب وحسم اللقب انتهى    جراديشار: شاركت في مباراة بيراميدز ولم أكن أعرف أسماء لاعبي الأهلي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



:"حيواناتٌ تقرأ فنَّ الحرب وتُطلق الرصاص فى شوارع المحروسة"
نشر في اليوم السابع يوم 12 - 01 - 2014

يصدر قريبا للشاعر كريم عبد السلام ديوان جديد بعنوان " حيواناتٌ تقرأ فنَّ الحرب وتُطلق الرصاص فى شوارع المحروسة" ، وفيه يستعرض بين الفانتازيا والواقع الكابوسى الذى نعيشه مجموعة من النماذج الحيوانية التى تحيا بيننا أو النماذج البشرية التى انحطت إلى مستوى الحيوانات ، وتاليا مختارات من الديوان الجديد..
محاصرون يارب
محاصرون فى جلودنا
محاصرون فى الشارع الغابة والمدينة الطاعون
محاصرون فى أعوام الجدب والغضب والجنون
محاصرون بين اختيارين : الوحش أو الفريسة
محاصرون بين العمى والصراخ
محاصرون بالبلاهة والتهريج والفجاجة
قبح قبح قبح
أشباه أشباه أشباه
بذاءات بذاءات بذاءات
أدعياء أدعياء أدعياء
عميان وخائفون ويأكلهم خوفهم
عميان يقبضون على السكاكين ليطعنوا الظلام والأشباح بينما العدو يبتسم من بعيد ،ويبتسم فى داخلهم عميان يتبادلون اللكمات حتى ينهاروا من الإعياء ،
حتى إذا أفاقوا لم يجدوا النهاية ،
ووجدوا جولة جديدة من الألم.
كان ياما كان
كان بلدٌ وكان جميلا
يصحو مع الفجر على صوت محمد صديق المنشاوى ،
ويكدح مع الفلاحين وعمال البناء ،
ثم يسهر على كورنيش النيل يسمع أم كلثوم ويصادق العشاق
اكتشف الحبَّ مع الليل والقمر
واخترع مع الأبجدية أهلاً وسهلاً
وروّض الغزاة حتى صاروا بشراً
لكنه أفاق ذات يوم
فوجد أبناءه لم يعودوا أبناءه
الذين صنعهم على عينه تحولوا غرباء
الودعاء انقلبوا برابرةً وهمجاً
فتش عن أحبابه فوجد ثعابين
ناداهم فردت الذئابُ بالعواء
استجار بمن أنجب
فهاجمته الخنازيرُ والقردة والضباعُ والتماسيحُ والخفافيشُ والثعالبُ
قال أين أصفيائى وسندى
فظهرت وحوشٌ كريهة
ووجوهٌ شائهة
وكائناتٌ مسعورة تمشى على قدمين
وتتكلم بألسنتها
وتُعمل عقولها فى الشر .
هى اللعنة إذن
التمساح فى البرلمان
والضبع يتيه فى ميدان الثورة
والذئب على كرسى الحكم
والجربوع فى وزارة الإعلام
والثعبان على المنبر
والغول الرهيب يقضم أطراف البلد
هى اللعنة إذن
الطمى يتحول إلى رمل
والدم إلى ماء
والبيوت إلى مقابر
والمهانة تتراكم فى النفوس
والجثث تتزاحم فى نهر الجنة
ساعدنا ياربُ على ظلامنا
ساعدنا يامحمد صديق المنشاوى على قلوبنا الغُلْف
ساعدنا يا بوبليوس أوفيديوس أن نرى لعنتنا فنتحرر
ساعدنا يا سن تزو على غفلتنا وتشتتنا وقعودنا
ساعدنا أيها النيل المبجل أن نعود طاهرين
الخروف
"لابسُ جلد الأسد طالبُ علم الزئير..
