تكريم مجلس اتحاد طلاب جامعة المنيا الأهلية    وزير التموين يستعرض جهود ضبط الأسواق وتوافر السلع    ميرتس يبدي تحفظا حيال إسهام بلاده في تأمين هدنة محتملة في أوكرانيا    الذكاء الاصطناعي يتوقع الفائز في مباراة النصر والاتحاد    بسبب السحر.. شاب يحاول قتل شقيقته بالقليوبية    المشدد 15 عامًا لمالك محل أحدث لزوجته عاهة مستديمة في القليوبية    الآلاف يشيعون جثمان الطفل "أدهم" ضحية أصدقائه في كفر الشيخ - فيديو وصور    أوس أوس يطلب من جمهوره الدعاء لوالدته: «ادعوا لها تقوم بالسلامة»    ننشر تفاصيل ختام فاعليات مهرجان أسوان الدولى لأفلام المرأة فى دورته التاسعة    ماذا قالت الناقدة ماجدة خيرالله عن حفل زفاف رنا رئيس؟    عمر طلعت مصطفى: ننسق مع وزارة الشباب والرياضة للاستفادة من الفعاليات الكبيرة للترويج لسياحة الجولف    جوندوجان يأمل في بداية مسيرته التدريبية كمساعد لجوارديولا    التايكوندو يتوجه للإمارات للمشاركة في بطولة العالم تحت 14 عام    تقرير: دي ليخت يقترب من الغياب أمام أتليتك بلباو    محافظ الفيوم يتابع موقف أراضي الدولة المستردة وآليات استغلالها بالشكل الأمثل    محافظ سوهاج يتفقد تركيب الأطراف الصناعية بمستشفى الهلال الأحمر | صور    مصر واليونان توقعان الإعلان المشترك بشأن الشراكة الاستراتيجية بين البلدين    بيدري مهدد بالعقوبة من يويفا بسبب تصريحاته ضد حكم قمة الإنتر وبرشلونة    روسيا تعتزم استضافة رئيسي الصين والبرازيل وآخرين بمناسبة ذكرى يوم النصر في الحرب العالمية    مبيعات أجنبية تهبط بمؤشرات البورصة بختام جلسة اليوم.. فما الأسباب؟    كانييه ويست ينهي مقابلته مع بيرس مورجان بعد أربع دقائق من بدايتها (فيديو)    ما حكم طهارة وصلاة العامل في محطات البنزين؟.. دار الإفتاء تجيب    وكيل وزارة الصحة بالشرقية يتفقد الخدمة الطبية بالزوامل المركزى    جامعة كفر الشيخ تشارك في منتدى «اسمع واتكلم» بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف    ضبط 3507 قضية سرقة تيار كهربائى خلال 24 ساعة    "الشباب في قلب المشهد السياسي".. ندوة تثقيفية بالهيئة الوطنية للانتخابات | صور    عدوان الاحتلال الإسرائيلي على طولكرم ومخيميها يدخل يومه 101    "التعليم" تعلن إطلاق مسابقة للمواهب في مدارس التعليم الفني    5 أبراج تُعرف بالكسل وتفضّل الراحة في الصيف.. هل أنت منهم؟    خلافات مالية تشعل مشاجرة بين مجموعة من الأشخاص بالوراق    بينها «أخبار اليوم» .. تكريم رموز الصحافة والإعلام في عيد العمال    وزير البترول: التوسع الخارجي لشركة "صان مصر"على رأس الأولويات خلال الفترة المقبلة    البابا تواضروس يستقبل وكيل أبروشية الأرثوذكس الرومانيين في صربيا    أوبرا الإسكندرية تقيم حفل ختام العام الدراسي لطلبة ستوديو الباليه آنا بافلوفا    كندة علوش: دوري في «إخواتي» مغامرة من المخرج    قطاع الفنون التشكيلية يعلن أسماء المشاركين في المعرض العام في دورته 45    تعرف على وضع صلاح بين منافسيه في الدوري الإنجليزي بعد 35 جولة    محافظ الدقهلية يلتقي المزارعين بحقول القمح ويؤكد توفير كل أوجه الدعم للفلاحين    إطلاق صندوق لتحسين الخدمة في الصحة النفسية وعلاج الإدمان    حزنا على زواج عمتها.. طالبة تنهي حياتها شنقا في قنا    مدبولي يُكلف الوزراء المعنيين بتنفيذ توجيهات الرئيس خلال احتفالية عيد العمال    وظيفة قيادية شاغرة في مصلحة الجمارك المصرية.. تعرف على شروط التقديم    وائل غنيم في رسالة مطولة على فيسبوك: دخلت في عزلة لإصلاح نفسي وتوقفت عن تعاطي المخدرات    وزارة الأوقاف تعلن أسماء المقبولين لدخول التصفيات الأولية لمسابقة القرآن الكريم    المراجعات النهائية للشهادة الإعدادية بشمال سيناء    سحب 49 عينة سولار وبنزين من محطات الوقود بالإسكندرية لتحليلها    آخر تطورات مفاوضات الأهلي مع ربيعة حول التجديد    ضبط المتهمين في واقعة تعذيب وسحل شاب بالدقهلية    مصر ترحب باتفاق وقف إطلاق النار في اليمن مع الولايات المتحدة    زيادة قدرتها الاستيعابية.. رئيس "صرف الإسكندرية يتفقد محطة العامرية- صور    «مستقبل التربية واعداد المعلم» في مؤتمر بجامعة جنوب الوادي    بتكلفه 85 مليون جنيه.. افتتاح مبنى امتداد مركز الأورام الجديد للعلاج الإشعاعي بقنا    عضو مجلس الزمالك: كل الاحتمالات واردة في ملف زيزو    أسامة ربيع: توفير الإمكانيات لتجهيز مقرات «الرعاية الصحية» بمواقع قناة السويس    اليوم.. الرئيس السيسي يتوجه إلى اليونان في زيارة رسمية    ما حكم إخراج المزكى زكاته على مَن ينفق عليهم؟.. دار الإفتاء تجيب    الأزهر يصدر دليلًا إرشاديًا حول الأضحية.. 16 معلومة شرعية لا غنى عنها في عيد الأضحى    عاجل- مصر وقطر تؤكدان استمرار جهود الوساطة في غزة لوقف المأساة الإنسانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حيوانات تقرأ فن الحرب
وتطلق الرصاص في شوارع المحروسة
نشر في أخبار الأدب يوم 11 - 01 - 2014

" حيوانات تقرأ فن الحرب..وتطلق الرصاص في شوارع المحروسة"..النص الجديد لكريم عبدالسلام يلجأ فيه إلي الفانتازيا باعتبار أن الواقع نفسه هو "اللامعقول"، حسبما يقول الشاعر:" عندما يكون الواقع من حولك لا معقولا عنيفا إلي أقصي درجة وعبثيا ولا يمكن إخضاعة للفهم والتحليل بحسابات المنطق المتعارف عليها، تكون الفانتازيا هي الحل، ويكون العودة إلي المفردات والعناصر الأولية في الطبيعة من حولنا مفتاحا لاحتواء وفهم تيار العبث من حولنا". يضم الديوان نصا افتتاحيا، فضلا عن 24 قصيدة جديدة، تحمل جميعها اسماء ال" حيوانات"..حيث يوجه الشاعر خطابا إلي الحيوانات التي تحل في البشر أو البشر التي تنحط إلي صورة الحيوانات، دون الاهتمام بالفصل أو التوضيح أو تعيين الخط الفاصل بين الحيواني والبشري في القصيدة، أنت أمام كيان يمكن أن ينسحب علي الواقع من حولنا، يمكن أن تري من خلاله شخصيات ووقائع طافية أمام عينيك وتضغط علي ذاكرتك وتفكيرك وتشغل حيزا كبيرا من حواراتك اليومية، أو هو كذلك بالنسبة إلي كما رأيته أو كما تخيلته.
"ها أنذا آخذُ في الحديث عن تحولٍّ لكائناتٍ كانت علي صورةٍ ، ثم إذا هي صورٌ أخري "
أوفيد- "مسخ الكآئنات"
محاصرون يارب
محاصرون في جلودنا
محاصرون في الشارع الغابة والمدينة الطاعون
محاصرون في أعوام الجدب والغضب والجنون
محاصرون بين اختيارين : الوحش أو الفريسة
محاصرون بين العمي والصراخ
محاصرون بالبلاهة والتهريج والفجاجة
قبح قبح قبح
أشباه أشباه أشباه
بذاءات بذاءات بذاءات
أدعياء أدعياء أدعياء
عميان وخائفون ويأكلهم خوفهم
عميان يقبضون علي السكاكين ليطعنوا الظلام والأشباح بينما العدو يبتسم من بعيد ،ويبتسم في داخلهم
عميان يتبادلون اللكمات حتي ينهاروا من الإعياء ،
حتي إذا أفاقوا لم يجدوا النهاية ،
ووجدوا جولة جديدة من الألم.
كان ياما كان
كان بلدٌ وكان جميلا
يصحو مع الفجر علي صوت محمد صديق المنشاوي ،
ويكدح مع الفلاحين وعمال البناء ،
ثم يسهر علي كورنيش النيل يسمع أم كلثوم ويصادق العشاق
اكتشف الحبَّ مع الليل والقمر
واخترع مع الأبجدية أهلاً وسهلاً
وروّض الغزاة حتي صاروا بشراً
لكنه أفاق ذات يوم
فوجد أبناءه لم يعودوا أبناءه
الذين صنعهم علي عينه تحولوا غرباء
الودعاء انقلبوا برابرةً وهمجاً
فتش عن أحبابه فوجد ثعابين
ناداهم فردت الذئابُ بالعواء
استجار بمن أنجب
فهاجمته الخنازيرُ والقردة والضباعُ والتماسيحُ والخفافيشُ والثعالبُ
قال أين أصفيائي وسندي
فظهرت وحوشٌ كريهة
ووجوهٌ شائهة
وكائناتٌ مسعورة تمشي علي قدمين
وتتكلم بألسنتها
وتُعمل عقولها في الشر .
