التنين هو كائن أسطورى مخيف تحاك حوله وحول قدراته الأساطير، فهو يجمع بين الزواحف العملاقة، وأجنحة نسر عملاقة تحمله من الوضع الزاحف إلى عنان السماء، له أياد وأرجل لها أظفار أسد، وفى رأسه جُمّة شعر، زفيره لهيب مستعر، إذا اقترب من شيء أو اقترب منه شيء أحرقه، هكذا تصورنا جماعة الإخوان، ورغم أن هذا التصور قائم فى الأذهان إلا أنه فى إطار الخيال والوهم الذى لا نصيب له من الواقع. تصور أقرب ما يكون إلى الكوابيس التى تداهم الإنسان فى نومه فإذا ما استيقظ أصبحت لا شيء، ولا يبقى منها سوى الصورة المتوهمة التى يراها الإنسان حين يكون نائمًا، لقد أصابت هذه الجماعة – التنين، المجلس العسكرى فى أعقاب ثورة يناير بالهلع، ما يمكن أن تفعله فى مصر حال إقصائها عن دور الفاعل الرئيس فى المشهد السياسى المصرى، فقد تخلت عن أردية الحمل الوديع الناعم الذى يحمل الخير لمصر، وظهرت كوحش ضارٍ، إما أن يلتهم كل شيء ولا يدع حتى الفتات لغيره أو يحرق مصر، فسلم لها المجلس العسكرى مصر تسليم مفتاح، وانتظرت مصر على أحر من الجمر طائر النهضة الذى بُشّرت به من قبل الجماعة، فإذا به طائر العنقاء، ذلك الطائر الخُرافي الذى زعَم قُدماء المِصْريين أنَّه يُعَمَّر خمسة قرون وبعد أن يحرق نفسه ينبعث من رماده من جديد، وهذا ما قاله المعزول محمد مرسى للفريق السيسى عندما قال إن الجماعة ستحكم مصر خمسمائة سنة، ولما كانت الشعوب تختنق من مثل هذه الأجواء الأسطورية الكابوسية فلابد لها أن تستيقظ وتفيق، وتعود إلى الأرض حيث مواضع الأقدام، وقد استيقظت مصر قبل أن يجهز عليها ذلك الكابوس فى ثورة غير مسبوقة فى التاريخ البشرى. ثورة يونيو التى أطاحت بالجماعة خارج إطار التاريخ، وحتى خارج مشاهد الحلم الوردي بالمستقبل، فلم يفت الجماعة - التنين أن تزفر لهيبها المستعر فى أرجاء مصر حتى تحترق أو تعود إلى أحضانها راغمة. فإذا بالأذرع الإرهابية تمتد من سيناء إلى الوادي تنشر الإرهاب، وتنصب للشعب محرقة تأكل أولاده من الجيش والشرطة والمدنيين، والأذرع مجرد أدوات منفذة بلا عقل ولا قلب، وذلك بالتوازي مع تسيير المظاهرات اللا سلمية التى ما إن مرت بشيء إلا جعلته كالرميم، أما التخطيط والتمويل والتسهيلات اللوجيستية فهو صادر عن عقليات دموية تختبئ فى الأقبية داخل مصر وخارجها بالتعاون مع أجهزة مخابراتية لا تضمر لمصر وشعبها خيرًا. فلقد رأينا نساء الجماعة تنظيم الأخوات يمارسن عنفًا وإرهابًا لا ينهض به رجال فى مظاهراتهم التى يتصدرن فيها المشهد. وما تصدر النساء للمشهد سوى حيلة شيطانية تستهدف تشويه المشهد وتلويثه أخلاقيًا حال التصدي لمظاهراتهم التآمرية، وانتقال المشاهد إلى الجامعات بقصد تعطيل الامتحانات، وتعويق العملية التعليمية، وتحدى مؤسسات الدولة، وهكذا تعيش مصر مرحلة المخاض الثورى وسط الحرائق والدمار، الغريب فى كل هذا المشهد العبثي للجماعة أن تخرج علينا ببيان على موقعها الرسمي بشأن أحداث تفجير مديرية أمن الدقهلية تقول فيه كلامًا عجبًا، ردًا على بيان وزارة الداخلية بذات الخصوص، فلو تم إفراغ البيان من تلك العبارات الإنشائية سنجد أن البيان يقول إنه طالما أن وزارة الداخلية قد توصلت إلى معرفة هوية الشخص الذى فجر مديرية أمن الدقهلية، وإنه من جماعة تكفيرية، وبالرغم من رواية أهالى المنصورة التى تقول إن الداخلية هى من قامت بالتفجير، ومع افتراض صدق الوزارة هذه المرة، فإن ذلك يعنى أن جماعة الإخوان بريئة من هذه الجريمة، ويبدو أن الجماعة لم تستفق بعد من هول صدمة سقوطها المروع فى مواجهة الشعب، وما زالت تتصور أن الشعب باق على سذاجته، وحريص عليها، وأنه لم ير ذلك التجمع الإرهابي فى احتفالات أكتوبر محيطًا بالمعزول إحاطة السوار بالمعصم، وأنه لم ير هذه التجمعات الإرهابية على منصة رابعة العدوية ومنصة النهضة وهى تنفث لهيب سمومها تهديدًا ووعيدًا وترعيبًا للشعب المصرى قاطبة. ولم ير بأم عينيه الآثار الدموية لهذه التهديدات إجرامًا على الأرض، والأكثر إيغالاً فى الهذيان ما ورد بالبيان من اتهام السلطة الحالية بأنها تنفذ سياسة الفوضى الخلاقة التى ترمى إلى قيام حالة الاحتراب الأهلى، مثلما حدث فى العراق لصالح الراعي الأكبر للانقلاب وربيبته فى المنطقة، وبأمر الدويلة التى تمولهم من الخليج. إن هذا الكلام لا يعدو كونه نكتة يلقيها البيان الإخوانى حتى يلطف الأجواء الملتهبة للكلمات النارية التى يحتويها، أما الرد على ما ذهبت إليه الجماعة من تبرئة لساحتها طالما أن المنفذ من جماعة تكفيرية أن هذا استدلال فاسد، لأنه يقتضى الإجابة على تساؤل مؤداه: ومن أين أتت هذه الجماعة التكفيرية ؟ يبدو أن هذه الجماعات قد هبطت علينا من السماء، الأغرب أن يخرج علينا موسى أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسى لجماعة حماس الذراع العسكرية لجماعة الإخوان لينفى علاقتهم بما يجرى فى مصر، زاعمًا أن العناصر التكفيرية تكفر حماس، بما يؤكد أن من ينفذ العمليات الإرهابية فى مصر هم أناس هبطوا علينا من السماء بفعل دعاء الشيخ القرضاوى والمعزول ليل نهار.