وإليَتُه ثقيلةٌ وحافرهُ مشقوقٌ وقرناهُ بارزان "
الآن ، وقد طرحك الجزارون مقيداً
وأخذوا يشحذون سكاكينهم تحت سمعك وبصرك
الآن ،وأنت تجأر مستغيثاً
وتحاول التملص من قيودك
تنادى أنصاراً وهميين وحلفاء من الهمج لإنقاذك من الذبح
الآن ، وقد تجلت أمام عينيك الدامعتين مأساة الخراف على مدار التاريخ
و وعيت حكاية أمك أيام كنت حملاً
عن الخروف الأهوج والخروف المشاكس والثالث الأمين،
وكيف تفرقت بهم السبل
بين طريق الندامة والسلامة والذهاب بلاعودة،
الآن ،علام تبكى ومن تنادى ؟
أما حذرتك أمك من الثعبان والدب والخنزير البرى
وكيف حملوا الخروف الأهوج
وألبسوه جلد أسد نافق
ونصبوه ملكا على الغابة
ثم رفعوا كؤوسهم وشربوا
فى صحة الملك الجديد
فى حضرة المليك المخيف
أيها المليك
الذئاب على حدود الحمى
أطلق زئيرك المخيف حتى تعرف
أن الملك حاضر
أيها المليك
الصيادون فى الجوار
ومعهم سهام ورصاص ونار
اخرج عليهم بجيشك لتبطش بهم
قبل أن يطأوا أرضنا
وتطلق مأمأة وثغاء تحسبه زئيرا مخيفا
وتخرج بقطيع الحملان والنعاج
تظنه جيشا من الوحوش والكواسر
ويتهدل جلد الأسد على فرائك فتتعثر وتكبو
وأنت ترفع شعار النبى المسلح
وتلقى الخطب النارية عن مملكتك فى هذا العالم
وأتباعك الذين يقاتلون لتوطيد أركانها
بينما الوحوش فى مكامنها
تلعق أشداقها متلمظةً حتى تصل المرمى
الآن..
علام تجأر كالنعاج
ومن تنادى من العلوج
ومن ذا الذى يقدر أن يحول بين السكين ورقبتك المشتهاة
*
الخُفَّاشةُ
"الكراهية صاعدةٌ من الجَرْف الهارى.. ألا بُعدا ً للجرف"
وحده المحارب المتمرس ، يستطيع رؤية الغليان المكتوم فى عينيك
هياجُ رغبة مقهورة ،
تداريها الأرامل بالتشبث باللون الأسود
وتعبر عنها المحرومات بالكلمات الغاضبة
ودق طبول الحرب طوال اليوم
وحده المحارب المتمرس،
يعرف كيف يظهر الاغتصاب كثيرا فى أحلامك
رجال أشداء يختطفونك ، ويتناوبون عليك
وأنت تصرخين وتلعنينهم
دون أن يربط أحد بين الصراخ واللعنات وبين اللذة
ألهذا تصرخين فى ميدان
وتحرضين فى ميدان
وتنادين فى الثالث على الأذهان المختطفة
والأذهان الضالة لتعود إلى حضنك الواسع
ألهذا ترفرفين فى العتمة الرحيبة لكهفك
وتحاولين إخفاء كل شموس العالم بجناحيك العاجزين
العطش هو العطش أيتها الجدة السمراء
والأذهان المختطفة التى تنادينها
لن تتحول أبدا إلى زجاجتك الخضراء السرية
أداة الحب المونودرامى
وفرقة الإطفاء لنيران العالم المشتعلة فى جسدك
يا لهذا الممر الملتهب طوال عقود
يا لهذه التأوهات التى ضلت طريقها وزمانها ومكانها
لتحل فى عبارات جوفاء وكليشيهات ثورية يلوكها الأتباع
والزجاجة كأنها عاشق عائد من سفر طويل
تكدح جيئة وذهابا
وذهابا وجيئة
يكاد جمادها يبوح
لكنها لا تجلب إلا لذةً سريعةً وحزناً مقيماً
آه أيتها الجدة العطشى
أتمنى أن يجد خليجِك الهائج
قبطانه المسيطر
ليحتوى الومضات الكهربية الحمراء فى دماغك
ويهدئ ارتعاشة رئتيك ودقات قلبك وتقلصات معدتك ،
كلما مس فحلٌ أعصابك العارية دون قصد
ستؤمنين عندئذ أن العالم أرحب من الكهف الذى تلجئين إليه
لتتعلقى بذؤابة صخرة قبل طلوع الشمس
وستعلنين ساعتها أن حضارة بغداد بناها المأمون العاشق
وليس الحسن الصباح
*
الغُول
"زعيم الشطَّار الملعون..صانع المكائد والفزاعات الطامع فى نجوم السماء"
ملعون
ولعنتكَ أن تبقى ظمآناً أبد الدهر
لا تروى عطشَك كلُّ مياه الدنيا
الأنهار تجف عندما تلامسها شفتاك
والآبار تغور إذ تسقط عليها نظرتُك
حتى الدموع فى العيون
تتجمد ، إذْ تحدق إليها.