هي اللعنة إذن
التمساح في البرلمان
والضبع يتيه في ميدان الثورة
والذئب علي كرسي الحكم
والجربوع في وزارة الإعلام
والثعبان علي المنبر
والغول الرهيب يقضم أطراف البلد
هي اللعنة إذن
الطمي يتحول إلي رمل
والدم إلي ماء
والبيوت إلي مقابر
والمهانة تتراكم في النفوس
والجثث تتزاحم في نهر الجنة
ساعدنا ياربُ علي ظلامنا
ساعدنا يامحمد صديق المنشاوي علي قلوبنا الغُلْف
ساعدنا يا بوبليوس أوفيديوس أن نري لعنتنا فنتحرر
ساعدنا يا سن تزو علي غفلتنا وتشتتنا وقعودنا
ساعدنا أيها النيل المبجل أن نعود طاهرين.
الخروف
"لابسُ جلد الأسد طالبُ علم الزئير..
وإليَتُه ثقيلةٌ وحافرهُ مشقوقٌ وقرناهُ بارزان "
الآن ، وقد طرحك الجزارون مقيداً
وأخذوا يشحذون سكاكينهم تحت سمعك وبصرك
الآن ،وأنت تجأر مستغيثاً
وتحاول التملص من قيودك
تنادي أنصاراً وهميين وحلفاء من الهمج لإنقاذك من الذبح
الآن ، وقد تجلت أمام عينيك الدامعتين مأساة الخراف علي مدار التاريخ
و وعيت حكاية أمك أيام كنت حملاً
عن الخروف الأهوج والخروف المشاكس والثالث الأمين،
وكيف تفرقت بهم السبل
بين طريق الندامة والسلامة والذهاب بلاعودة،
الآن ،علام تبكي ومن تنادي ؟
أما حذرتك أمك من الثعبان والدب والخنزير البري
وكيف حملوا الخروف الأهوج
وألبسوه جلد أسد نافق
ونصبوه ملكا علي الغابة
ثم رفعوا كؤوسهم وشربوا
في صحة الملك الجديد
في حضرة المليك المخيف
أيها المليك
الذئاب علي حدود الحمي
أطلق زئيرك المخيف حتي تعرف
أن الملك حاضر
أيها المليك
الصيادون في الجوار
ومعهم سهام ورصاص ونار
اخرج عليهم بجيشك لتبطش بهم
قبل أن يطأوا أرضنا
وتطلق مأمأة وثغاء تحسبه زئيرا مخيفا
وتخرج بقطيع الحملان والنعاج
تظنه جيشا من الوحوش والكواسر
ويتهدل جلد الأسد علي فرائك فتتعثر وتكبو
وأنت ترفع شعار النبي المسلح
وتلقي الخطب النارية عن مملكتك في هذا العالم
وأتباعك الذين يقاتلون لتوطيد أركانها
بينما الوحوش في مكامنها
تلعق أشداقها متلمظةً حتي تصل المرمي
الآن..
علام تجأر كالنعاج
ومن تنادي من العلوج
ومن ذا الذي يقدر أن يحول بين السكين ورقبتك المشتهاة
الخُفَّاشةُ
"الكراهية صاعدةٌ من الجَرْف الهاري.. ألا بُعدا ً للجرف"
وحده المحارب المتمرس ، يستطيع رؤية الغليان المكتوم في عينيك
هياجُ رغبة مقهورة ،
تداريها الأرامل بالتشبث باللون الأسود
وتعبر عنها المحرومات بالكلمات الغاضبة
ودق طبول الحرب طوال اليوم
وحده المحارب المتمرس،
يعرف كيف يظهر الاغتصاب كثيرا في أحلامك
رجال أشداء يختطفونك ، ويتناوبون عليك
وأنت تصرخين وتلعنينهم
دون أن يربط أحد بين الصراخ واللعنات وبين اللذة
ألهذا تصرخين في ميدان
وتحرضين في ميدان
وتنادين في الثالث علي الأذهان المختطفة والأذهان الضالة
لتعود إلي حضنك الواسع
ألهذا ترفرفين في العتمة الرحيبة لكهفك
وتحاولين إخفاء كل شموس العالم بجناحيك العاجزين
العطش هو العطش أيتها الجدة السمراء
والأذهان المختطفة التي تنادينها
لن تتحول أبدا إلي زجاجتك الخضراء السرية
أداة الحب المونودرامي
وفرقة الإطفاء لنيران العالم المشتعلة في جسدك
يا لهذا الممر الملتهب طوال عقود
يا لهذه التأوهات التي ضلت طريقها وزمانها ومكانها
لتحل في عبارات جوفاء وكليشيهات ثورية يلوكها الأتباع
والزجاجة كأنها عاشق عائد من سفر طويل
تكدح جيئة وذهابا
وذهابا وجيئة
يكاد جمادها يبوح
لكنها لا تجلب إلا لذةً سريعةً وحزناً مقيماً
آه أيتها الجدة العطشي
أتمني أن يجد خليجُكِ الهائجُ
قبطانَه المسيطر
ليحتوي الومضات الكهربية الحمراء في دماغكِ
ويهدئ ارتعاشة رئتيك ودقات قلبك وتقلصات معدتكِ ،
كلما مسَّ فحلٌ أعصابَك العارية دون قصد
ستؤمنين عندئذ أن العالم أرحب من الكهف الذي تلجئين إليه
لتتعلقي بذؤابة صخرة قبل طلوع الشمس
وستعلنين ساعتها أن حضارة بغداد بناها المأمون العاشق
وليس الحسن الصباح
الغُول
"زعيم الشطَّار الملعون..صانعُ المكائد والفزاعات.. الطامعُ في نجوم السماء"
ملعونٌ
ولعنتكَ أن تبقي ظمآناً أبد الدهر
لا تروي عطشَك كلُّ مياه الدنيا
الأنهار تجف عندما تلامسها شفتاك
والآبار تغور عندما تقع عليها نظرتُك
حتي الدموع في العيون
تتجمد ، حين تلمحها
أنت الغول الذي يحمل هجير الصحراء داخله
وتحترق الأرض الخضراء تحت قدميه
الجنون وحده يدفعك لبناء سلم إلي السماء
حتي تقبض علي السحاب المحمل بالمطر،
عله يروي عطشك الذي لم تطفئه مياه الأرض
الأتباع حاضرون بالسياط ليجلدوا البنائين والفلاحين المسخرين
والجنود مكلفون بحراسة أحلامك
ودرجات السلم ترتفع شيئا فشيئا
والسحاب يتحرك في أشكاله
فيصيبك بالسعار
إلام تنظر
النجمة اللامعة التي تتطلع إليها لاعقا شفتيك
ليست جرةً باردةً معطرة
لا تمد يديك
ولا تحلم بصورتها التي تبدو قريبة
فالنجوم تظل في سمائها
وإذا اقتربتَ احترقتَ
تعرف أنك لن تبرأ من لعنتك
لن ترتوي
إلا إذا أهلنا عليك التراب
إذا احتضنتك أمك الأرض
وسقط عليها المطر
وأنبتت فوق عظامك غابة من الصبار
لكنك ترفض أن ترقد مختارا
ظاناً أنك تقدر علي دفع لعنتك بيديك الباطشتين ،
علي ابتلاع السحاب
علي قطف النجمات
مادمت تستطيع إسالة الدماء
أنصت لحفيف الأشجار يردد : الغول الشاطر ملعون
أنصت لمواء القطط في برد يناير يشكو : الغول الشاطر ملعون
أنصت لخرير النيل المنساب في وداعة يبكي : الغول الشاطر ملعون
أنصت لنواح المكلومين وهمهمات الشهداء يحملها النسيم :
ملعون
ملعون
ملعون
بنتُ آوي
"الفارسيةُ ربيبةُ السفاح.. متي انطفأتْ روحكِ وأغرق الشمع وجهكِ الباكي"
وقد أطبق الفخ علي قائمتيك
وانغرست الأنياب الحديدية في العظام
واندفع الألم الرهيب إلي عينيك
لم يعد لديك سوي العواء أمام جامعة القاهرة
في هذا الليل ،تحت الأفق القمري المترامي
عواؤك الطويل الممتد
عواؤك المتقطع الشبيه بصرخات الضحايا في قبو أبيك
عواؤك اليائس من الحركة التي توقظ الألم
لترتد عليك بوحشية
عواؤك الخافت الباكي الذي لا يسمعه سواك
لن يجلب عليك سوي الضباع التي تنشق الأرض عنها
وكأنها استعدت للإيقاع بك طوال الأيام الماضية
ومعها تأتي الحدآت والغربان تتقافز بركاكة في دائرة
تضيق تدريجيا بانتظار النقرة الأولي
أما النمل الذي يعرف طريقه جيدا
فقد بدأت طلائعه تتجمع حول آثار دمائك
وترسل إشاراتها للحشود
يا ابنة السفّاح
وقد أطبق الفخ علي قائمتيك
ليس أمامك إلا أن تمدي رقبتك وتتمنين عقرة رحيمة لضبع جائعة
قبل أن تصل جيوش النمل
ومعها العذاب طبقات فوق طبقات
في كل ذرة تقتطعها نملة من أمعائك
مدي رقبتك تحت هذا الأفق القمري
واستدعي أبناء عمومتك من الكلاب البرية الجائعة
وحدها تستطيع إنهاء عذابك
والإجابة عن السؤال المعلق في عينيك
لماذا
بعد أن امتلكتُ العالم
لماذا؟
الثعبانُ
"مرشدُ النور إلي الظلام.. خارجاً من قصة الخلق إلي أذهاننا
أخذناه أخذا وبيلا"
بديعٌ في استعراض جلدك المرقط تحت الشمس
ومرعبٌ في انسيابك نحو الفرائس،
في إغوائك إياها فاغرا فاهك
وهي مسمرةٌ في مكانها
في اندفاعك عبر التاريخ خارجا من قصة الخلق
إلي أذهاننا
بديعٌ في معرفتك بأنك القاتل الأجمل
القاتل الأكمل
صاحب المنهج في استخلاص أرواح الضحايا
كيف قضيت عقودا
تبني فلسفتك في الابتلاع والعَصْر والنهش
علي أنك أبو الكائنات
تخلدها إذ تسمح لها بالحلول في جسدك
" لا فضل للفريسة في ذاتها
لا قيمة لها في هذا العالم
ولا مكانة لها علي الأرض وتحت السماء
رميم ذاهب إلي رميم
نكرة تعبر سريعا في سجل المخلوقات
لكنها عندماتصبح جزءا من لحمي ودمي"
وتفصيلا زاهيا علي جلدي
تكتسب كل القيمة
أنا أستاذ العالم
أنا العاصر الأقوي
أنا القابض الأزهي
أنا النهم الأبقي
فماذا بعد أن أضمن لها الخلود "
هاهي الغزالة الشاردة
أرني كيف تؤمن بأفضلية الخلود في عضلاتك
علي حياتها الطارئة بين العشب والصخور
أرني كيف تقبل بتهويماتك عن الحلول
وتنكس عنقها الجميل لتغرس فيه نابيك
أرني كيف يتسلل فحيحك ليطفئ عينيها السوداوين
ويجطم قوائمها
اهربي أيتها الغزالة
لا تغمضي عينيك
ولا تتسمري في مكانك من الخوف
اهربي أيتها الغزالة الجميلة في دمنا
وفي عيوننا
وفي نظرتنا إلي العالم
الكلبةُ
"كاهنةُ النكاح.. قائمتاها إلي أعلي وبينهما نارٌ ذاتُ لهب"
أحقا كانت الأرض خربةً وخاليةً
وكان الظلام يهيمن علي العالم
ولم يكن سوي الكلاب
أحقا أنك المجاهدة رسولة النكاح المقدس
حاملة أختام معبد باخوس
وصاحبة القمر الأسود المشقوق
الذي لا يهدأ
خشبة مسرح دائرية ترتفع لأعلي
وأنتِ في منتصفها مارلين مونرو
وبقعة ضوء تطارد حركتكِ
الطوق الذهبي يحيط عنقك
وخطمك الكلبي يصل إلي القمر
في عواء ممدود يصل الماضي بالمستقبل
نكاااااااااااااااااااح
نكااااااااااااااااااااااااح
ومع كل حرف يشق الهواء ويلتحق معناه بصوته
تسقط قشرة من الحضارة ويعود الذئب ذئبا والبهيمة بهيمة
ويسود الهياج
في البدء كان التسافد
تتهادين أيتها الكلبة الأم ووراءك عشرات الذكور
وأنت تتمهلين وتتعمدين التوقف للحظات
حتي يلعق أقرب الذكور فرجك وناره ذات اللهب .
في البدء كانت السطوة
حيث يغرس الذكور جذورهم في الأم دفعة واحدة عندما تنادي
وينزعونها عندما تكتفي
ليفتحوا الممالك
ويقيموا الثورات
أو يتصدعوا من الفقدان
أهكذا العالم كما تتصورينه
موجات متدافعة من الذكور تحيط خشبة المسرح المتحركة
حيث تقفين وخطمك متوجه للقمر
ثم يتقافزون في مارثون للوصول إليك
وأنت ترتفعين من بقعة إلي بقعة وهم يجاهدون وراءك
لا يرون سوي نارك السوداء التي تُشعل العالم
ولا يتمنون إلا أن تباعدي
أهكذا تضمين الجهاد إلي النكاح
لتصنعي مفتاحا سحريا يعيد الأيام المفقودة
كيف تمتد اللحظة وتدوم في الزمن
كيف يتعطل الموت الزاحف
حتي ترفعي خطمك وتنشري رسالتك
المجد للتسافد
المجد للحظة التكوين الأولي
المجد للظلمة والتهارش
المجد لاتحاد الإير والفرج
المجد للثورة الجديدة
حيث الأرض كلها سرير صالح للافتراع
والعام كله موسم للتسافد
والعالم خارج قشرته الحضارية ،
يجلس علي مقاعد المتفرجين
بينما الذكر الأقوي يجاهد فوق الكلبة الأم
التي تحسن التبعّل
الدُّب
"طارقُ الليل الباحث عن الحور العين والميادين المحتشدة بالأتباع"
في أحلامك تري الملكوت غابة مليئة بالأشجار والفرائس
وميادين محتشدة بالأتباع الصاغرين الذين يهتفون باسمك
في أحلامك تأتيك الفرائس راضية مرضية
وتقعي تحت مخالبك في انتظار قضماتك الكبيرة وسحيمك العالي
لكنك كلما استيقظت
وجدت الصحراء تحاصرك
والدماء تلوث فمك وأطرافك
كم من الأحلام يمكنها أن تغمر وجه العالم القاسي
وتوقف المطارق في الرأس
كم من الأحلام تمحو مشاهد الدماء والرءوس التي تطير
وتوقف التحولات في المرايا المسحورة
قاتلٌ .. نجمٌ .. سجينٌ..هاربٌ..زعيمٌ.. مجرمٌ.. بطلٌ ..مطاردٌ
الآن أيها الملك
هل تضرب بقوة
لتسمع أطراف الدنيا قهقهاتك وسحيمك ونخيرك وصراخك وأنفاسك اللاهبة
أيجب أن تهتز الأرض
أن يسمع الأتباع صوتك وأنت توصي
" عندما تستطيع الهجوم
يجب أن تبدو صامتا
كما لو كنت ضعيفا عاجزا" *
فتنطلق الرصاصات والقنابل
وتسعي إليك الغزالات والظباء والمها
هاهي ثانية
اللحظة التي تظن أنك قبضت فيها علي أركان الدنيا
فجأة ،تمتلئ الأرض بالفخاخ
ويقترب بدنك الثقيل من التهاوي
وساعتها فقط تكتشف أن العالم ليس سمكة سلمون تقضمها
أو غزالة شاردة تضع أسنانك في عنقها
أنت تحلم
أيها الملك الذي يحرك الأشجار في الشوارع
وخلفها الحراس المدججون بالسلاح
لن تأتيك الأرانب البرية صفاً صفاً
والحُمُر المستنفرة
وأسماك النهر
والقردة الضاحكة
والماعز الجبلية
والكباش المتباهية بقرونها المعقوفة
والبقر الوحشي الذي يدب الأرض فتهتز وترتعب
ولن تقف كلها بين يديك تنتظر الإشارة
لتحاصر الفيل غير المبالي
والنمر الكسول
والأسد المتباهي
ولن يكون الملك لك
أيها الملك ذو الأنياب القواطع
أغمض عينيك طويلا
أغمض عينيك إلي الأبد
حتي يتسع العالم
حتي تنساب الأحلام من جفنيك إلي الأرض
وتنمو أشجار الظل علي جانبي الشوارع
الضبع
"نَكِرةُ الوحوش وصفوةُ النذالات..يحيا هلوعاً ويموت جزوعاً
عادة ما تدخل المشهد من نهاياته
لستَ الفهد الصياد
ولستَ الدب مرعبُ الفرائس
كما أنك لستَ الخصم الشريف الذي يقاتل ليحمي منطقة نفوذه
أنت قاتلُ الوحوش الهرمة وآكل الجيف
معذب الضعفاء والعاجزين
تقبل اليد الطولي
واليد القوية
وتركع أمام الكواسر حتي تنال فضل صيد
لماذا عليك أن تنحني في استخذاء أمام الهامات المرفوعة
وتنبطح كلما صادفت وحشاً عابراً
لماذا تفضل أن تبقي في آخر الميدان
حتي ينتهي الحوار بين الباطش والفريسة
لماذا تظل نكرة
وحشاً دون الوحوش
ونذلا يسرق بدل أن يجرب لذة الانقضاض ونشوة النصر
ثم يلبس رداء الزعيم أمام الميكروفونات
تخون في الثورات وحين يعلو الغبار
وتلجأ إلي الباطشين تحتمي في غبار أطرافهم
وفي دمدمة زئيرهم
ثم تنسحب عندما يهدأ الغبار
وتبحث عن أول حفرة تختبئ فيها
......................
أيها المشوه الظهر ذو الرائحة الكريهة
ستظل معذباً أبداً
بأنك لست الفهد الصياد
ولست الدب مرعب الفرائس
كما أنك لست الخصم الشريف الذي يقاتل ليحمي منطقة نفوذه
الثعلب
"العريان المؤخرة.. قُتل الخانعُ وسط الوحوش.. ما أمكره"
محسوب ٌعلي الوحوش
لكنك أول العارفين أنك محض لص
وأن موطنك الأصلي هو السيرك
معدود بين الصيادين
وكلما صادفتَ صيادا ًأقوي منك
تمددتَ علي الأرض ونفخت بطنك
مطلقا ريحاً كريهاً
لتحاكي الحيوانات النافقة
لذا ضمنتَ أن تعيش طويلا
وأن تكون آخر الهالكين.
عريان
جائع
مقرور
لا يهم
المهم أن تتشبث بخيط الحياة الرفيع
متنقلا بين أجمات الغابة
وفي مخيلتك حظيرة واسعة ملأي بأقنان الدجاج
عشت طويلا
وأنت تعلّم أبناء فصيلتك أن البقاء في مواجهة الوحوش
هو الانتصار
أن الدبيب علي الأرض قبيل الفجر
واستهداف أعشاش اليمام
يعني خلخلة الأرض تحت أرجل الوحوش والكواسر
ظللت سنوات تنادي
أين القدرة علي البقاء
أين الجماعة
وعندما يقعي أمامك صغير
تعلمه بصوت الحكمة
أن الانتصار في جميع المعارك
ليس قمة المهارة
وأن التفوق هو كسر مقاومة الوحوش
بالصمود في وجه الزمن.