أنت الغول الذى يحمل هجير الصحراء داخله
وتحترق الأرض الخضراء تحت قدميه
الجنون وحده يدفعك لبناء سلم إلى السماء
حتى تقبض على السحاب المحمل بالمطر،
عله يروى عطشك الذى لم تطفئه مياه الأرض
الأتباع حاضرون بالسياط ليجلدوا البنائين والفلاحين المسخرين
والجنود مكلفون بحراسة أحلامك
ودرجات السلم ترتفع شيئا فشيئا
والسحاب يتحرك فى أشكاله
فيصيبك بالسعار
إلام تنظر
النجمة اللامعة التى تتطلع إليها لاعقا شفتيك
ليست جرةً باردةً معطرة
لا تمد يديك
ولا تحلم بصورتها التى تبدو قريبة
فالنجوم تظل فى سمائها
وإذا اقتربتَ احترقتَ
تعرف أنك لن تبرأ من لعنتك
لن ترتوى
إلا إذا أهلنا عليك التراب
إذا احتضنتك أمك الأرض
وسقط عليها المطر
وأنبتت فوق عظامك غابة من الصبار
لكنك ترفض أن ترقد مختارا فى جوف الأرض
ظاناً أنك قادر على دفع لعنتك بيديك الباطشتين ،
على ابتلاع السحاب
على قطف النجمات
مادمت تستطيع إسالة الدماء
أنصت لحفيف الأشجار يردد : الغول الشاطر ملعون
أنصت لمواء القطط فى برد يناير يشكو : الغول الشاطر ملعون
أنصت لخرير النيل المنساب فى وداعة يبكى : الغول الشاطر ملعون
أنصت لنواح المكلومين وهمهمات الشهداء يحملها النسيم :
ملعون
ملعون
ملعون
*
بنتُ آوى
"الفارسيةُ ربيبةُ السفاح.. متى انطفأتْ روحكِ وأغرق الشمع وجهكِ الباكى"
وقد أطبق الفخ على قائمتيك
وانغرست الأنياب الحديدية فى العظام
واندفع الألم الرهيب إلى عينيك
لم يعد لديك سوى العواء
فى هذا الليل ،تحت الأفق القمرى المترامى
عواؤك الطويل الممتد
عواؤك المتقطع الشبيه بصرخات الضحايا فى قبو أبيك
عواؤك اليائس من الحركة التى توقظ الألم
لترتد عليك بوحشية
عواؤك الخافت الباكى الذى لا يسمعه سواك
لن يجلب عليك سوى الضباع التى تنشق الأرض عنها
وكأنها استعدت للإيقاع بك طوال الأيام الماضية
ومعها تأتى الحدآت والغربان تتقافز بركاكة فى دائرة
تضيق تدريجيا بانتظار النقرة الأولى
أما النمل الذى يعرف طريقه جيدا
فقد بدأت طلائعه تتجمع حول آثار دمائك
وترسل إشاراتها للحشود
يا ابنة السفّاح
وقد أطبق الفخ على قائمتيك
ليس أمامك إلا أن تمدى رقبتك وتتمنين عقرة رحيمة لضبع جائعة
قبل أن تصل جيوش النمل
ومعها العذاب طبقات فوق طبقات
فى كل ذرة تقتطعها نملة من أمعائك
مدى رقبتك تحت هذا الأفق القمرى
واستدعى أبناء عمومتك من الكلاب البرية الجائعة
وحدها تستطيع إنهاء عذابك
والإجابة عن السؤال المعلق فى عينيك
لماذا
بعد أن امتلكتُ العالم
لماذا؟
*
الثعبانُ
"مرشدُ النور إلى الظلام.. خارجاً من قصة الخلق إلى أذهاننا
أخذناه أخذا وبيلا"
بديعٌ فى استعراض جلدك المرقط تحت الشمس
ومرعبٌ فى انسيابك نحو الفرائس،
فى إغوائك إياها فاغرا فاهك
وهى مسمرةٌ فى مكانها
فى اندفاعك عبر التاريخ خارجا من قصة الخلق
إلى أذهاننا
بديعٌ فى معرفتك بأنك القاتل الأجمل
القاتل الأكمل