لماذا إذن لم تصمد في صراعك علي أنثاك
وكيف تراجعتَ بعقرة في المؤخرة
بعد ضياع إحدي عينيك
العِجْل
"المغيرُ علي الأزهار البرية كأنما تسحبه الأشباح..خواره يطفئ النجوم"
كلما تهادي هيكلك اللحيم كأنما يسيل علي الأرض
كلما تحركت عيناك في محجريهما
بخليط من البلاهة والذهول والتساؤل اليائس عن معني الوجود
كلما طوحت برأسك الفارغ في الهواء
والزبد علي شدقيك ، تبرما من الذباب
كلما اشتدت وطأة ظهورك ، كائناً مأساوياً
يتضاعف خوفنا من اللحظة التي تنصهر فيها عقولنا
عندما يقودنا الجنون إلي الضحك المتواصل والسباب ومحاربة الأشباح
والمضي وراء أقاربنا الخجلين
الذين يسحبوننا من أنوفنا
ألأنك عجل
تظن أن العالم مقسوم بين البرسيميين الأخيار واللحميين الأشرار
وأن البرسيميين أقرب إلي الله
ألأنك عجل
ُتغير علي الأزهار البرية
وتطارد الفراشات البيضاء في الحقول
متخيلا أن العدو يمكن أن يرتفع بك طائرا في الهواء
ألأنك عجل
تنكر علي العشاق اعتقادهم أن الزهور تتفتح بقوة النيران في قلوبهم
ألأنك عجل
لا تسرح بخيالك نحو أرض تسمي الحرية
حيث العجول هناك لا يضطرون إلي قتل الوقت بدس أنوفهم في الأرض
أو مضغ أعواد البرسيم
ليتحول إلي روثٍ آخر اليوم
"ها أنذا آخذُ في الحديث عن تحولٍّ لكائناتٍ كانت علي صورةٍ ، ثم إذا هي صورٌ أخري "
أوفيد- "مسخ الكآئنات"
محاصرون يارب
محاصرون في جلودنا
محاصرون في الشارع الغابة والمدينة الطاعون
محاصرون في أعوام الجدب والغضب والجنون
محاصرون بين اختيارين : الوحش أو الفريسة
محاصرون بين العمي والصراخ
محاصرون بالبلاهة والتهريج والفجاجة
قبح قبح قبح
أشباه أشباه أشباه
بذاءات بذاءات بذاءات
أدعياء أدعياء أدعياء
عميان وخائفون ويأكلهم خوفهم
عميان يقبضون علي السكاكين ليطعنوا الظلام والأشباح بينما العدو يبتسم من بعيد ،ويبتسم في داخلهم
عميان يتبادلون اللكمات حتي ينهاروا من الإعياء ،
حتي إذا أفاقوا لم يجدوا النهاية ،
ووجدوا جولة جديدة من الألم.
كان ياما كان
كان بلدٌ وكان جميلا
يصحو مع الفجر علي صوت محمد صديق المنشاوي ،
ويكدح مع الفلاحين وعمال البناء ،
ثم يسهر علي كورنيش النيل يسمع أم كلثوم ويصادق العشاق
اكتشف الحبَّ مع الليل والقمر
واخترع مع الأبجدية أهلاً وسهلاً
وروّض الغزاة حتي صاروا بشراً
لكنه أفاق ذات يوم
فوجد أبناءه لم يعودوا أبناءه
الذين صنعهم علي عينه تحولوا غرباء
الودعاء انقلبوا برابرةً وهمجاً
فتش عن أحبابه فوجد ثعابين
ناداهم فردت الذئابُ بالعواء
استجار بمن أنجب
فهاجمته الخنازيرُ والقردة والضباعُ والتماسيحُ والخفافيشُ والثعالبُ
قال أين أصفيائي وسندي
فظهرت وحوشٌ كريهة
ووجوهٌ شائهة
وكائناتٌ مسعورة تمشي علي قدمين
وتتكلم بألسنتها
وتُعمل عقولها في الشر .
هي اللعنة إذن
التمساح في البرلمان
والضبع يتيه في ميدان الثورة
والذئب علي كرسي الحكم
والجربوع في وزارة الإعلام
والثعبان علي المنبر
والغول الرهيب يقضم أطراف البلد
هي اللعنة إذن
الطمي يتحول إلي رمل
والدم إلي ماء
والبيوت إلي مقابر
والمهانة تتراكم في النفوس
والجثث تتزاحم في نهر الجنة
ساعدنا ياربُ علي ظلامنا
ساعدنا يامحمد صديق المنشاوي علي قلوبنا الغُلْف
ساعدنا يا بوبليوس أوفيديوس أن نري لعنتنا فنتحرر
ساعدنا يا سن تزو علي غفلتنا وتشتتنا وقعودنا
ساعدنا أيها النيل المبجل أن نعود طاهرين.
الخروف
"لابسُ جلد الأسد طالبُ علم الزئير..
وإليَتُه ثقيلةٌ وحافرهُ مشقوقٌ وقرناهُ بارزان "
الآن ، وقد طرحك الجزارون مقيداً
وأخذوا يشحذون سكاكينهم تحت سمعك وبصرك
الآن ،وأنت تجأر مستغيثاً
وتحاول التملص من قيودك
تنادي أنصاراً وهميين وحلفاء من الهمج لإنقاذك من الذبح
الآن ، وقد تجلت أمام عينيك الدامعتين مأساة الخراف علي مدار التاريخ
و وعيت حكاية أمك أيام كنت حملاً
عن الخروف الأهوج والخروف المشاكس والثالث الأمين،
وكيف تفرقت بهم السبل
بين طريق الندامة والسلامة والذهاب بلاعودة،
الآن ،علام تبكي ومن تنادي ؟
أما حذرتك أمك من الثعبان والدب والخنزير البري
وكيف حملوا الخروف الأهوج
وألبسوه جلد أسد نافق
ونصبوه ملكا علي الغابة
ثم رفعوا كؤوسهم وشربوا
في صحة الملك الجديد
في حضرة المليك المخيف
أيها المليك
الذئاب علي حدود الحمي
أطلق زئيرك المخيف حتي تعرف
أن الملك حاضر
أيها المليك
الصيادون في الجوار
ومعهم سهام ورصاص ونار
اخرج عليهم بجيشك لتبطش بهم
قبل أن يطأوا أرضنا
وتطلق مأمأة وثغاء تحسبه زئيرا مخيفا
وتخرج بقطيع الحملان والنعاج
تظنه جيشا من الوحوش والكواسر
ويتهدل جلد الأسد علي فرائك فتتعثر وتكبو
وأنت ترفع شعار النبي المسلح
وتلقي الخطب النارية عن مملكتك في هذا العالم
وأتباعك الذين يقاتلون لتوطيد أركانها
بينما الوحوش في مكامنها
تلعق أشداقها متلمظةً حتي تصل المرمي
الآن..
علام تجأر كالنعاج
ومن تنادي من العلوج
ومن ذا الذي يقدر أن يحول بين السكين ورقبتك المشتهاة
الخُفَّاشةُ
"الكراهية صاعدةٌ من الجَرْف الهاري.. ألا بُعدا ً للجرف"
وحده المحارب المتمرس ، يستطيع رؤية الغليان المكتوم في عينيك
هياجُ رغبة مقهورة ،
تداريها الأرامل بالتشبث باللون الأسود
وتعبر عنها المحرومات بالكلمات الغاضبة
ودق طبول الحرب طوال اليوم
وحده المحارب المتمرس،
يعرف كيف يظهر الاغتصاب كثيرا في أحلامك
رجال أشداء يختطفونك ، ويتناوبون عليك
وأنت تصرخين وتلعنينهم
دون أن يربط أحد بين الصراخ واللعنات وبين اللذة
ألهذا تصرخين في ميدان
وتحرضين في ميدان
وتنادين في الثالث علي الأذهان المختطفة والأذهان الضالة
لتعود إلي حضنك الواسع
ألهذا ترفرفين في العتمة الرحيبة لكهفك
وتحاولين إخفاء كل شموس العالم بجناحيك العاجزين
العطش هو العطش أيتها الجدة السمراء
والأذهان المختطفة التي تنادينها
لن تتحول أبدا إلي زجاجتك الخضراء السرية
أداة الحب المونودرامي
وفرقة الإطفاء لنيران العالم المشتعلة في جسدك
يا لهذا الممر الملتهب طوال عقود
يا لهذه التأوهات التي ضلت طريقها وزمانها ومكانها
لتحل في عبارات جوفاء وكليشيهات ثورية يلوكها الأتباع
والزجاجة كأنها عاشق عائد من سفر طويل
تكدح جيئة وذهابا
وذهابا وجيئة
يكاد جمادها يبوح
لكنها لا تجلب إلا لذةً سريعةً وحزناً مقيماً
آه أيتها الجدة العطشي
أتمني أن يجد خليجُكِ الهائجُ
قبطانَه المسيطر
ليحتوي الومضات الكهربية الحمراء في دماغكِ
ويهدئ ارتعاشة رئتيك ودقات قلبك وتقلصات معدتكِ ،
كلما مسَّ فحلٌ أعصابَك العارية دون قصد
ستؤمنين عندئذ أن العالم أرحب من الكهف الذي تلجئين إليه
لتتعلقي بذؤابة صخرة قبل طلوع الشمس
وستعلنين ساعتها أن حضارة بغداد بناها المأمون العاشق
وليس الحسن الصباح
الغُول
"زعيم الشطَّار الملعون..صانعُ المكائد والفزاعات.. الطامعُ في نجوم السماء"
ملعونٌ
ولعنتكَ أن تبقي ظمآناً أبد الدهر
لا تروي عطشَك كلُّ مياه الدنيا
الأنهار تجف عندما تلامسها شفتاك
والآبار تغور عندما تقع عليها نظرتُك
حتي الدموع في العيون
تتجمد ، حين تلمحها
أنت الغول الذي يحمل هجير الصحراء داخله
وتحترق الأرض الخضراء تحت قدميه
الجنون وحده يدفعك لبناء سلم إلي السماء
حتي تقبض علي السحاب المحمل بالمطر،
عله يروي عطشك الذي لم تطفئه مياه الأرض
الأتباع حاضرون بالسياط ليجلدوا البنائين والفلاحين المسخرين
والجنود مكلفون بحراسة أحلامك
ودرجات السلم ترتفع شيئا فشيئا
والسحاب يتحرك في أشكاله
فيصيبك بالسعار
إلام تنظر
النجمة اللامعة التي تتطلع إليها لاعقا شفتيك
ليست جرةً باردةً معطرة
لا تمد يديك
ولا تحلم بصورتها التي تبدو قريبة
فالنجوم تظل في سمائها
وإذا اقتربتَ احترقتَ
تعرف أنك لن تبرأ من لعنتك
لن ترتوي
إلا إذا أهلنا عليك التراب
إذا احتضنتك أمك الأرض
وسقط عليها المطر
وأنبتت فوق عظامك غابة من الصبار
لكنك ترفض أن ترقد مختارا
ظاناً أنك تقدر علي دفع لعنتك بيديك الباطشتين ،
علي ابتلاع السحاب
علي قطف النجمات
مادمت تستطيع إسالة الدماء
أنصت لحفيف الأشجار يردد : الغول الشاطر ملعون
أنصت لمواء القطط في برد يناير يشكو : الغول الشاطر ملعون
أنصت لخرير النيل المنساب في وداعة يبكي : الغول الشاطر ملعون
أنصت لنواح المكلومين وهمهمات الشهداء يحملها النسيم :
ملعون
ملعون
ملعون
بنتُ آوي
"الفارسيةُ ربيبةُ السفاح.. متي انطفأتْ روحكِ وأغرق الشمع وجهكِ الباكي"
وقد أطبق الفخ علي قائمتيك
وانغرست الأنياب الحديدية في العظام
واندفع الألم الرهيب إلي عينيك
لم يعد لديك سوي العواء أمام جامعة القاهرة
في هذا الليل ،تحت الأفق القمري المترامي
عواؤك الطويل الممتد
عواؤك المتقطع الشبيه بصرخات الضحايا في قبو أبيك
عواؤك اليائس من الحركة التي توقظ الألم
لترتد عليك بوحشية
عواؤك الخافت الباكي الذي لا يسمعه سواك
لن يجلب عليك سوي الضباع التي تنشق الأرض عنها
وكأنها استعدت للإيقاع بك طوال الأيام الماضية
ومعها تأتي الحدآت والغربان تتقافز بركاكة في دائرة
تضيق تدريجيا بانتظار النقرة الأولي
أما النمل الذي يعرف طريقه جيدا
فقد بدأت طلائعه تتجمع حول آثار دمائك
وترسل إشاراتها للحشود
يا ابنة السفّاح
وقد أطبق الفخ علي قائمتيك
ليس أمامك إلا أن تمدي رقبتك وتتمنين عقرة رحيمة لضبع جائعة
قبل أن تصل جيوش النمل
ومعها العذاب طبقات فوق طبقات
في كل ذرة تقتطعها نملة من أمعائك
مدي رقبتك تحت هذا الأفق القمري
واستدعي أبناء عمومتك من الكلاب البرية الجائعة
وحدها تستطيع إنهاء عذابك
والإجابة عن السؤال المعلق في عينيك
لماذا
بعد أن امتلكتُ العالم
لماذا؟
الثعبانُ
"مرشدُ النور إلي الظلام.. خارجاً من قصة الخلق إلي أذهاننا
أخذناه أخذا وبيلا"
بديعٌ في استعراض جلدك المرقط تحت الشمس
ومرعبٌ في انسيابك نحو الفرائس،
في إغوائك إياها فاغرا فاهك
وهي مسمرةٌ في مكانها
في اندفاعك عبر التاريخ خارجا من قصة الخلق
إلي أذهاننا
بديعٌ في معرفتك بأنك القاتل الأجمل
القاتل الأكمل
صاحب المنهج في استخلاص أرواح الضحايا
كيف قضيت عقودا
تبني فلسفتك في الابتلاع والعَصْر والنهش
علي أنك أبو الكائنات
تخلدها إذ تسمح لها بالحلول في جسدك
" لا فضل للفريسة في ذاتها
لا قيمة لها في هذا العالم
ولا مكانة لها علي الأرض وتحت السماء
رميم ذاهب إلي رميم
نكرة تعبر سريعا في سجل المخلوقات
لكنها عندماتصبح جزءا من لحمي ودمي"
وتفصيلا زاهيا علي جلدي
تكتسب كل القيمة
أنا أستاذ العالم
أنا العاصر الأقوي
أنا القابض الأزهي
أنا النهم الأبقي
فماذا بعد أن أضمن لها الخلود "
هاهي الغزالة الشاردة
أرني كيف تؤمن بأفضلية الخلود في عضلاتك
علي حياتها الطارئة بين العشب والصخور
أرني كيف تقبل بتهويماتك عن الحلول
وتنكس عنقها الجميل لتغرس فيه نابيك
أرني كيف يتسلل فحيحك ليطفئ عينيها السوداوين
ويجطم قوائمها
اهربي أيتها الغزالة
لا تغمضي عينيك
ولا تتسمري في مكانك من الخوف
اهربي أيتها الغزالة الجميلة في دمنا
وفي عيوننا
وفي نظرتنا إلي العالم
الكلبةُ
"كاهنةُ النكاح.. قائمتاها إلي أعلي وبينهما نارٌ ذاتُ لهب"
أحقا كانت الأرض خربةً وخاليةً
وكان الظلام يهيمن علي العالم
ولم يكن سوي الكلاب
أحقا أنك المجاهدة رسولة النكاح المقدس
حاملة أختام معبد باخوس
وصاحبة القمر الأسود المشقوق
الذي لا يهدأ
خشبة مسرح دائرية ترتفع لأعلي
وأنتِ في منتصفها مارلين مونرو
وبقعة ضوء تطارد حركتكِ
الطوق الذهبي يحيط عنقك
وخطمك الكلبي يصل إلي القمر
في عواء ممدود يصل الماضي بالمستقبل
نكاااااااااااااااااااح
نكااااااااااااااااااااااااح
ومع كل حرف يشق الهواء ويلتحق معناه بصوته
تسقط قشرة من الحضارة ويعود الذئب ذئبا والبهيمة بهيمة
ويسود الهياج
في البدء كان التسافد
تتهادين أيتها الكلبة الأم ووراءك عشرات الذكور
وأنت تتمهلين وتتعمدين التوقف للحظات
حتي يلعق أقرب الذكور فرجك وناره ذات اللهب .
في البدء كانت السطوة
حيث يغرس الذكور جذورهم في الأم دفعة واحدة عندما تنادي
وينزعونها عندما تكتفي
ليفتحوا الممالك
ويقيموا الثورات
أو يتصدعوا من الفقدان
أهكذا العالم كما تتصورينه
موجات متدافعة من الذكور تحيط خشبة المسرح المتحركة
حيث تقفين وخطمك متوجه للقمر
ثم يتقافزون في مارثون للوصول إليك
وأنت ترتفعين من بقعة إلي بقعة وهم يجاهدون وراءك
لا يرون سوي نارك السوداء التي تُشعل العالم
ولا يتمنون إلا أن تباعدي
أهكذا تضمين الجهاد إلي النكاح
لتصنعي مفتاحا سحريا يعيد الأيام المفقودة
كيف تمتد اللحظة وتدوم في الزمن
كيف يتعطل الموت الزاحف
حتي ترفعي خطمك وتنشري رسالتك
المجد للتسافد
المجد للحظة التكوين الأولي
المجد للظلمة والتهارش
المجد لاتحاد الإير والفرج
المجد للثورة الجديدة
حيث الأرض كلها سرير صالح للافتراع
والعام كله موسم للتسافد
والعالم خارج قشرته الحضارية ،
يجلس علي مقاعد المتفرجين
بينما الذكر الأقوي يجاهد فوق الكلبة الأم
التي تحسن التبعّل
الدُّب
"طارقُ الليل الباحث عن الحور العين والميادين المحتشدة بالأتباع"
في أحلامك تري الملكوت غابة مليئة بالأشجار والفرائس
وميادين محتشدة بالأتباع الصاغرين الذين يهتفون باسمك
في أحلامك تأتيك الفرائس راضية مرضية
وتقعي تحت مخالبك في انتظار قضماتك الكبيرة وسحيمك العالي
لكنك كلما استيقظت
وجدت الصحراء تحاصرك
والدماء تلوث فمك وأطرافك
كم من الأحلام يمكنها أن تغمر وجه العالم القاسي
وتوقف المطارق في الرأس
كم من الأحلام تمحو مشاهد الدماء والرءوس التي تطير
وتوقف التحولات في المرايا المسحورة
قاتلٌ .. نجمٌ .. سجينٌ..هاربٌ..زعيمٌ.. مجرمٌ.. بطلٌ ..مطاردٌ
الآن أيها الملك
هل تضرب بقوة
لتسمع أطراف الدنيا قهقهاتك وسحيمك ونخيرك وصراخك وأنفاسك اللاهبة
أيجب أن تهتز الأرض
أن يسمع الأتباع صوتك وأنت توصي
" عندما تستطيع الهجوم
يجب أن تبدو صامتا
كما لو كنت ضعيفا عاجزا" *
فتنطلق الرصاصات والقنابل
وتسعي إليك الغزالات والظباء والمها
هاهي ثانية
اللحظة التي تظن أنك قبضت فيها علي أركان الدنيا
فجأة ،تمتلئ الأرض بالفخاخ
ويقترب بدنك الثقيل من التهاوي
وساعتها فقط تكتشف أن العالم ليس سمكة سلمون تقضمها
أو غزالة شاردة تضع أسنانك في عنقها
أنت تحلم
أيها الملك الذي يحرك الأشجار في الشوارع
وخلفها الحراس المدججون بالسلاح
لن تأتيك الأرانب البرية صفاً صفاً
والحُمُر المستنفرة
وأسماك النهر
والقردة الضاحكة
والماعز الجبلية
والكباش المتباهية بقرونها المعقوفة
والبقر الوحشي الذي يدب الأرض فتهتز وترتعب
ولن تقف كلها بين يديك تنتظر الإشارة
لتحاصر الفيل غير المبالي
والنمر الكسول
والأسد المتباهي
ولن يكون الملك لك
أيها الملك ذو الأنياب القواطع
أغمض عينيك طويلا
أغمض عينيك إلي الأبد
حتي يتسع العالم
حتي تنساب الأحلام من جفنيك إلي الأرض
وتنمو أشجار الظل علي جانبي الشوارع
الضبع
"نَكِرةُ الوحوش وصفوةُ النذالات..يحيا هلوعاً ويموت جزوعاً
عادة ما تدخل المشهد من نهاياته
لستَ الفهد الصياد
ولستَ الدب مرعبُ الفرائس
كما أنك لستَ الخصم الشريف الذي يقاتل ليحمي منطقة نفوذه
أنت قاتلُ الوحوش الهرمة وآكل الجيف
معذب الضعفاء والعاجزين
تقبل اليد الطولي
واليد القوية
وتركع أمام الكواسر حتي تنال فضل صيد
لماذا عليك أن تنحني في استخذاء أمام الهامات المرفوعة
وتنبطح كلما صادفت وحشاً عابراً
لماذا تفضل أن تبقي في آخر الميدان
حتي ينتهي الحوار بين الباطش والفريسة
لماذا تظل نكرة
وحشاً دون الوحوش
ونذلا يسرق بدل أن يجرب لذة الانقضاض ونشوة النصر
ثم يلبس رداء الزعيم أمام الميكروفونات
تخون في الثورات وحين يعلو الغبار
وتلجأ إلي الباطشين تحتمي في غبار أطرافهم
وفي دمدمة زئيرهم
ثم تنسحب عندما يهدأ الغبار
وتبحث عن أول حفرة تختبئ فيها
......................