صاحب المنهج فى استخلاص أرواح الضحايا
كيف قضيت عقودا
تبنى فلسفتك فى الابتلاع والعَصْر والنهش
على أنك أبو الكائنات
تخلدها إذ تسمح لها بالحلول فى جسدك
" لا فضل للفريسة فى ذاتها
لا قيمة لها فى هذا العالم
ولا مكانة لها على الأرض وتحت السماء
رميم ذاهب إلى رميم
نكرة تعبر سريعا فى سجل المخلوقات
لكنها عندماتصبح جزءا من لحمى ودمى"
وتفصيلا زاهيا على جلدى
تكتسب كل القيمة
أنا أستاذ العالم
أنا العاصر الأقوى
أنا القابض الأزهى
أنا النهم الأبقى
فماذا بعد أن أضمن لها الخلود "
هاهى الغزالة الشاردة
أرنى كيف تؤمن بأفضلية الخلود فى عضلاتك
على حياتها الطارئة بين العشب والصخور
أرنى كيف تقبل بتهويماتك عن الحلول
وتنكس عنقها الجميل لتغرس فيه نابيك
أرنى كيف يتسلل فحيحك ليطفئ عينيها السوداوين
ويجطم قوائمها
اهربى أيتها الغزالة
لا تغمضى عينيك
ولا تتسمرى فى مكانك من الخوف
اهربى أيتها الغزالة الجميلة فى دمنا
وفى عيوننا
وفى نظرتنا إلى العالم
*
الكلبةُ
"كاهنةُ النكاح.. قائمتاها إلى أعلى وبينهما نارٌ ذاتُ لهب"
أحقا كانت الأرض خربةً وخاليةً
وكان الظلام يهيمن على العالم
ولم يكن سوى الكلاب
أحقا أنك المجاهدة رسولة النكاح المقدس
حاملة أختام معبد باخوس
وصاحبة القمر الأسود المشقوق
الذى لا يهدأ
خشبة مسرح دائرية ترتفع لأعلى
وأنت فى منتصفها مثل مارلين مونرو
وبقعة ضوء تطارد حركتك
الطوق الذهبى يحيط عنقك
وخطمك الكلبى يصل إلى القمر
فى عواء ممدود يصل الماضى بالمستقبل
نكاااااااااااااااااااح
نكااااااااااااااااااااااااح
ومع كل حرف ممدود يشق الهواء ويلتحق معناه بصوته
تسقط قشرة من الحضارة ويعود الذئب ذئبا والبهيمة بهيمة
ويسود الهياج
فى البدء كان التسافد
تتهادين أيتها الكلبة الأم ووراءك عشرات الذكور
وأنت تتمهلين وتتعمدين التوقف للحظات
حتى يلعق أقرب الذكور فرجك وناره ذات اللهب
فى البدء كانت السطوة
حيث يغرس الذكور جذورهم فى الأم دفعة واحدة عندما تنادى
وينزعونها عندما تكتفى
ليفتحوا الممالك
ويقيموا الثورات
أو يتصدعوا من الفقدان
أهكذا العالم كما تتصورينه
موجات متدافعة من الذكور تحيط خشبة المسرح المتحركة
حيث تقفين وخطمك متوجه للقمر
ثم يتقافزون فى مارثون للوصول إليك
وأنت ترتفعين من بقعة إلى بقعة وهم يجاهدون وراءك
لا يرون سوى نارك السوداء التى تُشعل العالم
ولا يتمنون إلا أن تباعدى
أهكذا تضمين الجهاد إلى النكاح
لتصنعى مفتاحا سحريا يعيد الأيام المفقودة
كيف تمتد اللحظة وتدوم فى الزمن
كيف يتعطل الموت الزاحف
حتى ترفعى خطمك وتنشرى رسالتك
المجد للتسافد
المجد للحظة التكوين الأولى
المجد للظلمة والتهارش
المجد لاتحاد الإير والفرج
المجد للثورة الجديدة
حيث الأرض كلها سرير صالح للافتراع
والعام كله موسم للتسافد
والعالم خارج قشرته الحضارية يجلس على مقاعد المتفرجين
بينما الذكر الأقوى يجاهد فوق الكلبة الأم