أيها المشوه الظهر ذو الرائحة الكريهة
ستظل معذباً أبداً
بأنك لست الفهد الصياد
ولست الدب مرعب الفرائس
كما أنك لست الخصم الشريف الذي يقاتل ليحمي منطقة نفوذه
الثعلب
"العريان المؤخرة.. قُتل الخانعُ وسط الوحوش.. ما أمكره"
محسوب ٌعلي الوحوش
لكنك أول العارفين أنك محض لص
وأن موطنك الأصلي هو السيرك
معدود بين الصيادين
وكلما صادفتَ صيادا ًأقوي منك
تمددتَ علي الأرض ونفخت بطنك
مطلقا ريحاً كريهاً
لتحاكي الحيوانات النافقة
لذا ضمنتَ أن تعيش طويلا
وأن تكون آخر الهالكين.
عريان
جائع
مقرور
لا يهم
المهم أن تتشبث بخيط الحياة الرفيع
متنقلا بين أجمات الغابة
وفي مخيلتك حظيرة واسعة ملأي بأقنان الدجاج
عشت طويلا
وأنت تعلّم أبناء فصيلتك أن البقاء في مواجهة الوحوش
هو الانتصار
أن الدبيب علي الأرض قبيل الفجر
واستهداف أعشاش اليمام
يعني خلخلة الأرض تحت أرجل الوحوش والكواسر
ظللت سنوات تنادي
أين القدرة علي البقاء
أين الجماعة
وعندما يقعي أمامك صغير
تعلمه بصوت الحكمة
أن الانتصار في جميع المعارك
ليس قمة المهارة
وأن التفوق هو كسر مقاومة الوحوش
بالصمود في وجه الزمن.
لماذا إذن لم تصمد في صراعك علي أنثاك
وكيف تراجعتَ بعقرة في المؤخرة
بعد ضياع إحدي عينيك
العِجْل
"المغيرُ علي الأزهار البرية كأنما تسحبه الأشباح..خواره يطفئ النجوم"
كلما تهادي هيكلك اللحيم كأنما يسيل علي الأرض
كلما تحركت عيناك في محجريهما
بخليط من البلاهة والذهول والتساؤل اليائس عن معني الوجود
كلما طوحت برأسك الفارغ في الهواء
والزبد علي شدقيك ، تبرما من الذباب
كلما اشتدت وطأة ظهورك ، كائناً مأساوياً
يتضاعف خوفنا من اللحظة التي تنصهر فيها عقولنا
عندما يقودنا الجنون إلي الضحك المتواصل والسباب ومحاربة الأشباح
والمضي وراء أقاربنا الخجلين
الذين يسحبوننا من أنوفنا
ألأنك عجل
تظن أن العالم مقسوم بين البرسيميين الأخيار واللحميين الأشرار
وأن البرسيميين أقرب إلي الله
ألأنك عجل
ُتغير علي الأزهار البرية
وتطارد الفراشات البيضاء في الحقول
متخيلا أن العدو يمكن أن يرتفع بك طائرا في الهواء
ألأنك عجل
تنكر علي العشاق اعتقادهم أن الزهور تتفتح بقوة النيران في قلوبهم
ألأنك عجل
لا تسرح بخيالك نحو أرض تسمي الحرية
حيث العجول هناك لا يضطرون إلي قتل الوقت بدس أنوفهم في الأرض
أو مضغ أعواد البرسيم
ليتحول إلي روثٍ آخر اليوم
"ها أنذا آخذُ في الحديث عن تحولٍّ لكائناتٍ كانت علي صورةٍ ، ثم إذا هي صورٌ أخري "
أوفيد- "مسخ الكآئنات"
محاصرون يارب
محاصرون في جلودنا
محاصرون في الشارع الغابة والمدينة الطاعون
محاصرون في أعوام الجدب والغضب والجنون
محاصرون بين اختيارين : الوحش أو الفريسة
محاصرون بين العمي والصراخ
محاصرون بالبلاهة والتهريج والفجاجة
قبح قبح قبح
أشباه أشباه أشباه
بذاءات بذاءات بذاءات
أدعياء أدعياء أدعياء
عميان وخائفون ويأكلهم خوفهم
عميان يقبضون علي السكاكين ليطعنوا الظلام والأشباح بينما العدو يبتسم من بعيد ،ويبتسم في داخلهم
عميان يتبادلون اللكمات حتي ينهاروا من الإعياء ،
حتي إذا أفاقوا لم يجدوا النهاية ،
ووجدوا جولة جديدة من الألم.
كان ياما كان
كان بلدٌ وكان جميلا
يصحو مع الفجر علي صوت محمد صديق المنشاوي ،
ويكدح مع الفلاحين وعمال البناء ،
ثم يسهر علي كورنيش النيل يسمع أم كلثوم ويصادق العشاق
اكتشف الحبَّ مع الليل والقمر
واخترع مع الأبجدية أهلاً وسهلاً
وروّض الغزاة حتي صاروا بشراً
لكنه أفاق ذات يوم
فوجد أبناءه لم يعودوا أبناءه
الذين صنعهم علي عينه تحولوا غرباء
الودعاء انقلبوا برابرةً وهمجاً
فتش عن أحبابه فوجد ثعابين
ناداهم فردت الذئابُ بالعواء
استجار بمن أنجب
فهاجمته الخنازيرُ والقردة والضباعُ والتماسيحُ والخفافيشُ والثعالبُ
قال أين أصفيائي وسندي
فظهرت وحوشٌ كريهة
ووجوهٌ شائهة
وكائناتٌ مسعورة تمشي علي قدمين
وتتكلم بألسنتها
وتُعمل عقولها في الشر .
هي اللعنة إذن
التمساح في البرلمان
والضبع يتيه في ميدان الثورة
والذئب علي كرسي الحكم
والجربوع في وزارة الإعلام
والثعبان علي المنبر
والغول الرهيب يقضم أطراف البلد
هي اللعنة إذن
الطمي يتحول إلي رمل
والدم إلي ماء
والبيوت إلي مقابر
والمهانة تتراكم في النفوس
والجثث تتزاحم في نهر الجنة
ساعدنا ياربُ علي ظلامنا
ساعدنا يامحمد صديق المنشاوي علي قلوبنا الغُلْف
ساعدنا يا بوبليوس أوفيديوس أن نري لعنتنا فنتحرر
ساعدنا يا سن تزو علي غفلتنا وتشتتنا وقعودنا
ساعدنا أيها النيل المبجل أن نعود طاهرين.
الخروف
"لابسُ جلد الأسد طالبُ علم الزئير..