التى تحسن التبعل
*
الدُّب
"طارقُ الليل الباحث عن الحور العين والميادين المحتشدة بالأتباع"
فى أحلامك ترى الملكوت غابة مليئة بالأشجار والفرائس
وميادين محتشدة بالأتباع الصاغرين الذين يهتفون باسمك
فى أحلامك تأتيك الفرائس راضية مرضية
وتقعى تحت مخالبك فى انتظار قضماتك الكبيرة وسحيمك العالى
لكنك كلما استيقظت
وجدت الصحراء تحاصرك
والدماء تلوث فمك وأطرافك
كم من الأحلام يمكنها أن تغمر وجه العالم القاسى
وتوقف المطارق فى الرأس
كم من الأحلام تمحو مشاهد الدماء والرءوس التى تطير
وتوقف التحولات فى المرايا المسحورة
قاتل .. نجم .. سجين..هارب..زعيم.. مجرم.. بطل ..مطارد
الآن أيها الملك
هل تضرب بقوة
لتسمع أطراف الدنيا قهقهاتك وسحيمك ونخيرك وصراخك وأنفاسك اللاهبة
أيجب أن تهتز الأرض
أن يسمع الأتباع صوتك وأنت توصى
" عندما تستطيع الهجوم
يجب أن تبدو صامتا
كما لو كنت ضعيفا عاجزا" *
فتنطلق الرصاصات والقنابل
وتسعى إليك الغزالات والظباء والمها
هاهى ثانية
اللحظة التى تظن أنك قبضت فيها على أركان الدنيا
فجأة ،تمتلئ الأرض بالفخاخ
ويقترب بدنك الثقيل من التهاوى
وساعتها فقط تكتشف أن العالم ليس سمكة سلمون تقضمها
أو غزالة شاردة تضع أسنانك فى عنقها
أنت تحلم
أيها الملك الذى يحرك الأشجار فى الشوارع
وخلفها الحراس المدججون بالسلاح
لن تأتيك الأرانب البرية صفاً صفاً
والحُمُر المستنفرة
وأسماك النهر
والقردة الضاحكة
والماعز الجبلية
والكباش المتباهية بقرونها المعقوفة
والبقر الوحشى الذى يدب الأرض فتهتز وترتعب
ولن تقف كلها بين يديك تنتظر الإشارة
لتحاصر الفيل غير المبالى
والنمر الكسول
والأسد المتباهى
ولن يكون الملك لك
أيها الملك ذو الأنياب القواطع
أغمض عينيك طويلا
أغمض عينيك إلى الأبد
حتى يتسع العالم
حتى تنساب الأحلام من جفنيك إلى الأرض
وتنمو أشجار الظل على جانبى الشوارع
* سن تزو- فن الحرب
*
الضبع ُ
"نَكِرةُ الوحوش وصفوةُ النذالات..يحيا هلوعاً ويموت جزوعاً "
عادة ما تدخل المشهد من نهاياته
لست الفهد الصياد
ولست الدب مرعبُ الفرائس
كما أنك لست الخصم الشريف الذى يقاتل ليحمى منطقة نفوذه
أنت قاتلُ الوحوش الهرمة وآكل الرميم
معذب الضعفاء والعاجزين
تقبل اليد الطولى
واليد القوية
وتركع أمام الكواسر حتى تنال فضل صيد
لماذا عليك أن تنحنى فى استخذاء أمام الهامات المرفوعة
وتنبطح كلما صادفت وحشاً عابراً
لماذا تفضل أن تبقى فى آخر الميدان
حتى ينتهى الحوار بين الباطش والفريسة
لماذا تظل نكرة
وحشاً دون الوحوش
وكاسراً لا تهابه الكواسر
ونذلا يسرق بدل أن يجرب لذة الانقضاض ونشوة النصر
ثم يلبس رداء الزعيم أمام الميكروفونات
تخون فى الثورات وحين يعلو الغبار
وتلجأ إلى الباطشين تحتمى فى غبار أطرافهم
وفى دمدمة زئيرهم
ثم تنسحب عندما يهدأ الغبار
وتبحث عن أول حفرة تختبئ فيها
........................
........................
أيها المشوه الظهر ذو الرائحة الكريهة
ستظل معذباً أبداً
بأنك لست الفهد الصياد
ولست الدب مرعب الفرائس
كما أنك لست الخصم الشريف الذى يقاتل ليحمى منطقة نفوذه
*
الثعلب
"العريان المؤخرة.. قُتل الخانعُ وسط الوحوش.. ما أمكره"
محسوب ٌعلى الوحوش
لكنك أول العارفين أنك محض لص
وأن موطنك الأصلى هو السيرك
معدود بين الصيادين
وكلما صادفت صيادا ًأقوى منك
تمددت على الأرض ونفخت بطنك
مطلقا ريحاً كريهاً
لتحاكى الحيوانات النافقة
لذا ضمنت أن تعيش طويلا
وأن تكون آخر الهالكين.
عريان
جائع
مقرور
لا يهم
المهم أن تتشبث بخيط الحياة الرفيع
متنقلا بين أجمات الغابة
وفى مخيلتك حظيرة واسعة ملأى بأقنان الدجاج
عشت طويلا
وأنت تعلّم أبناء فصيلتك أن البقاء فى مواجهة الوحوش
هو الانتصار
أن الدبيب على الأرض قبيل الفجر
واستهداف أعشاش اليمام
يعنى خلخلة الأرض تحت أرجل الوحوش والكواسر
ظللت سنوات تنادى
أين القدرة على البقاء
أين الجماعة
وعندما يقعى أمامك صغير
تعلمه بصوت الحكمة
أن القتل والانتصار فى جميع المعارك
ليس قمة المهارة
وأن التفوق هو كسر مقاومة الوحوش
بالصمود فى وجه الزمن
لكنك لم تصمد فى صراعك على أنثاك
وسرعان ما تراجعت بعقرة فى المؤخرة وضياع إحدى عينيك
*
العِجْل
"المغير على الأزهار البرية كأنما تسحبه الأشباح..خواره يطفئ النجوم"
كلما تهادى هيكلك اللحيم كأنما يسيل على الأرض
كلما تحركت عيناك فى محجريهما
بخليط من البلاهة والذهول والتساؤل اليائس عن معنى الوجود
كلما طوحت برأسك الفارغ فى الهواء
والزبد على شدقيك ، تبرما من الذباب
كلما اشتدت وطأة ظهورك ، كائناً مأساوياً
يتضاعف خوفنا من اللحظة التى تنصهر فيها عقولنا
عندما يقودنا الجنون إلى الضحك المتواصل والسباب والقذارة
ومحاربة الأشباح
والمضى وراء أقاربنا الخجلين
الذين يسحبوننا من أنوفنا
ألأنك عجل
تظن أن العالم مقسوم بين البرسيميين الأخيار واللحميين الأشرار
وأن البرسيميين أقرب إلى الله
ألأنك عجل
ُتغير على الأزهار البرية
وتطارد الفراشات البيضاء فى الحقول
متخيلا أن العدو يمكن أن يرتفع بك طائرا فى الهواء
ألأنك عجل
تنكر على العشاق اعتقادهم أن الزهور تتفتح بقوة النيران فى قلوبهم
ولا تسرح بخيالك نحو أرض تسمى الحرية
لا يضطر فيها العجول إلى دس أنوفهم فى الأرض
أو مضغ أعواد البرسيم
ليتحول إلى روثٍ آخر اليوم .
*نقلا عن "أخبار الأدب"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.