وإليَتُه ثقيلةٌ وحافرهُ مشقوقٌ وقرناهُ بارزان "
الآن ، وقد طرحك الجزارون مقيداً
وأخذوا يشحذون سكاكينهم تحت سمعك وبصرك
الآن ،وأنت تجأر مستغيثاً
وتحاول التملص من قيودك
تنادي أنصاراً وهميين وحلفاء من الهمج لإنقاذك من الذبح
الآن ، وقد تجلت أمام عينيك الدامعتين مأساة الخراف علي مدار التاريخ
و وعيت حكاية أمك أيام كنت حملاً
عن الخروف الأهوج والخروف المشاكس والثالث الأمين،
وكيف تفرقت بهم السبل
بين طريق الندامة والسلامة والذهاب بلاعودة،
الآن ،علام تبكي ومن تنادي ؟
أما حذرتك أمك من الثعبان والدب والخنزير البري
وكيف حملوا الخروف الأهوج
وألبسوه جلد أسد نافق
ونصبوه ملكا علي الغابة
ثم رفعوا كؤوسهم وشربوا
في صحة الملك الجديد
في حضرة المليك المخيف
أيها المليك
الذئاب علي حدود الحمي
أطلق زئيرك المخيف حتي تعرف
أن الملك حاضر
أيها المليك
الصيادون في الجوار
ومعهم سهام ورصاص ونار
اخرج عليهم بجيشك لتبطش بهم
قبل أن يطأوا أرضنا
وتطلق مأمأة وثغاء تحسبه زئيرا مخيفا
وتخرج بقطيع الحملان والنعاج
تظنه جيشا من الوحوش والكواسر
ويتهدل جلد الأسد علي فرائك فتتعثر وتكبو
وأنت ترفع شعار النبي المسلح
وتلقي الخطب النارية عن مملكتك في هذا العالم
وأتباعك الذين يقاتلون لتوطيد أركانها
بينما الوحوش في مكامنها
تلعق أشداقها متلمظةً حتي تصل المرمي
الآن..
علام تجأر كالنعاج
ومن تنادي من العلوج
ومن ذا الذي يقدر أن يحول بين السكين ورقبتك المشتهاة
الخُفَّاشةُ
"الكراهية صاعدةٌ من الجَرْف الهاري.. ألا بُعدا ً للجرف"
وحده المحارب المتمرس ، يستطيع رؤية الغليان المكتوم في عينيك
هياجُ رغبة مقهورة ،
تداريها الأرامل بالتشبث باللون الأسود
وتعبر عنها المحرومات بالكلمات الغاضبة
ودق طبول الحرب طوال اليوم
وحده المحارب المتمرس،
يعرف كيف يظهر الاغتصاب كثيرا في أحلامك
رجال أشداء يختطفونك ، ويتناوبون عليك
وأنت تصرخين وتلعنينهم
دون أن يربط أحد بين الصراخ واللعنات وبين اللذة
ألهذا تصرخين في ميدان
وتحرضين في ميدان
وتنادين في الثالث علي الأذهان المختطفة والأذهان الضالة
لتعود إلي حضنك الواسع
ألهذا ترفرفين في العتمة الرحيبة لكهفك
وتحاولين إخفاء كل شموس العالم بجناحيك العاجزين
العطش هو العطش أيتها الجدة السمراء
والأذهان المختطفة التي تنادينها
لن تتحول أبدا إلي زجاجتك الخضراء السرية
أداة الحب المونودرامي
وفرقة الإطفاء لنيران العالم المشتعلة في جسدك
يا لهذا الممر الملتهب طوال عقود
يا لهذه التأوهات التي ضلت طريقها وزمانها ومكانها
لتحل في عبارات جوفاء وكليشيهات ثورية يلوكها الأتباع
والزجاجة كأنها عاشق عائد من سفر طويل
تكدح جيئة وذهابا
وذهابا وجيئة
يكاد جمادها يبوح
لكنها لا تجلب إلا لذةً سريعةً وحزناً مقيماً
آه أيتها الجدة العطشي
أتمني أن يجد خليجُكِ الهائجُ
قبطانَه المسيطر
ليحتوي الومضات الكهربية الحمراء في دماغكِ
ويهدئ ارتعاشة رئتيك ودقات قلبك وتقلصات معدتكِ ،
كلما مسَّ فحلٌ أعصابَك العارية دون قصد
ستؤمنين عندئذ أن العالم أرحب من الكهف الذي تلجئين إليه
لتتعلقي بذؤابة صخرة قبل طلوع الشمس
وستعلنين ساعتها أن حضارة بغداد بناها المأمون العاشق
وليس الحسن الصباح
الغُول
"زعيم الشطَّار الملعون..صانعُ المكائد والفزاعات.. الطامعُ في نجوم السماء"
ملعونٌ
ولعنتكَ أن تبقي ظمآناً أبد الدهر
لا تروي عطشَك كلُّ مياه الدنيا
الأنهار تجف عندما تلامسها شفتاك
والآبار تغور عندما تقع عليها نظرتُك
حتي الدموع في العيون
تتجمد ، حين تلمحها
أنت الغول الذي يحمل هجير الصحراء داخله
وتحترق الأرض الخضراء تحت قدميه
الجنون وحده يدفعك لبناء سلم إلي السماء
حتي تقبض علي السحاب المحمل بالمطر،
عله يروي عطشك الذي لم تطفئه مياه الأرض
الأتباع حاضرون بالسياط ليجلدوا البنائين والفلاحين المسخرين
والجنود مكلفون بحراسة أحلامك
ودرجات السلم ترتفع شيئا فشيئا
والسحاب يتحرك في أشكاله
فيصيبك بالسعار
إلام تنظر
النجمة اللامعة التي تتطلع إليها لاعقا شفتيك
ليست جرةً باردةً معطرة
لا تمد يديك
ولا تحلم بصورتها التي تبدو قريبة
فالنجوم تظل في سمائها
وإذا اقتربتَ احترقتَ
تعرف أنك لن تبرأ من لعنتك
لن ترتوي
إلا إذا أهلنا عليك التراب
إذا احتضنتك أمك الأرض
وسقط عليها المطر
وأنبتت فوق عظامك غابة من الصبار
لكنك ترفض أن ترقد مختارا
ظاناً أنك تقدر علي دفع لعنتك بيديك الباطشتين ،
علي ابتلاع السحاب
علي قطف النجمات
مادمت تستطيع إسالة الدماء
أنصت لحفيف الأشجار يردد : الغول الشاطر ملعون
أنصت لمواء القطط في برد يناير يشكو : الغول الشاطر ملعون
أنصت لخرير النيل المنساب في وداعة يبكي : الغول الشاطر ملعون
أنصت لنواح المكلومين وهمهمات الشهداء يحملها النسيم :
ملعون
ملعون
ملعون
بنتُ آوي
"الفارسيةُ ربيبةُ السفاح.. متي انطفأتْ روحكِ وأغرق الشمع وجهكِ الباكي"
وقد أطبق الفخ علي قائمتيك
وانغرست الأنياب الحديدية في العظام
واندفع الألم الرهيب إلي عينيك
لم يعد لديك سوي العواء أمام جامعة القاهرة
في هذا الليل ،تحت الأفق القمري المترامي
عواؤك الطويل الممتد
عواؤك المتقطع الشبيه بصرخات الضحايا في قبو أبيك
عواؤك اليائس من الحركة التي توقظ الألم
لترتد عليك بوحشية
عواؤك الخافت الباكي الذي لا يسمعه سواك
لن يجلب عليك سوي الضباع التي تنشق الأرض عنها
وكأنها استعدت للإيقاع بك طوال الأيام الماضية
ومعها تأتي الحدآت والغربان تتقافز بركاكة في دائرة
تضيق تدريجيا بانتظار النقرة الأولي
أما النمل الذي يعرف طريقه جيدا
فقد بدأت طلائعه تتجمع حول آثار دمائك
وترسل إشاراتها للحشود
يا ابنة السفّاح
وقد أطبق الفخ علي قائمتيك
ليس أمامك إلا أن تمدي رقبتك وتتمنين عقرة رحيمة لضبع جائعة
قبل أن تصل جيوش النمل
ومعها العذاب طبقات فوق طبقات
في كل ذرة تقتطعها نملة من أمعائك
مدي رقبتك تحت هذا الأفق القمري
واستدعي أبناء عمومتك من الكلاب البرية الجائعة
وحدها تستطيع إنهاء عذابك
والإجابة عن السؤال المعلق في عينيك
لماذا
بعد أن امتلكتُ العالم
لماذا؟
الثعبانُ
"مرشدُ النور إلي الظلام.. خارجاً من قصة الخلق إلي أذهاننا
أخذناه أخذا وبيلا"
بديعٌ في استعراض جلدك المرقط تحت الشمس
ومرعبٌ في انسيابك نحو الفرائس،
في إغوائك إياها فاغرا فاهك
وهي مسمرةٌ في مكانها
في اندفاعك عبر التاريخ خارجا من قصة الخلق
إلي أذهاننا
بديعٌ في معرفتك بأنك القاتل الأجمل
القاتل الأكمل
صاحب المنهج في استخلاص أرواح الضحايا
كيف قضيت عقودا
تبني فلسفتك في الابتلاع والعَصْر والنهش
علي أنك أبو الكائنات
تخلدها إذ تسمح لها بالحلول في جسدك
" لا فضل للفريسة في ذاتها
لا قيمة لها في هذا العالم
ولا مكانة لها علي الأرض وتحت السماء
رميم ذاهب إلي رميم
نكرة تعبر سريعا في سجل المخلوقات
لكنها عندماتصبح جزءا من لحمي ودمي"
وتفصيلا زاهيا علي جلدي
تكتسب كل القيمة
أنا أستاذ العالم
أنا العاصر الأقوي
أنا القابض الأزهي
أنا النهم الأبقي
فماذا بعد أن أضمن لها الخلود "
هاهي الغزالة الشاردة
أرني كيف تؤمن بأفضلية الخلود في عضلاتك
علي حياتها الطارئة بين العشب والصخور
أرني كيف تقبل بتهويماتك عن الحلول
وتنكس عنقها الجميل لتغرس فيه نابيك
أرني كيف يتسلل فحيحك ليطفئ عينيها السوداوين
ويجطم قوائمها
اهربي أيتها الغزالة
لا تغمضي عينيك
ولا تتسمري في مكانك من الخوف
اهربي أيتها الغزالة الجميلة في دمنا
وفي عيوننا
وفي نظرتنا إلي العالم
الكلبةُ
"كاهنةُ النكاح.. قائمتاها إلي أعلي وبينهما نارٌ ذاتُ لهب"
أحقا كانت الأرض خربةً وخاليةً
وكان الظلام يهيمن علي العالم
ولم يكن سوي الكلاب
أحقا أنك المجاهدة رسولة النكاح المقدس
حاملة أختام معبد باخوس
وصاحبة القمر الأسود المشقوق
الذي لا يهدأ
خشبة مسرح دائرية ترتفع لأعلي
وأنتِ في منتصفها مارلين مونرو
وبقعة ضوء تطارد حركتكِ
الطوق الذهبي يحيط عنقك
وخطمك الكلبي يصل إلي القمر
في عواء ممدود يصل الماضي بالمستقبل
نكاااااااااااااااااااح
نكااااااااااااااااااااااااح
ومع كل حرف يشق الهواء ويلتحق معناه بصوته
تسقط قشرة من الحضارة ويعود الذئب ذئبا والبهيمة بهيمة
ويسود الهياج
في البدء كان التسافد
تتهادين أيتها الكلبة الأم ووراءك عشرات الذكور
وأنت تتمهلين وتتعمدين التوقف للحظات
حتي يلعق أقرب الذكور فرجك وناره ذات اللهب .
في البدء كانت السطوة
حيث يغرس الذكور جذورهم في الأم دفعة واحدة عندما تنادي
وينزعونها عندما تكتفي
ليفتحوا الممالك
ويقيموا الثورات
أو يتصدعوا من الفقدان
أهكذا العالم كما تتصورينه
موجات متدافعة من الذكور تحيط خشبة المسرح المتحركة
حيث تقفين وخطمك متوجه للقمر
ثم يتقافزون في مارثون للوصول إليك
وأنت ترتفعين من بقعة إلي بقعة وهم يجاهدون وراءك
لا يرون سوي نارك السوداء التي تُشعل العالم
ولا يتمنون إلا أن تباعدي
أهكذا تضمين الجهاد إلي النكاح
لتصنعي مفتاحا سحريا يعيد الأيام المفقودة
كيف تمتد اللحظة وتدوم في الزمن
كيف يتعطل الموت الزاحف
حتي ترفعي خطمك وتنشري رسالتك
المجد للتسافد
المجد للحظة التكوين الأولي
المجد للظلمة والتهارش
المجد لاتحاد الإير والفرج
المجد للثورة الجديدة
حيث الأرض كلها سرير صالح للافتراع
والعام كله موسم للتسافد
والعالم خارج قشرته الحضارية ،
يجلس علي مقاعد المتفرجين
بينما الذكر الأقوي يجاهد فوق الكلبة الأم
التي تحسن التبعّل
الدُّب
"طارقُ الليل الباحث عن الحور العين والميادين المحتشدة بالأتباع"
في أحلامك تري الملكوت غابة مليئة بالأشجار والفرائس
وميادين محتشدة بالأتباع الصاغرين الذين يهتفون باسمك
في أحلامك تأتيك الفرائس راضية مرضية
وتقعي تحت مخالبك في انتظار قضماتك الكبيرة وسحيمك العالي
لكنك كلما استيقظت
وجدت الصحراء تحاصرك
والدماء تلوث فمك وأطرافك
كم من الأحلام يمكنها أن تغمر وجه العالم القاسي
وتوقف المطارق في الرأس
كم من الأحلام تمحو مشاهد الدماء والرءوس التي تطير
وتوقف التحولات في المرايا المسحورة
قاتلٌ .. نجمٌ .. سجينٌ..هاربٌ..زعيمٌ.. مجرمٌ.. بطلٌ ..مطاردٌ
الآن أيها الملك
هل تضرب بقوة
لتسمع أطراف الدنيا قهقهاتك وسحيمك ونخيرك وصراخك وأنفاسك اللاهبة
أيجب أن تهتز الأرض
أن يسمع الأتباع صوتك وأنت توصي
" عندما تستطيع الهجوم
يجب أن تبدو صامتا
كما لو كنت ضعيفا عاجزا" *
فتنطلق الرصاصات والقنابل
وتسعي إليك الغزالات والظباء والمها
هاهي ثانية
اللحظة التي تظن أنك قبضت فيها علي أركان الدنيا
فجأة ،تمتلئ الأرض بالفخاخ
ويقترب بدنك الثقيل من التهاوي
وساعتها فقط تكتشف أن العالم ليس سمكة سلمون تقضمها
أو غزالة شاردة تضع أسنانك في عنقها
أنت تحلم
أيها الملك الذي يحرك الأشجار في الشوارع
وخلفها الحراس المدججون بالسلاح
لن تأتيك الأرانب البرية صفاً صفاً
والحُمُر المستنفرة
وأسماك النهر
والقردة الضاحكة
والماعز الجبلية
والكباش المتباهية بقرونها المعقوفة
والبقر الوحشي الذي يدب الأرض فتهتز وترتعب
ولن تقف كلها بين يديك تنتظر الإشارة
لتحاصر الفيل غير المبالي
والنمر الكسول
والأسد المتباهي
ولن يكون الملك لك
أيها الملك ذو الأنياب القواطع
أغمض عينيك طويلا
أغمض عينيك إلي الأبد
حتي يتسع العالم
حتي تنساب الأحلام من جفنيك إلي الأرض
وتنمو أشجار الظل علي جانبي الشوارع
الضبع
"نَكِرةُ الوحوش وصفوةُ النذالات..يحيا هلوعاً ويموت جزوعاً
عادة ما تدخل المشهد من نهاياته
لستَ الفهد الصياد
ولستَ الدب مرعبُ الفرائس
كما أنك لستَ الخصم الشريف الذي يقاتل ليحمي منطقة نفوذه
أنت قاتلُ الوحوش الهرمة وآكل الجيف
معذب الضعفاء والعاجزين
تقبل اليد الطولي
واليد القوية
وتركع أمام الكواسر حتي تنال فضل صيد
لماذا عليك أن تنحني في استخذاء أمام الهامات المرفوعة
وتنبطح كلما صادفت وحشاً عابراً
لماذا تفضل أن تبقي في آخر الميدان
حتي ينتهي الحوار بين الباطش والفريسة
لماذا تظل نكرة
وحشاً دون الوحوش
ونذلا يسرق بدل أن يجرب لذة الانقضاض ونشوة النصر
ثم يلبس رداء الزعيم أمام الميكروفونات
تخون في الثورات وحين يعلو الغبار
وتلجأ إلي الباطشين تحتمي في غبار أطرافهم
وفي دمدمة زئيرهم
ثم تنسحب عندما يهدأ الغبار
وتبحث عن أول حفرة تختبئ فيها
......................
أيها المشوه الظهر ذو الرائحة الكريهة
ستظل معذباً أبداً
بأنك لست الفهد الصياد
ولست الدب مرعب الفرائس
كما أنك لست الخصم الشريف الذي يقاتل ليحمي منطقة نفوذه
الثعلب
"العريان المؤخرة.. قُتل الخانعُ وسط الوحوش.. ما أمكره"
محسوب ٌعلي الوحوش
لكنك أول العارفين أنك محض لص
وأن موطنك الأصلي هو السيرك
معدود بين الصيادين
وكلما صادفتَ صيادا ًأقوي منك
تمددتَ علي الأرض ونفخت بطنك
مطلقا ريحاً كريهاً
لتحاكي الحيوانات النافقة
لذا ضمنتَ أن تعيش طويلا
وأن تكون آخر الهالكين.
عريان
جائع
مقرور
لا يهم
المهم أن تتشبث بخيط الحياة الرفيع
متنقلا بين أجمات الغابة
وفي مخيلتك حظيرة واسعة ملأي بأقنان الدجاج
عشت طويلا
وأنت تعلّم أبناء فصيلتك أن البقاء في مواجهة الوحوش
هو الانتصار
أن الدبيب علي الأرض قبيل الفجر
واستهداف أعشاش اليمام
يعني خلخلة الأرض تحت أرجل الوحوش والكواسر
ظللت سنوات تنادي
أين القدرة علي البقاء
أين الجماعة
وعندما يقعي أمامك صغير
تعلمه بصوت الحكمة
أن الانتصار في جميع المعارك
ليس قمة المهارة
وأن التفوق هو كسر مقاومة الوحوش
بالصمود في وجه الزمن.
لماذا إذن لم تصمد في صراعك علي أنثاك
وكيف تراجعتَ بعقرة في المؤخرة
بعد ضياع إحدي عينيك
العِجْل
"المغيرُ علي الأزهار البرية كأنما تسحبه الأشباح..خواره يطفئ النجوم"
كلما تهادي هيكلك اللحيم كأنما يسيل علي الأرض
كلما تحركت عيناك في محجريهما
بخليط من البلاهة والذهول والتساؤل اليائس عن معني الوجود
كلما طوحت برأسك الفارغ في الهواء
والزبد علي شدقيك ، تبرما من الذباب
كلما اشتدت وطأة ظهورك ، كائناً مأساوياً
يتضاعف خوفنا من اللحظة التي تنصهر فيها عقولنا
عندما يقودنا الجنون إلي الضحك المتواصل والسباب ومحاربة الأشباح
والمضي وراء أقاربنا الخجلين
الذين يسحبوننا من أنوفنا
ألأنك عجل
تظن أن العالم مقسوم بين البرسيميين الأخيار واللحميين الأشرار
وأن البرسيميين أقرب إلي الله
ألأنك عجل
ُتغير علي الأزهار البرية
وتطارد الفراشات البيضاء في الحقول
متخيلا أن العدو يمكن أن يرتفع بك طائرا في الهواء
ألأنك عجل
تنكر علي العشاق اعتقادهم أن الزهور تتفتح بقوة النيران في قلوبهم
ألأنك عجل
لا تسرح بخيالك نحو أرض تسمي الحرية
حيث العجول هناك لا يضطرون إلي قتل الوقت بدس أنوفهم في الأرض
أو مضغ أعواد البرسيم
ليتحول إلي روثٍ آخر اليوم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.